(8)
عزلة ُالكاتب ..
فكرٌ هادئ و وَحشة ٌ مقلقلة
***
مدخل /
وحدةُ الإنســـان خَيرٌ *** مِن جليسِ السُّوء عندَهْ
وجلــيسُ الـخير خَيرٌ *** مِن جلوسِ الـمرْءِ وحدَهْ
- تراهُ حسيرًا ..يعبثُ بـملكوتِ فكرِه يـمينًا وشـمـالاً ما ألِفَ أنْ يـجعلَه مُستأنسًا بوحدتِه ؛ ظانًّا بإضاءاتٍ تُنيرُ سَوادَ دَيــْدَنـِه الـمـُوحِشِ، و هو على موعدٍ يفتقُ همومَه أويرتقُها. و ليسَ يُثقلُ كاهلَ أحاسيسِه و شاغلَ وساوسِه غيرُ تلك اللحظاتِ، التي يقضيها مع ظلــّهِ باحثًا عن أنسٍ ، يقضي به قيلولةَ أرَقِه!
- أجلْ ؛ لحظاتُ العُزلةِ الـمحمُودةِ تهبُ الفكرَ أشرقَ فجرٍ..بعدَ ليلٍعسْعسٍ سديم ٍ ، يُهدي الرّحابَ ندًى يُحي في يَبَسِ الأفكار شذاها الـمفقودَ ، و يزيدُ في غناءِ الطيور غُنَّةً ، ضاعتْ بين بُحّةٍ و صدًى مزعجٍ،كئيبٍ يبحثُ في ثنايا جُرحِ الذّكرياتِ الـمؤلـمة – بعدَ بُرْءِ ألـمِها – عن شفاءٍ و بركةٍ عليلةٍ.و قد ينقلبُ الأمرُ و تصبحُ العزلةُ قفْرًا أو مفازةً يـحترقُ تـحتَ رمضائها كلُّ رطبٍ و يَيْبَسُ حيالَها كلُّ نديٍّ.و يصيرُ حَـمْدُها ذمًّا ، و فضلُــها مذلـّةً و همَّا!
- كم أسعدُ كلّما أخْلو بأوراقي ، باثًّا بها رَوْقَ أفكاري ،فتزيدني العزلةُ وَهَجًا ، يُفيضُ عليَّ خواطرَ . طالما أعياني البحثُ عنها فيأثناءِ زحمةِ الـمناقشينَ ، و بين ثرثرةِ الـمزايدينَ ، و دبيبِا لمذاكرينَ .و لم تكنِ الفسحةُ – بين هؤلاء الشّلــّة – بأفْسَحَ مِن أفقِما يتأجّجُ بفكريَ المحموم بـــــِشَبَقِ الأدب!
- العزلةُ بينَ همّين..أحلاهُما مُرٌّ ..همُّ الفكر ، و همُّ الوحدةِ الموحشة ؛ و لا سبيلَ عنهما سوى أنْ تُلقيَ بأفكاركَ – على مضضٍ – فيتَنُّورِهِما ، لاستجداءِ خبزِ الـمعرفةِ ، و رغيفِ الإبداع.و قد يكونُ الاستغناءُ عنها في الـمرحلة الأولى لتداعي الأفكار مصيدةً تكسِرُ عظمَ هواجسِكَ البكرِ .بينما ستكونُ القارعةُ الهاويةُ على رأسِكَ إذا مااْستبدَّ بيأفُوخِكَ كبرياءٌ، يستأثرُ بكَ عنْ مشاركةِ الآخرينَ شواغلَ كَالغضّةَ ،بعدَ أنْ أصبحتْ ثــَـيّـبًا ؛ لا أملَ في زواجها البتّة.