منذ تفجر تلك الحركات التغييرية عاد إلى الساحة السياسية والفكرية الصراع القديم الجديد حول نوع النظام السياسي الذي يصلح للحكم في بلادنا، فمن مطالب بنظام علماني على اعتبار أنه أفضل ضمانة للمساواة في حقوق المواطنة لجميع أبناء القطر على اختلاف طوائفهم ومعتقداتهم الدينية، إلى مطالب بنظام ديني ودولة دينية إسلامية، إلى مطالب بدولة إسلامية تتفاوت في مدى مدنيتها أو العكس بدولة مدنية تتفاوت في مدى دينتيتها إن صح التعبير. والبعض اعتبر أن العلمانية ليست ضد الدين وذهب البعض إلى أن الإسلام أول من أسس العلمانية الحقيقية، ومثل هذا إما أنه أسلوب خبيث لتضليل الشباب والجماهير عن حقيقية العلمانية للدين وخاصة الإسلام، أو أنه جهل بحقيقة العلمانية وظروف نشأتها في الغرب ...إلخ، وجاء أخيراً السيد طيب رجب أردوغان ليفجر قنبلته ويدعو أقطارنا إلى إقامة أنظمة علمانية، وما تفجر بعدها من اتهامات من البعض عن مدى ارتباط أردغان وتركيا بالمصالح الصهيونية الغربية، وأن حزب العدالة والتنمية -الإخوان المسلمون- في تركيا يلعب دور العراب لتلك المصالح في وطننا! وليس موضوعي الدفاع أو الهجوم على الدور التركي؛ ولكن أوضح موقفي الثابت منه منذ سنوات وقد طرحته في كثير من الحوارات هنا في مراكز دراسات رداً على مَنْ يهاجم حزب العدالة والتنمية التركي أو تصحيحاً لمَنْ يدعو لأن يكون مثلاً وقدوة للأحزاب الإسلامية في بقية أقطار الوطن وخاصة العربية منها، وهو:
أن لتركيا خصوصيتها وظروفها الخاصة منذ أن حاول أن يفصلها أتاتورك وتلامذته الأوفياء لنهجه العلماني المعادي للإسلام والمسلمين عن دينها ومحيطها الإسلامي، ولذلك يجب أن يكون للإسلاميين في تركيا تجربتهم الخاصة التي هم أدرى بصلاحيتها لواقعهم العلماني ولتفادي الصدام المبكر مع حراس العلمانية من قادة الجيش والفكر العلماني وأجهزة المخابرات الصهيونية والغربية المتغلغلة في كل مؤسسات وأجهزة الدولة التركية ومتحالفة معها ضد الأمة والدين، وأنه يجب علينا ألا ننتقد نهجهم الذي يختارونه بما يتناسب وواقعهم السياسي والأمني من خلال تجربتهم وآخرها ما حدث مع الزعيم الإسلامي أربكان ومحاكمته وسجنه وقد فاز برئاسة الوزراء، ولكن أن يدعو البعض أو يدعو هم إلى انتهاج تجربتهم ونهجهم في وطننا فذلك خطأ وقلة وعي باختلاف الواقع والتجربة، وإن كان ذلك لا يعني ألا يستفاد من تجربتهم بما يتوافق مع خصوصية تجربتنا في أقطارنا العربية ولكن لا يكون استنساخ لتجربتهم!.


يُعرف معجم ويبستر الشهير العلمانية: بأنها "رؤية للحياة أو أي أمر محدد يعتمد أساساً على أنه يجب استبعاد الدين وكل الاعتبارات الدينية وتجاهلها"، ومن ثم فهي نظام أخلاقي اجتماعي يعتمد على قانون يقول: "بأن المستويات الأخلاقية والسلوكيات الاجتماعية يجب أن تُحدد من خلال الرجوع إلى الحياة المعاشة والرفاهية الاجتماعية دون الرجوع إلى الدين".
وتقول دائرة المعارف البريطانية مادة (Secularim): "هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس وتوجيهم من الاهتمام بالآخرة إلى الاهتمام بهذه الدنيا وحدها".

هكذا وضحت معي الرؤية فعلا فاعذر قراءتي السريعة للنص.
طيب هل أفهم من هذا ان مبدا فصل الدين عن الدولة من ثمار العلمانية الغربية؟
وإذا مادمت ذكرت ان الأمر ليس بجديد في الإسلام فهل من الممكن توضيح الفرق بعيدا عن التجربة التركية التي قلبتها حسب أردوغان واتاتورك بطريقتهم السياسية الخاصة فنحن نريدها حسب ذكرك لها إسلامية خالصة فكيف تكون.
وشكرا لك