هل قراءة القرآن بالتجويد واجبة؟



لا بد بداية أن نفرق بين التجويد من حيث معناه الاصطلاحي عند أهل الفن وبين معناه عند أهل اللغة.

فالتجويد في المعنى اللغوي هو: التحسين.
والتجويد بمعناه الاصطلاحي: هو إعطاء كل حرف حقه ومستحقه من مخارج وصفات.
لذا نجد أن التجويد بمعناه اللغوي يشير إلى الغاية من التجويد، والتجويد بمعناه الاصطلاحي يشيرإلى الوسيلة لتحقيق هذه الغاية.

أما حكم التجويد فقد ذهب المتقدمون من علماء التجويد إلى أن إتقان جميع أحكام التجويد من الأمور الواجبة التي يأثم تاركها مهما خفيت.

ولكن المتأخرين رأوا في ذلك حرجاً عظيماً، فذهبوا إلى التفصيل بين ما هو ( واجب شرعي ) من مسائل التجويد، وهو ما يؤدي تركه إلى تغيير المبنى أو فساد المعنى، وبين ما هو ( واجب صناعي ) أي أوجبه أهل ذلك العلم لتمام إتقان القراءة، وهو ما ذكره العلماء في كتب التجويد من مسائل ليست كذلك، كالإدغام والإخفاء إلخ. فهذا النوع لا يأثم تاركه عندهم .

قال الشيخ علي القاري في شرحه على الجزرية، بعد بيانه أن مخارج الحروف وصفاته،ومتعلقاتها:
" فينبغي أن تراعى جميع قواعدهم وجوباً فيما يتغير به المبنى ويفسد المعنى، واستحباباً فيما يحسن به اللفظ ويستحسن بهالنطق حال الأداء" .
ثم قال : " اللحن الخفي الذي لا يعرفه إلا مهرة القراء لا يتصور أن يكون فرض عين يترتب العقاب على قارئه لما فيه من حرج عظيم".

ولما قال محمد بن الجزري في منظومته في التجويد، وفي الطيبة أيضاً:


والأخذ بالتجويد حتم لازم * * من لم يجود القرآن آثم

قال ابنه أحمد في شرحها : ذلك واجب على من يقدر عليه، ثم قال : لأن الله تعالى أنزل به كتابه المجيد، ووصل من نبيه صلى الله عليه وسلم متواتراً بالتجويد. وكرر أحمد بن محمد بن الجزري هذا التقييد بالقدرة أكثر من مرة .
أو يقال بأنه: أراد بالتجويد الذي يأثم تاركه هو التجويد بمعناه اللغوي.

ويدل لذلك ما ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : قالرسول الله صلى الله عليه وسلم : { الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة ، والذي يقرأ القرآن ويتعتع فيه ، وهو عليه شاق له أجران} أخرجه الشيخان.