وَرَقَةٌ بَيْضَاء..}
قَيْدُ الْحَيَاةِ!
"لايزالُ على قيدِ الحياةِ" جُملَةٌ استوقفتني. غريبٌ ذلك، طالما سمعتُها دون انتباهٍ أو التفات، لكنِّي بها أُعنون ورقتي؛ دعوةً مني لكم للتوقُّف عندَ بعضِ ما ألفناه دون فقه! عندها قلتُ: أصحيحٌ أنَّ من ماتَ ولثمَ رأسه الثَّرى قد تحرر فعْلاً من قيدِ الحياةِ؟! أمْ أنَّ من لا يزالُ هَواء الدُّنيا يُداعِب هدْبَ عيْنيَه، والبَسمَة ملء شَفَتَيْه، وضحكاتُه تصمُّ أذنَيْه؛ هُو المقيَّد بالحياة؟! من ياترى المقيَّد بالآخر؟!
وحتَّى لا نقع في حلقَة "البيضة والدَّجاجة" الفارغة لنفكِّر بمنطق؛ لو أنَّ العقلَ اللاواعي اسْتوعب الجملةَ وألقاها في جوفِهِ بلا تَشذِيبٍ ولا تَهذِيبٍ لسَقَطنَا في مَهاوي الرَّدى: الحيَاة تُقيِّدنا. إذن فكلُّ أمْرٍ إنَّما هو إملاءٌ منها لنا. وهذا عينُ الخطأ.
دعونا نحنُ من يُقيُّدها بفكرٍ نقيٍّ، وأملٍ باللهِ قويٍّ. بالعقيدةِ الرَّاسخة، والخلقُ القويمِ. بهذهِ المنظومَةِ المتَكاملة نبعثُ في الحياةِ الحياةَ، ونتنفَّس الحياةَ في الممات.
سُبْحانَ اللَّه! ذُكِرتْ مُفردةُ الحياةِ أَربعينَ مرَّة مُساويَةً لعدد مرَّات ذِكْرِ نقيضِها الممَات في المادَّة، في هذا دِلالةٌ واضحة: ألاَّ شيء يُوثق الآخر، الكَيِّسُ الفطنُ المنتبهُ يعيشُ حياةً تربطهُ بحبلِ الموت، يعلمُ علمَ اليقينَ أنَّ الحياةَ رهنُ الممات، وأنَّ الدُّنيا دارُ ابْتلاء والآخرةُ دارُ جزاء. ويعيشُ الموتَ لعلمه أنَّه نتيجةٌ حتميَّة لحياته.
ختامُ ورقَتي أقولُ: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ﴾ الملك:2. هذه المعادلة لابدَّ من فقهها وتمعُّنها جيِّدًا كي لا نخطئَ المسير، ولكيلا تقيُّدنا الحياة، ومعيارُ الأفضليَّة: الأحسن!
كلُّ يومٍ، وحياتُكم ملْئى بحسناتٍ ثِقال..}