هاتِفٌ مُفاجِئ !!


..





ما زِلتُ حَتَّى الآنَ فِي إِرباكِ=أَهذِي بِلا وَعيٍ وَ لا إِدراكِ
وَ أُقَلِّبُ الأَفكارَ فِي صَمتٍ عَلَى=سُحُبِ الدُّخانِ وَ لَذَّعَةِ التُّنباكِ
ما زِلتُ أَشعُرُ بِاختِلاجِ حشاشَتِي=بَينَ الضُّلُوعِ بِقَبضَةِ الإِنهاكِ
وَ كَأَنَّنِي - وَ الذِّكرَياتُ حَبائِلٌ=تَصطادُنِي - استَسلَمتُ لِلأَشراكِ
فِي صَدمَةِ اللَّا وَعيِ جاءَ الصَّوتُ مِنْ=سَمَّاعَةٍ تَبكِي عَلَى ذِكراكِ
فَتَمَزَّقَتْ كُلُّ الحُرُوفِ عَلَى فَمِي=وَ كَأَنَّها تَحبُو عَلَى أَشواكِ
لَو كانَ يَدرِي الهاتِفُ المَجنُونُ ما=فِي داخِلِي ما استَعذَبَ استِهلاكِي
لَو كانَ يَدرِي ما بِجَوفِي مِنْ لَظَى=ما عادَ لِي بِالحارِقِ الفَتَّاكِ
( هَلْ أَنتِ أَنتِ ؟ ) سَأَلتُ ثُمَّ ارتَدَّ لِي=رَجعُ السُّؤالِ : ( وَ مَنْ عَسَى إِلَّاكِ ! )
كِلماتُكِ الحَمراءُ عاصِفَةٌ عَلَى=سَمعِي يُذِيبُ حَرِيقُها استِدراكِي
كالنَّارِ رُغمَ تَجَمُّدِ الدَّمِ - فِي يَدِي=تَجرِي - وَ رُغمَ بُرُودَةِ الأَسلاكِ
وَ تَدُبُّ مِنْ أُذنِي إِلَى قَلبِي كَما=دَبَّ اهتِزازُ الماءِ فِي الأَسماكِ
تَنسَلُّ مِنْ بَينِ الحَنايا مِثلَما=تَكوِي النَّيازِكُ مُهجَةَ الأَفلاكِ
وَ أَنا هُنا - فِي اللَّا هُنا - شَطرٌ وَ لِي=شَطرٌ بِذاكِ - اللَّا هُناكِ - الباكِي
وَ الرِّعشَةُ الحَمقاءُ تُلقِي ظِلَّها=كالضَّوءِ خَلفَ سَتائِرِ الشُّبَّاكِ
وَ الوَقتُ مَصلُوبٌ عَلَى وَتَدِ الرُّؤَى=وَ هَواجِسِي نَزفٌ عَلَى مِدماكِ
أَرخَى عَلَيَّ الصَّوتُ حَرَّ حُمُولَةٍ=فَهَتَفتُ مِنْ عُمقِ الجَوَى : ( رَيَّاكِ )
وَ نَظَرتُ نَحوِي حَيثُ أَنكَرتُ الذِي=قَدْ كُنتُهُ مِنْ غاضِبٍ شَكَّاكِ
وَ هَمَستُ وَ الأَشواقُ تَسبِقُ أَدمُعِي :=( لا عاشَ مَنْ - يا حُلوَتِي - أَذَّاكِ )
وَ مَضَيتُ لا أَلوِي عَلَى غَيرِ الذِي=بَكَّى عُيُونِي عِندَما بَكَّاكِ
فَكَأَنَّما عَينايَ - بَعدَ كَلامِنا=وَ عِتابِنا وَ دُمُوعِنا - عَيناكِ
وَ كَأَنَّما ضَحِكَ الهَوَى مِنْ طَيشِنا=لَكِنَّهُ قَدْ عادَ لِلإِضحاكِ
فالهاتِفُ المَجنُونُ يَبسِمُ مُنصِتًا=لِحَدِيثِنا : ( أَهواكَ ) , ( بَلْ أَهواكِ )
وَ يُعِيدُ ما قُلنا عَلَى أَسماعِنا=وَ كَأَنَّنا المُصغُونَ وَ هْوَ الحاكِي !!