أربعون عاما في الكويت : فيلويت ديكسون(أم سعود)"15"(الاخيرة)
نبدأ هذه الحلقة بزيارة المؤلفة للبحرين .. (وبعد عودتي إلى الكويت {من بريطانيا} في شهر إبريل قمت بزيارة إلى البحرين بدعوة من السيد وليام لوس المقيم السياسي وزوجته الليدي لوس،ولم أكن أتردد كثيرا على البحرين وكانت آخر زيارة لها هي تلك التي قمت بها مع هارولد خلال الحرب ... وقد أتاحت لي زيارتي الحالية فرصة الاطلع على التطورات الحديثة التي خلقت مدينة حديثة متطورة من البلدة الخليجية الصغيرة التي عرفتها عام 1922،وجدت العديد من البنايات التي كانت تعتبر من معالم البحرين قد اختفت تماما بما في ذلك البيت الذي كنا نقطنه على ساحل البحر.(..) وقد تمكنت من زيارة صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان الخليفة مصطحبة معي صديقا سودانيا كان يتوق إلى مشاهدة صقور الحاكم .. وقد استقبلنا في قصر الاستقبالات في المنامة ودعانا صاحب السمو لمرافقته في سيارته إلى مضمار السباق حيث كانت خيوله تتدرب وصقوره تتغذى ... وبعد ذهبنا بالسيارة إلى فيلته على شاطئ البحر لاحتساء الشاي .. وعند مغادرتنا قدمت لكل واحد منا هدية وباقة ورد من الحديقة.
وفي اليوم التالي سافرنا على طائرة بيمبروك تابعة لسلاح الجو الملكي إلى أبو ظبي على ساحل الإمارات المتصالحة { في الهامش : "الإمارات المتصالحة هو الاسم القديم للإمارات العربية المتحدة قبل الاستقلال" .. (سيف الشملان).} (..) وفي هذا الوقت كان حقل النفط في أبو ظبي قد بدأ لتوه في الإنتاج مبشرا بثراء يعادل ثراء الكويت. وقد كان الحاكم الشيخ شخبوط محافظا جدا ولكنه تعرض لضغط اضطره لإنفاق عائدات البترول على تطوير دولته على نطاق واسع. وكان المقاولون البريطانيون تواقين إلى المجيء إلى أبو ظبي والاستفادة من الوضع .. وقد كنت آسفة على شخبوط .. فقد كان سعيدا جدا بإبقاء أبو ظبي على حالتها الأولى وأن يعيش الحياة الأولى التي اعتادها وقد بدا أن صوتا وحيدا ضد الرأي العام السائد لن يأخذ فرصته .. فبعد حوالي عام من زيارتي،أقصاه الشيخ زايد عن الحكم ونفاه إلى إيران وقد علمت مؤخرا في عام 1969 أن الشيخ زايد قد بنى له بيتا في البريمي وأنه سوف يعود ليعيش هناك.وقد قرر الحاكم الجديد أن يتخذ من البريمي عاصمة جديدة له وقد أصبحت هناك طريق رئيسي مزدوج يمتد من أبو ظبي إلى البريمي .. وعلمت أن هناك بنايات كثيرة في طور التشييد ويطلق على المدينة الجديدة الآن اسم العين.
وفي صباح اليوم التالي وصلنا إلى الدوحة في قطر حيث جاءت السيدة إحسان كامل زوجة أحد العاملين في المعتمدية لاصطحاب الليدي لوس والسيدة بويل وأنا لزيارة قرينة الحاكم (الشيخ أحمد بن علي آل ثاني) وهي ابنة حاكم دبي .. وبعد ذلك قمنا بزيارة أخرى وكانت هذه المرة للشيخة روضة زوجة نائب الحاكم (ولي العهد) وفي المساء دعينا نحن الأربعة إلى حفلة عشاء نسائية مع الشيخات. وقد حضر الحفلة عشرة أوربيات غيرنا (..) وقد كان مساء شديد الحرارة والحفلة مملة جدا .. وقد أبقت مضيفتها قناعها الأسود على وجهها ولم تأكل شيئا ولم تكن هي أو أي من السيدات العربيات اللواتي حضرن الحفل يستطعن التحدت بالإنجليزية وكذلك كانت كل الأوربيات المدعوات فيما عداي لا يستطعن تحدث اللغة العربية. والمناسبات الاجتماعية عند العرب ليست وقت محادثات متصلة ولكن هذه المناسبة بالذات كانت أكثر صمتا من غيرها. ) {ص 367 - 369}.
من الحفلة المملة .. تقفز المؤلفة مباشرة إلى رحلة أخرى مع البدو .. ومع علي هندي .. (وبينما كنا نجلس حول النار المتأججة في ذلك المساء دار الحديث حول علي بنت ثاني .. القطري {في الهامش : "هو المرحوم الشيخ علي بن عبد الله آل ثاني حاكم قطر المعروف والذي تنازل عن الحكم لابنه المرحوم الشيخ أحمد سنة 1960م". .. (سيف الشملان)} الذي أقام معسكر صيد إلى جانب مضارب المريين قبل أيام قليلة،وكان يدفع مائة ريال سعودي ثمنا للخروف الصغير،وهو ثمن مرتفع،وأربعمائة ريال سعودي للجمل الصغير. وقد زاره بدويان من الخيام المجاورة حاملين إليه هدية هي خروفان صغيران فأعطى كلا منهما مائة ريال ويجدر بي أن أذكر هنا أن كثيرين من هؤلاء البدو المريين يعملون لدى شيوخ قطر كمرشدين وقصاصي أثر وصيادين يرافقونهم في الصحراء (..) وقد استمتعت باحاديثهم ولم أستغرب حين قال ناصر أنه سوف يأخذ في اليوم التالي خروفا صغيرا إلى الشيخ علي كهدية،وقلت أنني أيضا أرغب في الذهاب لتقديم احترامي له. وكان قد عرف زوجي في البحرين منذ سنوات وأعطاه الفرس الجميلة التي اعتدت أن أمتطيها في العراق.
وعندما خرجت بعد الإفطار في اليوم التالي رأيت خروفين يقفان بجوار السيارة،وقد أوضح أن الخروفين يمكن أن يكونا أفضل من خروف واحد .. وهكذا انطلقنا ومعنا رجلان في الجزء الخلفي من (الوانيت) يمسكان بالخروفين (..) وكان الشيخ مضطجعا على حشية في أحد أطراف خيمة بيضاء طويلة ذات واجهة مفتوحة تغطي أرضها سجادة واحدة كبيرة. وكان يجلس بجواره أو على طول مؤخرة الخيمة طبيبه اللبناني وأحد القضاة وكل بدوه وخدمه. وقد نهض الشيخ علي وكل ن في الخيمة لتحيتنا. وبدا الشيخ مرتابا قليلا حيث كان يتساءل في نفسه عمن أكون ولكن بعد التحيات المعتادة والسؤال عن صحتي دعاني للجلوس بجواره وطلب لنا قهوة. وقد كان الشيخ مهيب الطلعة وجسمه طويلا ونحيلا،ووجهه عربيا طويلا،ولحيته بيضاء ومنسقة وكان يضع على رأسه كوفية بيضاء وعقالا أسود رفيعا وكان جلبابه أو دشداشته بسيطة الشكل ومصنوعة من قماش صوفي رمادي رقيق ويرتدي فوقها العباءة السمراء المعتادة مطرزة بخيوط الذهب حول الرقبة.
وقد سألني عن المكان الذي قدمت منه وما إذا كان معي أصدقاء آخرون. فأخبرته بأنني معسكرة على مسافة غير بعيدة مع أصدقائي البدو المريين. وأن لدي خيمة بيضاء صغيرة منصوبة بجوار خيامهم،فعاد يسأل عما إذا كنت قد أحضرت فراشي ومقاعد خاصة بالمعسكر. وعندما أجبت بالنفي وقلت إنني أنام وأجلس على الأرض سألني ما إذا كنت لا أخشى الثعابين والعقارب وعندما أجبت على ذلك بالنفي أيضا تساءل باستغراب واضح ما إذا كنت أعرف شكل العقرب .. واستدعى أحد رجاله بالاسم وأمره بإحضار عقرب فنهض الرجل وخرج مسرعا .. (لو أخبرته عن لذة "الجراد"و"الجرابيع"لما كلف الرجل بإحضار عقرب!!)
في أثناء ذلك قدموا لنا القهوة والشاي وأوضحت له أن زوجي كان معتمدا سياسيا للبحرين عام 1919 وعند ذلك قال الشيخ أنه قد تذكرني وتذكر كم كنت شابة جميلة في تلك الأيام وعلقت على ذلك بقولي (إن السنين تجري) وفي تلك اللحظة كان الرجل قد عاد حاملا طبقا به بعض الرمل تستلقي عليه عقربة ضئيلة ذات مخلب داكنة اللون،وقدمها إليّ فقلت (نعم إنني أعرف العقارب) وأعدتها إلى الرجل الذي ألقى بها خارج الخيمة وسحقها بقدمه. (..) وأخيرا تم إعداد الغداء وجاء سكرتير ليعلن ذلك،وقد نهضنا جميعا ورافقنا الطبيب إلى خيمة أخرى حيث كانت تنتظرنا وجبة رائعة فقد كان هناك خروف صغير يرقد فوق كومة من الأرز(..) وبعد تناول الطعام طلب مني سكرتير الشيخ أن أتبعه حيث يرغب الشيخ استقبالي بمفردي. وقد نهض الشيخ عند دخولي وجلست بجانبه وشكرته كثيرا على كرم الضيافة ..){ ص 372 - 369}.
.. سوف نؤجله بقية اللقاء إلى ختام السياحة .. لأنه يتعلق بقضية أخرى .. وعدنا بالحديث عنها .. في الحلقة الثانية من هذه السياحة ...
كان لابد وأن تأتي لحظة نختم فيها هذه السياحة .. وهذه الرحلات التي لا تنتهي - أو تكاد - .. هذه المرأة تأخذنا المؤلفة إلى شمال السعودية ... (وصلنا محطة الضخ في رفحة حوالي الساعة الثانية عشرة والنصف وقمت بزيارة السيد أرنولد ناظر المحطة وزوجته في البيت المتنقل البديع الخاص بهما حيث تناولت كوبا منعشا من عصير البرتقال. وكانت حديقة البيت تتوهج بأشجار الخشخاش الطويلة الحمراء. (..) وفي الساعة الخامسة والنصف مساء وقع اختيارنا على منخفض أخضر مشجر على مسافة غير بعيدة عن الطريق كان يرعى فيه قطيع من الإبل وسرعان ما نصبت خيمتنا على مرتفع من الأرض فوق المنخفض حتى نكون في مأمن إذا سقط المطر كما قال ناصر. وسرعان ما استطعنا إعداد بعض القهوة والشاي. وقد انضم إلينا راعيا الإبل فقدمنا إليهما تمرا بالإضافة إلى القهوة والشاي وكانت الإبل ترعى في هدوء بالقرب منا وشمس العصر ساطعة وكل شيء يبدو ممتعا وبهيجا. ولكن أحد البدو أحس بشيء ما .. فنهض فجأة ونظر من فوق الخيمة باتجاه الشمال الغربي،فرأى عاصفة رملية سوداء كبيرة تقترب من مكاننا وكان صوت الريح المندفعة قد وصل إلى مسامعنا فعلا. وقد جرى البدويان لجمع حيواناتهما وبعد الكثير من النداء والصراخ استطاعا جمعها معا وجعلها ترقد على الأرض،وقام ناصر على الفور مدفوعا بغريزته الصحراوية القوية بتغطية النار بالرمل ووضع الغلاية ودلة القهوة في داخل الخيمة وعند ذلك كانت العاصفة قد أصبحت فوقنا وكان عليّ أن أمسك بعمود الخيمة بينما كان ناصر يقوم بتثبيت الحبال والأوتاد وقد أظلمت الدنيا تقريبا ولا نعرف إلى متى ستستمر العاصفة .. وبعد حوالي أربعين دقيقة سقطت زخة مطر قصيرة فانقشعت العاصفة وسطعت الشمس من جديد.(..) شحنا كل أمتعتنا وانطقلنا إلى بدنة. وعلى بعد أميال قليلة من بلدة عرعر ثقبت إحدى عجلات سيارتنا لأول مرة،وعالج علي هذا الثقب بسرعة.وبعد ذلك بوقت قصير وصلنا إلى بوابة في سياج سلكي كانت تمثل مدخل بدنة. وكان عداد السيارة يشير إلى 581 ميلا،بينما كان مكتوبا على خط الأنابيب بالكيلو مترات 578 محسوبة من القيصومة.
وعند العصر أخذت لزيارة عبد الله بن مساعد،أمير عرعر في مكتبه على الشارع الرئيسي لبلدة عرعر على بعد حوالي ميل خارج المعسكر. (..) وقد سعدت بلقائي بأمير سمعت عنه كثيرا،وتبادلنا حديثا ممتعا.
لقد أذهلني تماما تطور مدينة عرعر الحديثة،فقد كانت هذه المدينة مكانا صغيرا جدا عندما سرنا إليها منذ سنوات عديدة. (..) وفي الساعة السابعة صباحا انطلقنا في مجموعة تتألف من فرانك ستولارز وعوض فلاح وغلامين من سكاكا كانا يرغبان في زيارة عائلتيهما،بالإضافة إليّ. (..) ثم واصلنا السير حتى وصلنا مركز شركة الشويجية،وقد ثقبت العجلة الخلفية لسيارتنا ونحن على وشك الوصول إلى المركز وقد خرج الأمير ناصر البلاهد إلينا،وأمر بفرش السجاد على الرمل،حيث جلست أحتسي القهوة والشاي معه،بينما تولى الرجال تغيير عجلة السيارة وكان الأمير فاتنا جدا،وأصر على ضرورة أن نزور الأمير عبد الرحمن أحمد السديري عندما نصل إلى سكاكا. كما أبدى رغبته في أن نزوره مرة أخرى في طريق عودتنا.(..) ثم واصلنا السير إلى المقر الجديد للأمير الذي كان لا يزال في المجلس. وعندما دخلنا رحب بنا ترحيبا حارا،وبعد المجاملات المعتادة والقهوة دعانا لمرافقته لتناول غداء نزهة. وقد أوضح لنا أنه قد حان موعد مغادرته المجلس لتناول الغداء مع عائلته في بستان أخضر ممتع على بعد عشرة كيلو مترات باتجاه الجوف. وهكذا تبعنا سيارته إلى مكان جميل جدا به بركة ماء كبيرة متخلفة عن الأمطار،وقد نبتت بجوارها أعواد الذرة والشعير الطويلة. (..) وعند وصولنا جلسنا على السجاد الذي فرش لنا وطلب الأمير القهوة،ثم أخذني من يدي إلى حيث كانت نساؤه يتمشين على أرض الحديقة المعشوشبة الخضراء. وقد دعا زوجته أم فيصل وابنته حصة وأختها للإنضمام إلينا. وكانت هاتان الفتاتان الجميلتان قد عادتا مؤخرا من مدرستهما في أريزونا بالولايات المتحدة الأمريكية،وكان الأمير نفسه قد قضى ثلاثة أشهر في الصيف الماضي في فندق بكينزنجتون (لندن). وقد تحدثت مع الفتاتيين باللغة الإنجليزية،ومع والدتهما باللغة العربية. وعندما تركنا الأمير،قال أنه يأمل أن نزور فيلته الجديدة ونشاهد بستان النخيل،والمسبح الذي اكتمل إنشاؤه تقريبا،ولكننا اضطررنا لتضييع فرصة الاستمتاع بذلك نظرا لتاخرنا. ){ص374 - 378}.
كان ذلك سنة 1966م. وهذه الاحداث الصغيرة - في مجملها - واللقطات تحمل الكثير من الدلائل .. وتتأرجح بين التأريخ غير المقصود - إن صح التعبير - وسوانح الذكريات .. وما المذكرات - كما أرى - غير مادة أولية للتأريخ .. وقبل أن نختم بـ(الفصل الأخير) ننقل قول "أم سعود" .. (وقد حالفني الحظ في كثير من الأمور. فليس هناك من يستطيع أن يأمل في حياة زاخرة ومسلية أكثر من الحياة التي عشتها. لقد قابلت وعرفت الكثير من الناس الرائعين،وقد قضيت تسعة وثلاثين عاما من الحياة الزوجية مع هارولد ورأيت أبنائي يكبرون وأحفادي يزورونني في الكويت. وحيث أن أكبر أحفادي يبلغ الآن سن السابعة عشرة فإنني أرجو أن أرى أبناء أحفادي أيضا. لقد مكنني إخلاص أصدقائي الكويتيين من البقاء في الكويت بعد أن ترملت وهكذا لا أزال أعيش في نفس المنزل الذي أسكنه منذ وطئت قدماي أرض الكويت لأول مرة في راحة ووسط بيئة مألوفة. وخارج جدران منزلي وباحته كبرت الكويت الحديثة وسادها النشاط والصخب ولكن وراء ذلك أيضا يكمن هدوء الصحراء،ولا تزال الصحراء تنادي.){ص 388}.
عاشت المؤلفة بعد التأريخ الذي تتحدث فيه،عند تأليف الكتاب - سنة 1969 - ما يدنو من ثلاثة عقود .. حتى 1990م.
قلت - في الحلقة الثانية - في تعليقي،على تعليق إحدى أخواتنا الكاتبات : ((في كل الأحوال أشكر للكاتبة الكريمة تلطفها بالتعليق .. ولعلها سوف ترى ما يغضب حين نخصص (فصلا) للهدايا التي تلقتها (أم سعود) ..)) وها نحن نسعى لتحقيق ذلك الوعد ..
(فصل في الهدايا )
هذا هو حديث المؤلفة الأول عن (الهدايا) :
(لقد كانت حيواناتي هي سلوتي (..) لقد كان لدينا ثلاث خيول هي (تومي) الحصان الرمادي المخصي و(وضحة) الفرس الرمادية،التي قُدمت إلى هارولد هدية من شيخ قطر {في الهامش : هو الشيخ عبد الله بن قاسم آل ثاني،الذي حكم قطر مدة طويلة من سنة 1913م إلى سنة 1949حيث تولى الحكم نيابة عنه وفي حياته ابنه الشيخ علي.} و(حرقة) وهي فرس كستنائية اللون جميلة من إسطبل ابن جلوي بالأحساء،وكانت هدية من الملك عبد العزيز بن سعود. فعندما كان هارولد في زيارة للأحساء إبان عمله كمفوض سياسي في البحرين،كان عليه اختيار فرس من بين عشرة خيول تقريبا فاختار هذه التي سميت (حرقة) لأن أحد أسلافها احترق عندما اشتعلت النيران بدياره.){ص 57}.
ثم حدثتنا المؤلفة عن تغير أخلاق الكويتيين بعد الحرب .. حيث كانت (السرقة في نظرهم عملا بغيضا تشمئز منه النفس){ص 241}. ولكن بعد الحرب سُرقت مجوهرات "أم سعود"وقد تبين أن السارق .. حسب ما دل (قص الأثر) كان غير كويتي .. ومن المجوهرات التي سُرقت .. (العقد الذي جمعه لي هارولد حبة حبة وعقدان آخران كانا قد أهديا إليّ من شيخ البحرين { في الهامش : "هو الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة حاكم البحرين توفي سنة 1942م وحكم بعده ابنه المرحوم سلمان بن حمد توفي سنة 1961م وجاء بعده ابنه صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان أمير دولة البحرين الحالي." .. (سيف الشملان)} {توفي الشيخ عيسى سنة 1999م} والملك ابن سعود،وكذلك وسام عضو الإمبراطورية البريطانية وكل الحلي الذهبية التي جمعتها أيام الحلة .. ولم يكن أي من هذه المجوهرات مؤمنا عليه لأننا كنا في الكويت نشعر دائما بأن التأمين غير ضروري.){ ص 246 - 247}.
في مكان سابق ذكرنا رغبة الشيخ القطري في لقاء "أم سعود"على انفراد ووعدنا باستكمال ذلك اللقاء المنفرد .. (وقد تحدثنا قليلا وكان يرغب في معرفة لماذا كنت لا أزال أضع خاتم الزواج في اصبعي ... وعلق بقوله إنه لا يحب الخاتم الذهبي المرصع بالفيروز والمصنوع في الكويت،الذي كنت أضعه في اصبعي. وقد بدأت أشعر بالإحراج ولم يطل حرجي عندما وضع يده في جيب جلبابه الصدري وأخرج عقدا من اللؤلؤ بثلاثة خطوط .. وقدمه إليّ وقد أذهلتني المفاجأة فلم أدر ما أقول وقبل أن أجد وقتا لأقول أي شيء قدم إليّ أيضا قرطا على شكل جرس مصنوع من الذهب والفيروز واللؤلؤ.
وتمتمت قائلة "شكرا يا شيخ علي إنني لا أستحق كل هذا".
فأجاب قائلا "بلى وأكثر من ذلك أيضا".. قال هذا وهو يخرج من جيبه خاتما من اللؤلؤ المرصع بالجواهر قدمه إليّ قائلا "ليحل محل الخاتم الذي لا يعجبني". واتسأذنت بالانصراف مغمورة بعطف الشيخ ورقته .. وكانت السيارة تنتظر في مكان قريب.){ص 372 - 383}.
كما انصرفت المؤلفة مغمورة بعطف الشيخ .. أنصرف عن هذه السياحة مغمورا بالشكر والإمتنان لكم.
إلى اللقاء في سياحة جديدة ... في كتاب جديد .. إذا أذن الله.
س/ محمود المختار الشنقيطي - الطائف ((سفير في بلاط إمبراطورية سيدي الكتاب)) Mahmood-1380@hotmail.com