هديتي الى كل العاملين في منتديات فرسان الثقافة رسالة فاخر عاقل إلى ابنه
تحية مني الى كل العاملين في منتديات فرسان الثقافة لصهر المعرفة باسلوب شيق وتقديمها بنكهة مميزة لم اجد لكم من كلمات الارسالة اب الى ابنه فالاب يحرص على تقديم الأفضل لولده ولذا اتمنى لكم الآفضل في عالم يموج بالتناقضات إنما التفاؤل والمثابرة والتصميم عزيمة ودافع للعطاء والنمو والتطور
ويكفي ان اقول ان اليد التي قبلها رسول الله صلى الله عليه وسلم من اجتهدت من كسب يدها ومن كدحها نرجو لكم مستقبلا اكثر إضاءة في كل أيام حياتكم .
بني: إنك تودع طفولتك وتستعد لاستقبال رجولتك، إنك تبدأ فترة يسميها علماء النفس والتربية فترة المراهقة، وهي فترة يعتقد الكثيرون أنها صعبة عسيرة خطيرة، فيقلقون لها ويخشونها، ولا تنتبه إليها وإلى شأنها الأكثرية الساحقة من الأهل فيتركونها للمصادفة ولا يهتمون لها ولا يعنون. وأعتقد أنها فترة مهمة وليس من الضروري أن تكون شاقة ولا عسيرة إذا تنبه الأهل والمربون إلى أهميتها واتخذوا منها موقف الجد المتفائل بها، والتوجيه الذي يتسم بالهدوء وسعة الصدر وحسن الفهم ولباقة الإشارة. وضمن هذا الإطار أكتب إليك آملاً أن أدلك على الطريق السوي وأن أشير عليك بالنهج القويم، وأفتح عينيك على حقائق الحياة ثم أتركك لذكائك وعقلك وقدرتك، إيمانًا مني بأن مصير كل إنسان إنما يكون من صياغته هو، فهو حق له وواجب عليه. ولدي، لو سألتني عن أهم صفة من صفات هذا العصر الذي تعيش فيه لقلت لك غير متردد: إنه عصر العمل، ولو سألتني عن أهم مكتشفات هذا القرن الذي شهد مولدك، وأرجو ألا يشهد موتك، لقلت لك: إنها قيمة العمل، قيمته في بناء حياة الفرد، وقيمته في بناء المجتمع، وقيمته في بناء الإنسانية. ولعلك ملاحظ أننا في زمان لم تعد للوراثة فيه قيمة، وأعني بالوراثة الأملاك أو وراثة الثروة أو وراثة المصنع أو وراثة اللقب أو غير ذلك من أشكال الوراثة الاجتماعية. ‏
إن قيمة الإنسان في عصرنا هذا فيما يحسن عمله، والحق أن العمل هو الطريق الأوحد لتنمية الشخصية البشرية وصقل الطبع الإنساني وإبراز المواهب الفردية وتمتع الإنسان بالسعادة والرضا. فأولِ عملك المقبل جُلّ تفكيرك وجماع عزمك، فكر فيما تحب أن تكون في هذا المجتمع، وحاول أن ترى طريقك إلى المهنة التي تحب أن تمتهن، وليكن اختيارك لعملك على أساس من قدراتك وميولك وقيمة هذا العمل لمجتمعك. ومن واجبي أن أفتح بصيرتك على حقيقة هامة جداً فيما يخص عملك. إن إتقان العمل لا يمكن أن يكون مصادفة، ولمّا كان إتقان العمل هو سر النجاح فيه والرضا عنه، فإن إتقانك عملك - أياً كان هذا العمل - يقتضيك جهدًا وعرقاً وتعباً. وقديماً قيل: إن 99% من النبوغ عرق جبين، فاجهد إذاً في سبيل إتقانك عملك، ولا تنس أن عصرك الذي تعيش عصر علم وثقافة وتخصص، وأن
مجتمعك الذي ينتظرك لم يعد ينظر بكثير من الرضا إلى أولئك الذين لا تقوم معرفتهم!
بعلمهم على أساس من ثقافة عامة عميقة واسعة وتخصص علمي دقيق. وإذاً فلا غنى لك في عملك وإتقانك إياه عن هذا التخصص الدقيق القائم على أساس واسع من ثقافة صحيحة. وإنه لعمري أمر شاقٌ ولذيذٌ. وهنا دعني أكشف لك سرًا خطيرًا، سرًا طالما بحث الإنسان عنه بعيدًا وهو في متناول يده، وأعني به سر السعادة، السعادة أيها الحبيب في القيام بالعمل الذي تحب على الوجه الأكمل وبالجهد اللازم. حذار أن تظن أن السعادة تطرق باب الكسلان أو تأتي عن طريق الأعمال السهلة، وهكذا فإذا أردت سعادة حقيقية وجب عليك أن تجتهد في القيام بعمل محبب وعلى وجه صحيح، وبذلك فقط تكون فنانًا وتكون سعيداً وتكون قبل كل هذا وبعده مواطنًا صالحاً وإنساناً خلوقاً.
مع تحيات الكاتبة وفاء عبد الكريم الزاغة