مقاهي بغداد الأدبية تتحول لمتاجر
مقهى الزهاوي كان ملتقى شخصيات أدبية مثل الشاعرين الزهاوي والرصافي (الجزيرة نت-أرشيف)
علاء يوسف-بغداداشتهرت العاصمة العراقية بغداد في السابق بكثرة المقاهي التي يرتادها الأدباء والمثقفون، حيث كانوا يلتقون فيها يومياً أو أسبوعياً ويناقشون مختلف القضايا الأدبية والثقافية، يتحدثون عن آخر الإصدارات وعن القصائد والقصص والمقالات.
إلا أن الكثير من هذه المقاهي أغلق أبوابه اليوم وتحول إلى محال تجارية، مثلما هو حال مقهى البرازيلية الواقع في شارع الرشيد والذي استبدل اسم تجاري باسمه الشهير.
ولكن رغم الظروف الصعبة والانفلات الأمني الحاصل في العراق فإن الأدباء والمثقفين يواصلون توافدهم على مقهى "حسن عجمي" قرب جامع الحيدر خانة في شارع الرشيد ومقهى "أم كلثوم" قرب ساحة الميدان، كما يجتمع كل جمعة عشرات الأدباء والمثقفين العراقيين في مقهى "الشاهبندر" الواقع في شارع المتنبي.
ويقول الكاتب والمؤرخ العراقي حميد هدو للجزيرة نت إن المقاهي انتشرت على نطاق واسع في بغداد خلال القرن الماضي وخاصةً في النصف الثاني منه، ومن بينها مقهى البرازيلية الذي كان يرتاده بدر شاكر السياب والجواهري وعبد الوهاب البياتي وحسين مردان وغيرهم.
وتحدث أيضا عن مقاه كثيرة لا تزال موجودة إلى اليوم، أبرزها مقهى الزهاوي القديم وكان يرتاده الزهاوي والرصافي في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، وكذلك مقهى الشاهبندر الواقع في بداية شارع المتنبي ويجتمع فيه الأدباء وخاصة يوم الجمعة، للاطلاع على ما صدر من كتب جديدة أو شراء كتب قديمة.
حميد هدو: مقاه تحولت لمحال لبيع الأدوات الكهربائية (الجزيرة نت-أرشيف)
ثم مقهى حسن عجمي في شارع الرشيد بمنطقة الحيدر خانة، وهو من المقاهي القديمة، التي يفضلها الكثير من الأدباء والفنانين، ومن أبرز رواده حميد سعيد وسامي مهدي وحميد المختار وفاضل ثامر، رئيس اتحاد الأدباء.
وكان يرتاد المقاهي القديمة باستمرار شخصيات أدبية من جيل الستينيات والسبعينيات، مثل المرحوم موسى كريدي، وصفاء صنكور، وشوقي كريم، وزاهر الحيزاني، وعادل كامل، وفيصل جاسم، وسلام كاظم وخزعل الماجدي.
مقاه اندثرت
ويؤكد الدكتور حميد هدو أن هناك مقاهي اندثرت من أهمها في بغداد مقهى عارف أغا الواقع في شارع الرشيد في منطقة الحيدر خانة مقابل مقهى الزهاوي ومقهى البرلمان، ومقهى حجي ياسين في الباب الشرقي ومقهى أبو الشراش في ساحة الرصافي.
وأشار إلى أن هذه المقاهي أصبحت محال لبيع الأدوات الكهربائية، مثل مقهى البلدية في الميدان ومقهى البيروتي بجانب الكرخ، ومقهى الآداب في باب المعظم.
وطالب حميد هدو أمانة بغداد بضرورة العمل على إعادة بناء المقاهي الخاصة بالأدباء والمثقفين، وفتح أبوابها من جديد أمام روادها من حملة الأقلام وأصحاب الفكر.
ومن جهته، يقول الشاعر وعضو اتحاد الأدباء العراقيين، جبار سهم السوداني إن مقاهي الأدباء جزء من تاريخ العراق، وهي إحدى العلامات البارزة في بغداد وفيها كانت تقام ندوات ثقافية وأدبية وفكرية، ومن بين جدرانها خرج الكثير من القصائد والقصص والروايات لأن العديد من الأدباء كانوا يتخذون المقهى مكاناً لكتابة نصوصهم الإبداعية.
الشاعر جبار سهم السوداني يطالب الحكومة بإعادة بعث المقاهي (الجزيرة نت-أرشيف)
حزن وأسف
ويتأسف سهم السوداني على ما سماه الواقع المزري للكثير من المقاهي العراقية ويطالب الحكومة بالعمل على إعادة بعثها من جديد.
وبدوره يعبر الشاعر وعضو اتحاد الأدباء العراقيين، محمد علي الخفاجي عن حزنه وأسفه على مقاهي بغداد، ويقول للجزيرة نت "لم يبق من المقاهي سوى مقهى الشاهبندر الذي شيد عام 1917 على أنقاض مطبعة الشاهبندر التي أغلقت لأسباب سياسية في ذلك الوقت".
ويشير إلى أن مقاهي الأدباء والمثقفين أضافت الكثير إلى الحركة الثقافية والإبداعية في العراق، إذ إنها لم تكن استراحات لاحتساء الشاي والقهوة، بل كانت تجمعات للاستزادة والتفاعل الثقافي والمعرفي.
المصدر:الجزيرة
http://www.aljazeera.net/news/pages/...6-0c6a79ef0bc5