اطرد الملل من حياتك
د . عائض القرني
إن من يعش عمره على وتيرة واحدة جدير أن يصيبه الملل .
لأن النفس ملولة , فإن الإنسان بطبعه يمل الحالة الواحدة
ولذلك غاير سبحانه وتعالى بين الأزمنة والأمكنة , والمطعومات
والمشروبات, والمخلوقات , ليل ونهار , وسهل وجبل
وأبيض وأسود , وحار وبارد , وظل وحرور , وحلو وحامض
وقد ذكر الله هذا التنوع والاختلاف في كتابه
{ يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه }
{ صنوان وغير صنوان }
{ ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها }
{ وتلك الأيام نداولها بين الناس }
وقد مل بنو إسرائيل أجود الطعام لأنهم أداموا أكله
{ لن نصبر على طعام واحد }
وكان المأمون يقرأ مرة جالساً ومرةً قائماً ومرةً وهو يمشي
ثم قال : النفس ملولةٌ
{ الذين يذكرون الله قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم }
ومن يتأمل العبادات يجد التنوع والجدة ,فأعمال
قلبية وقولية وعملية ومالية , صلاة وزكاة وصوم وحج
وجهاد , والصلاة قيام وركوع وسجود وجلوس, فمن
أراد الارتياح والنشاط ومواصلة العطاء فعليه بالتنويع
في عمله , واطلاعه وحياته اليومية , فعند القراءة مثلاً
ينوع الفنون , ما بين قرآن وتفسير وسيرة وحديث وفقه
وتاريخ وأدب وثقافة عامة , وهكذا , يوزع وقته ما بين
عبادة وتناول مباح , وزيارة واستقبال ضيوف , ورياضة
ونزهة , فسوف يجد نفسه متوثبة مشرقة , لأنها
تحب التنويع وتستملح الجديد .