القسم الثاني من طقوس الكتابة
.................................................. ....
طقوس القراءة قبل الكتابة
كثيرهم الكتاب الذين يجلسون للكتابة ولا يكتبوا حتى يقرأوا ولو قليلاً، كعادة صارت معهم، والأحرى أن تسمي ذلك طقساً خاصاً بهم، (فأندريه جيد) كانت الموسيقى والقراءة النبع الذي ينهل منه عند الحاجة، فالقراءة زاده الحقيقي، وقد بقي ينهل من الكتب حتى آخر يوم في حياته، كما كان يعود لقراءة أعماله المفضلة، ويقرأ كتب الأقدمين، وقد كتب في يومياته بتاريخ 2 كانون الثاني 1922.. إن أجود أيام العمل هي تلك التي أبدؤها بقراءة كتاب قديم، وكان (الرافعي) يقرأ في أي كتاب من كتب أئمة البيان العربي قبل شروعه في الكتابة، ليعيش وقتاً قبل أن يكتب في بيئة عربية فصيحة اللسان، خاصة كتابات الجاحظ وابن المقفع أو كتاب الأغاني، ولما سأله تلميذه سعيد العريان عن ذلك أجابه: نحن يا بني نعيش في جو عامي لا يعرف العربية.. واللسان العربي هنا في هذه الكتب، إنها هي البداية لمن يطلب اللغة في هذا الزمان بعدما فسد لسان الحضر والبادية، وكان (سومرت موم)، (1874 ـ 1965) الكاتب الإنكليزي.. يحب أن يقرأ في كتاب قبل الشروع في الكتابة (فذلك يفيد كثيراً) على حد قوله، كذلك كان (ألدوس هكسلي) يرى أن قراءة كتاب ما لبعض الوقت قبل الشروع في الكتابة تفيد كثيراً، وهي طريقة اتبعها كثيرون ممن وجدوا صعوبة في بدء عملية الكتابة، وهؤلاء كانوا بعكس الكثيرين الذين كانوا يبدؤون بالكتابة متى ما أرادوا ذلك، فمثلاً كان (هنري ميللر) قادراً ببساطة على أن يبدأ عملية الكتابة متى ما أراد ذلك.
وكان بعض الكتاب يقرؤون أثناء الكتابة، فقد كان (محمد حسنين هيكل) يقرأ همساً ما يكتبه، أما (د. فاروق مواسي) فكان من عادته أن يقرأ كل ما يكتبه بصوت عال، و(دوستويفسكي) كان يقرأ الرواية التي يكتبها بصوت عالٍ حتى يحفظها عن ظهر قلب قبل أن ينتهي من كتابتها.
![]()