[TR]
[TD="align: left"]تأملات في الدعوة الى الهدنة

عندما قامت ثورة القسام، وبعد استشهاده، وعندما كانت الثورة في قمة عنفوانها دعت القوى العظمى عبر الدول العربية الى تهدئة، تهدئة أدت –فيما بعد- الى انكفاء في نار الثورة، اضمحلت النار جمرا، مع الزمن، ثم انتهت الثورة.
الهدنة، لا تفرضها سوى الثورة، وعندما هي تحتاجها، وليس عندما يحتاجها النظام او الاخرون.
الثورة، هي ثورة، لا تراعي هذا الطرف او ذاك في أمر يؤدي الى تراخي قبضتها عن عنق المجرم، بل تستمر قبضتها في شدتها، تعصر عنق المجرم، كي تنهكه، وصولا الى اخراج زلعومه في دمشق.
الهدنة، لا تطول، لان حصر النار، يؤدي الى السيطرة عليها، ويهيئ لخنقها. من يطالب بهدنة حتى لما بعد العيد، هو من يبحث عن مصلحة دولته، او مصلحته، ولا يهمه كثيرا، امر الثورة.
عندما تخمد النار، يصعب اعادة اشعالها، فقد تتحول الى رماد، بينما لا بد من المحافظة على اللهيب، وتغذيته، كي يحرق كل الهوام، وينظف كل الحرش، من الزواحف الضارة، والخطرة.

هدنة مع من؟ مع قاتل الاطفال، مع من يقنص طفلة في ظهرها فيحيلها مقعدة في حلم الطفولة. ام مع مجرم يرمي برميلا يحوي نصف طن، او ربع طن، من حشوات منفجرة، فتحيل بناءا الى ركام، وتحفر في الارض، مقبرة بعمق سبعة امتار من الحقد، والعفن التاريخي، والنفسي، ام هدنة مع من لا يسن سكينه، ويشد إليه رقبة طفل، يرجوه ان يسنه جيدا، كي لا يتعذب كأخيه، أم هدنة مع ذابح اطفال واحد تلو الآخر، يبول الاطفال من الخوف، هلعا، ام هدنة مع مجرم، يرمي البنزين، على ناس عزل، احياء، ويحرقهم، ام هدنة مع مجرم يتسلل وراء الحدود، وينال من كل حر بيديه القذرة. ام هدنة مع مريض، نفذ في شبر مجزرة.

ولم الهدنة؟، كي يعيد المجرم تنظيم صفوفه، ويلملم جراحه، املا في ضربات قاهرة؟، ام كي يخف الحراك الثوري، املا في تطبيع يقود الى السيطرة على اوار الثورة، ام كي نرضي وزير خارجية "صديق"، لا يهمه الا مصلحة بلده، ولا يرى الثورة الا في حفظ حدوده، وخوفا على تسرب النار الى ارضه، واما الشام، قلتنحرق، ولتتألم، ولتتقطع، وليصيب شبابها، نساءها، واطفالها، شلل، او مصيبة، لا يهم، فلا بد من نهاية، ام متى فلا يهم، المهم ان نحافظ على القتل، والهرج، والمرج، في طنجرة ضغط، مع تنفيس عبر تصريحات مقفرة.

اخوتي الثوار، لم تسم الثورة، ثورة، الا لأنها تثور على المسلمات القاهرة. الثورة تفكر في مصلحتها اولا، واخيرا، -كما يفكر الآخرون-، فما يطابق مصلحتها من افكار توافق عليه وفق شروطها، وما لا يلائمها، تلفظه دون مسايرة، فالعالم كله يتفرج على 300 شهيد، ولا يحرك إبرة.
لم يتحرك العالم، الا لإنقاذ مجرم، هو من شلتهم، رابع في لعبة شدة، ونديم ليل في ناد عهر لتنويم الشعوب، وقهرها خلف اسوار من الارهاب، والخوف، ناد كل جدول اعماله غسل دماغ الشعوب، وزرع العجز، ووهم التخلف، وعدم القدرة، على تغيير مسيرة ذل قاهرة.
اخيرا، اخوتي الثوار، لا يزرعن العدو خلافا بين فصائلكم، فكلكم مستهدف، وكلكم مسلح واحد، امام ناضور القناصات لذئاب مستنفرة. اخوتي لم يرجوا هدنة، إلا لضعف صاحبهم، فتوحدوا، وركزوا الطرق على نفس الهدف، ولاتلفتوا الى اصوات، من حدب، بل لا تسمعوا الا صوت رصاصكم، يقتل كل المجرمين الغدرة.
عندها، انتم، وعندما تحتاجونها، تطلبون هدنة، لكنكم تحاصرون المجرم في طريقه الى المقبرة.
عبد الغني محمد المصري
20-10-2012
-----------------‬
[/TD]
[/TR]