والله أجدها وجهة نظر تستحق التوقف.ولكننا لن نستطيع منع العقول عن البحث ..فكيف يكون؟
*************
خشان خشان
أستاذي الكريم
الموضوع الذي تفضلت به واسع وتناوله ممتع ويتطلب علما وفكرا كما انه يتطلب وقتا وتركيزا - هو جدير بهما - أتمنى ان يتاحا لي.
الفقرة التالية لدي موضوع يتعلق بها ولذا رأيت أن أعرضه عليك.
اقتباس : .لقد تم إهمال الكثير من الأساسيات الإيقاعية بسبب الإعتماد على الساكن والمتحرك فقط ، مثلا : إهمال المد نقول في العروض ( لا) سبب خفيف تساوي (قلْ) مع أن الفرق بينها كبير بسبب إمكانية إطلاق المد في (لا)،،
الموضوع بعنوان ( ثغرة العروض ) أقتطف منه :
عن ابن جني: "وعلى ذلك قال أبو إسحق لإنسان ادعى له أنه يجمع بين ألفين وطوّل الرجل الصوت بالألف فقال أبو إسحق لو مددتها إلى العصر لما كانت إلا ألفا واحدة " ومفهوم أنه يعني باعتبار الوزن.
والموضوع على الرابط :
https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/thaghrah
والله يرعاك.
رد جديد للريماوي:
القدير خشان خشان /القديرة ريمه الخاني
كل الشكر والتقدير لاهتمامكم ، وعمق فهمكم ، وأتفق معكم كثيرا فيما أوردتموه من ملاحظات بإطارها العام ، ولكن تبقى هنالك بعض التفصيلات المهمة – في رأيي – يجب التحدث عنها ،
أسمحوا لي أولا ، بتمهيد مهم لإثارة مناطق مفصلية للحوار وهو حول نهج الخليل في تأسيس علم العروض ، وطرق استنتاجاته ، وذلك ما دأب (الرقمي) على توضيحه ، وأعتقد أنه نجح في ذلك كثيرا ، لذلك أتمنى ملاحظات القدير خشان خشان ورأيه هنا
أفترض أن الخليل – وهو عالم في اللغة ، الموسيقا ، والرياضيات – قد بدء كما يلي
1 استقراء الشعر الذي كان موجودا في ذلك الوقت ، محددا بداية أطول جملة مفترضة للشطر الشعري ، ولنفترض أنها 36 حرفا ، وافترض بعد ذلك المتغيرات الأساسية في شكل هذه الجملة الشعرية ، وهما الساكن والمتحرك ، بهذه المعلومات الأولية يمكن وبطريقة حسابية بسيطة معرفة عدد الاحتمالات الممكنة ( افتراضيا ) بتشكيل جملة مكونة من 36 حرفا وبتغيير أماكن السواكن والمتحركات في كل مرة
= 36!(مضروب) / 36-2 ، وهو عدد ضخم جدا
2 بدء بحذف الاحتمالات التي لا تجيزها اللغة ، ويستحيل أن تتحق عمليا ، على سبيل المثال لا الحصر ، احتمال أن يلتقي ثلاثة أو أربعة سواكن ، احتمال أن يبدأ بساكن ، أو احتمال أن يلتقي سبعة متحركات ، ..الخ ، فقلّص العدد الضخم إلى أكثر من النصف
3 بعد ذلك قام بعملية ، فلترة ، لتقسيم الاحتمالات الباقية ، واستنادا على التجربة الشعرية الراهنة في ذلك الوقت ، إلى احتمالات معتبرة ، احتمالات مهملة ، وربما احتمالات شاذّة ، وبالتالي قلّص عدد الاحتمالات إلى أكثر من النصف مرة أخرى
4 قام بتجميع الاحتمالات المعتبرة المتشابه في مجموعات ، وسمّى كل مجموعة ببحر ، والبحر من اسمه ، له حدود معروفة و بداخله تشكيلات مختلفة ، وهذه العملية في التجميع هي بتأكيد لا تأتي إلا من شخص له معرفة واسعة بالموسيقا ، فكان الأساس المعتمد في التجميع ؛ هو أن التشكيل الوزني الأساسي لا تتغير موسيقاه ضمن مدى معين من تغير السواكن والمتحركات ، في هذه المرحلة لم يقلّص الخليل الاحتمالات المعتبرة وإنما جمّعها ليسهل وصفها
5 قام بعد ذلك كما في الخطوة السابقة ، بتجميع السواكن والمتحركات في أسباب وأوتاد وفواصل ، وقام بتجميع الأسباب والأوتاد والفواصل في تفاعيل ، وذلك، لسببين – في رأيي- أولا : التوضيح والتفهيم لما قام به في الخطوة السابقة (البحور)، فظهرت مصطلحات كثيرة كازحاف والعلة وغيرها ، ثانيا : لقد تعمّد الخليل التفصيل في هذه النقطة للإثبات المنطقي لوجهة نظره في إيجاد نظام متكامل ، فلم يترك سؤلا ممكنا من الآخر إلا وأجاب عليه مسبقا
6 قام بتدوير البحور ، في خطوة أعتقد أنها مهمة جدا لاكتمال بناء عروض الخليل ، والفكرة ببساطة تستند على ما يلي :
** نقل أقل عدد ممكن من السواكن والتحركات بما يتوافق مع أحكام اللغة من بداية شطر البحر وإضافتها إلى نهاية شطر البحر في المرة الأولى ، ومن ثمّ تكرار ذلك بخطوات متسلسلة بحيث تكون كل خطوة مستندة على ما سبقها ، حتى تكتمل الدائرة ونعود إلى الخطوة الأولى التي تم البدء من هنا ، ولهذا تحديدا سميت دوائر
** إهمال ما تشكل من بحور غير معتبرة في هذه الدائرة ، وتثبيت البحور المعتبرة ، في تصنيف واحد يسمى دائرة
** تم تثبيت بحور جديدة نشأة من هذه الدوائر لاعتبارات تذوقية ، مع أن هذه البحور لم تكن معتبرة لقلة شيوعها أو لعدم وجودها أصلا ، وهي الهزج والمجتث والمقتضب ، والمتدارك لاحقا ،
أعتقد هنا أن الفائدة التي جاءت بها هذه الخطوة هي تسهيل دارسة التجانس الموسيقي للبحور داخل الدائرة الواحدة ،والتعويض عن احتمال عدم اكتمال المعلومات الخام ، بالتفكير النظري ؛ أي وضع احتمال عدم قدرة الخليل للوصول إلى كل التجرية الشعرية العربية في ذلك الوقت بسبب تواضع وسائل الاتصال ؛ و التعويض عن ذلك بالاستنتاج النظري ، فما كان يقصده الخليل بتثبيت بحور دون وجود تجربة تذكر للكتابة عليها ، هو أن هذه البحور هي مقبولة عند الذائقة العربية ، فربما تكون هنالك أشعار نسجت عليها ولم تصله ، أو وحتى لو لم يكن ذلك ، فإن الكتابة عليها لا ضير فيها لأنها تتوافق مع الأذن العربية
فما كان هنا من وصف يدل على مدى متانة بنية علم العروض ومدى المعرفة والمعق التي كان يتمتع بهما الخليل ، وأعتقد أن (الرقمي) جاء لإثبات وتوضيح هذه النقاط تحديدا ، عبر الاستغناء عن جزء من الخطوة 5 في التوصيف أعلاه ، لتأكيد على فكر الخليل ونهجه ، أكثر من التمسك بالتفاعيل كبؤرة أساسية لوصف الوزن ، وهنا وفيما يتعلق بالعوامل الأخرى المتعلقة بموسيقا الشعر كالفرق بين السكون والمد ، أو النبر – على اختلاف وجهات النظر فيه - ، أو علاقة الشكل بالمعنى ، فلا أفترض ، بل وأجزم بنفي أن الخليل لم يتلفت إلى ذلك ، فكل المؤشرات الموضوعية ، التي تدلل بوضوح على سعة اطلاع الخليل وعبقريته ، تنفي بشكل قطعي ، أنه لم ينتبه إلى ذلك ، إنما الواضح أن الخليل كان يسعى وبشكل حثيث نحو نموذج متكامل يستطيع استيعاب الشكل الشعري لديوان العرب ويستطيع وصفه ، واعتماد قواعد ثابتة تمثل ذلك ، وهذا يتطلب بالطبع تحديد المتغيرات بحدود قصوى لا يمكن الخروج عنها ، هذه الحدود القصوى تمثل حدود النظام المفترض ؛ وعندما درس الخليل البنية الشكلية للشعر العربي وجد أن المتغيرات المثالية التي يمكن دراسة تأثيرات تغيراتها وتحديد حدود قصوى لها ، هي الساكن والمتحرك ، ووجد أنه يستحيل ضبط أو ستكشاف نظام محدد لتوضيح وتفسير العوامل الأخرى ، فهي من التنوع بما يكفي للقول أن لكل شاعر خصوصيته في تناولها
بعد كل هذه المقدمة ، واستنادا عليها أتمنى من المهتمين مساعدتي في الاجابة على الكثير من الأسئلة منها :
بافتراض صحة ما تقدم
1 تواضع وسائل الاتصال ، وضخامة الناتج الشعري في ذلك الوقت ، هل يعني احتمال وجود تشكيلات إيقاعية معتبرة لم تصل للخليل أو وصلته بشكل قليل جدا لدرجة اعتبارها مهملة ؟واعتبار المتدارك مهملا عند الخليل ومعتبرا عند الأخفش ألا يدلل على ذلك ؟
2 إن المعروف من الشعر هو من حوالي 300 سنة قبل الإسلام ، ألا نجد بالضرورة المنطقية وجود شعر ما قبل ذلك ؟ ألا نجد بالضرورة المنطقية ، لوجود تطور ما للقول الشعري حتى وصوله للشكل المعروف هذا ؟ و إذا كان كذلك ألا نجد بالضرورة المنطقية – أيضا – استمرار هكذا تطور ؟ بمعنى ما المعامل الموضوعي الذي يقول بثبوت ذائقة العرب لشكل الشعر قد تحدد وتوقف بظهور العروض ؟
3 ألا يعني وجود قصائد – وإن كانت شاذة – معتبرة عند العرب ، كمعلقة عبيد ابن الأبرص ، بأن ذائقة العرب قد تقبلت ما هو خارج عن عروض الخليل ؟
4 ألم يؤثر العروض في ذائقة العرب؟ باعتباره نظاما محكما في بنيته ، وباعتبار المكانة العالية لصاحبه ( الخليل ابن أحمد الفارهيدي ) ، وإذا كان هنالك تأثير فهل هو سلبي أم أيجابي ؟
5 هل يمكن قياس الظواهر الإنسانية بنظم نموذجية غير قابلة للتطور ؟ وبالتالي هل يمكن اعتبار الذائقة مفهوما مثاليا مطلقا وثابتا، وبشكل خارج عن حدود الزمان والمكان
أتفهم وأقتنع كثيرا بالقاعدة المنطقية التي تقول " عدم الرضى بأمر ما يتطلب تقديم بديل " ، وتلك كانت إحدى جمل أستاذنا القدير خشان خشان ، عندما تشرفت بلقائه بعمان / الأردن ، وأنا مقتنع بذلك كثيرا ، ولكني أيضا أفترض أن البديل ليس عليه بالضرورة أن يكون بذات المنهجية ، وأيضا ليس القول بوجود بدائل يعني بالضرورة عدم الرضى عن الأمر ، بل وأرى أن الظاهرة يمكن وصفها بأكثر من طريقة من خلال أكثر من زاوية ، تماما كحقيقة أن كل نقطة على مستوى الزمكان هي مركز افتراضي لعدد لانهائي من الأشكال الكروية .
تقديري الكبير
هيثم الريماوي