-
أخي المسلم: ولا تقولن: إني إذا أنفقت افتقرت! فإن ذلك من وسواس الشيطان، كما مر معك ذلك..
فإن الصدقة؛ خير وبركة؛ فإنك كلما أخرجت شيئاً لله تعالى، عوّضك الله خيراً منه، مع ما ادّخره لك من الحسنات والثواب العظيم..
واستمع إلى وصية النبي لبلال رضي الله عنه.. فقد وصّاه بقوله: { أنفق يا بلال، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً } [رواه البزار والطبراني/ صحيح الجامع:1512].
وقال النبي : { ما من يوم يُصبح العباد فيه؛ إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعْط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعْط ممسكاً تلفاً } [رواه البخاري ومسلم].
وقال رسول الله : { ما نقصت صدقة من مال.. } [رواه مسلم].
ولتعلم أخي؛ أنك لكي تكون من المتصدقين؛ لا يشترط أن تكون كثير المال؛ بل إن كل ما جادت به يداك فهو صدقة، وإن لقمة واحدة تطعمها لجائع.. بل إن النبي أخبر أن خير الصدقة صدقة رجل قليل المال!
عن أبي هريرة أنه قال: ( يا رسول الله أي الصدقة أفضل؟ ) قال: { جُهدُ المُقلّ، وابدأ بمن تَعُول } [رواه أبو داود/ صحيح أبو داود للألباني:1677].
وقال رسول الله : { سبق درهم مائة ألف! } قالوا: يا رسول الله وكيف؟! قال: { رجل له درهمان؛ فأخذ أحدهما فتصدّق به، ورجلٌ له مالٌ كثير، فأخذ من عُرْض ماله مائة ألف، فتصدق بها } [رواه النسائي وغيره/ صحيح النسائي للألباني:2527].
عن أبي مسعود قال: ( كان رسول الله يأمرنا بالصدقة، فما يجد أحدنا شيئاً يتصدق به؛ حتى ينطلق إلى السوق، فيحمل على ظهره، فيجيء بالمدّ، فيعطيه رسول الله ، إني لأعرف اليوم رجلاً له مائة ألف، ما كان له يومئذ درهم! ) [رواه النسائي/ صحيح النسائي:2528].
وعن أم بُجيد رضي الله عنها أنها قالت: يا رسول الله إن المسكين ليقوم على بابي فما أجد شيئاً أُعطيه إياه. فقال لها رسول الله : { إن لم تجدي إلا ظِلْفاً محرّفاً، فادفعيه إليه في يده } [رواه الترمذي وابن خزيمة/ صحيح الترغيب للألباني:884].
فتصدّق أخي المسلم ولو بأقل القليل.. وارج ثواب الله تعالى.. فإن القليل إذا أخرجته بنية صادقة؛ فهو خير من كثير يخرجه صاحبه بنية ضعيفة..
فكم من جائع اللقمة عنده أفضل مما حوته الدنيا!
وكم من عار الثوب عنده أفضل من كل غال!
فتصدّق اليوم وأنت صحيح؛ قبل أن يُحال بينك وبين ذلك!
فإن الصدقة في حال الصحة؛ أفضل من الصدقة في حال المرض!
قال رجل للنبي : يا رسول الله، أي الصدقة أفضل؟ قال: { أن تصدّق وأنت صحيح حريص، تأمُلُ الغِنَى، وتخشى الفقر، ولا تُمْهِل حتى إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان! } [رواه البخاري ومسلم].
قال ابن مسعود رضي الله عنه: ( درهم ينفقه أحدكم في صحته وشحه، أفضل من مائة يوصى بها عند الموت ).
أخي المسلم: وإن من أبواب الخير العظيمة؛ أن يكون لك دين على أخيك؛ فتمهله حتى يتيسر له قضاؤه، أو تضع عنه بعضه، أو تتصدق عليه بجميعه..
فإن الكثيرين ينسون هذا الباب من الخير؛ فيفرّطوا في ثواب كثير!
قال الله تعالى: وَإِن كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَن تَصَدَّقُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ [البقرة:280].
وقال رسول الله : { من سرّه أن يُظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله؛ فليُيسر عن مُعسر، أو ليضع عنه } [رواه الطبراني/ صحيح الترغيب:912].
فإن ذلك من أسباب دخول الجنة.. فلا يفوتنّك هذا الخير العظيم!
قال رسول الله : { كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسراً، فتجاوز عنه، لعل الله يتجاوز عنا، فلقي الله فتجاوز عنه } [رواه البخاري ومسلم]. وفي رواية للبخاري: { فأدخله الله الجنة! }.
أخي المسلم: ذلك خير عظيم تناله إذا يسّرت على أخيك المسلم في الدَّيْن، وهو عمل قليل تدرك من خلفه ذلك الثواب كله! فلا تكوننّ في ذلك من المغبونين!
فحاسب نفسك أيها العاقل: أين أنت من ثواب الصدقة! ذلك الذُخر العظيم.. والثواب الكبير!
ثم أخي المسلم لا بد أن تعلم أن فضائل الصدقة كثيرة وعظيمة.. وهي ثمار يجنيها المتصدقون!
فإليك فضائل الصدقة؛ حتى تقف على شرفها..
الصدقة تطفئ الخطيئة:
ففي حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه؛ قال رسول الله : {.. والصدقة تُطفئ الخطيئة كما يُطفئ الماء النار!.. } [رواه الترمذي وغيره/ صحيح الترمذي للألباني:2616].
الصدقة تدفع المكروه:
قال رسول الله : { صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السِّر تُطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر } [رواه الطبراني/ صحيح الجامع:3797].
قال ابن أبي الجعد: ( إن الصدقة لتدفع سبعين باباً من السوء! ).
الصدقة سبب في نماء المال وبركته:
قال الله تعالى: يَمْحَقُ اللّهُ الْرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:276].
وقال رسول الله : { ما نقصت صدقة من مال.. } [رواه مسلم].
الصدقة تقرِّبك من الله تعالى:
قال عبدالعزيز بن عمير: ( الصلاة تبلغك نصف الطريق، والصوم يبلغك باب الملك، والصدقة تدخلك عليه! ).
الصدقة تظلل صاحبها يوم القيامة:
قال رسول الله : { كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضي بين الناس! } [رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان والحاكم/ صحيح الترغيب:872].
المتصدق في ظل العرش يوم القيامة:
ففي حديث السبعة الذين يُظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: { ورجلٌ تصدّق بصدقة فأخفاها؛ حتى لا تعلم شماله ما صنعت يمينه! } [رواه البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري].
وقال رسول الله : { من نفّس عن غريمه، أو محا عنه، كان في ظل العرش يوم القيامة } [رواه البغوي في شرح السنة صحيح الترغيب:911].
الصدقة وقاية من النار:
عن عدي بن حاتم رضي الله عنه، قال: قال النبي : { اتقوا النار! } ثم أعرض وأشاح، ثم قال: { اتقوا النار! } ثم أعرض وأشاح ثلاثاً، حتى ظننا أنه ينظر إليها، ثم قال: { اتقوا النار ولو بشق تمرة، فمن لم يجد فبكلمة طيبة } [رواه البخاري ومسلم].
الصدقة سبب في تيسير موقف الحساب يوم القيامة:
قال عبيد بن عمير: ( يحشر الناس يوم القيامة أجوع ما كانوا قَطْ، وأعطش ما كانوا قَطْ، وأعرى ما كانوا قَطْ، فمن أطعم لله عز وجل، أشبعه الله؛ ومن سقى لله عز وجل، سقاه الله؛ ومن كسا لله عز وجل، كساه الله ).
الصدقة تُطفئ حر القبور:
قال رسول الله : { إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حرّ القبورّ! وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظلّ صدقته } [رواه الطبراني والبيهقي/ صحيح الترغيب].
أخي المسلم: تلك هي الصدقة.. وذلك هو شرفها وفضلها.. فحاسب النفس: أين هي من ذلك كله؟!
واغتنم العمر في فعل الصالحات.. فإن قليلاً تُقدمه بين يديك اليوم؛ خيرٌ لك من كنز الأموال، والبخل بإنفاقها..
فإنك إذا أتيت غداً؛ وجدت ثواب صدقتك؛ فتسر بذلك وتحمد الله تعالى.. فأنفق قبل أن لا تنفق.. وتصدّق قبل حلول هادم اللذات.. ومفرّق الجماعات!
وجعلني الله وإياك من أهل الصدق.. وأعانني وإياك على الطاعات..
والحمد لله تعالى.. وصلى الله وسلم على النبي محمد وآله والأصحاب..
موقع كلمات
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى