ان الشعب هو مصدر السلطات تلك مقوله تقال عده فى الادبيات القديمه والحديثه والحقيقه ان الشعب هو الامه والامه بالمعنى الواسع هو الشعب والحقيقه ان الثورات تاتى كما قلنا لتحقيق اهدافا عادله ولا تجتمع الامه على ضلاله وقد جاءت الثوره المصريه وغيرها من اجل تحقيق الغايه التى غالبا ما تكون عادله دون البحث عن ادبيات لتلك الغايات المشروعه والهدف الاسمى لاى ثوره هو تحقيق الحريه فما هى تلك الحريه وهل تستحق تلك الحريه المنشوده قيام الشعوب بثورات وما هى الحريه من منظور الاسلام وهل كفلها الاسلام وحث عليها وهل تعتبر مبدا عام واصل من اصول الاسلام ام عمليه الكلام عن النقاب واللحيه والترهيب من عذاب القبر وجهنم وبئس المصير لان الشعب لا يتمسك باللحيه ولبس النقاب الشعب المتخلف المنحل كما صورت لنا فضائيات السلفيين من الخوف والهلع الذلا بثه هؤلاء فينا هل الحريه اعظم اثرا ام الترهيب والتخويف والخطاب الدينى الذى يتمسك بالقشور هل ما بثه السلفيين فينا من هلع وخوف له مبرر بل هل انتج اثره على الساحه ام لا هل هم كالنوا على حق ام لا الثابت والذى اثبته الواقع ان ما اثاره هؤلاء زمنا كان تخويفا وارهابا ليس له مبرر واثبت الشعب المصرى والتونسى انهما شعبين متدينين اكثر من هؤلاء ولنبدا البحث فى الحديث عن الحريه( جاء الإسلام ليرفع من كرامة الإنسان ـ من حيث هو إنسان ـ فكرمه بالعقل وكفل له الرزق والطيبات، وحقق له أفضلية على كثير من المخلوقات، يقول تعالى: (وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آَدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا). وبهذا المفهوم الشامل للعقل، تحريرًا له من الجمود والتوقف والتخلف عن التفاعل الحي مع ما يرى من مظاهر الكون والحياة، دعا الإسلام إلى النظر والتفكير والتأمل، ونعى على الذين لا يفكرون، ولا يتأملون خلق الله، ولا يعملون عقولهم خلوصًا إلى اليقين (وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20) وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)) [سورة الذاريات].. (مَا خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّى) [سورة الروم: 8]. كما ذم القرآن "الكلمة الخبيثة" التي تكُب الناس في النار على وجوههم، كما يقول الحديث النبوي الشريف. إنها الكلمة التي تؤدي إلى تخريب الفرد وتدمير المجتمع (وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ) [سورة إبراهيم: 26]. جعل الإسلام "الحرية" حقاً من الحقوق الطبيعية للإنسان، فلا قيمة لحياة الإنسان بدون الحرية، وحين يفقد المرء حريته، يموت داخلياً، وإن كان في الظاهر يعيش ويأكل ويشرب، ويعمل ويسعى في الأرض. ولقد بلغ من تعظيم الإسلام لشأن "الحرية" أن جعل السبيل إلى إدراك وجود الله تعالى هو العقل الحر، الذي لا ينتظر الإيمان بوجوده بتأثير قوى خارجية، كالخوارق والمعجزات ونحوها قال تعالىنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي )) فنفي الإكراه في الدين، الذي هو أعز شيء يملكه الإنسان، للدلالة على نفيه فيما سواه وأن الإنسان مستقل فيما يملكه ويقدر عليه لا يفرض عليه أحد سيطرته، بل يأتي هذه الأمور، راضياً غير مجبر، مختاراً غير مكره.لا يعني بطبيعة الحال إقرار الإسلام للحرية أنه أطلقها من كل قيد وضابط، لأن الحرية بهذا الشكل أقرب ما تكون إلى الفوضى، التي يثيرها الهوى والشهوة ، ومن المعلوم أن الهوى يدمر الإنسان أكثر مما يبنيه ، ولذلك منع من اتباعه، والإسلام ينظر إلى الإنسان على أنه مدني بطبعه، يعيش بين كثير من بني جنسه، فلم يقر لأحد بحرية دون آخر، ولكنه أعطى كل واحد منهم حريته كيفما كان، سواء كان فرداً أو جماعة، ولذلك وضع قيوداً ضرورية، تضمن حرية الجميع ، وتتمثل الضوابط التي وضعها الإسلام في الآتي : أ- ألا تؤدي حرية الفرد أو الجماعة إلى تهديد سلامة النظام العام وتقويض أركانه. ب- ألا تفوت حقوقاً أعظم منها،وذلك بالنظر إلى قيمتها في ذاتها ورتبتها ونتائجها.
ج - ألا تؤدي حريته إلى الإضرار بحرية الآخرين.
وبهذه القيود والضوابط ندرك أن الإسلام لم يقر الحرية لفرد على حساب الجماعة ،كما لم يثبتها للجماعة على حساب الفرد ،ولكنه وازن بينهما ،فأعطى كلاً منهما حقه.
الصنف الأول : الحرية المتعلقة بحقوق الفرد المادية ، وهذا الصنف يشمل الآتي:
أ - الحرية الشخصية: والمقصود بها أن يكون الإنسان قادراً على التصرف في شئون نفسه، وفي كل ما يتعلق بذاته، آمناً من الاعتداء عليه، في نفسه وعرضه وماله، على ألا يكون في تصرفه عدوان على غيره. والحرية الشخصية تتضمن شيئين :
1) حرمة الذات: وقد عنى الإسلام بتقرير كرامة الإنسان ، وعلو منزلته. فأوصى باحترامه وعدم امتهانه واحتقاره ، قال تعالىنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي(ولقد كرمنا بني آدم)) ، وقال تعالىنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي(وإذ قال ربك للملائكة اني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون)) وميزه بالعقل والتفكير تكريماً له وتعظيماً لشأنه، وتفضيلاً له على سائر مخلوقاته، وفي الحديث عن عائشة – رضي الله عنها – مرفوعاً : " أول ما خلق الله العقل قال له اقبل ، فأقبل ، ثم قال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له عز وجل: وعزتي وجلالي ما خلقت خلقاً أكرم علي منك، بك آخذ، وبك أعطي، وبك أثيب، وبك أعاقب"، وفي هذه النصوص ما يدعو إلى احترام الإنسان، وتكريم ذاته، والحرص على تقدير مشاعره، وبذلك يضع الإسلام الإنسان في أعلى منزلة، وأسمى مكان حتى أنه يعتبر الاعتداء عليه اعتداء على المجتمع كله، والرعاية له رعاية للمجتمع كله ، قال تعالى نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي(من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض ، فكأنما قتل الناس جميعاً ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)). وتقرير الكرامة الإنسانية للفرد، يتحقق أياً كان الشخص، رجلاً أو امراة، حاكماً أو محكوماً، فهو حق ثابت لكل إنسان، من غير نظر إلى لون أو جنس أو دين. حتى اللقيط في الطرقات و نحوها، يجب التقاطه احتراما لذاته و شخصيته، فإذا رآه أحد ملقى في الطريق، وجب عليه أخذه، فإن تركوه دون التقاطه أثموا جميعاً أمام الله تعالى، و كان عليهم تبعة هلاكه. هذا و كما حرص الإسلام على احترام الإنسان حياً، فقد أمر بالمحافظة على كرامته ميتاً، فمنع التمثيل بجثته، و ألزم تجهيزه و مواراته ،و نهى عن الاختلاء و الجلوس على القبور.

2) تأمين الذات: بضمان سلامة الفرد و أمنة في نفسه و عرضه و ماله:
فلا يجوز التعرض له بقتل أو جرح، أو أي شكل من أشكال الاعتداء، سواء كان على البدن كالضرب و السجن و نحوه، أو على النفس و الضمير كالسب أو الشتم و الازدراء و الانتقاص وسوء الظن و نحوه، و لهذا قرر الإسلام زواجر و عقوبات، تكفل حماية الإنسان و وقايته من كل ضرر أو اعتداء يقع عليه، ليتسنى له ممارسة حقه في الحرية الشخصية. وكلما كان الاعتداء قوياً كان الزجر أشد، ففي الاعتداء على النفس بالقتل و جب القصاص، كما قال تعالى : ((يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى))، أو كان الاعتداء على الجوارح بالقطع و جب القصاص أيضاً كما قال تعالى (و كتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس و العين بالعين و الأنف بالأنف و الأذن بالأذن و السن بالسن و الجروح قصاص)) و منع عمر بن الخطاب –رضي الله عنه – الولاة من أن يضربوا أحداً إلا أن يكون بحكم قاض عادل، كما أمر بضرب الولاة الذين يخالفون ذلك بمقدار ما ضربوا رعاياهم بل إنه في سبيل ذلك منع الولاة من أن يسبوا أحداً من الرعية، ووضع عقوبة على من يخالف ذلك.

ب-حرية التنقل (الغدو و الرواح ): والمقصود بها أن يكون الإنسان حراً في السفر والتنقل داخل بلده وخارجه دون عوائق تمنعه. والتنقل بالغدو والرواح حق إنساني طبيعي ،تقتضيه ظروف الحياة البشرية من الكسب والعمل وطلب الرزق والعلم ونحوه ،ذلك أن الحركة شأن الأحياء كلها ،بل تعتبر قوام الحياة وضرورتها وقد جاء تقرير ((حرية التنقل )) بالكتاب والسنة والإجماع ففي الكتاب قوله تعالى : ((هو الذي جعل لكم الأرض ذلولا فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه و أليه النشور)) و لا يمنع الإنسان من التنقل إلا لمصلحة راجحة ،كما فعل عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – في طاعون عمواس، حين منع الناس من السفر إلى بلاد الشام الذي كان به هذا الوباء، و لم يفعل ذلك الا تطبيقاً لقول رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه و إذا وقع بأرض و انتم بها فلا تخرجوا فرار منه)، و لأجل تمكين الناس من التمتع بحرية التنقل حرم الإسلام الاعتداء على المسافرين، والتربص لهم في الطرقات، و أنزل عقوبة شديدة على الذين يقطعون الطرق ويروعون الناس بالقتل و النهب و السرقة، قال تعالى : ((إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله و يسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم و أرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا و لهم في الآخرة عذاب عظيم)) و لتأكيد حسن استعمال الطرق و تأمينها نهى النبي صلى الله عليه و سلم صحابته عن الجلوس فيها، فقال: (إياكم و الجلوس في الطرقات ،قالوا: يا رسول الله ،ما لنا بد في مجالسنا، قال: فإن كان ذلك، فأعطوا الطريق حقها، قالوا: و ما حق الطريق يا رسول الله ؟قال: غض البصر و كف الأذى، و رد السلام، و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر )، فالطرق يجب أن تفسح لما هيئ لها من السفر و التنقل و المرور، و أي استعمال لغير هدفها محظور لا سيما إذا أدي إلى الاعتداء على الآمنين، و لأهمية التنقل في حياة المسلم وأنه مظنة للطوارئ، فقد جعل الله تعالى ابن السبيل- وهو المسافر- أحد مصارف الزكاة إذا ألم به ما يدعوه إلى الأخذ من مال الزكاة ، ولو كان غنياً في موطنه .

ج-حرية المأوى و المسكن: فمتى قدر الإنسان على اقتناء مسكنه ،فله حرية ذلك، كما أن العاجز عن ذلك ينبغي على الدولة أن تدبر له السكن المناسب، حتى تضمن له أدنى مستوى لمعيشته.
روى أبو سعيد الخدري -رضي الله عنه-أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان معه فضل زاد فليعد به على من لا زاد له)، وقد استدل الإمام ابن حزم بهذا الحديث وغيره على أن أغنياء المسلمين مطالبون بالقيام على حاجة فقرائهم إذا عجزت أموال الزكاة والفيئ عن القيام بحاجة الجميع من الطعام والشراب واللباس والمأوى الذي يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء وعيون المارة، والدولة هي التي تجمع هذه الأموال وتوزعها على المحتاجين ولا فرق في هذا بين المسلمين وغيرهم لأن هذا الحق يشترك فيه جميع الناس كاشتراكهم في الماء والنار فيضمن ذلك لكل فرد من أفراد الدولة بغض النظر عن دينه.
فإذا ما ملك الإنسان مأوى و مسكن ،فلا يجوز لأحد ،أن يقتحم مأواه ،أو يدخل منزله إلا بإذنه، حتى لو كان الداخل خليفة، أو حاكماً أعلى –رئيس دولة- ما لم تدع إليه ضرورة قصوى أو مصلحة بالغة، لأن الله تعالى يقول نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي(يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا و تسلموا على أهلها ذلكم خيركم لعلكم تذكرون، فإن لم تجدوا فيها أحداً فلا تدخلوها حتى يؤذن لكم و إن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم و الله بما تعملون عليم )) و إذا نهى عن دخول البيوت بغير إذن أصحابها، فالاستيلاء عليها أو هدمها أو إحراقها من باب أولى، إلا إذا كان ذلك لمصلحة الجماعة، بعد ضمان البيت ضماناً عادلاً، و هذه المصلحة قد تكون بتوسعة مسجد، أو بناء شارع، أو إقامة مستشفى، أو نحو ذلك، و قد أجلى عمر بن الخطاب –رضي الله عنه –أهل نجران، و عوضهم بالكوفة. ولحفظ حرمة المنازل وعظمتها حرم الإسلام التجسس، فقال تعالى نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي( و لا تجسسوا و لا يغتب بعضكم بعضا )) وذلك لأن في التجسس انتهاكا لحقوق الغير والتي منها :حفظ حرمة المسكن، وحرية صاحبه الشخصية بعدم الاطلاع على أسراره. بل و بالغ الإسلام في تقرير حرية المسكن بأن أسقط القصاص والدية عمن انتهك له حرمة بيته، بالنظر فيه و نحوه، يدل على ذلك حديث أبى هريرة –رضي الله عنه-أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : (من اطلع في دار قوم بغير إذنهم ففقأوا عينه فقد هدرت عينه) وهدرت:أي لاضمان على صاحب البيت. فعين الإنسان –رغم حرمتها وصيانتها من الاعتداء عليها وتغليظ الدية فيها –لكنها هنا أهدرت ديتها بسب سوء استعمالها واعتدائها على حقوق الغير .

د-حرية التملك: و يقصد بالتملك حيازة الإنسان للشيء و امتلاكه له، و قدرته على التصرف فيه، و انتفاعه به عند انتقاء الموانع الشرعية، و له أنواع و وسائل نوجزها في الآتي:
1) أنواع الملكية: للملكية أو التملك نوعان بارزان،هما:تملك فردي ،و تملك جماعي.
فالتملك الفردي: هو أن يحرز الشخص شيئاً ما ،و ينتفع به على وجه الاختصاص و التعين.
وقد أعطى الإسلام للفرد حق التملك، و جعله قاعدة أساسية للاقتصاد الإسلامي، و رتب على هذا الحق نتائجه الطبيعية في حفظه لصاحبه، و صيانته له عن النهب و السرقة ،و الاختلاس و نحوه ،ووضع عقوبات رادعة لمن اعتدى عليه ،ضمانا له لهذا الحق ،و دفعا لما يتهدد الفرد في حقه المشروع .كما أن الإسلام رتب على هذا الحق أيضا نتائجه الأخرى، وهي حرية التصرف فيه بالبيع أو الشراء و الإجارة و الرهن و الهبة و الوصية و غيرها من أنواع التصرف المباح.
غير أن الإسلام لم يترك (التملك الفردي) مطلقاً من غير قيد، ولكنه وضع له قيوداً كي لا يصطدم بحقوق الآخرين، كمنع الربا و الغش و الرشوة و الاحتكار و نحو ذلك، مما يصطدم ويضيع مصلحة الجماعة .و هذه الحرية لا فرق فيها بين الرجل و المرأة قال الله تعالى : ((للرجال نصيب مما اكتسبوا و للنساء نصيب مما اكتسبن )).
أما النوع الثاني:فهو التملك الجماعي :و هو الذي يستحوذ عليه المجتمع البشري الكبير، أو بعض جماعاته، و يكون الانتفاع بآثاره لكل أفراده، و لا يكون انتفاع الفرد به إلا لكونه عضواً في الجماعة، دون أن يكون له اختصاص معين بجزء منه، مثاله :المساجد والمستشفيات العامة والطرق والأنهار والبحار وبيت المال ونحو ذلك. و ما ملك ملكاً عاماً يصرف في المصالح العامة ،و ليس لحاكم أو نائبه أو أي أحد سواهما أن يستقل به أو يؤثر به أحد ليس له فيه استحقاق بسب مشروع وإنما هو مسؤول عن حسن إدارته و توجيهه التوجيه الصحيح الذي يحقق مصالح الجماعة ويسد حاجاتها.
2) وسائل الملكية: و هي طرق اكتسابها التي حددها الإسلام و عينها و حرم ما سواها ويمكن تقسيمها أيضا إلى قسمين :وسائل الملكية الفردية و الجماعية.
- وسائل الملكية الفردية ،و لها مظهران:
المظهر الأول :الأموال المملوكة ،أي المسبوقة بملك ،و هذه الأموال لا تخرج من ملك صاحبها إلى غيره إلا بسب شرعي كالوراثة ،أو الوصية ،أو الشفعة ، أو العقد ،أو الهبة ،أو نحوها.
المظهر الثاني :الأموال المباحة ،أي غير المسبوقة بملك شخص معين ،و هذه الأموال لا يتحقق للفرد تملكها إلا بفعل يؤدي إلى التملك و وضع اليد ،كإحياء موات الأرض و الصيد ،واستخراج ما في الأرض من معادن ،و إقطاع ولي الأمر جزءاً من المال لشخص معين،والعمل ،و نحوه .
على أن ثمة قيوداً على الملكية الفردية ،تجمل فيما يلي:
1/ مداومة الشخص على استثمار المال ،لأن في تعطيله إضراراً بصاحبه ،و بنماء ثروة المجتمع.
2/ أداء زكاته إذا بلغ نصاباً،لأن الزكاة حق المال،و كذلك إنفاقه في سبيل الله.
3/ اجتناب الطرق المحرمة للحصول عليه ،كالربا ،و الغش و الاحتكار و نحوه.
4/ عدم الإسراف في بذله أو التقتير.

- وسائل الملكية الجماعية ،و لها مظاهر كثيرة ،نوجزها في الآتي:
المظهر الأول :الموارد الطبيعية العامة ،و هي التي يتناولها جميع الناس في الدولة دون جهد أو عمل . كالماء ،و الكلأ ،و النار ،و ملحقاتها.
المظهر الثاني :الموارد المحمية ،أي التي تحميها الدولة لمنفعة المسلمين أو الناس كافة ،مثل :المقابر ،والمعسكرات ،و الدوائر الحكومية ،والأوقاف ،والزكوات و نحوها.
المظهر الثالث :الموارد التي لم تقع عليها يد أحد ،أو وقعت عليها ثم أهملتها مدة طويلة كأرض الموات.
المظهر الرابع :الموارد التي تجنيها الدولة بسبب الجهاد كالغنائم والفيء ونحوها

هـ- حرية العمل: العمل عنصر فعال في كل طرق الكسب التي أباحها الإسلام، و له شرف عظيم باعتباره قوام الحياة ولذلك فإن الإسلام أقر بحق الإنسان فيه في أي ميدان يشاؤه ولم يقيده إلا في نطاق تضاربه مع أهدافه أو تعارضه مع مصلحة الجماعة. و لأهمية العمل في الإسلام اعتبر نوعاً من الجهاد في سبيل الله ،كما روى ذلك كعب بن عجرة –رضي الله عنه –قال : (مر على النبي صلى الله عليه و سلم رجل ،فرأى أصحاب الرسول الله صلى الله عليه و سلم من جلده و نشاطه، فقالوا :يا رسول الله ،لو كان هذا في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إن كان خرج يسعى على ولده صغاراً، فهو في سبيل الله،و إن خرج يسعى على أبوين شيخين كبيرين فهو في سبيل الله ،و إن كان خرج يسعى على نفسه يعضها فهو في سبيل الله، و إن كان خرج يسعى رياء و مفاخرة فهو في سبيل الشيطان). وهكذا نجد كثيراً من نصوص الكتاب و السنة ،تتحدث عن العمل و تحث عليه وتنوه بأعمال متنوعة كصناعة الحديد و نجارة السفن ،و فلاحة الأرض ،و نحو ذلك ،لأن العمل في ذاته وسيلة للبقاء، و البقاء –من حيث هو – هدف مرحلي للغاية الكبرى، و هي عبادة الله، و ابتغاء رضوانه ، وبقدر عظم الغاية تكون منزلة الوسيلة، فأعظم الغايات هو رضوان الله تعالى، و بالتالي فإن أعظم وسيلة إليها هي العمل و التضحية، و إنما نوه القرآن بالعمل والكسب للتنبيه على عظم فائدته و أهميته للوجود الإنساني، وأنه أكبر نعمة الله على الإنسان.


الصنف الثاني :الحرية المتعلقة بحقوق الفرد المعنوية ،و هذا الصنف يشمل الآتي:
أ-حرية الاعتقاد: ويقصد بها اختيار الإنسان لدين يريده بيقين، و عقيدة يرتضيها عن قناعة، دون أن يكرهه شخص آخر على ذلك .فإن الإكراه يفسد اختيار الإنسان، و يجعل المكره مسلوب الإرادة ،فينتفي بذلك رضاه و اقتناعه و إذا تأملنا قول الله تعالى : ((لا إكراه في الدين )) نجد أن الإسلام رفع الإكراه عن المرء في عقيدته، و أقر أن الفكر و الاعتقاد لا بد أن يتسم بالحرية، وأن أي إجبار للإنسان، أو تخويفه، أو تهديده على اعتناق دين أو مذهب أو فكره باطل و مرفوض، لأنه لا يرسخ عقيدة في القلب، و لا يثبتها في الضمير. لذلك قال تعالى : ((و لو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعا أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين )) و قال أيضاً ((فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر )) كل هذه الآيات و غيرها ،تنفي الإكراه في الدين،و تثبت حق الإنسان في اختيار دينه الذي يؤمن به. هذا و يترتب على حرية الاعتقاد ما يلي:
1) إجراء الحوار و النقاش الديني ،وذلك بتبادل الرأي و الاستفسار في المسائل الملتبسة ،التي لم تتضح للإنسان ،و كانت داخلة تحت عقله و فهمه –أي ليست من مسائل الغيب – وذلك للاطمئنان القلبي بوصول المرء إلى الحقيقة التي قد تخفى عليه، وقد كان الرسل والأنبياء عليهم الصلاة و السلام يحاورون أقوامهم ليسلموا عن قناعة و رضى و طواعية ، بل إن إبراهيم –أبا الأنبياء عليه السلام –حاور ربه في قضية ((الإحياء و الإماتة )) ليزداد قلبه قناعة و يقيناً و ذلك فيما حكاه القرآن لنا في قوله تعالى : ((وإذ قال إبراهيم رب أرني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن قال بلى و لكن ليطمئن قلبي قال فخذ أربعة من الطير فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل منهن جزءاً ثم ادعهن يأتينك سعياً فلما تبين له قال أعلم أن الله عزيز حكيم )) بل إن في حديث جبريل عليه السلام ،الذي استفسر فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ((الإسلام ))و ((الإيمان ))و ((الإحسان )) و ((علامات الساعة )) دليل واضح على تقرير الإسلام لحرية المناقشة الدينية ،سواء كانت بين المسلمين أنفسهم، أو بينهم و بين أصحاب الأديان الأخرى، بهدف الوصول إلى الحقائق و تصديقها، لا بقصد إثارة الشبه و الشكوك و الخلافات، فمثل تلك المناقشة ممنوعة، لأنها لا تكشف الحقائق التي يصل بها المرء إلى شاطئ اليقين.

2) ممارسة الشعائر الدينية ،و ذلك بأن يقوم المرء بإقامة شعائره الدينية ،دون انتقاد أو استهزاء ، أو تخويف أو تهديد،و لعل موقف الإسلام الذي حواه التاريخ تجاه أهل الذمة –أصحاب الديانات الأخرى –من دواعي فخره و اعتزازه ،و سماحته ،فمنذ نزل الرسول صلى الله عليه و سلم يثرب –المدينة المنورة –أعطى اليهود عهد أمان ، يقتضي فسح المجال لهم أمام دينهم و عقيدتهم، و إقامة شعائرهم في أماكن عبادتهم .ثم سار على هذا النهج الخلفاء الراشدون ،فكتب عمر بن الخطاب –رضي الله عنه – لأهل إيلياء –القدس- معاهدة جاء فيها : (( هذا ما أعطاه عمر أمير المؤمنين ، أهل ايلياء من الأمان ،أعطاهم أمانا على أنفسهم ،و لكنائسهم و صلبانهم ،،، لا تسكن كنائسهم ولا تهدم و لا ينتقص منها و لا من غيرها و لا من صلبهم، و لا يكرهون على دينهم ،و لا يضار أحد منهم )) و ها هم علماء أوروبا اليوم ،يشهدون لسماحة الإسلام ،و يقرون له بذلك في كتبهم .قال ((ميشود )) في كتابه (تاريخ الحروب الصليبية ) : (( إن الإسلام الذي أمر بالجهاد ،متسامح نحو أتباع الأديان الأخرى و هو قد أعفى البطاركة و الرهبان و خدمهم من الضرائب،و قد حرم قتل الرهبان –على الخصوص – لعكوفهم على العبادات، ولم يمس عمر بن الخطاب النصارى بسوء حين فتح القدس، وقد ذبح الصليبيون المسلمين و حرقوا اليهود عندما دخلوها )) أي مدينة القدس

ب- حرية الرأي: و تسمى أيضا بحرية التفكير و التعبير، وقد جوز الإسلام للإنسان أن يقلب نظره في صفحات الكون المليئة بالحقائق المتنوعة، و الظواهر المختلفة، و يحاول تجربتها بعقله، و استخدامها لمصلحته مع بني جنسه، لأن كل ما في الكون مسخر للإنسان، يستطيع أن يستخدمه عن طريق معرفة طبيعته و مدى قابليته للتفاعل و التأثير ،ولا يتأتى ذلك إلا بالنظر و طول التفكير.
هذا و لإبداء الرأي عدة مجالات و غايات منها:
1) إظهار الحق و إخماد الباطل ،قال تعالى : ((ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير و يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر و أولئك هم المفلحون)) فالمعروف هو سبيل الحق ،و لذلك طلب من المؤمن أن يظهره ،كما أن المنكر هو سبيل الباطل ،و لذلك طلب من المؤمن أن يخمده.
2) منع الظلم و نشر العدل ،و هذا ما فعله الأنبياء و الرسل إزاء الملوك و الحكام و يفعله العلماء و المفكرون مع القضاة و السلاطين قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر ).
3) و قد يكون إبداء الرأي ،بتقديم الأمور حسب أهميتها و أولويتها، و هذا أكثر ما يقوم به أهل الشورى في أكثر من بلد ،و أكثر من مجتمع و قد يكون بأي أسلوب آخر،إذ من الصعب حصرها ،و لكنها لا تعني أن يخوض الإنسان فيما يضره، ويعود عليه بالفساد، بل لا بد أن تكون في إطار الخير والمصلحة إذ الإسلام بتقريره حرية الرأي ، إنما أراد من الإنسان أن يفكر كيف يصعد، لا كيف ينزل، كيف يبني نفسه و أمته،لا كيف يهدمها سعياً وراء شهوتها وهواها.
وباستعراض التاريخ الإسلامي ،نجد أن ((حرية الرأي )) طبقت تطبيقاً رائعاً ،منذ عصر النبوة ،فهذا الصحابي الجليل ،حباب بن المنذر ، أبدى رأيه الشخصي في موقف المسلمين في غزوة بدر ،على غير ما كان قد رآه النبي صلى الله عليه و سلم ،فأخذ النبي صلى الله علبه و سلم برأيه ، و أبدى بعض الصحابة رأيهم في حادثة الإفك ،و أشاروا على النبي صلى الله عليه و سلم بتطليق زوجته عائشة –رضي الله عنها – إلا أن القرآن برأها ،و غير ذلك من المواقف الكثيرة التي كانوا يبدون فيها آراءهم

ج-حرية التعلم: طلب العلم و المعرفة حق كفله الإسلام للفرد،و منحه حرية السعي في تحصيله،و لم يقيد شيئاً منه، مما تعلقت به مصلحة المسلمين ديناً و دنيا، بل انتدبهم لتحصيل ذلك كله، و سلوك السبيل الموصل إليه، أما ما كان من العلوم بحيث لا يترتب على تحصيله مصلحة، و إنما تتحقق به مضرة و مفسدة، فهذا منهي عنه، و محرم على المسلم طلبه، مثل علم السحر و الكهانة ،و نحو ذلك.
و لأهمية العلم و المعرفة في الحياة ،نزلت آيات القرآن الأولى تأمر النبي صلى الله عليه و سلم بالقراءة قال تعالى: ((اقرأ باسم ربك الذي خلق ،خلق الإنسان من علق ،اقرأ و ربك الأكرم ، الذي علم بالقلم ،علم الإنسان ما لم يعلم)) و القراءة هي مفتاح العلم ،و لذلك لما هاجر النبي صلى الله عليه و سلم إلى المدينة،و نصب عليه الكفار الحرب،و انتصر المسلمون و أسروا من أسروا من المشركين، جعل فداء كل أسير من أسراهم ،تعليم القراءة و الكتابة لعشرة من صبيان المدينة و هذا من فضائل الإسلام الكبرى، حيث فتح للناس أبواب المعرفة، و حثهم على و لوجها و التقدم فيها، و كره لهم القعود عن العلم و التخلف عن قافلة الحضارة و الرفاهية و الازدهار. و من أجل ذلك كان على الدولة الإسلامية ،أن تيسر سبل التعليم للناس كافة، و تضمن لكل فرد حقه في ذلك لأن هذا الحق مضمون لكل فرد من رعاياها كسائر الحقوق الأخرى.

د- الحرية السياسية: و يقصد بها حق الإنسان في اختيار سلطة الحكم، و انتخابها ،ومراقبة أدائها، و محاسبتها ،و نقدها، و عزلها إذا انحرفت عن منهج الله و شرعه، و حولت ظهرها عن جادة الحق و الصلاح .
كما أنه يحق له المشاركة في القيام بأعباء السلطة ،و وظائفها الكثيرة ،لأن السلطة حق مشترك بين رعايا الدولة،و ليس حكرا على أحد ،أو وقفا على فئة دون أخرى و اختيار الإنسان للسلطة، قد يتم بنفسه، أو من ينوب عنه من أهل الحل و العقد و هم أهل الشورى، الذين ينوبون عن الأمة كلها في كثير من الأمور منها : القيام بالاجتهاد فيما لا نص فيه ، إذ الحاكم يرجع في ذلك إلى أهل الخبرة و الاختصاص من ذوى العلم و الرأي، كما أنهم يوجهون الحاكم في التصرفات ذات الصفة العامة أو الدولية كإعلان الحرب، أو الهدنة ، أو إبرام معاهدة، أو تجميد علاقات، أو وضع ميزانية أو تخصيص نفقات لجهة معينة أو غير ذلك من التصرفات العامة، التي لا يقطع فيها برأي الواحد. قال تعالى : (( إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها و إذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل )) و قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله و لرسوله و لأمة المسلمين و عامتهم ).


ولاً ـ الحرية الشخصية:
رأى الاسلام أن الانسان هو الثروة البشرية المتعددة الطاقات، المتنوعة النشاطات، والتي يجب أن ترتفع عن مستوى السلعة، السلعة التافهة التي تباع وتشرى فتخط ثمناً وتسمو بقدر ما تقدم للمشتري من منافع. والانسان هو المخلوق الراقي المهيأ للسيطرة على قوى الطبيعة وتسخيرها لخير الانسانية وسعادة الانسان.
ولهذا يجب أن يتحرر من قيوده ويجب أن تتحرر إرادته ويجب أن يتحرر جسده حتى يتمكن من استكشاف أسرار الطبيعة واستخراج خيراتها والانتفاع بمواردها.. فسلك لتحقيق هذه الغايات وبلوغ تلك الأهداف طريق التطور الهادئ الفاعل لا طريق الطفرة الهادمة قصداً إلى إبطال الرق وتحرير الرقيق.
فقد أدرك أن إلغاء الرق إلغاءً تاماً مرة واحدة يعتبر من قبيل الطفرة، والطفرة ـ كما يقول بعض الفلاسفة ـ باطلة. فبدأ بمنح الرقيق الحصانة الجسدية أولاً، حيث منع ضربه وتشويهه. ومنحه الحصانة العائلية، حيث منع سيده من التفريق بينه وبين زوجه. ثم خطا خطوة ثانية على درب تحريرهم بواسطة العتق، فكان النبي (ص) يشتري العبيد ليعتقهم، وكان يساعد العبيد المملوكين لغيرهم على شراء أنفسهم، وكان يرغب المسلمين بالعتق ويذكر لهم عظيم ثوابه، حيث كان يقول: (أيما رجل أعتق امرأً مسلماً استنقذ الله بكل عضو منه عضواً من النار).
وكان يقول أيضاً: (أيما رجل كانت له جارية فأدبها فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها كان له أجران).
وبعد هذا تدرج الاسلام في تقوية الروح المعنوية عند الأرقاء، فنهى النبي عن مخاطبتهم (بعبد وأمَة)، وأوصى بمعاملتهم معاملة كريمة، وقال: (إخوانكم خولكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم فإن كلفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم). وعندما وصلت الأمة الاسلامية في عهد رسولهم الأعظم إلى درجة رفيعة وبلغت مرحلة واسعة من السمو النفسي، استوجب الاسلام عتق الرقيق في حالات معينة: فجعله كفارة عن القتل الخطأ وعن الظهار وعن اليمين، وفرض في موارد الزكاة سهماً مخصوصاً يرصد لتحرير العبيد. وهذه المراحل المتأنية التي اعتمدها الاسلام على سنة التطور في التشريع كان الهدف منها أن يصدع أركان الرق لكي يقضي عليه وينهار من تلقاء نفسه.
ثانياً ـ حرية الفكر:
والتفكير طبيعة من طبائع الانسان التي فطره الله عليها. وهذه الطبيعة لم يغمطها الاسلام حقها ولم يبح كبتها، بل حث عليها وطالب المسلمين بالإيمان بالله عن طريق تفكر لا عن طريق تغطية هذا التفكير وإلغائه، فقال تعالى: (الذين يذكرون الله قيامً وقعوداً وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السماوات والأرض).
فالاسلام يدعو إلى احتكاك الآراء وسعة الاطلاع وتنوع الثقافات، واعتبرها إرثاً إنسانياً مشتركاً بين الأمم. وهذا ما جعل العرب في العصور الاسلامية الزاهرة يقتبسون دونما تحرج من حضارات الأمم السالفة والمعاصرة وثقافاتها المتنوعة ما يجدونه نافعاً لهم وصالحاً لبناء مجتمعهم.
وأكبر شاهد على حرية الفكر في الاسلام: تعدد المذاهب السياسية والفرق الدينية ومدارس الاجتهاد ومبدأ الشورى الذي أمر به القرآن الكريم بقوله: (وأمرهم شورى بينهم).
والدليل على أن الاسلام لم يمنع أتباعه من إعمال فكرهم في الإفادة من ثقافات الأمم السابقة عليه والمجاورة له والمتعاملة معه ما دامت تجلب لهم منفعة أو تدرأ عنهم مفسدة، كونهم أخذوا عن النساطرة في طبهم، وعن اليونان في فلسفتهم، بل وعن اليهود في تاريخهم.
وعلى الجملة، فإن الاسلام منح المسلمين حرية الفكر في جميع المعقولات والتصورات والتصديقات، بل وأوجب على إنسانه المسلم أن يواظب على التفكير في كل ما ينفع نفسه وينفع غيره وفيما يقي الناس جميعاً الضرر والأذى، (فالحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها التقطها).
ثالثاً ـ حرية المعتقد:
أما حرية المعتقد فقد صانها الاسلام، إلا ما كان منها منافياً لكرامة الانسان وكرامة العقل.
ومن أجل ذلك حارب الوثنية حرباً لا هوادة فيها ولا لين، حتى استطاع أن يهزمها ويقلص عن الجزيرة العربية ظلها، لأنها تعبير عن جهل الانسان وإلغاء لعقله. فأية قيمة لعقل يسجد أمام صنم لا يملك نفعاً ولا ضرراً؟ وأية كرامة لانسان يعفر جبينه على أقدام وثن جامد تبول عليه الثعالب ولا تخشاه؟ ومن أجل ذلك أتاح للنصرانية واليهودية أن تعيشا في ظل دستوره الخالد: (لا إكراه في الدين)، هذا الشعار الذهبي الذي حمله محمد (ع) ودعا على أساسه اليهود والنصارى إلى دينه فإن قبلوه دخلوا في الاسلام، وإن رفضوه لم يكرههم على شيء، وإنما سألهم أن يعطوا الجزية وهي ثمن حماية المسلمين لهم ودفاعهم عنهم في الحروب. ولعل الرسول العربي خشي أن يشتط أتباعه فيما بعد، وأن تسول لهم أنفسهم التضييق على معتنقي الأديان الأخرى، فنهى أتباعه عن إيذاء الذميين بقوله: (من آذى ذمياً فقد آذاني).
وتتفرع عن حرية المعتقد حرية الممارسة للشعائر الدينية. فقد كفل الاسلام هذه أيضاً، إذ أباح للنصارى أن يقيموا الكنائس ويظهروا الصلبان ويسيروا بها في المواكب وليس أدل على بعد الاسلام عن روح التعصب وإعطائه الحرية الكاملة لجميع الأديان الأخرى من قول ـ المستشرق ـ آدم ميتز: (لقد قلد ديوان جيش المسلمين لرجل نصراني مرتين في أثناء القرن الثالث)، ومن المعلوم: أن القرن الثالث هو العصر الذهبي بالنسبة لانتصار الاسلام.
أفلا يعتبر تساهل المسلمين وإفساح المجال لغيرهم كي يتمرس بأعباء الحكم والإدارة، ألا يعتبر ذلك دليلاً على أن الاسلام لم ينصف الناس على أساس معتقداتهم وإنما على أساس كفاءاتهم؟.
ـ لا هوادة مع المتآمرين:
غير أن موقف المسلمين يختلف بالنسبة لليهود لا لليهودية، ذلك لأن اليهود ناوأوا الاسلام عند نشأته وتآمروا على الرسول وحاربوه في خيبر، وتكتلوا ضد دعوته، فكان من الطبيعي أن يقف المسلمون منهم موقفاً معادياً رداً على موقفهم الذي تميز بحبك الدسائس والمحاولات الكثيرة للقضاء على الدعوة الجديدة وخنقها في مهدها. بخلاف النصارى الذين امتدحهم القرآن الكريم بقوله: (ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى ذلك بأن منهم قسيسين ورهباناً وأنهم لا يستكبرون).
ولعل من أبرز الأمثلة على تسامح الاسلام الديني ذلك السلوك العملي الذي سلكه خلفاؤه الراشدون، وخاصة الخليفة الثاني الذي دخل بيت المقدس وزار كنيسة القيامة ولما حان وقت الصلاة لم يجد مكاناً يؤدي الفريضة فيه إلا الفسحة الواقعة أمام مدخل الكنيسة فصلى فيها، والله تعالى يقول: (أينما تولوا فثم وجه الله) ولما سأله البعض: لماذا لم يصل داخل الكنيسة؟ أجاب: إنه كان باستطاعته أن يصلي داخل الكنيسة، ولكنه خشي إن فعل أن يأتي يوم يطالب فيه المسلمون بالمكان الذي صلى فيه عمر ويجعلونه مسجداً.
ـ هنات عابرة:
قد يقول قائل: إن بعض العصور الاسلامية فرضت على غير المسلمين في بعض البلاد قيوداً تغل حرية المعتقد وتحد منها. وعلى هذا نجيب بأن الاسلام في صفائه بعيد كل البعد عن جميع ما يمس الحرية العقائدية. وإذا كانت بعض الظروف العابرة ومقتضيات السياسة الرعناء قد أعطت في بعض الأحيان الدليل الحسي على ذلك فإنه يجب أن لا يغرب عن البال أن الاسلام لا يعني قط المسلمين، وأن بعض التصرفات الشخصية كانت وليدة أهواء، الاسلام منها براء.
وإنا لنذكر بكثير من الأسف أن الجهل أو الغرور أو الدس الأجنبي، أو هذا كله مجتمعاً، أثار شيئاً من الحقد والريبة في فترات من الزمن مختلفة بين المسلمين والمسيحيين، فما ينبغي لنا ونحن نلمح إلى هذه الحقيقة إلى أن نلتمس فيها الموعظة والعبرة، فإن التاريخ بما يعرض علينا من ذكريات الشرور والمآسي لجدير بأن يهذبنا كما تهذبنا المفاخر.
ولن ننسى أن نذكر في هذه المناسبة بموقف ملوك فرنسا في القرن السابع عشر من خصومهم الدينيين: إن مذابح (سانت بارتيلي) بين الكاثوليك والبروتستانت لم يعرف في تاريخنا الطويل ما يشبهها هولاً.
ولقد ذكر الأستاذ (رينو) أن فرنساعام 1685م أصدرت أمراً بتحريم الديانة البروتستانتية وهدم كنائسها ونفي رؤوسائها. وفي عام 1715م اعتبرت فرنسا كل زواج لا يعقد على الطريق الكاثوليكية زواجاً غير شرعي. فهل يعني كل هذا أن تصرف الملوك والحكام يمكن أن يكون حجة على عدم تسامح المسيحية؟ وهل يمكن أن نتهم الدين المسيحي على ضوء هذه الوقائع التاريخية؟ إن المنطق السليم يجيب بملء فيه: كلا وألف مرة كلا.
من هذا يتبين أن الاسلام يشدد على احترام حرية الانسان في اعتقاده الديني ما دام يؤمن بالله ولا يشرك به شيئاً. وهذا واضح من قول القرآن الكريم: (وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين، فمن آمن وأصلح فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون). ولقد أقر بهذه الحقيقة كثيرون من كتاب أوروبا وباحثيها، مثل السيد (هنري دوكاستري)، أحد حكام الجزائر وقت أن كانت مستعمرة فرنسية، الذي يقول في كتابه: (الاسلام تأثرات ومباحث): ((وبعد أن دان العرب للاسلام، واستأثرت قلوبهم بهذا الدين، برزوا في حال جديدة أمام أهل الأرض كافة... هو حال المسالمة، وحرية الأفكار في المعاملات، إذعاناً منهم لما ورد في القرآن الكريم من التوصية بمحاسنها الناس كافة، تلك الآيات التي كانت تنذر القبائل المارقة، كقول الكتاب: (لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي)، وقوله: (واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً)، وقوله: (وعباد الرحمن الذي يمشون على الأرض هوناً، وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً).
رابعاً ـ حرية القول:
والاسلام يعتبر حرية الانسان في تعبيره كحريته في تفكيره وكحريته في اعتقاده. لأن حرية التعبير مظهر من مظاهر حرية الاعتقاد والتفكير. ولذا قررها الاسلام تقديراً لأثرها. ولكنه عمل على توجيهها صوناً لإنسانه عن انحرافاتها، وتلافياً لما قد تخلفه من عواقب وخيمة.
وحرية القول هو حق فطري في الاسلام، لأن التعبير عما في الضمير غريزة من غرائز هذا الانسان يعسر، بل يتعذر إمساكه عنها فكان الأصل أن لكل إنسان أن يقول ما يشاء ويحاور ويمازح من يريد ولا يمسكه عن ذلك إلا وازع الدين بأن لا يقول لغواً أو ينطق بشيء منهي عنه، أو وازع الخلق بأن لا يكون كلامه قذعاً أو هذياناً أو فحشاً أو غيباً أو نميمة أو باطلاً، لقوله (ص): ((قل الحق ولو على نفسك))، وقوله أيضاً: (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم)).
والأصل في حرية القول هو الصدق في الإخبار، لأن الكذب محرم وقبيح. وقد ذمه القرآن الكريم في آيات كثيرة وأحوال مختلفة، حيث قال: (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين). وقال رسول الله: ((إن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)).
خامساً ـ حرية العمل:
ثم إن حرية العمل في الاسلام هي شاهد من شواهد الفطرة التي تدل على أن هذه الحرية أصل أصيل في الانسان. فإن الله تعالى لما خلق لهذا الانسان العقل وجعل له مشاعر تأتمر بما يأمرها العقل أن تعمله، وميز له بين النافع والضار بأنواع الأدلة كان قد أمكنه من أن يعمل ما يريد مما لا يفضيه إلى إيقاع الضرر بنفسه أو إلحاقه بغيره. وقد ألهمه الله تعالى أن يجد ويعمل ويتصرف فيما يجده مما تخرجه الأرض، حيث قال: (هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعاً). فكانت حرية العمل والفعل أصلاً فطرياً أباحه الاسلام لجميع الناس لأن لفظ (لكم) في قوله: (خلق لكم) يفيد حق الجميع في جميع ما في الأرض وعلى الأرض.
وما عدا ما حدد منعه في الشريعة من العمل، فالأصل في سعي الانسان فيه وتناوله وتعاطيه الإباحة المطلقة. وقد ردّ الله على المشركين إذ حرموا على أنفسهم أشياء، بقوله تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق)؟ وقال أيضاً: (قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير حق).
وهكذا حرم الاسلام على إنسانه الحصول على المال بطريقة المقامرة، لما فيها من عدوان على مال الآخرين بدون مقابل، كما حرم عليه شرب الخمر لما فيه من ضرر على نفسه وعدوان على مجتمعه: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون).
كذلك حرم الاسلام على إنسانه التعامل بالربا لما فيه من غلو في رفع قيمة رأس المال ولما يثيره من أحقاد عند من يستغلونهم بواسطة الربا من ذوي الحاجات، فقال تعالى: (الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس).
على أن الاسلام حين يحرم تعاطي هذه الأشياء إنما يخص بهذا التحريم أتباعه المسلمين فقط ولا يفرضه على غيرهم من رعايا الدولة الاسلامية ما دامت شرائعهم تبيحه.
فلغير المسلم أن يصنع الخمرة ويشربها ويتاجر بها، ولكن هذا لا يجوز للمسلم كنتيجة مباشرة لتحريم تعاطيها.
ولغير المسلم أن يقتني الخنزير ويربيه ويبيعه ويشتريه.
ولغير المسلم أن يتعاطى الميسر والربا.
وما دمنا بصدد الحديث عن حرية العمل، فقد كانت بعض الصناعات والحرف والأعمال مشينة في نظر العرب أيام جاهليتهم فجاء الاسلام يمجد العمل ويبارك العامل لدرجة حملت نبي الاسلام على تقبيل يد شيخ تشققت من قسوة العمل، وقال: ((هذه يد يحبها الله ورسوله)).
وهناك حريات أخرى علاوة على ما تقدم تناولها الاسلام بالإباحة، بل والاحترام.. منها حرية الإقامة والانتقال لجميع المقيمين على أرضه، مسلمين أو غير مسلمين، فلهؤلاء جميعاً أن يقيموا بصورة عفوية حيث تنتظم أحوالهم المعيشية، وأن يتنقلوا بصورة عفوية أيضاً حيثما تقتضي ظروف حياتهم.
بق أن نذكر أنه مضى على ظهور الاسلام أكثر من أربعة عشر قرناً وأتيح للإنسانية خلال هذا الزمن الطويل أن تتطور وتتدرج في معارج الرقي والحضارة حسبما بينا من قريب فكان ذلك في أواخر القرن التاسع عشر حين اجتمع في برلين عام 1885م عدد كبير من الدول وأبرموا معاهدة تعهد فيها الدول الموقعة عليها بمنع تجارة الرقيق في العالم. ولكن نظام الرق الذي ألغي اسمياً، هذا النظام الجائر ما زال مع الأسف قائماً. إنه ما برح عيش في عصرنا هذا، عصر الذرة والكمبيوتر، عصر المكوك الفضائي وغزو السماء، ما برح يعيش بوجهيه المخزيين: الرق الجسدي والرق المعنوي.
ففي أفريقيا السوداء ما زال الانسان يباع ويشترى، وفي الأمم الضعيفة والمستضعفة ما فتئ الانسان عبداً يستغل جهده وتنتزع من بين يديه ثروته ويحرم أبسط حقوق الحياة. فإذا ثار من أجل حريته أو طالب بهذه الحرية سلط عليه القوي الغادر الحديد والنار وزبانية التعذيب والدمار، قصد إذلاله وخنق إرادته واستغلال جهده وخيرات بلاده.
فهل لهؤلاء الطغاة المتسلطين والمستعمرين المستغلين أن يعوا معنى الحرية، وأنها حق طبيعي لكل إنسان فيقلعوا عما هم عليه، ويثوبوا إلى حظيرة الحق، واضعين نصب أعينهم الكلمة الخالدة للخليفة العادل عمر بن الخطاب: ((متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحراراً))؟؟.
---------------------------------
ايها الساده تلك هى الحريه ومعانيها وراى الاسلام فيها وقد ثبت بما لا يدع مجالا للشك ان الثوره المصريه جاءت لترسيخ اصل من اصول الاسلام وهدف سامى رائع دعا له الاسلام وثبت ايضا بما لا يدع مجالا للشك من ان الداعيه الذى وقف ليقول ان المظاهرات تهريج وسخف وانها منظر غير حضارى انه لا يفهم تحت قدميه وانه بدا عاله على الاسلام وانه من الخطا ان نسمع لامثاله او ناخذ العلم عنه لانه اثبت غباءه وجهله القاتل بالدين وبالدنيا معا وثبت ان الشعب المصرى كان صادقا فى ثورته وانه اكثر ثقافه وتدينا واخلاقا من الشيخ السلفى الذى وقف ليصرخ امام الفضائيات ليقرر ان الثوره والمظاهرات حرام وتهريج وان الاسلام لا يدعوا لها وان من يفعل ذلك يدعوا للفتنه والتخريب والله المستعان وللحديث بقيه