منتديات فرسان الثقافة - Powered by vBulletin

banner
صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12
النتائج 11 إلى 14 من 14
  1. #11

    قصة مدين قوم شعيب عليه السلام

    قال الله تعالى في سورة هود بعد قصة قوم لوط {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ } وقال تعالى في الشعراء بعد قصتهم {كَذَّبَ أَصْحَابُ الأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ ، إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلا تَتَّقُونَ ، إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِي ، وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِي إِلا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ }



    نسبه عليه السلام كان أهل مدين قوماً عرباً يسكنون مدينتهم مدين ، التي هي قريبة من أرض مَعَان من أطراف الشام، قريباً من بحيرة قوم لوط. وكانوا بعدهم بمدة قريبة . ومدين مدينة عرفت بالقبيلة وهم من بني مدين بن مديان بن إبراهيم الخليل . وشعيب نبيهم هو ابن ميكيل بن يشجن ذكره ابن إسحاق . ويقال : شعيب بن يشخر بن لاوي بن يعقوب . قال ابن عساكر : ويقال جدته ، ويقال أمه بنت لوط . وكان ممن آمن بإبراهيم وهاجر معه ، ودخل معه دمشق . وفي حديث أبي ذر الذي في صحيح ابن حبان في ذكر الأنبياء والرسل قال : " أربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر" وكان بعض السلف يسمي شعيباً خطيب الأنبياء يعني لفصاحته وعلو عبارته وبلاغته في دعاية قومه إلى الإيمان برسالته. وقد روى ابن إسحاق بن بشر عن ابن عباس قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شعيباً قال: (ذاك خطيب الأنبياء)






    قصته مع قومه أهل مدين وكان أهل مدين كفاراً ، يقطعون السبيل ويخيفون المارة ، ويعبدون الأيكة وهي شجرة من الأيك حولها غيضة ملتفة بها . وكانوا من أسوأ الناس معاملة ، يبخسون المكيال والميزان ، ويطففون فيهما ، يأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص . فبعث الله فيهم رجلاً منهم وهو رسول الله شعيب عليه السلام ، فدعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ، ونهاهم عن تعاطي هذه الأفاعيل القبيحة ، من بخس الناس أشيائهم و إخافتهم لهم في سبلهم وطرقاتهم فآمن به بعضهم وكفر أكثرهم ، حتى أحلَّ الله بهم البأس الشديد . وهو الولي الحميد . كما قال تعالى : {وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ قَدْ جَاءَتْكُمْ بَيِّنَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} أي دلالة وحجة واضحة وبرهان قاطع على صدق ما جئتكم به وأنه أرسلني ، وهو ما أجرى الله على يديه من المعجزات التي لم تنقل إلينا تفصيلاً وإن كان هذا اللفظ قد دل عليها إجمالا . { فَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا }. أمرهم بالعدل ونهاهم عن الظلم وتوعدهم على خلاف ذلك فقال : { ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ، وَلا تَقْعُدُوا بِكُلِّ صِرَاطٍ } أي طريق { تُوعِدُونَ } أي تتوعدون الناس بأخذ أموالهم من مكوس وغير ذلك ، وتخيفون السبل . قال السدي في تفسيره عن الصحابة " ولا تقعدوا بكل صراط توعدون " أنهم كانوا يأخذون العشور من أموال المارة . وعن ابن عباس قال : كانوا قوماً طغاة بغاة يجلسون على الطريق يبخسون الناس يعني يعشرونهم . وكانوا أول من سن ذلك . { وَتَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِهِ وَ تَبْغُونَهَا عِوَجاً } فنهاهم عن قطع الطريق الحسية الدنيوية، والمعنوية الدينية { وَاذْكُرُوا إِذْ كُنتُمْ قَلِيلا فَكَثَّرَكُمْ وَانظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ } ذكرهم بنعمة الله تعالى عليهم في تكثيرهم بعد القلة ، وحذرهم نقمة الله بهم إن خالفوا ما أرشدهم إليه ودلهم عليه ، كما قال لهم في القصة الأخرى: { وَلا تَنقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ } أي لا تركبوا ما أنتم عليه وتستمروا فيه فيمحق الله بركة ما في أيديكم ويفقركم ، ويذهب ما به يغنيكم . وهذا مضاف إلى عذاب الآخرة ، ومن جمع له هذا وهذا فقد باء بالصفقة الخاسرة . فنهاهم أولاً عن تعاطي ما لا يليق من التطفيف ، وحذّرهم سلب نعمة الله عليهم في دنياهم ، وعذابه الأليم في أخراهم وعنفهم أشد تعنيف. ثم قال لهم آمراً بعد ما كان عن ضده زاجراً : {وَيَا قَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلا تَعْثَوْا فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ ، بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ}. قال ابن عباس والحسن البصري: " بقيّة الله خير لكم " أي رزق الله خير لكم من أخذ أموال الناس . و قال ابن جرير: ما فضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل والميزان خير لكم من أخذ أموال الناس بالتطفيف . و قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الربا وان كثر فإن مصيره إلى قُل " أي : إلى قلة . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن كتما وكذبا محقت بركة بيعهما " . والمقصود أن الربح الحلال مبارك فيه وإن قل والحرام لا يجدي وإن كثر، ولهذا قال نبي الله شعيب " بقيت الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ". و قوله " وما أنا عليكم بحفيظ " أي افعلوا ما آمركم به ابتغاء وجه الله ورجاء ثوابه لا لأراكم أنا وغيري . { قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ } . يقولون هذا على سبيل الاستهزاء و التنقص والتهكم : أصلاتك هذه التي تصليها هي الآمرة لك بأن تحجر علينا فلا نعبد إلا إلهك ونترك ما يعبد آباؤنا الأقدمون ، وأسلافنا الأولون ؟ أو أن لا نتعامل إلاّ على الوجه الذي ترتضيه أنت ونترك المعاملات التي تأباها وإن كنا نحن نرضاها ؟ { قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقاً حَسَناً وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلا الإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } . هذا تلطف معهم في العبارة ودعوة لهم إلى الحق بأبين إشارة . يقول لهم : أرأيتم أيها المكذبون إن كنت على أمر بيِّن من الله تعالى، وأنه أرسلني إليكم ، و رزقنى النبوة والرسالة ، وعمى عليكم معرفتها ، فأي حيلة لي فيكم ؟ و قوله {وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ} أي لست آمركم بالأمر إلا وأنا أول فاعل له ، وإذا نهيتكم عن الشيء فأنا أول من يتركه . " و ما أريد أن أخالفكم إلى ما أنهاكم عنه إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت " أي ما أريد في جميع أمري إلا الإصلاح في الفعال والمقال بجهدي وطاقتي . " وما توفيقي " أي في جميع أحوالي " إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب " أي : عليه أتوكل في سائر الأمور وإليه مرجعي ومصيري في كل أمري وهذا مقام ترغيب . ثم انتقل إلى نوه من الترهيب فقال : {وَيَا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ } . أي لا تحملنكم مخالفتي وبغضكم ما جئتكم به على الاستمرار على ضلالكم وجهلكم ومخالفتكم ، فيحل الله بكم من العذاب والنكال نظير ما أحله بنظرائكم وأشباهكم ، من قوم نوح وقوم هود وقوم صالح من المكذبين المخالفين . و قوله {وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ} قيل معناه في الزمان ، أي ما بالعهد من قدم مما قد بلغكم ما أحل بهم على كفرهم وعتوهم . وقيل: معناه وما هم منكم ببعيد في المحلة والمكان . وقيل في الصفات والأفعال المستقبحات من قطع الطريق وأخذ أموال الناس جهرة وخفية بأنواع الحيل والشبهات . و الجمع بين هذه الأقوال ممكن فإنهم لم يكونوا بعيدين منهم لا زماناً ولا مكاناً و لا صفات . ثم مزج الترهيب بالترغيب فقال : { وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ } أي اقلعوا عما أنتم فيه وتوبوا إلى ربكم الرحيم الودود ، فإنه من تاب إليه تاب عليه ، فإنه رحيم بعباده أرحم بهم من الوالدة بولدها ، ودود وهو الحبيب ولو بعد التوبة على عبده ولو من الموبقات العظام . {قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً} . روي عن ابن عباس أنهم قالوا: كان ضرير البصر. وقولهم {وَلَوْلا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ} و هذا من كفرهم البليغ وعنادهم الشنيع حيث قالوا : " ما نفقه كثيراً مما تقول " أي ما نفهمه ولا نعقله، لأنه لا نحبه ولا نريده ، وليس لنا همة إليه ولا إقبال عليه . و قولهم {وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفاً} أي مضطهداً مهجوراً {وَلَوْلا رَهْطُكَ} أي قبيلتك وعشيرتك فينا {لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنْتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ}. {قَالَ يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ} أي تخافون قبيلتي وعشيرتي وترعوني بسببهم ولا تخافون عذاب الله ولا تراعوني لأني رسول الله ، فصار رهطي أعز عليكم من الله " أي جانب الله وراء ظهوركم " أي هو عليم بما تعملونه وما تصنعونه محيط بذلك وسيجزيكم عليه يوم ترجعون إليه . {وَ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} . هذا أمر تهديد شديد ووعيد أكيد بأن يستمروا على طريقتهم ومنهجهم وشاكلتهم ، فسوف تعلمون من تكون له عاقبة الدار، ومن يحل عليه الهلاك والبوار {مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ} أي في هذه الحياة الدنيا {وَ يَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ} أي في الأخرى {وَمَنْ هُوَ كَاذِبٌ} أي مني ومنكم فيما أخبر وبشر وحذر . {وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ} هذا كقوله : {وَإِنْ كَانَ طَائِفَةٌ مِنْكُمْ آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وَطَائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا فَاصْبِرُوا حَتَّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنَا وَهُوَ خَيْرُ الْحَاكِمِينَ} . {قَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا قَالَ أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ ، قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} . طلبوا بزعمهم أن يردوا من آمن منهم إلى ملتهم فانتصب شعيب للمحاجة عن قومه فقال : {أَوَ لَوْ كُنَّا كَارِهِينَ} أي هؤلاء لا يعودون إليكم اختياراً ، وإنما يعودون إليكم إن عادوا اضطراراً مكرهين ، وذلك لأنَّ الإيمان إذا خالطت بشاشته القلوب لا يسخطه أحد ، ولا يرتد أحد عنه ، ولا محيد لأحد منه . ولهذا قال : {قَدْ افْتَرَيْنَا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنَا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْهَا وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا وَسِعَ رَبُّنَا كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً عَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْنَا} أي فهو كافينا ، وهو العاصم لنا ، وإليه ملجأنا في جميع أمرنا . ثم استفتح على قومه واستنصر ربه عليهم في تعجيل ما يستحقونه إليهم فقال: {رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ} أي الحاكمين فدعا عليهم، والله لا يرد دعاء رسله إذا انتصروه على الذين جحدوه وكفروه ، ورسولهُ خالفوه . ومع هذا صموا على ما هم عليه مشتملون . وبه متلبسون {وَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لَئِنْ اتَّبَعْتُمْ شُعَيْباً إِنَّكُمْ إِذاً لَخَاسِرُونَ} .


    هلاك أهل مدين

  2. #12

    سيدنا أيوب عليه السلام
    أيوب عليه السلام : أتاه الله سبعة من البنين و مثلهم من البنات و إتاه الله المال و الأصحاب وأراد الله أن يبتليه ليكون اختبارا له و قدوة لغيره من الناس !
    فخسر تجارته و مات أولاده و ابتلاه الله بمرض شديد حتى اقعد و نفر الناس منه حتى رموه خارج مدينتهم خوفا من مرضه
    ولم يبقى معه إلا زوجته تخدمه حتى وصل بها الحال أن تعمل عند الناس لتجد ماتسد به حاجتها و حاجة زوجها !
    واستمر ايوب في البلاء ثمانية عشر عام و هو صابر و لا يشتكي لأحد حتى زوجته .. و لما وصل بهم الحال الى ماوصل قالت له زوجته يوما لو دعوت الله ليفرج عنك
    فقال: كم لبثنا بالرخاء
    قالت: 80 سنة
    قال: اني استحي من الله لأني مامكثت في بلائي المدة التي لبثتها في رخائي !
    فعندها يأست و غضبت و قالت الى متى هذا البلاء فغضب و أقسم أن يضربها 100 سوط إن شافاه الله كيف تعترضين على قضاء الله
    و بعد أيام .. خاف الناس أن تنقل لهم عدوى زوجها فلم تعد تجد من تعمل لديه
    قصت بعض شعرها فباعت ظفيرتها لكي تآكل هي و زوجها و سألها من أين لكي هذا ولم تجبه
    و في اليوم التالي باعت ظفيرتها الأخرى و تعجب منها زوجها و ألح عليها
    فكشفت عن رأسها
    فنادى ربه نداء تأن له القلوب ..
    استحى من الله أن يطلبه الشفاء
    و أن يرفع عنه البلاء
    فقال كما جاء في القرآن الكريم :
    " ربي اني مسني الضر و انت أرحم الراحمين "
    فجاء الأمر من من بيده الأمر :
    " أركض برجلك هذا مغتسل
    بارد و شراب "
    فقام صحيحا و رجعت له صحته كما كانت
    فجأت زوجته ولم تعرفه فقالت:
    هل رأيت المريض الذي كان هنا ؟
    فوالله مارايت رجلا أشبه به إلا انت عندما كان صحيحا ؟
    فقال : أما عرفتني !
    فقالت من انت؟
    قال أنا ايوب ♡

    يقول ابن عباس : لم يكرمه الله هو فقط بل أكرم زوجته أيضا التي صبرت معه اثناء هذا الابتلاء !
    فرجعها الله شابة و ولدت لإيوب عليه السلام ستة و عشرون ولد و بنت و يقال ستة وعشرون ولد من غير الإناث
    يقول سبحانه :
    " واتيناه أهله و مثلهم معهم"
    و كان قد حلف بأن يضرب زوجته 100 سوط فرفق الله بزوجته و أمره أن يضربها بعصى من القش
    - كلما فاض حملك تذكر صبر أيوب
    و أعلم أن صبرك نقطة من بحر أيوب .

    رسالة إيميل

    سلمتم لنا دوما

  3. #13
    قصة عيسى عليه السلام




    نشأة مريم



    لا خلاف أنها من سلالة داود عليه السلام وكان أبوها عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه وكانت أمها وهي حنة بنت فاقود بن قبيل من العابدات، وكان زكريا نبي ذلك الزمان زوج أخت مريم " أشياع " في قول الجمهور وقيل زوج خالتها " أشياع " فالله أعلم . و قد كانت أن أم مريم لا تحبل فرأت يوماً طائراً يزق فرخاً له فاشتهت الولد فنذرت لله إن حملت لتجعلن ولدها محرراً أي حبيساً في بيت المقدس . قالوا: فحاضت من فورها فلما طهرت واقعها بعلها فحملت بمريم عليها السلام {فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ} {و َلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنْثَى} أي في خدمة بيت المقدس، وكانوا في ذلك الزمان ينذرون لبيت المقدس خداماً من أولادهم {وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ } و قد استجيب لها في هذا كما تقبل منها نذرها عن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من مولود إلا والشيطان يمسه حين يولد فيستهل صارخاً من مس الشيطان إلا مريم وابنها" ثم يقول أبو هريرة: و اقرءوا إن شئتم {وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ}. {فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتاً حَسَناً وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا} ذكر كثير من المفسرين أن أمها حين وضعتها لفتها في خروقها ثم خرجت بها إلى المسجد فسلمتها إلى العباد الذين هم مقيمون به ، وكانت ابنة إمامهم وصاحب صلاتهم ، فتنازعوا في أيهم يكفلها ، وكان زكريا نبيهم في ذلك الزمان ، وقد أراد أن يستبد بها دونهم من أجل زوجته أختها - أو خالتها على القولين . فطلبوا أن يقترع معهم ، فساعدته المقادير فخرجت قرعته غالبة لهم وذلك أن الخالة بمنزلة الأم . قال الله تعالى : {ذَلِكَ مِنْ أنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهِ إِلَيْكَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ وَمَا كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يَخْتَصِمُونَ} وذلك أن كلاًّ منهم ألقى قلمه معروفاً به ، ثم حملوها ووضعوها في موضع وأمروا غلاماً لم يبلغ الحنث فأخرج واحداً منها وظهر قلم زكريا عليه السلام . فطلبوا أن يقترعوا مرة ثانية وأن يكون ذلك بأن ألقوا أقلامهم في النهر فأيهم جرى قلمه على خلاف جرية الماء فهو الغالب ففعلوا فكان قلم زكريا هو الذي جرى على خلاف جرية الماء ، وسارت أقلامهم مع الماء ثم طلبوا منه أن يقترعوا ثالثة فأيهم جرى قلمه مع الماء ويكون بقية الأقلام قد انعكس سيرها صعداً فهو الغالب ففعلوا فكان زكريا هو الغالب لهم فكفلها إذ كان أحق بها شرعاً وقدراً . قال الله تعالى : {كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} قال المفسرون : اتخذ لها زكريا مكاناً شريفاً من المسجد لا يدخله سواها ، فكانت تعبد الله فيه وتقوم مما يجب عليها من سدانة البيت إذا جاءت نوبتها وتقوم بالعبادة ليلها ونهارها ، حتى صارت يضرب بها المثل بعبادتها في بني إسرائيل ، واشتهرت بما ظهر عليها من الأحوال الكريمة والصفات الشريفة حتى إنه كان نبي الله زكريا كلما دخل عليها موضع عبادتها يجد عندها رزقاً غريباً في غير أوانه . فكان يجد عندها فاكهة الصيف في الشتاء وفاكهة الشتاء في الصيف فيسألها {أَنَّى لَكِ هَذَا} فتقول {هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ} أي رزق رزقنيه الله {يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} . فعند ذلك وهنالك طمع زكريا في وجود ولد له من صلبه وإن كان قد أسن وكبر {قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} قال بعضهم : قال : يا من يرزق مريم الثمر في غير أوانه هب لي ولداً وإن كان في غير أوانه . فكان من خبره وقضيته ما قدمنا ذكره في قصته .‏ بشارة الملائكة لمريم { قَالَتْ الْمَلائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ، يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } يذكر تعالى أن الملائكة بشرت مريم باصطفاء الله لها من بين سائر نساء عالمي زمانها ، بأن اختارها لإيجاد ولد منها من غير أب وبُشرت بأن يكون نبياً شريفاً {يُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ} أي في صغره يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له، وكذلك في حال كهولته، فدل على أنه يبلغ الكهولة ويدعو إلى الله فيها، وأُمرت بكثرة العبادة والقنوت والسجود والركوع لتكون أهلاً لهذه الكرامة ولتقوم بشكر هذه النعمة ، فيقال إنها كانت تقوم في الصلاة حتى تفطرت قدماها رضي الله عنها ورحمها ورحم أمها وأباها . عن أنس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " حسبك من نساء العالمين بأربع ، مريم بنت عمران ، وآسية امرأة فرعون ، وخديجة بنت خويلد ، وفاطمة بنت محمد " . قصة حمل مريم بعيسى عليه السلام لما خاطبتها الملائكة بالبشارة لها باصطفاء الله لها ، وبأنه سيهب لها ولداً زكياً يكون نبياً كريماً طاهراً مكرماً مؤيداً بالمعجزات ، فتعجبت من وجود ولد من غير والد ، لأنها لا زوج لها، ولا هي ممن تتزوج فأخبرتها الملائكة بأن الله قادر على ما يشاء إذا قضى أمراً فإنما يقول له كن فيكون ، فاستكانت لذلك وأنابت وسلمت لأمر الله ، وعلمت أن هذا فيه محنة عظيمة لها ، فإن الناس يتكلمون فيها بسببه، لأنهم لا يعلمون حقيقة الأمر، وإنما ينظرون إلى ظاهر الحال من غير تدبر ولا تعقل . وكانت إنما تخرج من المسجد في زمن حيضها أو لحاجة ضرورة لابد منها من استقاء ماء أو تحصيل غذاء، فبينما هي يوماً قد خرجت لبعض شؤونها و{انتَبَذَتْ} أي انفردت وحدها شرقي المسجد الأقصى إذ بعث الله إليها الروح الأمين جبريل عليه السلام {فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً} فلما رأته {قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بالرحمن مِنْكَ إِنْ كُنتَ تَقِيّاً} و التقي هو ذو نهية . { قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيّاً } أي خاطبها الملك قائلاً لست ببشر ولكني ملك بعثني الله إليك لأهب لك ولداً زكيا . { قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ } أي كيف يكون لي غلام أو يوجد لي ولد { و َلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُنْ بَغِيّاً } أي ولست ذات زوج وما أنا ممن يفعل الفاحشة { قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ } فأجابها الملك عن تعجبها من وجود ولد منها قائلاً أنه وعد الله أنه سيخلق منك غلاماً ولست بذات بعل ولا تكونين ممن تبغين { هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ } أي وهذا أسهل عليه ويسير لديه ، فإنه على ما يشاء قدير. وقوله {وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ} أي ولنجعل خلقه والحالة هذه دليلاً على كمال قدرتنا على أنواع الخلق ، فإنه تعالى خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى، وخلق حواء من ذكر بلا أنثى، وخلق عيسى من أنثى بلا ذكر، وخلق بقية الخلق من ذكر وأنثى . قال تعالى: { وَمَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا }. ذكر غير واحد من السلف أن جبريل نفخ في جيب درعها فنزلت النفخة إلى فرجها فحملت من فورها كما تحمل المرأة عند جماع بعلها. ولما نفخ فيها الروح لم يواجه الملك الفرجَ بل نفخ في جيبها فنزلت النفخة إلى فرجها فانسلكت فيه ، كما قال تعالى : { فَنَفَخْنَا فِيهِ مِنْ رُوحِنَا } قال تعالى : { فَحَمَلَتْهُ فَانتَبَذَتْ بِهِ مَكَاناً قَصِيّاً } وذلك لأن مريم عليها السلام لما حملت ضاقت به ذرعاً ، وعلمت أن كثيراً من الناس سيكون منهم كلام في حقها ، فذكر غير واحد من السلف أنها لما ظهرت عليها مخايل الحمل كان أول من فطن لذلك رجل من عُباد بني إسرائيل يقال له يوسف بن يعقوب النجار، وكان ابن خالها فجعل يتعجب من ذلك عجباً شديداً ، وذلك لما يعلم من ديانتها ونزاهتها وعبادتها وهو مع ذلك يراها حبلى وليس لها زوج ، فعرَّض لها ذات يوم في الكلام فقال : يا مريم هل يكون زرع من غير بذر؟ قالت : نعم ، فمن خلق الزرع الأول . ثم قال : فهل يكون ولد من غير ذكر؟ قالت : نعم إن الله خلق آدم من غير ذكر ولا أنثى . قال لها : فأخبريني خبرك . فقالت : إن الله بشرني { اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابن مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنْ الْمُقَرَّبِينَ ، وَيُكَلِّمُ النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنْ الصَّالِحِينَ } . ويروى مثل هذا عن زكريا عليه السلام أنه سألها فأجابته بمثل هذا. والله أعلم . وروى عن مجاهد قال : قالت مريم كنت إذا خلوت حدثني وكلمني وإذا كنت بين الناس سبح في بطني . قال محمد بن إسحاق : شاع واشتهر في بني إسرائيل أنها حامل ، فما دخل على أهل بيت ما دخل على آل بيت زكريا . قال: واتهمها بعض الزنادقة بيوسف الذي كان يتعبد معها في المسجد ، وتوارت عنهم مريم واعتزلتهم وانتبذت مكاناً قصياً .‏




    ولادة عيسى {فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْياً مَنْسِيّاً} أي فألجأها واضطرها الطلق إلى جذع النخلة ، ببيت لحم فتمنت الموت وذلك لأنها علمت أن الناس يتهمونها ولا يصدقونها بل يكذبونها حين تأتيهم بغلام على يدها ، مع أنها قد كانت عندهم من العابدات الناسكات المجاورات في المسجد المنقطعات إليه المعتكفات فيه ، ومن بيت النبوة والديانة فحملت بسبب ذلك من الهم ما تمنت أن لو كانت ماتت قبل هذا الحال أو لم تخلق بالكلية . {فَنَادَاهَا مِنْ تَحْتِهَا} و فى تفسير ذلك قولان : أحدهما أنه جبريل وفي رواية : هو ابنها عيسى { أَلاَّ تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً } . قيل النهر { وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً } فذكر الطعام والشراب ولهذا قال { فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً } . قيل : كان جذع النخلة يابساً و قيل كانت نخلة مثمرة فالله أعلم. ويحتمل أنها كانت نخلة ، لكنها لم تكن مثمرة إذ ذاك ، لأن ميلاده كان في زمن الشتاء وليس ذاك وقت ثمر، وقد يفهم ذلك من قوله تعالى على سبيل الامتنان {تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيّاً} ليس شيء أجود للنفساء من التمر والرطب { فَإِمَّا تَرَيْنَ مِنْ الْبَشَرِ أَحَداً فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ للرحمن صَوْماً فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيّاً }. فإن رأيت أحداً من الناس فقولى له بلسان الحال والإشارة إني نذرت للرحمن صوماً أي صمتاً ، وكان من صومهم في شريعتهم ترك الكلام والطعام { فَأَتَتْ بِهِ قَوْمَهَا تَحْمِلُهُ قَالُوا يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً ، يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيّاً } والمقصود أنهم لما رأوها تحمل معها ولدها قالوا { يَا مَرْيَمُ لَقَدْ جِئْتِ شَيْئاً فَرِيّاً } والفرية هي الفعلة المنكرة العظيمة ثم قالوا لها { يَا أُخْتَ هَارُونَ } و قد ورد الحديث الصحيح الدال على أنه قد كان لها أخ اسمه هارون وليس في ذكر قصة ولادتها وتحرير أمها لها ما يدل على أنها ليس لها أخ سواها . والله أعلم . عن المغيرة بن شعبة قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران فقالوا : أرأيت ما تقرأون : {يَا أُخْتَ هَارُونَ} وموسى قبل عيسى بكذا وكذا ؟ قال فرحت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم " .



  4. #14
    قصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم





    1. اسمه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة وأمه آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب ابن مرة . 2. حمله كانت آمنة تقول ما شعرت أني حملت ولا وجدت له ثقلاً كما يجد النساء ، إلا أني قد أنكرت رفع حيضتي . 3. مولده ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين الموافق 10 من ربيع الأول وكان قدوم أصحاب الفيل . 4. أسماؤه محمد واحمد و الماحي (يمحو به الكفر) و الحاشر (يقدم الناس بالحشر) و العاقب (آخر الأنبياء) ، و نبي الرحمة ، و نبي التوبة ، و نبي الملاحم (الحروب) ، و المقفي (بمعنى العاقب) و الشاهد ، و المبشر، و النذير، والضحوك والقتال ، والمتوكل ، والفاتح ، و الأمين ، و الخاتم ، و المصطفى ، و الرسول ، و النبي ، و الأمي ، و القثم (المعطاء للخير) . 5. مرضعاته أول من أرضعه " ثوبية " بلبن ابن لها " مسروح " أياماً قبل أن تقدم حليمة .. و كانت قد أرضعت قبله حمزة رضي الله عنه ، ثم جاءت حليمة السعدية وأخذته عندها لرضاعته . 6. وفاة والده خرج والد عبد الله إلى الشام في تجارة مع جماعة من قريش، فلما رجعوا مروا بالمدينة وعبد الله مريض ، فقال أتخلف عند أخوالي بني عدي بن النجار ، فأقام عندهم مريضاً شهراً ثم توفى بالمدينة وعمره 25 سنة ، وكان ميراثه خمسة أجمال وقطعة غنم فورث ذلك رسول الله وكانت أم أيمن تحضنه واسمها بركة . 7. وفاة والدته ذهبت أمه به إلى المدينة وعمره ست سنين إلى أخواله بني النجار تزورهم ومعها أم أيمن تحضنه فأقامت عندهم شهراً ثم رجعت فتوفيت " بالأبواء " ولهذا فإنه في عمرة الحديبية قال رسول الله "إن الله قد أذن لمحمد في زيارة قبر أمه" فأتاه فأصلحه وبكى عنده ، وبكى المسلمون لبكائه ، فقيل له في ذلك فقال أدركتني رحمتها فبكيت . 8. صفاته كان رسول الله ربعة ليس بالطويل ولا القصير وليس بالآم ولا شديد البياض ، رجل الشعر ليس بالسبط ولا الجعد يضرب شعره منكبيه . قال أنيس ما مسست حريراً ألين من كف رسول الله ، عظيم الفم طويل شق العين ، مدور الوجه أبيض يميل إلى الاحمرار، شديد سواد العين ، غليظ الأصابع واسع الجبين ، خشن اللحية ، سهل الخدين ، عريض الصدر ، أشعر الذراعين والمنكبين ، طويل الزندين . 9. أولاده أول من ولد له القاسم ثم زينب ثم رقية ثم فاطمة ثم أم كلثوم ثم ولد له في الإسلام عبد الله وأمهم جميعاً خديجة وأول من مات من ولده القاسم ثم عبد الله . كما ورزق إبراهيم من مارية القبطية إلا أنه توفى وعمره ستة عشرة شهراً . 10. من معجزاته ـ القرآن . ـ الإسراء و المعراج . ـ حنين جذع النخلة . ـ تفجير الماء من بين أصابعه . ـ الإخبار بالأمور الغيبية . ـ تسليم الحجر والشجر عليه . ـ الأخبار بالأمور المستقبلية . ـ انشقاق القمر . ـ تكثير الطعام والشراب ببركته . ـ علاجه لأمراض الصحابة بدعائه ومسحه بيده . ـ الاستجابة لدعائه . ـ قتال الملائكة معه . ـ وقد ذكر الشيخ عبد العزيز السلمان في كتابه من معجزات الرسول 194 معجزة يمكنهم الرجوع إليها.








    غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم
    سوف نأتي على ذكرها لاحقاً إن شاء الله




    11. زوجاته خديجة بنت خويلد


    كانت متزوجة من اثنين قبل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ وهي أول من أسلم ، ولقد سلم الله عليها عن طريق جبريل ، ولم يتزوج النبي عليها حتى ماتت ، ومكث معها 24 سنة وأشهر، وكان وفياً لها بعد موتها يبر أصدقاءها ويكثر من الدعاء لها والاستغفار لها كلما ذكرها .

    عائشة بنت أبي بكر الصديق رآها النبي في المنام قبل أن يتزوجها مرتين ، وتزوجها وهي بنت سبع سنين وزفت إليه وهي بنت تسع سنين وتوفى عنها وهي بنت ثماني عشرة سنة ، وكان يلعب معها ويقبلها وهو صائم ، ويدعو لها ، وقالت أنها فضلت على نساء النبي بعشر: أنه لم ينكح بكراً غيرها ولم ينكح امرأة أبواها مؤمنين مهاجرين غيرها ، وأنزل الله براءتها من السماء ، وجاء جبريل بصورتها في حريره ، وكانت تغتسل مع النبي في إناء واحد ، وكان ينزل عليه الوحي وهو معها ، وقبض وهو بين سحرها ومات في الليلة التي كان الدور عليها فيها ودفن في بيتها .




    حفظة بنت عمر بن الخطاب وقد عرضها والدها على أبي بكر حتى يتزوجها فلم يحبه وكذلك على عثمان فلم يحبه فلبث ليالي ثم خطبها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال أبو بكر لعمر فإنه لم يمنعني من خطبتها إلا أني سمعت رسول الله يذكرها ولم أكن لأفشي سر رسول الله ، وقد طلقها النبي ثم راجعها ، وقد توفيت سنة 41 هـ وقد بلغت 60 سنة.

    زينب بنت جحش تزوجها النبي وعمرها 35 سنة ، سنة 3 هجرية وكان قد استخار بها ربه فقال تعالى : (وتخفي في نفسك ما الله مبديه) فكانت زينب تفخر على أزواج النبي وتقول زوجكن أهلوكن وزوجني الله تعالى وكانت تقية وصادقة الحديث وتكثر من صلة الرحم وتكثر من الصدقة ، وتوفيت سنة 20 هـ وصلى عليها عمر بن الخطاب . " أم حبيبة " صفية بنت أبي العاص هاجرت إلى الحبشة مع زوجها فتنصر زوجها ومات ، فتزوجها النبي وهي بأرض الحبشة وأرسل للنجاشي رسول الله وأصدقها النجاشي 400 دينار عن رسول الله وأرسلها النجاشي مع شرحبيل في سنة 9 هـ . وتوفيت سنة 44 هـ .

    زينب بنت خزيمة و تسمى أم المساكين لأنها كثيراً ما تطعم المساكين . و توفيت ورسول الله ـ صلى الله عليه و سلم حي وقد مكثت عند رسول الله ثمانية أشهر . ميمونة بنت الحارث وهبت نفسها للنبي ، قال تعالى : (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبي إن أراد النبي أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) و تزوجها حين اعتمر بمكة وتوفيت سنة 61 هـ .

    جويرية بنت الحارث تزوجها النبي بعد ما اعتقها حيث كانت من سبايا بني المصطلق ، ولقد اعتق الله لها مائة أهل بيت من بني المصطلق فكانت أعظم بركة على قومها وتوفيت سنة 50 هـ .

    صفية بنت حيي وكان أبوها سيد بني النضير وجعل رسول الله عتقها صداقها ، وقد دخل عليها رسول الله وهي تبكي فقالت له حفصة وعائشة ينالان مني ، يقولان نحن خير منك نحن بنات عم رسول الله ، فقال لها النبي ألا قلت لهن كيف تكن خيراً مني وأبي هارون ، وعمي موسى وزوجي محمد ، وتوفيت سنة 50 هـ .

صفحة 2 من 2 الأولىالأولى 12

المواضيع المتشابهه

  1. دعاء الأنبياء
    بواسطة رغد قصاب في المنتدى فرسان الأدعية
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 05-30-2017, 05:41 AM
  2. قتل الأنبياء
    بواسطة حسن العجوز في المنتدى فرسان الإسلام العام
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 04-08-2015, 11:32 PM
  3. 2 / 3 المفاضلة بين الأنبياء
    بواسطة د. عيد دحادحة في المنتدى فرسان السيرة النبوية
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 11-08-2014, 02:40 AM
  4. مهن الأنبياء
    بواسطة راما في المنتدى - فرسان أدب الأطفال
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 07-21-2013, 06:13 PM
  5. كثير من الأنبياء
    بواسطة noureldens في المنتدى فرسان التجارب الدعوية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 09-07-2006, 03:30 AM

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •