هل جرة الملياني محبة وغناني...بقلم آرا سوفاليان
آخر مرة سمعنا صوت مازن ابن ابو باسل عبيد يصرخ غـــــــاز كان من شهرين اثنين واختفى مازن ابن ابو باسل ومعه طرطيرته ومرافقه الخاص ولم نعد نسمع عنه شيئاً.
وللحقيقة فإن ابو باسل والد مازن كان رجل محترم طيب القلب ، خذله قلبه في أول فرصة فتوفى رحمه الله، فاشترينا الغاز مضطرين من الغير وكانت النتيجة علقة مع المتعيشين وبعض الأندال فمرة السعر غير مطابق ومرة اجرة تطليع الجرة غلياني ومرة رفع سعر المازوط من قبل الدولة أدّى الى رفع التكاليف الثابته لزوم الطرطيرة علماً بأن الطرطيرة تعمل على البانزين وليس الماظوط ومرة نصف الجرة فارغ ومرة تم غش الجرة الملياني محبة وغناني تم غشها بإضافة الماء والقليل من الغازات السامة... ، وجاء مازن في المرات القادمة بدون والده وجرت محادثة قصيرة قرب باب بيتي مع مازن وطلبت منه فيها ان يسلك طريق والده "الأمانة" مقابل ان اتعهد له بأن لا يشتري أهل الحارة هذه المادة من أحد غيره ...وكان ذلك
فكانت الطرطيرات تدخل حارتنا مصحوبة بالطرق الغليظ على جرات الغاز بواسطة مفتاح الرنش المصحوبة بلعلعة الحناجر... وتخرج كما دخلت لا يستوقفها أحد ولا يشتري منها أحد.
في آخر مرة سمعنا صوت مازن ابن ابو باسل عبيد يصرخ غـــــــاز وكان ذلك منذ شهرين كما أسلفت...قلت لزوجتي يومها استوقفيه لنستبدل جرتنا الاحتياطية الفارغة فأجابتني ...يمكن تأجيل ذلك الى يوم آخر... ومرت بضعة أيام وجاء اليوم الآخر ولم يجيئ مازن وموبايله خارج التغطية وجرتي الغاز عندنا الرئيسية والاحتياطية خارج التغطية أيضاً.
ولأن الشمع صار غالياً جداً ولا يعطي الضوء الكافي وينشر الحرارة والشحوار اشترينا لوكس سفير ستانلس بمبلغ وقدره 2500 دراخما يونانية و900 دراخما يونانية اخرى لشراء المصباح المصاحب المشفوع بالقميص الحرير الأميانت المقاوم للحريق لزوم امتحان الكفاءة ولم اترك قميص إلا واستخدمته فكان يهرّ لأنه بالأصل مهرهر...وتحسن وضع الكهرباء فتم تحويل اللوكس الى موقد واستعملنا غازاته حتى نفد... فما العمل الآن ونحن بدون غاز؟ وذهبت ولم أترك مكاناً ولا محل ولا مخزن ولا مؤسسة ولا مستودع يعتب عليَّ وجرة الغاز الملياني محبة وغناني تدور معي في السيارة وفي هذا الأمر خطورة ومجازفة هائلة بلا فائدة وقررت اعادة الجرة الى البيت، وذهبت الى لبنان ولم اشتري واحدة لأن السائق قال لي انه من المستحيل ادخالها، وذهبت الى الأردن وحدث لي نفس الشيء، وذهبت الى منطقة المزة قبل الكوين سانتر خاطباً الود بدون فائدة وحدثت مشاجرة مع الشرطي الذي كان يمنعني ويمنع غيري من الوقوف إلا بعد مسافة بعيدة جداً علينا بعدها نتع الفارغة على ظهورنا والسير بها ثم العودة الى السيارة بالملآنة محبة وغناني إذا حدثت المعجزة المرجوة وقد ولّى عصر المعجزات، وبالطبع عدت الى السيارة خالي الوفاض فذهبت الى دكان ابو رسلان وهو الذي نحبّر اللوكس السفير غاز عنده لزوم امتحان الكفاءة " التحبير هو تعريب المصطلح تغييز" طالباً القرب فاعتذر عن التحبير واعتذر عن وجود الغاز ككل...ونصحني ان احضر في تمام السادسة مساءً ايام السبت والاثنين والاربعاء مصطحباً دفتر العائلة والمثول امام اللجنة للتسجيل والحصول على بطاقة دور...وجئت السبت وكان التدافع والضرب والقتل والعنترية والتهديد على الآخر فهربت وعدت الاثنين فكان الحال يسلّم على السبت تدافع وسباب وشتائم وفوضى مذهلة ولا نعرف ان كان هناك لجنة او لا فهربت وعدت الى البيت خالي الوفاض والحمد لله اني قررت منذ العام 1984 عقص شواربي فبقيت مذاك بدون شوارب، وبهذا تكون المعادلة الآتية محققة (يا دار ما دخلك شرّ).
عدت الاربعاء فكان الحشد نفسه وانتظرت مع المنتظرين ولم تحضر اللجنة...فعدت السبت فلم أعثر على أحد وعثرت على فتاة صغيرة تلعب في الحارة قالت لي أن ابو رسلان أرخى الغلق وهرب وهربت بعده الحشود واللجنة، فنصحني أحدهم بالذهاب على الفور الى محل مازن عبيد فسألت عن المحل ووصلت وكانت الحشود عند محل مازن تسلم على الحشود التي كانت عند محل ابو رسلان ويبدوا ان هذه الحشود قد سبقتني من محل ابو رسلان الى محل مازن، تدافع وتزاحم ومشاجرات وتهديدات عبر الخليوي على مبدأ: أنا أعرف العميد فلان وسأطلب منه ان يأتي ليلعن ابوكن واحد واحد ...وآخر أنا أعرف اللواء فلان سأتصل به ليأتي فيربي العميد تبعك ويعيد تربيتكم جميعاً وتربية أبو أبو أبوكم يا أخوات التنكة... وتشاجر أحدهم مع شقيق مازن وصفعه... وانفجر مازن على مبدأ أخت الغاز على اخت يللي اشتغل بالغاز وطلب ممن يحملون دفاتر العائلة ان يتبعوه فتبعناه فقال: تم تسجيل 50 بني آدم وهربت اللجنة تعالوا الاثنين ...وتركته وهو يقوم بدور الواعظ وقد تعمد أن لا يعرفني ولا يتعرف عليَّ وعدت الى البيت خالي الوفاض معقوص الشوارب، وعلى العشاء ازدردت صحن الفتتوش وامامه بطاطا مقلية تحولت الى ما يشبه العظام وعند السؤال تبين ان قلي البطاطا على رأس الكهرباء المتموضع في أعلى فرن الغاز يؤدي الى تحول البطاطا من الحالة البطاطوية الى حالة التعظّم " العظام " ونزلت لتغيير صفة السيارة فرأيت سائق طرطيرة يتسلل كاللص الى بيت الجيران وعلى ظهره جرة غاز وكان يعبث بالباب فلا يستطيع فتحه ولا يريد استعمال اوتوماتيك الدرج ولا الضوء ولا الأنترفون لكي لا يكتشف أحد بأنه يتعاطى الممنوعات فقلت له اذا فتحت لك الباب فهل تبيعني جرة قال لي: ثمنها ألفي دراخما يونانية... أجبته أدفع ...ودفعت فنلت...أما فاتورة الكهرباء فبالطبع لدي الرغبة في دفعها ولكن عليّ التريث لأنه ليست عندي أي فكرة الى اي شريحة عليا مضاعفة الثمن تم شلفي أنا وفاتورتي، خاصة وان الاعتماد صار في كل شيء على الكهرباء وبالتالي فأنا في نظر الدولة مسرف ومبدد للثروة الوطنية وهي الكهرباء وأستاهل ان ادفع ثمن كيلو الكهرباء أضعاف مضاعفة ومن ضمن الشرائح السعرية العليا لأنني والحمد لله وبسبب الظروف فأنا قد تحولت الى الشرائح العليا.
آرا سوفاليان
arasouvalian@gmail.com
دمشق السبت 16/06/2012