رأس مصر العربي
د. فايز أبو شمالة
الذي يستهدف مصر بالتفجير والتدمير والتقسيم هو ذاته الذي يستهدف السودان بالجوع والاقتتال والتقسيم، وهو ذاته الذي ما زال يستهدف العراق بالحرب والتفجير والتقسيم، وهو ذاته الذي يستهدف اليمن، والصومال، وهو ذاته الذي يرتب للجزائر وللمغرب، وهو ذاته الذي يسعى إلى إشعال الفتنة في باقي بلاد العرب، وإشغالهم بأنفسهم، ونسيانهم أم مشاكلهم ووالد مصائبهم؛ الذي اغتصب أمام أعينهم فلذة كبدهم أرض فلسطين سنة 48.
إسرائيل هي رأس الفتنة في بلاد العرب، ورغم كل المواثيق والمعاهدات مع مصر العربية، إلا أن هذا العدو ما زال يخطط ويرتب ويستهدف قوام مصر، لأنه يعرف أن العدو الأول للجيش المصري هي دولة إسرائيل، قبل أن تكشف ذلك وثائق "ويكيليكس" وما اكتشاف شبكة التجسس لإسرائيل داخل مصر، إلا الدليل العملي على أن المخابرات الإسرائيلية لم تكف يدها عن العبث بأمن مصر، ولن تكف يدها عن ذلك، والسبب يرجع إلى التناحر الوجودي بين كيان قام على الاغتصاب، وبين دور مصر التاريخي في مواجهة الغزاة، وعليه؛ كي تحافظ إسرائيل على رغد العيش فإن على مصر أن تشحذ رغيف العيش،
وكي ترتوي إسرائيل بالماء على مصر أن تظمأ، وكي يطمئن الإسرائيلي في تل أبيب على أمنه، على المصري في القاهرة والإسكندرية أن يحيا خائفاً قلقاً، وكي يتوحد اليهودي في إسرائيل خلف كتابه "التناخ" لا بد أن يتمزق المصري ببن مسلم وقبطي.
لقد أضحى واضحاً لرجل الشارع العربي أن إسرائيل هي الراعي الفعلي لكل ما ظهر بينهم من أشكال الانقسام الطائفي، والتمزق المذهبي، والتفرقة الحزبية، وإسرائيل هي الأب الروحي لكل أنواع قمع الحريات، ونشر الفساد، وتسلط الطغاة، وإسرائيل هي الوكيل الوحيد لكل الأوبئة الاجتماعية التي تعتبر المرشد الأول للإرهاب.
جريمة قتل الأبرياء في الإسكندرية لا يقرها مسلم ولا قبطي، ويرفضها العقل والقلب العربي؛ الذي أمسى يعرف أن كل المصائب التي تحط على رأس بلاد العرب مصدرها الإرهاب الصهيوني الذي وجد في إسرائيل ملاذاً، ونقطة ارتكاز كي يواصل بث تخريبه، وتخطيطه لتمزيق هذه الأمة، ومن يرجع لحديث "عاموس يادلين" رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية يمسك بخيوط المؤامرة على مصر، والتي ترجع إلى بدايات التفكير بقيام وطن قومي لليهود في فلسطين، وليس بعيداً عن ذلك ما جاء في مجلة "كيفونيم" العبرية الصادرة سنة 1980، والتي أشارت إلى أن سلامة إسرائيل تقضي بتمزيق
بلاد العرب إلى دويلات، ومنها مصر المسيحية في الجنوب، ومصر الإسلامية في الشمال!.
على مصر العروبة أن تحمي رأسها، وأن تدرك أن التفجير الذي أحرق لحمها تم الترتيب له في تل أبيب قبل عشرات السنين، وعلى مصر أن تدرك أن عدوها الحقيقي هو الإرهاب الصهيوني الذي يتفرع عنه باقي أشكال الإرهاب الدولي.