2- القصص .. وجهة النظر: 2- خارج الأحداث
يطلق المعنيون بوجهة النظر على هذه الوجهة أسماء لا أرضاها؛ لذا أسميها "وجهة خارج الأحداث"؛ لأنها تقوم على السرد من خارج شخصيات الأحداث.
وتمتاز هذه الطريقة بأن السارد يعلم ما يعتمل داخل شخصيات الأحداث وما يقع خارجها؛ لذا يكون وصفه داخل الشخصيات أمر مقبولا قبولا فنيا بالدرجة ذاتها عند وصفه ما يقع خارج الشخصيات.
وقد اتبعت كاتبتنا هذه التقنية الفنية في تسع قصص، هي:
1، 2- "قلوب لا تعرف الرحمة"، و"أسيرة ورقة".

أ- بين يدي القصتين
حيث دار السرد حول وهم الزواج العرفي، وما هو بزواج عرفي؛ لأن الزواج العرفي هو الزواج الكامل من دون توثيق. أما ذلك الذي يحدث بين ذكر وأنثى من اتفاق ثنائي وكتابة ورقة سرية فهذا ليس زواجا لا عرفيا ولا غيره، إنما هو زنا.
أقول: دارت القصتان حول تلك الفتاة التي انساقت وراء شهوتها ووهمها فكانت صريعة شهوتها بعد حدوث ما يفترض حدوثه في مثل هذه الشهوات المحرمة من هجر الذكر الأنثى ووقوعها تحت وطء الافتضاح.

ب- عالجت الكاتبة هذه القضية في قصة "قلوب لا تعرف الرحمة" معالجة تبدو تقليدية بسيطة على المستوى الظاهر، أما على مستوى التأمل فنجد أن المعالجة فنية مركبة.
كيف؟
كانت شخصة الحدث فتاة اسمها "رزان"، لكن تصرفها وفعلها كان نقيض اسمها.
لماذا؟
لتمكن الشهوة، فجعلها ذلك لا ترحم ذاتها، فلم يرحمها الآخر.
ومن هنا كان ازدواج الفهم من العنوان "قلوب لا تعرف الرحمة".
كيف؟
يظن الظان أن المعني هنا قلب ذلك الشاب العابث، وهذا مقصود وصادق، لكن قبله كان قلب هذه الشابة التي خضعت لشهوتها وإن لم تعترف ولم تر إلا أنها أحبت بإخلاص.
لكن الكاتبة اتبعت بناء فنيا حاول تبرير ذلك.
كيف؟
كان السرد من خلال الشاب مبينا رغبته كاشفا عن حيله.

ج- واختلف البناء الفني في قصة "أسيرة ورقة"؛ إذ كانت الأنثى فيها مسافرة إلى مكان غير مكانها تاركة لأهلها من أجل ذكرٍ له زوجة، بينما كانت الأنثى في الأولى فتاة مع فتى يمر بمرحلة ما قبل خطبة ابنة خالته. وجاءت النتيجة ذاتها، بغيابها غيابا حقيقيا بالموت بينما كان غياب الأولى غيابا جزئيا في حياة بيولوجية.

د- كلمة أخيرة
وفي القصتين نقاط تشابه تجعل البناء الفني يعتمد حيلا فنية مشتركة.
كيف؟
* الذكر هو الغادر في القصتين، والأنثى هي المضحية ثم الضحية.
* وقعت الأنثى في القصتين في غيبوبة حصرتهما في همهما، وإن كان في القصة الأولى غيابا في حياة بيولوجية وفي القصة الأخرى غياب موت.
* لم تعدم الأنثى فيهما معتنيا بهما تمثل في القصة الأولى في الأم الساعية على علاج ابنتها، وفي القصة الأخرى في تلك التي ساندتها لمرورها بالتجربة نفسها من قبل. وفي هذا إشارة إلى عموم هذا البلاء.
* وكم أعجبني ذلك الفرق المتمثل في عدم فضيحة الأولى؛ لأنها تعيش في بيئتها ومع أمها، وفضيحة الأخرى لكونها في غربة مما يجعل أمر فضيحتها أمرا يمكن التخلص من آثاره لو كتب لها حياة.
* والقراءة يمكن أن تمتد أكثر وأكثر لكنني أرجئها إلى حين تناول عنصر "البناء الفني"، لكنني لا أرجئ الإشادة بالموقف الذي ينم عن وعي الكاتبة بوظيفة أدبها وتأثيره، فلم تسرد سردا يحبب ذلك الفحش بل سردت سردا أوضح الأمر إيضاحا يحض على اتباع الصواب وترك الخطأ.