لا جرم أن الاعتراف بالخطيئة شرط في صدق التائب
بل إنه يصير - بعد صحة توبته - إلى حال من الرضا أحسن من حاله الأولى وأرقى
وهذا سر من أسرار الابتلاء الذي يخرج منه المذنب أكثر عافية وأنشط عزما
كما يخرج المريض من غمرة داء فاتك بسلامة ، ونجاة تشعره بسعادة ميلاد جديد
وليس وراء الابتلاء بالذنب سر أعظم من شهود افتقارك إلى مولاك
فهل يليق بمقام الافتقار إلا لزوم الإقرار ، وكف صولة الاغترار ؟ ..
وهل أخرج آدم من أسر ( وَعَصَىٰ ءَادَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ) إلى قصر ( ثُمَّ ٱجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ وَهَدَىٰ )
إلا شهر ( رَبَّنَا ظَلَمْنَآ أَنفُسَنَا ) ..
وقد يكون هذا هو المقصد في معتقد النصارى من لزوم الإقرار لقساوستهم في مرض الموت بالخطايا
بيد أن خاتمية شريعتنا اقتضت وضع كثير من أغلال السلوك إلى الله جل وعلا
فأناط الشارع الحكيم شرط الإقرار بما بين العبد وربه ، إلا أن يكون لأحد من الخلق عليه حق مادي أو معنوي
فتوبته لا محالة معلقة على التحلل منه إبراء لذمته ..
ومن كان دينه بهذه الوسطية أحق بلزوم الصدق في مواطن الاختيار فضلا عن مواطن الاضطرار ..
والله أعلم