أستاذنا المتألق دوما أسامة عكنان
لم أتوقع أن يتفرع جوابكم على سؤالي على هذا النحو الماتع المغري بالإصغاء
لا سيما وأن سر تألقكم في دقة رؤيتكم وعمق عرضكم لها
فيحتاج المتلقي إلى قدر لا حد له من الحضور كي يستوعب

أبدأ هنا في تعقيبي من مسألة ( شكل تلقي المرجعية "النقلية" جوهري في تحديد الموقف منها )
حيث انتهيتم إلى أن السيادة يجب أن تكون للعقل على الوحي لا العكس
وأن السر في ذلك اختلاف تلقي الوحي بالنظر إلى حال التلقي المباشرة التي عرفها الصحابة رضي الله عنهم
وحال التلقي غير المباشرة التي نمارسها نحن ، وما تخلل رواية السنة النبوية من المكذوبات ، وعوامل الصراعات ..

ألا ترى معي أستاذي أن السيادة تصير بهذا الاعتبار للعقل وحده ؟
وأن تمييز سقيم المرويات من صحيحها يصير بلا معنى ؟
وأن مراتب أمهات كتب الحديث من حيث الصحة والضعف
( مثل مرتبة صحيح البخاري وصحيح مسلم بالنظر إلى سائر الأمهات ) مجرد ترف فكري ؟
وأن الجهود التي بذلت - ولا تزال في تصنيف الحديث على هذا المنوال - جهود زائدة إن لم نقل إنها بدون جدوى ؟
وأن كل العلوم التي نشأت لخدمة هذا الشأن ( علم الرجال . الجرح والتعديل ) لا قيمة لها
لأنها عبارة عن مواقف رجال من رجال
لا تخلو من تداعيات الخلافات الشخصية والصراعات المذهبية سلبا ( تجريح ) وإيجابا ( تعديل ) ؟
وما محل القرآن من هذا ؟ .. ما دام هو الآخر إنما وصل إلينا مرويا ..
أليست قاعدة الإيمان به تصديق المتواتر ( جمع عن جمع يستحيل تواطؤهم على الكذب ) ..
وهي قاعدة مردها إلى النقل لا إلى العقل ؟ ..
هل نعرّض القرآن لما عرضنا له السنة من حتمية تسرب المكذوب الخاضع للصراعات ؟
ثم نجعل مصيره كمصيرها : إخضاعا مطلقا للعقل ؟