أختي الفاضلة أم فراس , لكل علم من العلوم رجاله ونقادة وأفذاذه , وعلم التجويد له رجاله وأفذاذه , فإن كنا نعرف منه شيئاً , فذلك ما تحتمه علينا ثقافتنا لنعلم شيئاً من كل شيء , وأما التخصص فهو أن نعلم كل شيء عن شيء واحد , وأنا لست من رجال التجويد , والشيء الذي أعرفه أنه علم يختص بجودة وتحسين مخارج الحروف كما وصلت سيدنا محمد صلوات الله عليه ,ودونها العلماء ووضعوا قواعدها وصار لها علمها الذي يهتم بتحسين أداء التلاوة , استجابة لقوله تعالى ( ورتلوا القرآن ترتيلا ) والشيء الذي يجب أن نعلمه في العروض , هو أنه متخصص في الوزن الشعري والقواعد الشعرية , لتحسين أداء الغناء والطرب , وتحسين الآداء الموسيقي والإيقاع , وهذا العلم له مرجعيته التاريخية التي وضعت قبل الإسلام , وأساسها الشعر الغنائي في الجاهلية , والمعلقات الجاهلية , من قبل أن يأتي العروض , لذلك يجب أن نفرق بين الإنشاد الشعري الذي يستوحي قواعده من الشعر المنتظم , وبين أحكام التجويد التي تستوحي قواعدها من علم له علاقة بالقرآن وآياته دون زيادة ولا نقصان , ولا تقبل التجديد أو التحديث , وسيظل التجويد قائماً في أحكامه إلى ما شاء الله , ولا يمكن أن يكون قابلاً للتطوير أو التجديد , بل له الثبوت التام , بينما العروض وعلم الشعر , سيبقى فوق الطاولة لتحديث إيقاعاته وأساليب إنشاده , مع الحفاظ على وحداته الإيقاعية ( التفعيلات ) التي وضعها الخليل بحنكة ومقدرة فائقة الجودة , لك يا أختي أم فراس التحية , والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأخت أم فراس , قلت لك لو نترك كل علم لرجاله , فيكون ذلك أفضل , لكن بما أنك مصرة على أن أعطيك كل ما أعلمه عن الفروق بين الترتيل والتجويد , فإنني أقول باقتضاب ما يلي :
إن الترتيل هو الأصل , والتجويد هو الفرع , ويقترب الترتيل إلى التجويد , كون أن كلاً منهما له خصوصية تحسين مخارج الحروف , لأن الترتيل مرتبة من مراتب تلاوة القرأن أي قراءته عموماً , وللترتيل ــ كما يقول العلماء ــ له ثلاث مراتب وهي , الحدر , والتدوير فالترتيل , وفسروا الترتيل على أنه تجويد الحروف ومعرفة الوقوف , وتحسين مخارج الحروف وإعطاؤها صفاتها من التفخيم والترقيق , والله أعلم