السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
الإخوة الكرام المداخلون , والقراء جميعا ..
كل الشكر لكم على التقدير والإضافة , ونسأل الله تعالى أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه , ويرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه ..
وأرى أن الزميل الباحث صاحب الموضوع لا زال يدور فى نفس الفكرة التى تشخصن الحوار , ويري تنفيدنا لشبهاته هجوما عليه !!
رغم أن الرد السابق الذى رددت به كان واضحا شديد الوضوح محددا أيما تحديد , يحمل أسئلة ومآخذ ظاهرة للعيان وتنتظر منه الرد ــ إن كان لديه رد ــ إلا أنه وعلى ما هى عادة أصحاب هذا المنهج , حاد عن الجواب واكتفي من الغنيمة بالإياب فى قوله :

لم أر في الردود شيئا جديدا يعتد به..
ولا منطقا يعتمد عليه..
هي تكرار لحيثيات التفكير نفسها ولا حجة فيها على فكرة عرضتها إلا بما توهمه الكاتب المحترم..
الجديد الوحيد الذي ليس جديدا إلا في الشكل وليس في المضمون..
هو الاستهتار والإهانة والتسخيف والاتهام بالهرطقة والتجديف وكأن المناقشة العلمية لا تكتمل إلا بهذه التوصيفات التي لا أظنها إلا دليل ضعف عند من يستخدمها..
فما الإسلام بحاجة في الدفاع عنه إلى إهانة الآخرين وتسفيههم ومن يملك الحجة يقوى بحجته دونما حاجة إلى الإمعان في الانطباعية..
يقول أنه لم ير شيئا يعتد به , ومع ذلك جاء واعترض على نقطة وحيدة من الاعتراضات التى أثرناها , فيا ترى لماذا اعتد بها وحدها ؟!
الواقع أنه لم يجد ردا على أية نقطة أثرناها إلا تلك النقطة التى اتهمنا فيها بالتدليس عليه واجتزاء كلامه , وسنوضح لكم زيف هذا الإدعاء ..
فهو ليس كما يقول لم يجد منطقا يعتمد عليه بل هو لم يجد جوابا على هذه الأفكار المشينة ,
ولعلنا نأخذ العبرة أيها الإخوة الأفاضل من ردة فعل الباحث الذى تلاشي وتحاشي تماما الدفاع عن أفكاره ولو بضربة واحدة ,
وهذا يعنى ضمنا أنه فى أعماقه لا يجد دفاعا ولا يجرؤ عليه وهكذا جانب الباطل دائما ,
بينما صاحب الحق لا يتراجع ولا ينكث على نفسه ولا يهتز حتى لو واجه هجوما صريحا , فما بالنا وهو يواجه حوارا منطقيا عاديا ..
ومع ذلك لا يجد كلمة منطقية يدافع بها عما أعلنه من معتقداته التى تمثل سبة عريضة لصاحبها وإلا لما تخلى عنها بهذه السهولة ..
إن الحق يعطى أصحابه القوة والمنطق ولو كانوا مفتقدين لموهبة العلم والجدل ..
بينما الباطل لا يعطى منطقا لأصحابه حتى لو كانوا من أعظم أهل الأرض جدلا وفكرا ..

ونعيد ونكرر أن الأمر ليس شخصيا كما يتذرع الباحث للحياد من الجواب ,
لأنه لا يوجد داع أصلا للهجوم عليه كشخص , وهذا أمر بدهى لا يغيب عن عاقل .. فلا توجد ثمة علاقة شخصية من الأصل
والحمد لله , ردودنا موجودة , ليس فيها لفظ واحد تعدينا به من وصف أفكاره إلى وصفه هو شخصيا ..
لأننا اقتصرنا على بيان عوار الأفكار والمنهج الذى يتخذه , وبينا أنه منهج قديم يجدده هؤلاء القوم , والله أعلم بأغراضهم من وراء ذلك ,

ومن أغرب الغرائب أنه يستنكر هجوم بعض الإخوة المعلقين عليه هنا , وكأنه يغفل أو يتغافل عن طبيعة الأفكار التى جاء بها والتى تمثل هجوما صريحا لا مبرر له على ثوابت الأمة والعقيدة , ويبدو أن هؤلاء الناس لا يعرفون حقيقة وقيمة العقيدة فى نفوس المسلمين سواء كانوا من العوام أو من الباحثين ,
ولا يدركون ــ فيما يبدو ــ أن العقيدة الصحيحة التى جاءنا بها النبي عليه السلام بيضاء نقية ليلها كنهارها , أعز علينا من أنفسنا ,
وبالتالى فإن من يتهجم باللفظ والقول حتى لو بشكل شخصي على مصدر هذه الأفكار فإنه معذور , ورحم الله الشافعى إذ قال (
من استغضب فلم يغضب فهو حمار )
والنبي عليه الصلاة والسلام يقول :
(
من دعى بدعوى الجاهلية فأعضوه ولا تهنوا )
وأى جاهلية أكبر من جاهلية الأفكار الفلسفية المريضة التى أتانا بها صاحب الموضوع ..

ويقول :

ليس لدي أي رد على ما قرأته، لأن الكاتب لم يقرأني بعقلية المعرفة والاطلاع على الرأي المخالف بروح من قد يجد عند غيره ما يكون حقا، بل بعقلية التربص والاصطياد لذلك كان مجتزئا يرد على مسألة في فقرة ردي عليها في فقرة أخرى ربما انه لم يقرأها أو ربما انه قرأها ولم يرد الالتفات إليها..
هناك كتابي تجديد فهم الإسلام..
فليقرأه من شاء ثم ليحاورني فيه بعلمية وموضوعية من يقرأه إذا شاء..
أما قبل ذلك فمن الواضح أننا سنخوض في العبث الذي لا طائل وراءه..
أمر طبيعى ألا تجد ردا .. ليس لأنى لم أقرأك بصورة صحيحة بل للعكس تماما , أننى شرحت للقراء وفككت لهم الألغاز التى احتوتها ألفاظك وما مقصدها الحقيقي
أفكارك أنت من عبر عنها بالقول الصريح فى موضوع الإستضافة , وأعلنتها هناك عندما أمنت من أى رد غاضب أو مستنكر , وكل ما فعلناه أننا جئنا بأفكارك الصريحة وألزمناك بها , والآن تقول أن قرأناها بعين التربص ؟!
يا رجل أى تربص وأى قبول تريده منى على أفكار تقول فيها أن محمدا ليس خاتم الأنبياء , وأن العقل هو محل النبوة بعده ؟!
وهذا تكذيب مباشر لقول النبي عليه الصلاة والسلام ( لا نبي بعدى )
وأى قبول تريده وأنت تعتقد وتقول بأزلية الكون وأنه ليس بحادث مخلوق , وهذا كفر باتفاق العلماء
أى قبول وأى محاورة تريدها منى على طعن كامل فى كيفية نقل القرآن والسنة , وتدعو إلى إعمال العقل فى المنقولات وتجعله حكما عليها كنتيجة طبيعية لطعنك فى طريقة وصولها إلينا ؟!!
إن طعنك فيها تكذيب مباشر لله ورسوله عليه الصلاة والسلام لأن الله حفظ هذا الدين قرآنا وسنة ..
أليست هذه هى أفكارك ..

ثم إننى لم أصادر عليك إطلاقا .. ولا طالبت بمنعك بل فتحت لك المجال بأسئلة ومناقشة حرة دعوتك فيها للدفاع عن أفكارك التى تعتنقها .. فلم نجد منك دفاعا ؟!
فأى قبول تريده أكثر من ذلك ..
أم أنك ترى القبول أن أنعتك بألفاظ التفخيم والفكر وأرحب بمطاعنك هذى وأستقبلها بابتسامة باردة !!
أنت فى الواقع لا تريد مواجهة نفسك ولا مواجهة غيرك بحقيقة معتقدك , وهذا أمر واضح كالشمس ..


ثم تتهمنا بالإجتزاء فتقول :
إن من أبشع أنواع الاجتزاء غير البريء ما مارسه الكاتب في حق نص من نصوصي عندما نقل هذه الفقرة..
هؤلاء الصحابة – أيضا – وهم الذين زهدوا في الدنيا ومتاعها، وفي تحري الحق والعدل والإنصاف، كما يُرْوَى عنهم، عندما لا يتعلق الأمر بتسجيل وتوثيق الفتنة!! تكالبوا على الدنيا ومتاعها خلال أقل من عقدين من الزمان بعد موت معلمهم وقائدهم، فتنافسوا على أرض السواد في العراق، وتحول الكثيرون منهم إلى إقطاعيين لا يقلون بشاعة عن إقطاعيي أوربا في القرون الوسطى، وتعاملوا مع "مصر" باعتبارها بقرة حلوبا لنزواتهم ورغباتهم ولثرائهم، مستغلين حب الناس لهم بموجب صحبتهم للنبي الكريم، واقتتلوا من أجل المال ومن أجل السلطة، واتهم بعضهم البعض الآخر بالنهب والسلب، وتمرد بعضهم بلا حق على السلطة الشرعية، وتساهل آخرون في تطبيق العدالة وإقامة حدود الله.. إلخ.
ليرد عليها باعتباري اتهم هؤلاء الصحاب بما ورد في الفقرة.. دون أن يكون علميا إلى الحد الذي يجعله ينقل أنني كنت في نصي أستكثر على هؤلاء الذي رباهم القرآن والرسول أن يكونوا كذلك وبالتالي أستكثر أن يتسببوا في الفتنة بالشكل الذي وردنا والذي حاولت أن أقول أن قبولنا برواية الفتنة هي التي تعني أن الصحابة كانوا كذلك وهو ما أرفضه لنفس الأسباب التي أوردها الكاتب المحترم لذلك رفضت في حقهم رواية الفتنة البغيضة..
ولست أدرى هل تخدعنا أم تخدع نفسك ..
يا رجل كلامك واضح لكل ذى عينين , أنك عبرت عن الصحابة بهذه الألفاظ من باب الوصف والمعتقد ,
أما قولك أنك أردت من ذلك التبرؤ من تلك الروايات , فأبرز لنا ــ لو كنت صادقا ــ من أصل كلامك الأول ما يفيد ذلك !!
وقد راجعنا كلامك فى موضوع الإستضافة بدقة فلتعد إليه وليعد إليه القراء ويخبرونا أين قلت بالضبط ما يفيد استنكارك لهذه الروايات ؟!

ومع ذلك ..
سأفترض معك جدلا ومن باب إحسان الظن أنك تقصد هذا فعلا ..
فهل عجزت عن التعبير عن مقصدك بكلمات واضحة تبين هدفك فى تبرئة الصحابة وأنت كاتب ومفكر كبير ؟!
هل الأمر صعب لهذا الحد أن تورد إشارة صغيرة فى صلب كلامك فتقول أن هذه الروايات باطلة ؟!
ثم ما هو الداعى أصلا لايرادك تلك الروايات الباطلة ,
هل لتدلل على أنها موجودة فى تاريخنا فتطعن فى طريقة النقل من هذا الباب ؟!
إن كان ذلك فهو جهل كبير لأننا سبق أن أوضحنا لك أن العلماء بينوا وفرقوا بين الروايات الصحيحة وتلك المكذوبة التى وقف خلفها رواة الشيعة , ثم أوردت لك مصادر التاريخ الأصلية والمحققة التى تحتوى الروايات الصحيحة مصدرا مصدرا ,

ولكن وبما أنك تراجعت عن كلامك الأول وما فهمناه منه , سنقول عفا الله عما سلف ..

ونحن نعتذر عن الفهم الخاطئ , ونبرؤك من تهمة التعدى على الصحابة ..
هل تريد إفساح صدر أكثر من ذلك ؟!!
ولكن نقطة البحث أين تقع أيها الباحث الكريم ؟!
هل وجدتنى ذكرت لك الإنتقادات فى نقطة الصحابة فقط , أم أنها كانت نقطة فى بحر الأفكار الكفرية التى صرحت بها ولم تأت بإجابة واحدة على سؤال واحد منها ؟!!
عرفنا الآن موقفك من الصحابة وسنقتنع به ونصدقه ..
هل تستطيع الآن أن تبرر لنا كلامك وأفكارك وتجيب على أسئلتنا وما وضحناه بشأنها ؟!!

إن محاولتك لاتهامنا بالإجتزاء محاولة ساذجة للتعمية , لأن موضوعك الأصلي موجود وظاهر للعيان , فكيف سأجتزئ منه ويخفي ذلك على القراء يا ترى ؟
هى محاولة للفرار من باقي نقاط البحث الأصلية والتى كانت نقطة الصحابة فيها نقطة فرعية على هامش البحث ,
لأنها ــ
رغم خطورتها لو كنت معتقدا بها ــ إلا أنها أهون كثيرا من الإلحاد الصريح فى أفكار بحثك الأصلية ..

ويقول الزميل معللا رفضه الحوار :
في حال عدم الوصول إلى أيّ نقطة انطلاق مشتركة، فهذا يعني أن الحوار بين الطرفين مغلق الأفق ولا قيمة ولا معنى له، والأفضل ألا يتحاورا..مع الأسف لم أجد في تعليقات ومداخلات الأستاذ الفاضل "الزغبي" أيَّ التزام بقواعد المحاجَجَة التي يلتزم بها العقلاء،
كلامك ونداؤك بوجوب وجود أرضية مشتركة بين المتحاورين هذا ينطبق فى حالة الحوار التكاملى أيها الزميل , وليس فى حوار المناظرة ,
ففي الحوار التكاملى تكون هناك أرضيات مشتركة كحوار الفقهاء فى المسائل الخلافية السائغة مثلا ..
أما نداؤك بوجود أرضية مشتركة فى مثل حوارنا هذا فمن أين ستأتى يا ترى ؟!
أنا أتكلم من منطلق العقيدة الإسلامية ومرجعى فيها القرآن والسنة , وأنت تنطلق من أرضية فلسفية بحتة لا تعير أدلة القرآن والسنة وزنا ,
فالقرآن والسنة عندك كلاهما ليسا من أدلة الإحتجاج بدليل أنك فى حديثك ــ
ورغم أنه حديث عقيدة ودين ــ لا تحتج أصلا لا بالقرآن ولا بالسنة
والسنة النبوية مع القرآن يضادان كل ما تأتى به من أفكار كما رأينا ومع ذلك فأنت تعتقد بها !
فكيف برأيك ستخلق الأرضية المشتركة بيننا ؟!
هذه واحدة ..

الثانية :
أننى هنا لم أدخل فى المحاورة معك لغرض الحوار وإنما لغرض رد الشبهات عن القراء كيلا تتأثر عقيدة من يقرأ كلامك فتبلبل أفكاره , هذا هو هدفي الأصلي ,

ولكن هذا لا يعنى أننى أكره لك مراجعة نفسك فى حوار منصف , بل إن هذا ما أرجوه , ولست أدرى إن كنت ستصدقنى أم لا لكنها الحقيقة ..
إننى سأكون أسعد الناس بك لو تراجعت عن تلك الأفكار الفجة بالنظر إلى القرآن والسنة واستقبال دلالتهما الصريحة فى أمور العقائد وإهمالك لمقالات الفلسفة التى ضيعت أجيالا قبلك ..
إن رجوعك للحق أحب إلينا ألف مرة من التغلب عليك فى محاورة أو مناظرة ,

فليتك تحاور أنت نفسك بنفسك , لأن الأمر لا يحتاج بيانا فى الواقع , وإدراكك لخطورة مع أنت عليه من أفكار يكفي فيه أن تفتح المصحف وتتدبر فى آياته , وأن تعود للسنة وتقرأ فيها بعين المؤمن بها لا بعين المتعالى عليها والناظر إليها بعين الحكم الناقد لنصوصها ..
فليتك تفعل ..

وتقول :
وهو عندما يحاول إبطال ثوابتي التي ألزم بها نفسي يفعل ذلك فقط بإظهار تعارضها مع ثوابته هو منطلقا من بطلان أي تعارضٍ معها..
وهذه مصيبة أخرى جامحة جئت بها !
تعترف أنك لك ثوابتا تختلف عن ثوابتى وأننى أبطل ثوابتك هذى عن طريق إظهار تعارضها مع الثوابت التى أؤمن بها ..
ولم تلاحظ أن من أمامك لا يتحدث بثوابته الشخصية بل يتحدث بالثوابت التى آمن بها المسلمون جميعا , بثوابت الإسلام ..
فهل تتخذ لنفسك ثوابتا أخرى وتعيب علينا إبطالها بثوابت الإسلام ؟!
وهل تستنكر أننى ألزمك بثوابت القرآن والسنة ؟!
لماذا تستنكر ذلك يا رجل , ألست مسلما يلزمك القرآن وتلزمك السنة ؟!
لا حول ولا قوة إلا بالله !

وهو لا يلزم نفسه بالتراجع في الحجج إلى الوراء كي يرى أين يمكننا أن نلتقي في نقطة مشتركة لنبدأ الحوار..
وهذا ليس منهج حوار أو محاججة في عرفِ كلِّ العقلاء..
لذلك أعتذر عن مواصلة أيِّ حوار من هذا النوع..
فأنا لا أحب المراء والجدل غير الموصل إلى حقيقة بمنهج محاججة "عاقل" ومنطقي ومنصف وملزم يقره طرفا الحوار..
وأكتفي بإحالة الأستاذ "الزغبي" إلى كتابي "تجديد فهم الإسلام"..
مؤكدا على أنني مستعد لمحاورته بعد قراءته إذا أعلن استعداده الالتزام بقواعد المحاججة الأربع السابقة
ما تسميه أنت محاورة العقلاء والتى يتنازل فيها المرء بعض ثوابته فى مقابل تنازل مماثل مع الطرف الآخر ..
هذا الأسلوب المحايد يجوز فى السياسة ويجوز فى أمور الدنيا أيها الباحث الفاضل ..
أما فى العقيدة ,
فالحيادية فيها تعنى الخروج عن الدين , لأنها عقيدة وليست أمور فقه خلافي فى الفروع , حتى يمكننى التخلى عنها لإرضائك أو محاولة كسبك
العقيدة ثوابتها وأدلتها من القرآن والسنة حصرا , وليس فيها أدنى اجتهاد , وليس مسموحا فيها بتنازلات من أى نوع , لأنها كلها غيب مطلق ونحن مأمورون بالكف والوقوف عند حدود النص التشريعى فيها سواء كان من القرآن أو السنة النبوية وحدها ..
أما دعوتك لى للإلتزام بقواعدك هذى فلا يمكن قبولها فى أمر العقيدة , وقد غرك المنهج الغربي الذى ينادى بحرية العقل فى مناقشة أى شيئ , وهذه ليست حرية , بل فوضي ..
إن الإنسان أيها الزميل الفاضل له مطلق الحرية فى مناقشة وجود الله عز وجل إن شاء ,
لكنه إذا اقتنع بوجوده واقتنع بأن دين الإسلام هو دين الحق , هنا يكون عليه لزاما أن يلتزم بما يأمر به الكتاب والسنة , فإذا قال الله وقال الرسول عليه الصلاة والسلام أنه محرم علينا خوض الجدل فى العقيدة والبحث خلف المتشابه والغيبيات , فليس لنا أن نقول إلا سمعا وطاعة ..

هذا هو العقل الصحيح , والحرية الصحيحة لأن العاقل من يلتزم بحدوده التى حددها له خالقه وهو أدرى العالمين بحدود العقل الذى خلقه ..
أما أن أشاكس وأناطح خالقي في أوامره فهذه هى الفوضي وهذا هو الغباء المطلق الذى وقع فيه إبليس عندما انقاد لهواه فى مواجهة أمر رب العالمين ..
أما دعوتك لى بقراءة كتابك ,
فأقول لك إن لست بحاجة لهذا لسببين :
أولهما : أننى من خلال الردود السابقة أثبت لك بالبرهان والدليل مصدر أفكارك هذى , فهى عندى أفكار قديمة وأنت لم تأت فيها بجديد يستحق المطالعة , فالمصدر الذى تستقي منه هو نفس معين الفلاسفة القدامى والمحدثين
ثانيهما : أنك أفضت وشرحت بردود مطولة عن أفكارك هذى بما يغنى عن مطالعة المزيد منها , وبعد ما رأيناه مما كتبت ونقلت لا أظن أننا سنرى جديدا ..

ودعنى أوجه إليك كلمة أخيرة أخوية ومخلصة ,

والله إننى من أعماقي أتمنى منك لو تقبلها بعقل هادئ وتفكر فيها ..
تقول :
مؤكدا على أنني مستعد لمحاورته بعد قراءته إذا أعلن استعداده الالتزام بقواعد المحاججة الأربع السابقة..
مع خالص التقدير له ولك سيدتي..
وعتبي عليه بسبب إفراطه في إطلاق التهم والأوصاف والأحكام عليَ، وهو ما لا أظن أن ديننا العظيم يسمح به خلال التحاور أيا كان مستوى الاختلاف
فدع عنك ما رأيت من حدة لهجتى واعتبرها كأن لم تكن ..
فديننا الحنيف يأمر بهذه الشدة وأكثر وأنا أتكلم بما أعرفه وأدريه أيها الأخ الفاضل ,
وراجع إن شئت ردود علماء السنة على أصحاب الكلام وستجد أننى استقيت أسلوبي فى الرد من هؤلاء العلماء ..
فالشدة التى تراها إتهاما جائرا هى أمر جائز بالإتفاق لا شبهة فيه لأننا نصف كلامك فى الواقع بأوصافه وإلا بماذا يمكننى كمسلم أن أصف الضلال بغير هذا الوصف ؟!
ولكن دع عنك كل هذا واستمع إلىّ ..
عد لأفكارك التى استقيتها من منابع الفلسفة وقارنها بحقائق القرآن والسنة , وتخل قليلا عن إعجابك بالغرب وحضارته وحاول أن تعرف القليل جدا عن حضارة الإسلام ,
وحاول ــ
ولو لمرة واحدة فى حياتك ــ أن تجرد نفسك لأوامر الله ونواهيه فتلتزم بما ألزمك به , وتنتهى عما نهى عنه ,
جرب ولن تخسر شيئا , وحاول مطالعة كتب وردود أهل السنة على الفلاسفة التى نوهت لك عنها فى ردى السابق , ولا تأخذك العزة بالإثم ولا تدع الشيطان يلبس عليك بأنك على الحق وأنك المفكر بالفكر الصحيح ومن يواجهك هم المتنطعون المتمسكون بالتراث العقيم وفقا لما علموك إياه أساتذة الغرب ..
فوالله لو كان تراثنا كذلك فعلا لما جند المستشرقون أنفسهم لثمانية قرون كاملة فى محاولة لهدمه والطعن فيه ..
ولو كان تراثنا كذلك لتمكن أعداؤه من النيل منه وهزيمته ..
وانظر قليلا إلى التاريخ الصحيح للإسلام واسأل نفسك , هل كان الجيل الأول للإسلام والذى صنع معجزة الدولة والدعوة فى بحر سنوات قلائل , هل كانوا على الحق أم كانوا على الباطل ؟!
وما دام الواضح للعيان أنهم كانوا على الحق , فلماذا لا نعمل بعملهم ونعتقد بمعتقدهم ونتوقف عما توقفوا فيه , ونؤمن بالذى آمنوا به من غير زيادة ولا تحريف ولا تفلسف فارغ ..
أليس الله عز وجل هو القائل فى محكم كتابه :
[
فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ] {البقرة:137}
أليس النبي عليه الصلاة والسلام هو من أخبرنا عما سيئول إليه حال الأمة اليوم , وكيف أنها ستبتعد عن القرآن والسنة فتتفرق إلى نيف وسبعين فرقة , كلها فى النار إلا فرقة واحدة فقط وهى التى آمنت بمثل إيمان الصحابة ...
أليس النبي عليه الصلاة والسلام هو القائل :
(
عليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدى عضوا عليها بالنواجذ )
فهل سمعت فى حياتك عن صحابي ذهب وقرأ فى الفلسفة أو تحدث عن العقل الفعال والعقل الأول , أو وصف العقل بالنبوة , أو اعتقد بأزلية الكون ؟!!
مالنا نحن وهذه العقائد المعقدة , وعندنا عقيدتنا صافية بيضاء نقية لا تشوبها شائبة , كما قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(
والله لقد جئتكم بالمحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك )
نعوذ بالله من الهلاك والهالكين ..
هذه هى نصيحتى , ودعوتى لك لمراجعة أفكارك , إن شئت فاقبلها وانا على استعداد لتزويدك بأى مصدر تحتاجه ورد أى شبهة تعرض لك ..
وإن شئت فارفضها وحسبنا أننا قمنا بواجبنا نحوك بالنصيحة , ونحو القراء الكرام بالبيان والرد الواضح على ما أتيت به ..
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته