تابع لما قبله
9- مَتى: ظرفٌ للزمان، مبني على السكون.
وهو يكون اسمَ استفهامٍ، منصوباً محلاً على الظرفيّة، نحو: (متى جئتَ؟)، ومجروراً بإلى أو حتى، نحو: (إلى متى يرتَعُ الغاوي في غيَّه؟ وحَتّى متى يبقى الضّال في ضلالهِ؟).
ويكونُ اسمَ شرطٍ، نحو: (متى تُتقنْ عملَكَ تبلغْ أملَكَ).
ومتى تضمّنت (متى) معنى الشرط لَزِمتِ النصبَ على الظرفية، فلا تُستعملُ مجرورةٌ.
10- أينَ: ظرفٌ للمكانِ، مبنيٌّ على الفتح.
وهو يكونُ اسمَ استفهامٍ، منصوباً على الظرفيّة، فَيُسأل به عن المكان الذي حلَّ فيه الشيءُ، نحو: (أينَ خالدٌ؟ وأينَ كنتَ؟). ومجروراً بمن، فيُسألُ به عن مكانِ بُروزِ الشيءِ، نحو: (من أَينَ جِئتَ؟)، ومجروراً بإلى، فيُسألُ به عن مكان انتهاءٍ الشيءِ. نحو: (إلى أينَ تذهبُ؟).
ويكونُ اسمَ شرطٍ. وحينئذٍ يَلزَمُ النصبَ على الظرفيّة، نحو: (أينَ تَجلسْ أجلسْ) وكثيراً ما تلحقُهُ (ما) الزائدةُ للتّوكيد، نحو: {أينما تكونوا يُدرِكُكُمُ الموتُ}.
11- هنا وثَمَّ:
اسما إشارةٍ للمكان. فهُنا: يُشار به إلى المكان القريب وثَمَّ: يُشار به إلى البعيد. والأول مبني على السكون. والآخرُ مبنيّ على الفتح. وقد تلحقُهُ التاءُ لتأنيث الكلمة، نحو: (ثَمَّةَ). ومَوضعُها النصبُ على الظرفية. وقد يُجرَّان بمن وبإلى.
12- حيثُ:
ظرفٌ للمكان، مبنيٌّ على الضمِّ، نحو: (إجلِسْ حيثُ يجلسُ أهلُ الفضلِ)، ومنهم من يقول، (حَوْثُ).
وهي ملازمةٌ الإضافةَ إلى الجملة. والأكثرُ إضافتُها إلى الجملة الفعليّة، كما مُثِّلَ. ومن إضافتها إلى الاسميةِ أن تقولَ: (إجلِسْ حيثُ خالدٌ جالسٌ). ولا تُضاف إلى المفردِ. فإن جاءَ بعدَها مفردٌ رُفعَ على أنهُ مبتدأ خبرُهُ محذوف، نحو: (إجلسْ حيثُ خالدٌ)، أي: (حيث خالدٌ جالس).
وقد تُجرُّ بمن أو إلى، نحو: (إرجِعُ من حيثُ أتيتَ إلى حيثُ كنتَ). وأقلُّ من ذلك جرُّها بالباءِ أو بفي.
وإذا لحقتها (ما) الزائدة كانت اسمَ شرطٍ، نحو: (حيثُما تذهبْ أذهبْ).
13- الآن:
ظرفُ زمانٍ للوقت الذي أنت فيهِ، مبني على الفتح. ويجوز أن يدخلهُ من حروفِ الجرَّ (من وإلى وحتى ومُذْ ومُنذُ)، مبنياً مَعَهنَّ على الفتح. ويكون في موضعِ الجرِّ.
14- أمسِ:
له حالتان: إحداهما أن تكون معرفةً، فتُبنى على الكسر، وقد تُبنى على الفتح نادراً. ويُرادُ بها اليومُ الذي قبلَ يومكَ الذي أنت فيه، نحو: (جئتُ أمسِ). وتكونُ في موضع نصب على الظرفيّة الزمانية.
وقد تخرجُ عن النصب على الظرفية، فتجرُّ بمن أو مُذْ أو منذُ. وتكونُ فاعلاً أو مفعولاً به أو غيرَهما. ولا تخرجُ في ذلك كلهِ عن بنائها على الكسر قال الشاعر:
أَلَيْومَ أَعلمُ ما يَجِيءُ بهِ
وَمَضى بِفَصلِ قَضائهِ أَمْسِ
ومن العرب من يُعربها إعرابَ ما لا ينصرفُ وعليه قولهُ:
إني رَأَيتُ عَجَباً مُذْ أَمْسَا
عَجائِزاً مِثْلَ السَّعالِي خَمْساً
وقول الآخر:
اعتَصِمْ بالرَّجاءِ إِنْ عَنَّ يَأسُ
وَتَناسَ الَّذي تَضَمَّنَ أَمْسُ
ومنعُها من الصّرف هو للتعريف والعَدْل، لأنها معدولةٌ عن الأمس. كما أنَّ (سحَرَ) معدولٌ عن السَّحَر. كما سبقَ في إعراب ما لا ينصرف.
والحالةُ الثانيةُ أن تدخلَ عليها (أل)، فتُعرَبُ بالإجماع، ولا يُرادُ بها حينئذٍ أمس بعينهِ، وإنما يُرادُ بها يومٌ من الأيام التي قبل يومك. وهي تتصرّفُ من حيثُ موقعُها في الإعراب تَصرُّفَ (أمس).
15- دُون:
ظرفٌ للمكان. وهو نقيضُ (فوْق)، نحو (هو دونَه)، أي: أحُّط منه رتبةً، أو منزلةً، أو مكاناً. وتقولُ: (قعدَ خالدٌ دونَ سعيدٍ) أي: في مكانٍ مُنخفض عن مكانه. وتقولُ: (هذا دُونَ ذاك)، أي: هو مُتسفّلٌ عنه.
ويأتي بمعنى (أمام) نحو: (الشيء دونَك)، أي: (أمامَكَ) وبمعنى (وراءه)، نحو: (قعدَ دُونَ الصَّفِّ)، أي: وراءَه. وهو منصوبٌ على الظرفيةِ المكانيّة، كما رأيتَ.
وقد يأتي بمعنى (رديءِ وَخسيسٍ) فلا يكون ظرفاً، نحو: (هذا شيءٌ دُونٌ) أي: خسيسٌ حقيرٌ. وهو حينئذٍ يتصرَّفُ بوجوهِ الإعرابِ. وتقولُ: (هذا رجلٌ من دُونٍ. وهذا شيءٌ من دونِ). هذا أكثرُ كلامِ العرب، ويجوز حذفُ (من)، كما تقدَّمَ وتُجعَلُ (دون) هي النّعت.
وهو مُعرَبٌ. لكنَّه يُبنى في بعض الأحوال، وذلكَ إذا قطع عن الإضافةِ لفظاً ومعنى، نحو: "جلستُ دونُ"، بالبناءِ على الضم. ويكونُ في موضع نصب.
16- رَيْثَ :
ظرفٌ للزمان منقول عن المصدر. وهو مصدر (راثَ يَريثُ رَيْثاً)، إذا أبطأ، ثُمَّ ضُمنَ معنى الزمان. ويُرادُ به المقدارُ منه، نحو: (انتظرتُه رَيثَ صَلَّى. وانتظرني رَيثَ أجيءُ)، أي: قدْرَ مُدَّةِ صلاتهِ، وقدرَ مدة مجيئي.
ولا يَليهِ إلا الفعلُ، مُصدَّراً بما أو أنْ المصدريتين، أو مُجرَّداً عنهما فالأول نحو: (انتظرني رَيثما أحضُرُ. وانتظرتُهُ رَيثَ أن صَلّى)، فيكون حينئذ مضافاً إلى المصدر المُؤوّل بِهما والثاني تقدّم مثاله.
وإذا لم يُصَدّر الفعلُ بهما، أُضيفَ ( رَيْث) إلى الجملة.
17- معَ:
ظرفٌ لمكانِ الاجتماع ولزمانهِ، فالأول نحو: (أنا معكَ)، والثاني نحو: (جئتُ معَ العصر). وهو مُعرَب منصوب وقد يُبنى على السكون. (وذلك في لغة غُنْمٍ ورَبيعة)، فيكون في محلِّ نصبٍ. وإذا وَلِيَهُ ساكنُ حُرِّكَ بالكسر، على هذه اللغة، تَخلصاً من التقاءِ الساكنينِ، نحو: (جئتُ معِ القومِ).
وأكثرُ ما يُستعملُ مضافاً، كما رأيتَ. وقد يُفرَدُ عن الإضافة، فالأكثر حينئذٍ أن يقعَ حالاً، نحو: "جئنا معاً" أي: جميعاً، أو مجتمعينِ. وقد يقعُ في موضع الخبر، نحو: "سعيدٌ وخالدٌ معاً"، فيكونُ ظرفاً متعلقاً بالخبر.
والفرقُ بين "مع"، إذا أُفردت، وبينَ "جميعاً" أنكَ إذا قلتَ: "جاءُوا معاً"، كان الوقتُ واحداً. وإذا قلتَ: "جاءوا جميعاً"، احتمل أن يكونَ الوقتُ واحداً، واحتملَ أنهم جاءُوا مُتفرِّقينَ في أوقات مختلفة.
18- كيفَ:
اسمُ استفهام. وهي ظرفٌ للزمان عندَ سيبويهِ، في موضع نصبٍ دائماً، وهي مُتعلقةٌ إما بخبرٍ، نحو: (كيفَ أنت؟ وكيفَ أصبحَ القومُ؟)، وإمّا بحالٍ، نحو: (كيفَ جاءَ خالدٌ؟). والتقديرُ عندهُ: (في أي حالٍ، أي على أي حالٍ؟).
والمُعتمَدُ أنها للاستفهامِ المجرّدِ عن معنى الظرفيّة، فتكون هي الخبرَ أو الحال، لا المتعلّقَ المقدّر.
وتكون أيضاً ثانيَ مفعولَيْ "ظنّ" وأخواتها، لأنه في الأصل خبرٌ، نحو: "كيفَ ظننتَ الأمرَ؟".
وقد تكون اسمَ شرطٍ فيجزمُ فعلين، عندَ الكوفيين، نحو: (كيفَ تجلسْ أجلسْ، وكيفما تكنْ أكنْ). وهي، عند البصريين، اسمُ شرطٍ غيرُ جازم.
19- إذْ:
ظرفٌ للزمانِ الماضي، نحو: (جئتُ إذْ طلعت الشمسُ). وقد تكونُ ظرفاً للمستقبَل، كقوله تعالى: {فسوف يعلمونَ إذِ الأغلال في أعناقهم}.
وهي مبنيةٌ على السكون في محل نصبٍ على الظرفية. وقد تقعُ موقعَ المضاف إليه، فتُضافُ إلى اسمِ زمانٍ، كقولهِ تعالى: {رَبَّنا لا تزغْ قُلوبَنا بعدَ إذْ هَدَيتنا}.
وقد تقعُ موقعَ المفعولِ به (أو البدل منه). فالأولُ كقوله سبحانه: {واذكرُوا إذ كنتم قليلاً}. والثاني كقولهِ: {واذكرْ في الكتاب مريمَ، إذ انتبذتْ من أهلها مكاناً شرقيّاً}.
وهي تلزمُ الإضافةَ إلى الجُمل، كما رأيتَ. فالجملةُ بعدها مضافة إليها. وقد يُحذف جزء الجملة التي تضافُ إليها، كقول الشاعر:
هَلْ تَرجِعَنَّ لَيالٍ قَدْ مَضَيْنَ لَنا
وَالْعَيْشُ مُنَقَلِبٌ إذْ ذَاكَ أَفْناناً
وقد تُحذَفُ الجملةُ كلُّها، ويُعوَض عنها بتنوينِ (إذ) تنوين العِوَض، كقوله تعالى: {فلَولا إذْ بلغتِ الرُّوحُ الحُلْقُومَ، وأنتم حينئذٍ تَنظُرونَ} أي: وأنتم حينَ إذْ بلغت الروحُ الحُلقوم تَنظرون.
20- لمَّا:
ظرفٌ للزمانِ الماضي، بمعنى (حينٍ) أو (إذْ). وهي تقتضي جملتينِ فعلاهما ماضيانِ. ومحلها النصبُ على الظرفية لجوابها. وهي مضافة إلى جملةِ فعلِها الأول والمُحقّقون من العلماءِ يَرَوْنَ أنها حرفٌ لربطِ جُملتيها. وسمّوها حرفَ وُجودٍ لوجودِ. أي: هو للدَّلالة على وجودِ شيءٍ لوجودِ غيرِهِ. وسترى توضيحَ ذلك في كتاب الحروف. إن شاءَ الله.
21- مُذ ومُنذُ:
ظرفانِ للزّمان. و (مُذْ) مُخفَّفةٌ من (منذُ). و (منذُ) أصلُها (من) الجارَّةُ و (إذ) الظرفيّةُ، لذلك كُسرت مِيمُها في بعض اللُّغاتِ باعتبار الأصلِ.
وإن وَلِيهما جملةٌ فعليّةٌ، أو اسميّةٌ، كانا مُضافينِ إليها، وكانت الجملةٌ بعدَهما في موضع جَرّ بالإضافةِ إليهما، نحو: (ما تركتُ خدمةَ الأمةِ مُنذُ نَشأتُ. وما زلتُ طَلاباً للمجد مُذْ أنا يافِعٌ).
وإن وَلِيَهما مُفردٌ جاز رفعُهُ على أنهُ فاعلٌ لفعلٍ محذوف، نحو: (ما رأيتكَ منذ يومُ الخميسِ، أو مُذْ يومانِ). والتقديرُ: منذ كان أو مضى يوم الخميسِ، أو يومانِ. فالجملةُ المركبةُ من الفعل المحذوف والفاعل المذكور في محل جر بالإضافة إلى مذ أو منذُ. و لكَ أن تَجُرّهُ على أنهما حرفا جرٍّ، شبيهانِ بالزائدِ، نحو: (ما رأَيتك مذْ يومٍ أو منذُ يومينِ).
22- عَلُ:
ظرفٌ للمكان بمعنى (فَوقُ). ولا يستعملُ إلا بمن ولا يضافُ لفظاً على الصّحيح، فلا يُقالُ: (أخذتُهُ من عَلِ الخزانة)، كما يقال: (أخذتهُ من عُلوها ومن فوقها). وأجاز قومٌ إضافتهُ.