الأستاذ الدكتور عيد دحادحة المحترم
السلام عليكم ورحمة الله
لطيفةٌ قيِّمة، وإشارةٌ موفَّقة؛ إنها القدوة.
لقد عَني الإسلام عناية فائقة بمسألة تكوين القدوة أكثر من عنايته بنشر الفكرة، ذلك أن الإنسان -بشكل عام- مفطورٌ بطبعه على التأثُّر بالمجسَّد أكثر من تأثُّره بالمجرَّد؛ لأن المجسَّد (المثال) يبعث في النفس الطمأنينة إلى صحَّة الفكرة المدعو إليها وإمكان تطبيقها.
لذلك نرى أن الله تبارك وتعالى قد اختصَّ النبي الأكرم عليه الصلاة والسلام –كما الأنبياء جميعاً- بالتأهيل قبل التكليف ليكون قادراً على تحمُّل الفكرة، ومن ثمَّ ليكون قادراً على تكوين القدوة؛ وهذا ما عبَّرت عنه السيدة عائشة رضي اللهعنها حين سألها سعد بن هشام عن خُلُقه صلى الله عليه وسلَّم فقالت: "كان خُلُقه القرآن".
ثمَّ زاد هذا الحبيب المصطفى على ذلك بأن تجاوز مرحلة "القدوة" ليصل إلى مرحلة "الأسوة"، ومعلومٌ أن القدوة هو من يُتَّبع عن قناعة، أما الأسوة فهو من يُتَّبع عن قناعةٍ وحبٍّ.
إن هذا يقودنا بضرورة واقع الحال -كما أشارت إلى ذلك الأستاذة الكريمة ريمة الخاني- إلى مسألة تكوين القدوة، وبالتالي إلى مسألة العلاقة بين الإنسان والقرآن: فهماً وتدبُّراً وتحقُّقاً. فهل فهمنا للقرآن الكريم صالحٌ لتدبُّره وصولاً للتحقٌّق به؟
أشكركَ جزيل الشكر د, عيد على إثارة هذه القضية من خلال طرحك لهذه اللطيفة البديعة.
وتقبَّل خالص تقديري ومودتي.