كم راتبك؟ كم كلفك شراء كذا ؟ بكم بعت كذا ؟ بكم استأجرت كذا ؟ ما مذهبك ؟ ما هي ميولك الدينية ؟ كم معدل ابنك ؟ إلى أين ذهبت في شهر العسل ... كلها أسئلة لو استبقناها بسؤال لأنفسنا: هل يعنيني هذا ؟ لما سألنا معظمها!!

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيمِنْ حُسْنِ إِسْلَامِ الْمَرْءِ تَرْكُهُ مَا لَا يَعْنِيهِ ) رواه الترمذي (2318) وصححه الألباني .
"ما لا يعنيه" أي ما لا يهمه ولا يفيده في دينه ودنياه، والشيء الذي يعني المرء هو ما تتعلق عنايته به ويكون من مقصده ومطلوبه، والمرء ينبغي له أن يهتم أصلاً بما به نجاته وخلاصه وسعادته وهذا ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: "احرص على ما ينفعك"

يقول المناوي في "فيض القدير" (7/3):
" يحتمل أن المراد كثرة سؤال الإنسان عن حاله وتفاصيل أمره ، فيدخل ذلك في سؤاله عما لا يعنيه ، ويتضمن ذلك حصول الحرج في حق المسئول ، فإنه قد لا يؤثر إخباره بأحواله ، فإن أخبره شق عليه ، وإن كذبه في الإخبار أو تكلف التعريض لحقته المشقة ، وإن أهمل جوابه ارتكب سوء الأدب "انتهى .


وفيما سبق دعوة للناس كي يتخلقوا بهذا الأدب العظيم ، والخلق الرفيع ، ويتعاملوا بينهم بما كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وهدي سادات الأولياء والصالحين .
وهذا الحديث يدل على أن ترك ما لا يعني المرء من حسن إسلامه فإذا ترك ما لا يعنيه وفعل ما يعنيه كله فقد كمل حسن إسلامه،، وترك ما لا يعني صفة الجادين المحسنين كما قال تعالى في وصف المؤمنين: (وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) (المؤمنون:3)، وقوله: (وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَاماً) (الفرقان: من الآية72) فالمعرضون عن اللغو معرضون عن العبث واللهو والفضول والتكلف والتنطع وكلها يدخل في معانيها الانشغال بما لا يعني.

فما هي الأشياء التي لا تعنينا والتي يجب علينا تركها؟
الجزء الأول: أمور لا تعني الإنسان ولا تهمه في أصلها كشؤون الآخرين وخصوصياتهم في كيفيات معايشهم ووجهات ذهابهم وإيابهم ونحوها وكذا الانشغال بالقصص والوقائع والمشاهدات التي لا تتعلق بقصد صحيح، ومن ذلك تصنيف الناس وتقسيمهم فرقاً وأحزاباً وطوائف وجماعات والاهتمام بالحكم عليهم حكماً واحداً لا يقبل التفصيل مع ما يصاحبه من غيبة وتنقص وتتبع للعورات واتهام للبنات وهذا خلاف منهج سلف الأمة. ومما لا ينبغي السؤال عنه من أحوال الناس عباداتهم التي يسرون بها بينهم وبين خالقهم لأنه يعرض المسؤول إما للرياء أو الكذب أو للاستحقار ونحوه وكذا السؤال عن معاصيهم وما يستحيون من ذكره، ومما لا يعني أيضاً السؤال عن أحوال الناس الحسنة التي لا يحبون إظهارها خشية الحسد مثلاً كنبوغ أولادهم وذكائهم.

الجزء الثاني: يقع في حاجات تهم الإنسان في أصلها كشؤون المعايش من الطعام والنكاح والكلام والخلطة والنظر ونحوها وما لا يعني فيها:هو الزيادة فيها على قدر الحاجة وهو ما يعرف بـ"فضول المباحات" ثم ذكر المؤلف أمثلة لهذا النوع يحسن الرجوع إليها وقد ساق المؤلف هنا كلام ابن القيم رحمه الله تعالى في مدارج السالكين حين قال: "وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم الورع كله في كلمة واحدة فقال: "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" فهذا يعم الترك مما لا يعنى من: الكلام والنظر والاستماع والبطش والمشي والفكر وسائر الحركات الظاهرة والباطنة فهذه الكلمة كافية شافية في الورع".

منقول للفائدة – أخوكم أبو رند
لمن أراد الاستزادة في المرفقات كتاب من 100 صفحة يتحدث عن هذا الحديث العظيم، الكتاب بعنوان: معلم في تربية النفس "من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه" ...
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي