حول العالم على كرسي متحرك "12"
بعد أن ذرف الأستاذ (القباني) بعضا من دمعه .. استدار ( بالمقعد إلى داخل بهو المحطة،ومضيت مع إبراهيم نبحث عن مصعد يهبط بنا إلى الرصيف،وفوجئنا بالمصعدين المخصصين لمثل هذه الطوارئ معطلين،وشعرت بالحرج والارتباك والخوف لأني لم أضع في حسابي احتمالا كهذا،وحتى لو تعاون بعض الحاضرين مع إبراهيم في حملي إلى الرصيف عبر عشرات من الدرجات والممرات،لفاتنا القطار قبل أن نصل إلى الرصيف،إذ لم يكن باقيا على تحركه غير دقائق معدودة لا تزيد على العشرة ... ومرة أخرى انبثق الكرم المغربي الممزوج بالشهامة العربية الأصيلة لقد قرر جميع الموجودين في تلك اللحظة من موظفين وحمالين،أن يضعوا تحت أمري مصعد البضائع الهائل الذي كان محملا عندئذ بعشرات من الطرود الصغيرة والكبيرة،ولا أحسبني أنسى هذا المنظر يوما .. منظر الموظفين والعمال والحمالين – ومعهم إبراهيم – وهم يفرغون المصعد الكبير مما فيه من طرود صغيرة وضخمة ... وفي لحظات معدودة كانت هذه العملية الشاقة قد تمت،وهبطت بمقعدي في المصعد وتحيات الجميع ودعواتهم لي بالصحة والسلامة تنطلق من أنفاسهم اللاهثة،وظل اثنان من موظفي المحطة معي حتى عبرت مجموعة قضبان السكة الحديدية لأصل إلى الرصيف الآخر الذي كان يقف فيه زملائي – في أشد القلق مع الصديق الكريم،عبد الكريم القباج والسيدة حرمه .. وكان القطار واقفا بالرصيف على أهبة الاستعداد للانطلاق .. وتصافحنا مع الزوجين الكريمين وتبادلنا مع السيد عبد الكريم قبلات الوداع،وصعدنا إلى القطار ... وما كدنا نستقر بداخله حتى تحرك وأيدينا تلوح للصديقين بتحية الوداع .. وكان القطار قد تحرك قبل أن أنتقل من مقعدي المتحرك إلى مقعد المقصورة وفيما كنت أتجه إليها في ممر يتسع للمقعد إذا بنا نرى مقعدا خاصا أمامه منضدة متحركة ومثبتة بجدار المركبة،وكأن المقعد والمنضدة وضعا من أجلي خاصة وقال إبراهيم : - ما رأيك في هذا المكان الممتاز؟- كأنه مخصص لمثلي وسرعان ما نقلني إبراهيم إليه ثم طوى المقعد ووضعه في مكان كالخوان مواجه للمكان الذي جلست فيه كل شيء تم في هذه المرة ببساطة ويسر وبلا أدنى تعقيد أو مشقة ولكنني لم ألبث أن فكرت قليلا .. ما معنى وجود هذا المقعد الوحيد في الجزء الأمامي من المركبة؟ من المؤكد أنه ليس مقعدا مخصصا لراكب واحد؟ إذن .. فلأي سبب وضع في هذا المكان؟وضع لراحة رئيس القطار بطبيعة الحال ؟وأحسست بعرق الخجل يتفصد من جبيني. ماذا يقول الرجل حين يأتي ويراني جالسا في مكانه بكل "بجاحة" (..) وتمنيت لو حضر إبراهيم بسرعة لأطلب منه نقلي إلى مقصورتهم (..) وجاء رئيس القطار،رجل طويل القامة يقترب من نهاية العقد السادس من العمر،ولكن وجهه المجعد كان ينم عن السماحة وطيب القلب. ونظر بدهشة أولا،ثم أشار إلى المقعد وقال بلغة عربية مغربية : - هذا المقعد لي ... وأشار إلى المقعد أولا،ثم إلى صدره ثانيا وكأنما خشي ألا أفهم حديثه لكثرة ما يرد عليه من مخلوقات الله :وبدا عليّ الارتباك وأنا أستدير بجذعي وأشير إلى مقعدي المتحرك المطوي والموضوع في الفجوة الكبيرة الشبيهة بالخوان (..) ونظر الرجل إلى المقعد المتحرك ثم نظر إليّ،وفهم كل شيء وابتسم فجأة ثم قال :- لا بأس عليك .. لا بأس .. استرح وقلت معتذرا : - سوف أترك المكان عندما يأتي ولدي وينقلني إلى مقعدي المتحرك .. وكان قاطع التذاكر قد انضم إليه وأدرك الموقف ولكن رئيس القطار قال مسرعا :- لا لا .. كن مستريحا .. اطمئن .. وبقي بجواري مع التذكري فترة حضر خلالها ولدنا إبراهيم فلما علم بالموقف أراد بدوره أن ينقلني إلى مقعدي المتحرك ولكن رئيس القطار أصر أن أبقى في مكاني مستريحا .. وقدم إليّ ولدنا إبراهيم وصاحبته التي صادقته في القطار بعد أن عثر لها على حقيبتها،وكانت المركبة في خلال هذه الفترة قد امتلأت بعدد كبير من الأجانب والمغاربة (..) وهكذا لم يجد إبراهيم ولا صاحبته مقعدا خاليا،فاضطرا إلى الجلوس على الرف الأوسط لتلك الفجوة الكبيرة التي تشبه الخوان ... وكانت الفتاة جميلة حقا والميكرو ميكرو يزيدها جمالا وإغراء وقد التمست لولدنا إبراهيم العذر حين عجز عن مقاومة الاهتمام بها!!وتحدثت الفتاة قائلة أنها في طريقها إلى طنجة بعد أن أمضت جانبا من عطلتها السنوية عند خالة لها في الرباط،وأنها من أب مغربي وأم أندلسية إذا يبدو أن "حكاية"الأم الأندلسية أصبحت أو كانت دائما"مودة"بين البنات والسيدات .. وكان المفروض أن يظل ولدنا إبراهيم بجوارها يلاغيها ويسامرها،ولكنه كأي ولد عاق في هذا المجال،تركها وانصرف يحدثني عن زوجته في القاهرة وعن "ولي العهد"المنتظر وصوله بين يوم وآخر،وكان طبيعيا أن تمط فتاة الميكرو ميكرو شفيتها وهي تسمع هذا الحديث عن "الزوجة"وأن تنتهز أول شاب هيبز له لحية هائلة يبادلها النظرات ثم العبارات الفرنسية ثم تضع يدها في ذراعه وتحمل حقيبتها وتومئ برأسها لي وتلوي بوزها لإبراهيم ثم تختفي في المركبة ويضرب ولدنا إبراهيم يدا بيد ويقول : - هما ولاد الكلب الهيبز دول ورانا ورانا في كل مكان .. ثم يستطرد قائلا :- خصوصا أصحاب الدقون الخنفشارية دولي!!ونظرت إلى قامته الفارعة،ولون بشرته الأبيض،وتقاطيعه الوسيمة وقلت لنفسي "الحلو ما يكملش مع البنات .. شاب تتمناه كل بنت .. ولكنه طيب أكثر من اللازم" (..) وكان محسن قد تحدث بالألمانية إلى أحد رجال الجمارك،فسمحوا لنا بالخروج من المنطقة بعد أن اطلعوا على الجوازات .. وسرنا في الشارع الرئيس المحاذي لشريط السكة الحديدية،ثم انعطفنا إلى شارع فرعي صاعد إلى المدينة القديمة التي تقوم على ربوة مشرفة على البحر،وكان الأهالي أو المقيمون في المدينة والشوارع خليط من جميع الأجناس. إذن هذه هي طنجة .. المدينة التي كانت مجرد اسم في أحلامي .. مجرد أخلاط عجيبة من قراءتي عنها ،مدينة دولية قبل أن يتخذها الملك الحسن العاصمة الصيفية للمملكة (..) وجلسنا في مشرب نتناول الشطائر التي أعددناها للغداء،ولم نجد حرجا فيما نفعل،فقد كنا عابري سبيل،ولكن الفتاة الجميلة التي قدمت إلينا المرطبات أغرقتنا بابتساماتها حتى أخذتنا نفخة غير عادية من الكرم فتركنا لها درهما كاملا بقشيشا!!!(..) وعدنا إلى مبنى الجمارك،وفرغنا من الإجراءات بسرعة وسعدت بمصافحة ذلك الموظف الذي ترك مكتبه ليرحب بي ويسألني عن زملائي الأدباء والكتاب ومضينا إلى رصيف العبارة التي ستنقلنا إلى الجزيرة الخضراء على شاطئ أسبانيا :ولما وصلنا أول السلم،اعترضنا رجل يبدو من تقاطيعه الحادة ووجهه المستطيل وشاربه الأسود أنه أسباني وقال بالإنجليزية الركيكة : - يحسن أن تدخلوا الباخرة من الخلف.وصعدت دماء الغضب في وجهي .. من الخلف؟ إننا من ركاب الدرجة الأولى،وقد رأينا زملاء لنا في القطار قد صعدوا من هذا السلم وهززت رأسي معترضا وأنا أقول : - ولما لا نصعد من هذا السلم؟وأشار إلى مقعدي وتمتم بصوت الإنسان الذي يشعر بالضيق لأننا لا نفهم ما يريد أن يقول .. ولما استمر الحال على هذا النحو لحظات أشار إلى رأسه وقال بلغة عربية : - عرب؟!يخرب بيتك .. عرب؟ مالهم العرب يا ابن القديمة .. واندفعت أقول بكلمات كانت تنطلق كالقذائف بلغة إنجليزية وبصوت عال كالصراخ : - ما لهم العرب؟ أسيادك وأسياد الدنيا كلها .. وربت رجل آخر على كتفي وقال بلغة إنجليزية سليمة .. ومفهومة جدا : - مهلا يا صاحبي .. إنه يقصد أنكم معروفون بالعناد ... وهذا ما عرفناه عنكم دائما .. فهدأت وقلت : - إنه العناد الشريف الذي نحافظ به على حقوقنا .. وكان إبراهيم في تلك اللحظة قد فهم أن هناك إهانة وجهت إلينا فوقف متحفزا وقد شمر عن ساعديه وبدا في وقفته عملاقا مستعدا للإطاحة بالأربعة أو الخمسة الأجانب الواقفين أمامنا .. وقال الرجل الهادئ الذي يتحدث إنجليزية سليمة : - إنه لا يقصد إهانة .. بل يقصد الراحة لك .. إن للباخرة بابا خلفيا واسعا لدخول السيارات في قلبها .. ويمكنك استعماله دون أن تحتاج إلى أكثر من شخصين لحملك على السلم هنا.وابتسمت فجأة وأنا أشرح الموقف لإبراهيم الذي قال : - طيب يقولوا كدا من الأول :الواقع أنهم قالوا كده من الأول ولكننا لم نفهم (..) وتحركت الباخرة – وكانت تلك أول مرة أركب فيها باخرة من هذا النوع،لتعبر مضيق جبل طارق إلى الجزيرة الخضراء .. وتحرك معها على أمواج البحر سرب صغير من السمك لذي يتكاثر بجوارها سعيدا بما يلقى إليه من فتاة الطعام ... ونظرت إلى السماء .. وإلى البحر ... وتمتمت بصوت خفيض "على بركة الله" كنت جالسا في مكان يواجه قاعة الجلوس ذات الصفين من المقاعد،وكان الجلوس عليها بطريقة الكراسي الموسيقية"أي السابق هو الذي يظفر بالكرسي،وكنا متأخرين فجلسنا في الناحية الخالية الواقعة أمام الكراسي .. أقول جلست أنا .. أما حنان فقد استطاعت أن تظفر لها بكرسي عندما تركه شاغله ليذهب إلى مقدمة السفينة،ولم تلبث أن استغرقت في النوم بسبب ذلك الاهتزاز الخفيف الصادر عن السفينة،وكنت أتوقع أن أصاب بالدوار ولكن شيئا من ذلك لم يحدث،كان الجو جميلا،والمنظر الجديد على عيني .. بل كان حلما تحقق .. فطالما حلمت بركوب باخرة في عرض المحيط،وكنت أتخيل المباهج التي يمتلأ بها القلب حين يجد الإنسان نفسه طافيا على أمواج البحر،لا يغطيه إلا السماء المرصعة بالسحب ... ولكنني أعترف أن هذه البهجة لم تلبث أن انحسرت بعد ساعة وبعض ساعة. فما أسرع النفس إلى الملل إذا كان المنظر واحدا لا يتغير .. ولشد ما أشفقت على البحارة والضباط والموظفين البحريين الذين يقضون معظم أعمارهم فوق هذه الصحراوات المائية اللانهائية. (..) وتلفت حولي في ساحة الجمرك .. إذن نحن الآن على الأرض الأسبانية لأول مرة .. حلم آخر تحقق .. أسبانيا (..) ونظرت إلى الأرضية فوجدتها تشبه ببلاطاتها الكبيرة أرضية جانب من أرصفة الميناء في الإسكندرية،وأخذت نفسا عميقا من الهواء عسى أن أجد له عبيرا خاصا .. عبير أسبانيا مثلا،فلم أجده إلا نفس الهواء الذي أتنفسه على شاطئ البحر في بلادي. ونظرت إلى الشمس المائلة للغروب،وقد بلغت الساعة السابعة مساء فوجدت أنها نفس الشمس الحلوة المضيئة ذات العرائس الراقصة على الأمواج رقصات الوداع في كل مكان بالشاطئ في مثل هذه الساعة على ضفاف النيل أو على شاطئ الإسكندرية ... إذن ما أسبانيا إلا اسم أطلقه عدد من الناس على جزء من أرض الله بعد أن حددها ولولا هذا الاسم لكانت كلها – وهي فعلا كلها – أرض الله .. البحر واحد في كل مكان .. والأرض بتضاريسها واحدة في كل مكان .. والشمس هي هي لا تتغير ولا تتبدل وإن تغيرت حرارة أشعتها من مكان لآخر طبقا لناموس معين .. ورائحة الهواء هي هي .. في كل مكان وإن اختلفت الرطوبة فيه والجفاف من مكان إلى آخر حتى الناس في طبائعهم وأعماق نفوسهم ... لا يختلفون إلا في الشكليات والألسن .. أما الجوهر .. أما النفس البشرية .. فهي هي سواء كان صاحبها على ضفاف النيل أو البوسفور .. في ذرى الجبال أو أعماق الصحارى .. في جليد القطب أو أتون خط الاستواء وأفقت من خواطري هذه"الفلسفية"على وصول ولدنا محسن بعد أن انتهى من إجراءات التأشير على الجوازات،وانتقلنا إلى رصيف القطار الذي كان واقفا في انتظار الركاب المسافرين رأسا إلى مدريد .. وكانت تذاكرنا تحمل أرقام المقاعد المحجوزة لنا في القطار بالدرجة الثانية،ومع هذا فقد اعترضنا أحد موظفي الخط الحديدي قائلا أنه لابد من أخذ تأشيرة أخرى على التذاكر قبل الصعود،وذهب محسن وإبراهيم،ومضت اللحظات سريعة،وبدأت ظلال الغروب تزحف على المكان،وبقيت على مقعدي أمام باب المركبة أنتظر عودة الاثنين،وجلست حنان على الحقيبة الكبيرة تستريح،وكان الموظف يعيد الركاب إلى دائرة السكة الحديد لأخذ التأشيرة .. وتسليت فترة بالمشادات التي حدثت بينه وبين المسافرين،ولاسيما المسافرات الأسبانيات،وتسليت أكثر بالنظر إلى الجميلات منهن اللاتي جئن لتوديع أصدقائهن أو أقربائهن،جميلات بعيون سوداء واسعة جريئة،وطال غياب محسن وإبراهيم،وبدأ القلق يستبد بي،كنت أخشى أن يتحرك القطار في أية لحظة (..) وأخيرا طلبت من حنان أن تذهب ثم تعود بسرعة لتخبرني عن سبب تأخرهما،وذهبت وعادت تقول أن الطابور طويل،وأنهما أوشكا على أن يفرغا من المهمة،وكانت الشمس قد غابت تماما حين رأيتهما يأتيان جريا،وتنهدت ارتياحا. ولكن الموظف نظر في التذاكر وأشار إلى أول القطار،وقال إبراهيم ومحسن أنهما سيذهبان للبحث عن المقاعد المخصصة لنا ثم يعودان في لحظات،ولكنهما لم يعودا،كانت كل دقيقة تمر بمثابة يوم كامل في إحساسي،ورغم الاتفاق الذي تعاهدنا عليه ألا أبقى بمفردي في أي مكان طوال الرحلة. إلا أني نسيت كل شيء وطلبت من حنان بأعصاب متوترة أن تذهب وتبحث عنهما،وذهبت حنان ولم تعد هي الأخرى،وكادت عيناي تخرجان من وجهي وأنا أحملق في الاتجاه الذي غاب فيه زملائي،كانت الحقيبة بجواي،وبعض زمزميات الماء المثلوج ولا شيء غير هذا.. ولا جوازات سفر .. ولا بطاقة شخصية،لا شيء إطلاقا .. واشتدت ضربات قلبي وأنا أرى المودعين يغادرون القطار،وأنا أرى المسافرين الواقفين على الرصيف يسرعون بالركوب .. وأحسست كأن يدا تعتصر قلبي وأخرى تضغط على عنقي! ماذا حدث لزملائي؟ كيف تركوني هكذا وحيدا؟ وما عساي أفعل؟ ما أشد هوان العجز! مرة أخرى،من المرات القليلة في حياتي،أشعر بلعنة المرض الذي يعجز إنسانا عن التصرف في موقف كهذا. ولم يبق غير لحظات ويتحرك القطار في الثالثة والنصف؟ ماذا أفعل لو تحرك وتركني وحيدا،بملابس صيفية وقد بدأ الجو يزداد برودة.ماذا أقول لناس لا يفهمون لغتي؟ ماذا أفعل وأنا فاقد كل شيء يدل على شخصيتي .. ووجدت نفسي أتغلب على جانب من العجز وأحرك المقعد بساقي وقدمي بقوة لم أعهدها فيهما من قبل وتحرك المقعد في الاتجاه الذي اختفى فيه زملائي .. تركت الحقيبة و كل شيء ورائي ومضيت أدفع المقعد متحركا بسرعة وأنا أهتف عليهم : إبراهيم محسن .. حنان .. وتجنبت نظرات بعض الركاب الذين أطلوا من نوافذ القطار .. والقطار يوشك أن يتحرك .. وبقيت أدفع المقعد بقوة وأنا أقول لنفسي على الأقل أختصر المسافة إذا عادوا ليمضوا بي إلى المقاعد المحجوزة .. وكان الأمل لا يزال يراودني في أنهم سيحضرون إليّ حتما .. ولكن البقايا من الأمل أخذت تتلاشى كلما ازدادت أشباح المساء حولي ... وأحسست أني سأغيب عن وعيي من فرط الجزع والرعب .. وكلما تصورت حالتي وحيدا في بلاد لا أعرف لغة أهلها،وبلا مال أو تحقيق شخصية،ازددتُ دفعا للكرسي المتحرك بقدمي،وازدادت أنفاسي اضطرابا وأنا أنادي على زملائي بصوت متقطع مرهق .. ) {ص 276 - 290 }. إلى اللقاء في الحلقة القادمة .. إذا أذن الله. أبو أشرف : محمود المختار الشنقيطي -المدينة المنورة