العاطفة العربية و"العقلانية" الغربية : هل تفعلها قطر؟!!
(السعودية إلى الشورى والأسترالية إلى الخطوط الأولى!!) هل سبق لأحدكم أن شعر بأن قضية ما تتحرش به؟ ... وعندما ينظر إليها (شزرا) – ليرهبها – تبتسم له،ببراءة تجعله يشك في أنه هو المخطئ؟!!!
لقد حصل ذلك معي .. في هذه القضية التي لا ينتهي الجدل فيها .. ولن ينتهي ... ويبدو أننا سوف نكرر نفس الحجج،ونتلقى نفس الردود – إن تلقينا ردودا أصلا – فندور في نفس الدائرة .. لنصرخ في النهاية بنفس العبارات التي صرخ بها عالم في عهد سنوسريت الثاني،حوالي سنة 2150 قبل الميلاد ...
(أن كل ما يمكن أن يقال قد قيل من عهد بعيد،(..) الأديب لم يبق له ما يقوله إلا التكرار. وقال في أسى وحسرة: ( ألا ليتني أجد ألفاظا لم يعرفها الناس، وعبارات وأقوال بليغة جديدة لم ينقضي عهدها، وليس فيما تلوكه الألسن أقوال لم تصبح تافهة مملة، ولم يقلها آباؤنا من قبل ).
نعم من لنا بحجج لم تقل من قبل؟!!
من عادتي حين أكتب أن أعتني بالتوثيق .. وربما أسعى نحو الحوار العقلي .. لكن ذلك – تقريبا – يخص مرحلة إعداد (الطبخة) أما بعد أن يجهز الطعام .. فمن العبث الحديث عن أهمية هذا (التابل) – هل "التوابل"جمع تابل؟ - أو ذاك؟ كما أنه لا أهمية للحديث عن فوائد نوع من الخضار .. أو مضاره .. أو لذته .. وقد استوت (الطبخة) وضرب فيها بالملاعق!!!
قبل الولوج إلى الموضوع ... لابد من الشجب والتنديد والاستنكار .. لمن علق على موضوع التحاق النساء السعوديات بمجلس الشورى،والمجالس البلدية .. بأن أم شويش (صاحبة بسطة) سوف ترشح نفسها ...
أم شويش،تستحق أن نقف احتراما لها .. تلك الكادحة التي تأكل من عرق جبينها .. متلفعة بحجابها حتى في لهب أغسطس .. ومثلها لا (يعين) في مجالس الشورى،ولا في المجالس البلدية ... فقد تركت ذلك للمترفات .. الغنيات أصلا عن (العمل) أو عن عائده المادي.
لا تشبه قضية المرأة،شيئا كما تشبه (المد والجزر) ... فهي مرة (إمبراطورة) .. ومرة تعقد المؤتمرات للبحث حول (ماهيتها) – مؤتمر سنة 586م - هل لها روح مثل الرجل؟ هل ستدخل الجنة أم ستفنى بعد انتهاء مهمتها،في خدمة الرجل؟!!!!!!!
(تخترع) فتجد من يندم على ذلك!!!
(وتقول الأقاصيص الصينية أن أول من صور بالألوان في الصين امرأة تسمى لي وهي أخت الإمبراطور الصالح شوين. وقد ساء ذلك أحد الناقدين فقال: ( مما يؤسف له أشد الأسف أن يكون هذا الفن القدسي من اختراع امرأة).
يكون حضورها طاغيا،في إحدى الفترات،ثم مختفية في فترة أخرى !!!!!!!!( من الأمور التي لا تقل دهشة الإنسان منها عن دهشته من أي شيء آخر في هذه الحضارة، أنها ازدهرت من غير أن يكون لها عون أو حافز من المرأة . لقد قام عصر الأبطال، بفضل معونة النساء، بجلائل الأعمال وبهذه المعونة أنتج عصر الطغاة روائع الشعر الغنائي، ثم اختفت النساء المتزوجات من تاريخ اليونان بين يوم وليلة، كأن الأقدار أرادت أن تدحض حجة القائلين بأن ثمة ارتباطا بين مستوى الحضارة في بلد ما ومركز المرأة فيه . فبينا نرى المرأة في تاريخ هوريدوت في كل مكان، إذ لا نراها في تاريخ توكيديدز في أي مكان، ونرى الأدب اليوناني من سمنيدز الأمرجوسي، إلى لوشان يكرر أخطاء النساء تكرارا تشمئز منه النفس، وفي آخر هذا العصر يكرر فلوطارخس الرحيم نفسه قول توكيديدز: ( يجب أن يحبس اسم السيدة المصونة في البيت كما يحبس فيه جسمها ص 117 ) ويقول في مكان آخر : ( إن سمعة المرأة إنما تقوم على امتناع الرجال عن ذكرها بالخير أو بالشر قدر المستطاع )
في وقت من الأوقات، كانت المرأة تتمتع بقسط وافر من الحرية (في الفترة من 322 إلى 146 ق.ب) كن .. (يتمتعن بقسط وسع من الحرية في غدوهن ورواحهن،ويبعثن في الرجال الميل إلى الظرف والرشاقة،فأخذوا يحلقون لحاهم،وخاصة في بيزنطة و رودس،حيث كانت القوانين {من قبل} تحرم هذا العمل وتعده تشبها بالنساء).
ولكن بعد ذلك،هاجمهن ..
( ثاوفراسطوس في أثناء زعامته العلمية التي دامت أربعا وثلاثين سنة ( 322- 288 ) ميادين علمية كثيرة، ونشر بحوثه في أربعمائة مجلد تكاد تعالج كل موضوع من الحب إلى الحرب، وقد شدد النكير على النساء في رسالته ( الزواج ) فردت عليه لينتيوم حظية أبيقور برسالة غزيرة المادة، شديدة الوقع عليه، فندت فيها آراءه ).
وفي حدود سنة 1142م ...
( حاصر جيس آل هوهنستاوفن العصاة البافاريين في بلدة ويزبرج وقلعتها. ( ..) وتقول القصص الظريفة أنه لما قبل الساوبيون المنتصرون استلام المدينة على أن يؤمن النساء وحدهن من القتل، وأن يسمح لهن بمغادرتها ومعهن كل ما يستطعن حمله، خرجت النساء القويات الأجسام يمشين وهن يحملن أزواجهن على ظهورهن).
لكن الجد - في مطالبة المرأة بحقوقها - بدأ .. سنة 1791م،عندما نشرت الفرنسية أولمب دو غونج،إعلان حقوق المرأة والمواطنة،ثم تلتها الإنكليزية ماري ولستنكرافت،عام 1792 م،فألفت كتابها ( أحقية حقوق المرأة). .. (من هذا الكتاب تفرعت سلسلة من الكتب والرسائل والكراريس في الدعوة لتحرير المرأة،وتبنى الموضوع كثير من رجال الفكر وعلى رأسهم جون ستيوارت ميل (..) انصب النضال على هدفين،الأول إعطاء المرأة حقها في فلوسها والثاني إعطاؤها حقها في صوتها الانتخابي،تحقق الهدف الأول في سلسلة من التشريعات جعلت المرأة الأوربية مماثلة للمرأة المسلمة لحق التملك ..).
ظل (الرجل) يماطل ... لكن الحرب العالمية الثانية،كانت حاسمة،بسبب الأعداد التي فنيت من الرجال،فاحتاجوا لليد العاملة ... (وفي بضعة أيام تغير وجه باريس. إذ أنهم أحاطوا الأوابد بأكياس من الرمل،حماية لها،وطلوا باللون الأزرق زجاج المنازل. وفي كل مكان تجد نساء بعمرة (كسكيت) مزينة بشرائط،وساعد،حللن محل الرجال. فهن شرطة السير،وعمال بريد،وجباة باصات،ورؤساء محطات،وسائقات شاحنات ثقيلة. ).
هذا عند قيام الحرب،ولكن بعد انتهائها- وعلى مستوى أوربا كلها – كانت الحاجة ماسة لليد العاملة .. أكثر من حاجتها لـ (المنظرات) القابعات على مكاتبهن .. فكان لابد من خطوتين .. لجر المرأة إلى (المصنع) و(المعمل)
( فالانقلاب الصناعي يعمل على تأجيل سن الزواج، ويتطلب ( حرية) المرأة، وأعني بذلك أن المرأة لا يمكن إغراؤها بالعمل في المصنع إلا إذا اقتنعت بأن الدار سجن، وأجاز لها القانون أن تدخر كسبها لنفسها)
يثير (زرق العيون) دهشتي .. فقد استغلوا – رغم أنهم في حاجة للمرأة - رغبة المرأة في الخروج من "السجن"،والحصول على المال .. فمنحوها راتبا أقل من الرجل،حتى لو كانت تحمل نفس المؤهل،وتعمل نفس عدد ساعات العمل!! وهذا ظلم واضح .. العجيب أن (العدل) كان يقتضي – بحكم وجود أدوار أخرى للمرأة – أن يتم تكليفها بعمل أقل،مقابل راتب أقل .. بطبيعة الحال،قبلت المرأة وصبرت – والصبر جزء من تركيبتها،فيما يبدو – وظلت فجوة فروق المرتبات تضيق،ولعلها اختفت .. أو كادت.
المهم في الأمر .. أننا نرى (رزق العيون) لا يعملون شيئا هكذا دون تدرج .. ولعله من المصادفات العجيبة،أن تعلن أستراليا، يوم أمس – بثت الخبر الـ بي بي سي،27/9/2001م – خبر الدفع بالنساء المجندات إلى الخطوط الأمامية،أي إلى ساحات القتال .. وقد ذكر وزير الدفاع أن الأمر سوف يحتاج إلى خمس سنوات .. قد لا يكون من المهم أن نشير إلى أن بعض (الرجال) يتجنبون الذهاب إلى الخطوط الأمامية،مؤثرين "السلامة" .. ولكن المرأة"المحرومة" سوف تكون سعيدة بهذا القرار .. كما سعدت بالحصول على راتب أقل من الرجل!!!
أما في الشرق (العاطفي) فالأمور تحصل "فجأة".. نجد في دولة تحرم المرأة من التصويت .. ثم فجأة تستوزرها .. وقد تستوزرها قبل السماح للنساء بالتصويت!!! .. مع أن (التصويت) حق للمرأة،ما دامت الدولة – أي دولة – قد جعلت صناديق الاقتراع وسيلة لإدارة البلد ..
في الغرب ... لم يكونوا متسرعين في وضع النساء على هرم السلطة .. أمريكا – بلد المهاجرين،أي الأكثر تحررا،من قيود الماضي،الذي لا وجود له أصلا – لم تضع حتى الآن امرأة على سدة الرئاسة!!!!! حتى على مستوى وزيرات الخارجية لا نجد الكثير من الأسماء النسائية – بل إني لا أتذكر اسما قبل (ما دلين أولبرايت) ثم (رايس) وأخيرا (هيلاري) – كما لا نجد ،في أوربا،كثيرا من (رئيسات الوزراء) – خصوصا في الماضي – فلا أتذكر غير المرأة الحديدية في بريطانيا ... وأخرى فرنسية – نسيت اسمها – لم تعمر،على الكرسي،طويلا،وخرجت بفضيحة على ما أذكر !!!
أما الدول الشرقية ... فهناك (إنديرا غاندي) و(كرزون أيكنو) ( بي نظير بوتو) .. والشيخة حسينة .. والشيخة لطيفة!!!
الشرق العاطفي باب الاحتمالات مشرع على مصراعيه .. قد تُجبر المرأة على تغطية وجهها .. وغدا ربما يُسمح لها بارتداء (المايوه)!!!
لذلك تساءلت – على رأس على هذه الأسطر – هل تفعلها قطر - وهي أم العجائب - : وتضع امرأة (شيخة) على "عرش" البلاد .. الشيخة(موزة) أو غيرها؟ (دون علامات تعجب).
من يدري؟!
نرجو غدا وغد كحاملة .. في الحي لا يدرون ما تلد

أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي – المدينة المنورة في 30/10/1432هـ