اليابان- رائدة علم الروبوتيك
كيف يمكن تجاوز الحواجز بين الإنسان والآلة؟ بإمكان تصميم المظهر الخارجي للروبوتات بشكل يجعلها تشبه الإنسان إلى حد كبير ، أن يُساهم في الحد من هذه الحواجز حسب الأستاذان في جامعة أوساكا، هيروشي وأسادا. وقد بدأ مؤخرا الباحثان بتطبيق أفكارهما في هذا المجال، إذ قاما بتصميم روبوتات قابلة للتعلم في مختبر الروبوتات الذكية “Intelligent Robotics Laboratory” وأيضا في المشروع الذي يسمى بـ “JST ERATO Asada-Project”.
تختلس السيدة الشابة النظر إلى اليمين، ثم تثرثر مع جارها قليلا، وتتطلع باهتمام إلى اليسار وتهز رأسها منصتة إلى الحديث. ويستغرق الأمر فترة من الزمن حتى يدرك المرء أن هذه الشابة الجذابة ليست بإنسان وإنما آلة. ويتم التحكم في تعبيرات الوجه عبر أجهزة التقاط الإشارات والمحركات المزروعة تحت الجلد المصنوع من مادة السليكون، وهذا يجعل الروبوت يبدو شبيها بالإنسان. وقد قام الخبير الياباني المتخصص في علم الروبوتيك هيروشي إيشيغورو، بتصميم هذا الروبوت الذي يسمى “Geminoid F” على صورة امرأة شابة.
الباحث الياباني إيشيغورو، الذي يرتدي حصرا ملابس سوداء اللون، اكتسب شهرة عالمية واسعة لدى تصميمه لروبوت يبدو كتوأم له، وهو يماثله من حيث الشكل الخارجي بصورة تبدو متطابقة. وقد عكف إيشيغورو الذي يرأس مختبر الروبوتات الذكية “Intelligent Robotics Laboratory” في جامعة أوساكا، على تطوير روبوتات تشبه الإنسان قدر الإمكان، وذلك انطلاقا من فرضيته القائلة بأن هذا يزيد من درجة القبول للروبوتات، وأنه يسهل التواصل بين الإنسان والآلة.
القليل يفي بالغرض
ومع ذلك فإن إيشيغورو يركز على التبسيط الجذري. وقد اقتصر لدى تصميمه للربوت الذي أطلق عليه اسم “Telenoid R1″ ، على الخصائص الفيزيائية الضرورية. فهذا الإنسان الآلي يشبه الإنسان في الملامح الخارجية الرئيسية، لكنه لا يملك أعضاء كاملة، فهو مثلا بدون أطراف وبدون شعر. وفي المستقبل المنظور، من المتوقع أن يحل هذا الروبوت اليدوي الذي يشبه الجنين، محل الهاتف المحمول كما هو مستخدم اليوم في شكله المعتاد.
وحتى الآن كانت صعوبة الحركة والمظهر الاصطناعي للروبوتات، من الأسباب التي شكلت حاجزا بين الروبوتات والإنسان، كما ظهر من خلال التجارب التي أجريت. لهذا تم تصميم وتطوير الروبوتات الشبيهة بالإنسان في جامعة أوساكا، بهدف معالجة هذا الحاجز وإزالته تدريجيا. وعلى سبيل المثال فإن الروبوت “Affetto” وهو مصمم على شكل رأس طفل، يشبه الإنسان إلى حد محير. وقد قام بتصميمه مينورو اسادا وهو أحد زملاء إيشيغورو، وذلك في إطار عمله في المشروع الذي تدعمه جامعة أوساكا والذي يعرف بـ “JST ERATO Asada-Project” . وهذا الروبوت المصمم على شكل وجه طفل يملك ملامح وجهه ذات قدرات التعبير التي يملكها طفل في السنة الأولى من عمره، وسيساهم في التجارب التي تجرى لتطوير سبل التواصل بين الإنسان والآلة.
قابلية التعلم كأساس للقبول
وإلى جانب المظهر الخارجي، فإن تفاعل الروبوتات بشكل مناسب، ينعكس على زيادة قبول الناس لها. إذ لا ينبغي أن تبدو وكأنها توجه من على البعد، وإنما وكأنها تتصرف بشكل مستقل. وبالإضافة إلى هذا، ينبغي أن تكون الروبوتات قادرة على التعلم، إذ إن التعايش بين الإنسان والآلة ، يتطلب مثلا تعرف الروبوت على الشخص الذي يقف أمامه، ومخاطبته بالاسم، والاستجابة بشكل مناسب. إن الروبوت الشبيه بالطفل”CB2″ الذي صممه أسادا، يوضح بشكل مدهش للغاية، المعنى المقصود بمصطلح القدرة على التعلم. فهذا الروبوت يدرك محيطه بمساعدة أجهزة التقاط الإشارات والكاميرات، وهو يتعلم المشي تدريجيا مثل طفل صغير، والشيء نفسه ينطبق على تعلم الكلام أيضا. ومن جانبهم لا تقتصر استفادة الباحثين في أوساكا من هذا الروبوت- الطفل، في تعلم الكثير عن مراحل التطور فيما يتعلق بحركة الروبوتات، إذ إنهم يتوصلون عبر هذه التجربة إلى فهم أفضل لتطور الطفل في مراحل نموه المبكرة.
ألكسندر فرويند/ نهلة طاهر
مراجعة: طارق أنكاي
إذاعة ألمانيا
علوم المستقبل
هيروشي وروبوته الشبيه به
Geminoid F
الصور التوضيحية إضافة محمد زعل السلوم
ملف الروبوتات
العدد الأول من مجلة العلوم والتكنولوجيا