علاقة الدين بالسياسة في مصر
-------------------------------
ولازلنا في حوار بين السياسة والدين ونهتدي في التجربة الاسلامية بحركة المقاومة الاسلامية حماس مقياسا على هذا الاختيار
والمعروف تاريخيا أن مؤسس حركة حماس الشيخ الجليل أحمد ياسين رحمة الله عليه هو من الملتزمين بحركة الاخوان المسلمين وكذلك قيادة حركة حماس في الضفة الغربية وقطاع غزة والاردن الشقيق وهي الان تجد لها ملاذا امنا في سوريا ولبنان وايران ويجد أنصارها في الخليج العربي بعض الامتيازات هناك دون الاعلان الرسمي خوفا من نفوذ الغرب في منطقة الخليج ونحن نعلم العداء الصهيوني والامريكي للحركات الاسلامية
وكانت قد مرت العلاقات الامريكية بتلك الحركات فترة زمنية من التوافق في الاهداف ضد الاتحاد السوفييتي وضد الحركات القومية العربية خلال الحرب الباردة مابين اعوام 1965-1990م الا أن شهر العسل مابين الغرب والحركات الاسلامية الجهاد انتهى مع شن الحرب الامريكية على العراق وتدمير قوته العسكرية في يناير1991م تحت حجة تحرير الكويت وان كان الهدف الحقيقي هو تقسيم العراق وتبع ذلك مواجهة مابين الحركات الاسلامية والولايات المتحدة الامريكية على أكثر من اتجاه وحملت راية الاسلام ضد امريكا تنظيم القاعدة وهو تنظيم سلفي استطاع تطوير قوته الذاتية من خلال سيطرته على أفغانستان بقيادة أسامة بن لادن والظواهري بينما كانت حركة الاخوان ومنها حركة حماس الفلسطينية تمارسان التكتيك المنهجي في الحرب الاسلامية ضد الغرب المعادي ولا تخرج عن نطاق التكتيك السياسي في مصر وفلسطين اعتمد المقاومة المسلحة ضد الاحتلال الصهيوني للضفة الغربية وقطاع غزة وعدم الخروج بها بعيدا عن هذه الدائرة أيا كانت الاسباب وأيضا فان حركة الاخوان في مصر لم تتجه الى أي أعمال عسكرية في مصر أو خارجها واحتفظت بخطتها للوصول الى الحكم عبر القنوات السياسية والتي كانت تجد في طريقها مخاطر الاعتقال المستمر خاصة في مواسم الانتخابات البرلمانية التي شارك فيها الاخوان ونجح في العام 2005م باحتلال 88مقعد أي ما نسبته 20% من اجمالي المقاعد النيابية المصرية والتي أكدت للجميع قوة الحركة في الشارع وانه كان يمكنه الفوز بما يقارب 130مقعد لولا تدخل وزير الداخلية حبيب العادلي في تغيير صناديق الاقتراعات وهو ما زاد عن حده في انتخابات 2010م لدرجة ان يفوز الحزب الوطني المصري المفصول ب90% من مقاعده وهي نتيجه لا يقبلها منطق أو عقل وكانت أحد أسباب الثورة الملاينية ضد مبارك لانها نتيجة تسخر من الشعب ككل
هكذا يكون احتمالات المستقبل في الانتخابات السياسية المصرية يرشح الاخوان للفوز بما لايقل عن 30% من مقاعد مجلس الشعب ضمن الانتخابات المقبله وهو ما يعني تأثيره على مستقبل الحركة الاسلامية في فلسطين المجاورة لمصر بالتأكيد حيث تسيطر حماس على قطاع غزة ولا توجد قوة في العالم يمكنها سحب قوة حماس من قطاع غزة دون المرور على بحر من الدماء وهوما لايحتمله أي قرار انساني اذا ما علمنا ان قطاع غزة يشكل اكبر غابة بشرية تعيش في اصغر مساحة من الارض :
مليون ونصف المليون في ارض مساحتها لا تزيد عن 380كم
مما يعني 3500مواطن في كل كيلومتر وهي أعلى نسبة للكثافة السكانية على الارض
ومنذ أن أصبحت حماس هي الحاكم الرسمي لقطاع غزة فاننا نلاحظ مايلي
- أن درجة الامن والامان كان لها الاسبقية والاحترافية التي ظبطت من خلالها الشارع الغزي الذي كان ولا يزال نصفه يدين بالولاء التنظيمي لحركة فتح ومع هذا تجد للحركة الوطنية اصواتها ومكاتبها ونشاطاتها السياسية ضمن الحوار الوطني وتحت أشكال متعدده نقابية وفئوية وأحيانا تنظيمية مادامت بعيدة عن العمل المسلح فكل شيء مسموح به ضمن الاطار السياسي الذي لايصل الى حد الشغب والفوضى
- من ناحية ثانية حاولت حركة المقاومة الاسلامية حماس أن تتواصل مع الدول المجاورة العربية ولم تقطع علاقاتها بالحكومة المصرية رغم كل الاشكاليات معها في العهد البائد الذي انتهى يثورة 25/1/2011
اضافة الى محاولاتها في الوصول الى اي مصالحة مع النظام الاردني الرافض لحماس كجسم سياسي بينما تجد حماس كما ذكرنا ومعروف للجميع ملاذا دافئا في سوريا ولبنان وايران بشكل رسمي
كل هذه الترتيبات الاقليمية والداخلية كانت أيضا لا تمنع بعض الاشارات لتذويب الجليد مابين الحركة الاسلامية والمتغيرات الدولية وهي تسعى باقتدار على ضبط اتفاقيات وقف اطلاق النار مع الكيان الغاصب منذ نهاية الحرب على غزة عام 2009م وهي تلزم حركة الجهاد بهذا الاتفاق كما تمنع الحركة السلفية من التأثير على الساحة بأعمال كان اخرها اختطاف وقتل المتضامن الايطالي لقطاع غزة
وما نستنتجه مما سبق هو :
أن الماضي القريب ولثلاثة عقود من الزمان كانت فيه المواجهة ما بين التيار الاسلامي والغرب وسط حالة الضعف والانهيار الرسمي العربي وخضوعه للاملاءات الامريكية في اكثر من قضية كالعراق
وسجلت حركة الاخوان ابتعادها عن أي أعمال عسكرية خارج فلسطين كما احتفظت بذلك الاتجاه على الساحة المصريه على الرغم من تزايد الحركات الجهادية والسلفية على الساحة الفلسطينية والعربية التي أرادت أن توجه أعمالها الاتجاه المسلح كما بينا وهو ما يحسب لحركة الاخوان التي تسيس أمورها منذ أن أعاد لها أنور السادات حرية العمل السياسي في بداية الثمانينات
هل هذا الاستعراض يعني أن المستقبل للحركة السياسية الاسلامية في مصر وفلسطين والعالم العربي ؟؟؟
ربما وتدريجيا وعلى حساب الحركات السلفية والجهادية سيكون للاخوان فرصة الصعود الى سدة الحكم - فرصة كبيرة - بعد 83عام من تأسيسها في مصر أكبر دولة عربية ولذا يحلو للبعض تصوير ماحدث في مصر مشابها لما حدث في ايران - هناك المذهب الشيعي - وهنا المذهب السني
وكيف سينعكس ذلك التوجه الى مواجهات ما بين القوتين الكبيرتين - جغرافيا وعقائديا