عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ : ( لَنْ يُنْجِيَ أَحَدًا مِنْكُمْ عَمَلُهُ ) قَالَ رَجُلٌ : وَلاَ إِيَّاكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : ( وَلاَ إِيَّايَ إِلاَّ أَنْ يَتَغَمَّدَنِيَ اللَّهُ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وفضل) . رواه مسلم ( 2816 )
والبخاري بإضافة لفظ ( 6463) الحديث .... إلا أن يتغمدني الله برحمة ،سددوا وقاربوا ، واغدوا وروحوا ، وشيء من الدلجة ، والقصد القصد تبلغوا
وننبه إلى حديث مشهور ومتناقل بين الناس عن ذلك العبد الذي عبد ربه خمسمائة سنة والذي قبض وهو ساجد ثم يجادل الله حينما قال الله أدخلوه الجنة برحمتي فيقول له بعملي .... الحديث، وهو حديث ضعيف ، ويستعاض عند ذكر الحكم بالحديث أعلاه.
معاني ألفاظ الحديث:
(يتغمدني) يلبسني ويسترني
(سددوا) أي: سددوا علي الإصابة، أي: احرصوا علي أن تكون أعمالكم مصيبة للحق بقدر المستطاع
(وقاربوا) المقاربة تعني القصد الذي لا غلو فيه ولا تقصير
(واغدوا) من الغدو وهو السير أول النهار
( وروحوا) من الرواح وهو السير في النصف الثاني من النهار-
(وشيء من الدلجة)السير آخر الليل
( والقصدَ القصدَ) الزموا الوسط المعتدل في الأمور
(تبلغوا) مقصدكم وبغيتكم
دخول الجنة برحمة الله تعالى و لا يدخل أحدٌ الجنة بعمله : لأنه ليس ثمة عمل يقوم به العبد – ولو عظُم – يبلغ أن يكون ثمناً لدخوله الجنة ، فسلعة الله غالية.
لكنْ للعمل فائدتان مهمتان : أنه يحصِّل به الرحمة التي تكون سبباً لدخول الجنة و أن المنازل تتفاوت في الجنة بحسب الأعمال .
قال ابن بطال – رحمه الله - :
فإن قال قائل : فإن قوله صلى الله عليه وسلم : ( لن يدخل أحدكم عمله الجنة ) يعارض قوله تعالى : ( وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) الزخرف/ 72 ، قيل : ليس كما توهمتَ ، ومعنى الحديث غير معنى الآية ، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث أنه لا يستحق أحد دخول الجنة بعمله ، وإنما يدخلها العباد برحمة الله ، وأخبر الله تعالى في الآية أن الجنة تُنال المنازل فيها بالأعمال ، ومعلوم أن درجات العباد فيها متباينة على قدر تباين أعمالهم ، فمعنى الآية في ارتفاع الدرجات وانخفاضها والنعيم فيها ، ومعنى الحديث في الدخول في الجنة والخلود فيها ، فلا تعارض بين شيءٍ من ذلك ."شرح صحيح البخاري " ( 10 / 180 ) .
من فقه الحديث وما يستنبط منه:
(1)الأمر بسلوك طريق السداد.
(2) تنبيه سالكي طريق السداد إلى الحذر من الإفراط والتفريط.
(3) بشارة من سلك طريق السداد بالتفضل عليه والإحسان إليه من الرب سبحانه وتعالى.
(4) أن العامل لا يعول على عمله في دخول الجنة والنجاة من النار.
(5) تفضل الله على عباده وإحسانه إليهم.
(6) أن دخول الجنة ليس عوضاً عن العمل بل برحمة الله وفضله.
(7) الرد على المعتزلة القائلين أن الجنة عوض عن العمل وأن دخولها بمحض الأعمال.
(8) حرص الصحابة رضي الله عنه على معرفة الحق وسؤالهم النبي صلى الله عليه وسلم عما يخفى عليهم.
(9) مراجعة المتعلم العالم في إيضاح المجمل وتفسير المشكل.
(10) أن قوله صلى الله عليه وسلم : ((لن يدخل الجنة أحداً عمله)). من العام الباقي على عمومه.
(11)حث المسلم على أن يعمل الصالحات وأن يكون راجياً ثواب الله ورحمته خائفاً من عذابه وعقوبته.
هذا الحديث لا يدعو للقلق ، ولا لليأس ، بل هو يدفع نحو العمل ؛ لأنه بالعمل تحصِّل رحمة الله ، وبالعمل ترتفع درجاتك في الجنان .
منقول للفائدة – أخوكم أبو رند
لا تنسوا إخوانكم في سوريا من صالح دعائكم
اللهم إنا نسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، ونعوذ بك من النار وما قرب إليه من قول أو عمل.
![]()