ملدا شويكاني تحية واحترام
كيف يمكنك تقييم الصحافة العربية حاليا؟
الإعلامية الفاضلة ملدا شويكاني المحترمة
نتابع ما بدأناه في المشاركة السابقة.
كنت أقول إن الصحافة العربية اليوم هي صحافة محكومة من قبل الأنظمة العربية، وتحدثنا عن ذلك لكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل التردي الحاصل في الإعلام العربي سببه أيضا الأنظمة الحاكمة وحتى لو كان من مصلحة هذه الأنظمة حدوث الرداءة في كل جوانب الحياة لتكون سبباً لتمكنها وإحكام قبضتها، ألا يمكننا أن نتساءل عن سر قبول الرأي العام (الشعب العربي) لهذه الرداءة في مختلف مناحي الحياة ومنها الإعلام وهو أمر بالغ الخطورة، هنا إذا اعتبرنا فعلا أن الإعلام العربي رديئاً؟
لكن هناك مقاييس تعتمد على رأي الشارع في نجاح أو فشل سلعة من السلع، والإعلام سلعة تطرح في السوق العربي والرأي العام يتقبل هذه السلعة ويراها جيدة وناجحة، بخلاف ما يراه الخبراء والأخصائيون اللذين يؤكدون على رداءتها.
وهنا سؤال آخر من هو الأصح الخبراء أو الرأي العام.
إذا اتفقنا على أن الرأي العام مشوَّه أو تم تشويهه عمداً من خلال إخضاعه لتجارب مرت عبر عدة مراحل خلال الخمسين سنة الماضية إلى أن وصل إلى هذه الحالة التي تقبَّل فيها الصحافة الصفراء وأصبحت أكثر أنواع الصحافة مبيعاً في العالم العربي وإلى أن تقبَّل ما يعرض على الأقنية الفضائية التي تتسم بعدم المصداقية والكذب والمراوغة والدونية في مضمونها، وتقبَّل أيضاً الإعلام المسموع في الإذاعات التي أصبحت لا تعد ولا تحصى والتي تعتمد على مياعة وسطحية مقدميها من مذيعين وبرامج وووووإلخ بحجة أنها تلبي طموحاتهم.
إذا اتفقنا على هذه الأشياء فعلينا أن نعترف أن هناك تعمية تعرض لها الرأي العام العربي لتشتيته وإفساد ذوقه وتسطيحه فكرياً وثقافياً ، وهذه التعمية التي تعرض لها الرأي العام العربي ( الرأي العام : هو الإشتراك بوجهة النظر بين الشعب في مكان وزمان ما وحول أمر ما)،هذه التعمية التي كان الغرض منها:
1- سهولة السيطرة الفكرية على المواطن العربي.
2-إبعاد المواطن العربي عن قضاياه الأساسية.
3-التغيير الثقافي للمواطن العربي، من خلال استبدال ثقافته العربية والإسلامية تحديداً بثقافة غربية ضحلة.
وباختصار شديد العمل على صهينة الفكر والثقافة العربية، لأسباب داخلية وخارجية:
الأسباب الداخلية : اعتمدتها الأنظمة الحاكمة لإلهاء وإشغال المواطن العربي بأمور بعيدة عن الحكم والكرسي.
2-تحويل الهم العام إلى هم خاص وشخصي.
والأسباب الخارجية التي انسجمت بشكل مباشر وغير مباشر مع الأسباب الداخلية ، وهي من صنع الغرب والثقافات الأخرى والصهاينة، من خلال غزو ثقافي ومعرفي يبعد المواطن العربي عن الصراع العربي الإسرائيلي.
وعلى مر العقود الستة الماضية كانت هذه الاستراتيجية الإعلامية المتبعة في العالم العربي.
تسطيح الفكر والثقافة لا يمكن أن ينتج إلا فكراً مسطحاً وثقافة قزمة.
وبالتالي إعلاماً مشوهاً.
لا شك أن هناك الكثير من الصحافيين أصحاب الأفكار والمبادئ والرؤى الصحيحة إلا أن لا دور لهم في ظل هذا التشويه والتقزيم ، وما يزال بعض هؤلاء المفكرين والخبراء والمثقفين يحاولون بذل جهود مضنية للخروج من هذا البئر المظلم ، لكن مع الأسف هناك قوى أكبر منهم تحول بينهم وبين تحقيق أهدافهم وهنا يأتي دور الرأي العام، إذا رفض الشارع العربي الرداءة وطالب بالجودة فهنا يأتي دور أصحاب الجودة بقوة بحجة أن الرأي العام يريد هذه الجودة وإذا حافظ الرأي العام على هذه الرداءة سيلقى الطرف الآخر الرفض وما عليه إلا تكرار المحاولة.
من هنا نقول أن الصحافة العربية ليست على مايرام ومن يساعدها على ترديها هو قبول الرأي العام العربي لها إما عن وعي أو عن غير وعي.
تطور الصحافة العربية لا يكون بتطور نوع الورق ونو ع الألوان المستخدمة والأحبار وتحسين أداء المطابع وزيادة عدد المحطات الفضائية وتحسين الإرسال المتلفز والإذاعي ، التطور يكون بطبيعة المادة المقدمة وبنوع الثقافة وبآلية تقديم المعلومة الهادفة.
لك تحياتي
نتابع