أحدث إنتاجات "الإعلام البذيء"

بقلم: ريما حلواني

إذا انتكستْ فِطَر البشر السويَّة، وتحطَّمت كلُّ معايير الأخلاق الإنسانية، والأدبيَّات الرفيعة التي ارتقت بالإنسان عن الحيوانية - فلا عجَب أن يرى المشاهد العربي برنامجًا بذيئًا (lol) يُعرَض على إحدى القنوات اللبنانيَّة. كُثُرٌ الذين تحدثوا عن البرنامج منتقدين المستوى المنحط الذي وصل إليه مقدِّموه مِن رجال ونساء، مستخدمين النكات الإباحيَّة التي تهتك الأعراض وتكشف الأستار، وتستبيح الحُرُمات بمادة سامَّة تغذِّي برنامجهم، ضاربين عُرْضَ الحائط بآخر خيط يربطهم بالأدب والأخلاق، ويفصلهم عن البذاءة والسَفَه، والانحلال والعُقَد النفسيَّة.

لأولئك أقول:
إذا كنتم تبررون انسياقكم وراء الرذيلة والانحطاط بـ(الحريَّة)، أُعلمكم أنَّكم أسرى نفسياتِكم المريضة، التي ظنَّت أنَّها (بقلَّة الأدب) قد حررت النفس مِن العُقَد، وانتشلتها مِن الكَبْت، والصدقُ أنكم حررتم أنفسكم مِن ضوابطها الإنسانيَّة، وفرغتموها من صفاتها البشريَّة؛ حتى اتخذتم شِرعة الغاب شريعتكم التي لا تُستَر فيها العورات، ولا تُحفَظ فيها الأعراض، ولا تُضبَطُ بضوابط الإنسان الراقية النبيلة،المستمدَّة من قِيَم الوحي العَليَّة السامية.

وإذا ادَّعيتُم - كاذبين - أنَّكم تصوِّرون واقع المجتمع اللبناني، فكذب وافتراء! تريدون منه صبغ لبنان (أرض الرباط) بصبغة مجتمع منحلّ، أخرجنا منه إسلامُنا وكشف مآربه الدنيئة، وحمداً لله أن أعزَّنا بأعظم الخلق خُلقًا، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليعلِّمنا أدب النفس ويحثَّنا علىتهذيبها، وتطهيرها مِن أدران العِلل ومصايد الهوى.

لقد فَرَغَتْ كؤوسُكم، وضَحلتْ عقولُكم، وتحجَّرتْ قلوبُكم، ومات حياؤكم، حتى استبحتم الفاحش الخبيث المحرَّم، وحاربتم المُباح الطيب، وتمسَّكتم بالكلام المحظور، واستغنيتم عن الأدب الموفور، فها هي اليوم تهبُّ رياحكم النتنة!

وَإِنَّمَا الْأُمَمُ الْأَخْلاَقُ مَا بَقِيَتْ فَإِنْ هُمُ ذَهَبَتْ أَخْلاَقُهُمْ ذَهَبُوْا

فلا كرامة لحياةِ مَن لم يحصِّنها بمناعة الأدب والشرف والعِفَّة.

نُعلمكم أخيرًا أنَّكم لن تُدنِّسوا بإعلامكم الماجن البذيء مجتمعنا العفيف، بصبغة (الانفتاح المكذوب)، و(التحرُّر الموهوم).

أدعو شبابنا وشاباتنا في لبنان إلى الصمود في وجه المِحَن والفِتَن؛ لاستئصال الأمراض المستفحلة التي عَشَّشت في نفوسٍ مريضةٍ عليلة.

وأدعو المسلمين والعقلاء منهم للاقتداء بأعظم مَن به يُقتدى، وبه يُستنار ويُستضاء ويُهتدى، نبيِّنا ومرشدنا محمد - صلى الله عليه وسلم - والاستمساك بسُّنَّته، ومنهجه في الحياة حبًّا وتطبيقًا.

فهنيئًا لِمَن أكرمه الله - عز وجل - بالإسلام، فدعاه إلى حفظ اللسان، وكفِّ السمع والبصر عن المحرَّمات، وإلى الطاعة والعبادة؛ لتحصين الجنان، فاطمأنَّ قلبه، وصفا عقلُه وإدراكه.

وهنيئًا للمسلم المطبِّق لشرع ربِّه، حيث تَصَالح مع نفسه، فعرف قدْرها، وقيمتها، وحرَّرها مِن المَهانة والبذاءة والسخف، وشَغلها بالمعالي، وحجبها عن الدنايا والرزايا.

هنيئًا للمسلم إسلامه، دين الأخلاق الرفيعة والفطرة السويَّة.

وتعسًا لأصحاب القلوب الصَّدِئة، والنفوس المهترئة، والفِطَر المُنتكسة، تعسًا لهم، ولمن يسير على دربهم!