حديث اليد ..!
شعر : محمد الزينو السلوم
* التبس عليّ الموعد ، فتأخّرت نصف ساعة عن غير قصد ..
-----------------------------------------
بعد العتاب ، مضى الطريق بنا لظلٍ في الحديقةْ
والروح فيما أرتجي منها – تحرّر خوفها – فغدت طليقةْ
حدّثتها ، صمتت ، وطال الصمت ، حتى كدت أستجدي الكلامْ
وأنا أحدّث ، قلتُ في نفسي ،أوربما الكلمات - بعد العتْب - باتت عاجزةْ
بادلتها النظرات ، خافت من عيوني ، حوّلت أنظارها خوف اللقاءْ
صعّدتُ صبري - بعد أن كاد التياعي أن يطير - إلى السماءِ ..
من ثمّ عدتُ وقلتُ ، علّ الأمر مقصودٌ ، به بعض الدهاءْ ؟
*
وسألتها ، وسألت عن أحوالها ، لكنْ سؤالي لم يجد أبداً جوابْ / وكأنما بات الجواب من المحالْ ..!
أسمعتها شعري ، فرقّتْ مهجةً ، من ثمّ عادت بعدها تُبدي انشغالاً بالمكانْ
ما بالها ؟ ماذا جرى حتى يقاسمني المكانُ قصيدتي ..؟!
أنا لستُ أعبئُ بالمكان أو الزمان ، فقد دخلت لعالم الأرواح ، وابتدأ الرهانْ
أمّا المكانُ فقد رماه العطر بالنجوى الذي رسمته ألوان الطبيعة ، فانتشى من ريشة الفنان ،
بعدُ مضى وأسرج صهوة الأيام في خجلٍ ، ليهرب للأمانْ
أمّا الزمانُ ، فقد تخلّتْ ساعة الوقت التي شغلتْ أمانيَّ الخليقة ، كلّ ما ملكت يداهُ ، أضاعَ ..
لا .لا ، لم يعد للوقت معنى ، غاب في جرف المكانْ
سمراء ماذا ؟ لِمْ أحسّ بكلّ هذا ..؟!
روحي تسافر للبعيد ، ومهجتي حرّى ، تفتّش عن حبيبْ
ماذا وأنتِ بجانبي ؟ لا شيء يُشغلني سواكِ ، توهّجي صار اشتعالاً بالجسدْ
أستمطر اللغة التي تُغري فؤادك علّها تستعطف القلب الذي ما ذاق طعم الحب يوماً إنني ..
أخشى عليه ، وبعدها أخشى عليكِ من الحسدْ
من أنتِ ؟ كيف أتيتِ ؟ ألقى بي شذاكِ من التعفّف ، للتصوّف ، للهوى
ألقاً أُحسُّ وأنت قربي ، تجهلين الورد ،والأقمار ، في ثوب العفاف ، الطهر ِ..
تنتظرين فارسكِ الذي ما زال مجهول الهويةْ
يا أنتِ ، ما أحلاكِ ، أنثى في معاناة الحياة ، وفي مبادئها القويةْ
لكنني والشيب غطّى مفرقي ..لا زلتُ أشعر بالسعادة في لقاكِ
أحيا على أملٍ ، وحلمٍ ، أن أراكِ ، وأن أنال بآخر المشوار ، بعضاً من رضاكِ
هذا الهوى في مهجتي ، في الروح ، كيف أتى ، فأينع واستوى ، كيف ارتسمْ ..؟!
ألوانه طُبعتْ بأعيننا - رأيناها ، بلا حلمٍ - بقوسٍ من قُزحْ
قد كان في وضح النهار ، غرقتِ في بحر الفرحْ
يا غادتي : لا أرتجي من رحلتي ، إلا الصعود إلى فضاءات القممْ
والانتصار على الرتابة والسأمْ
في القلب يا" سلوى" جراحٌ ، كلها حزنٌ ، ألمْ
كيف السبيل إلى التواصل والتلاقي ؟ كلّ ما نبنيه من ذكرى ، ومن نجوى ..أخاف إذا أتته الريح ، يمضي للعدمْ
إني أعيش لأجله ، لكنْ أُحسُّ بقربِ ساعات الفراقِ ، لما يسطّره القلمْ
*
هذي القصيدة قد بدأتُ بها الصهيل ، فصار بحري من تفاعيل المحبة ، لا يُطالْ
كيف الخروج وقد دخلتُ بدون جهدٍ ؟ كانت الأبواب مشْرعةً ، فأغراني النداءْ
قد تهتُ ما بين الثريا والثرى ، وصحوتُ من شعرٍ لتصفعني الحقيقةْ
ما مرّ ، مثل الحلمٍ ، مثل الطيف ، جاء كما المنام ، وعاد في ذكرى رقيقةْ
*
وقفتْ تودّعني ، مددتُ لها يدي ، فجرى حديثٌ بيننا ، ما كان يوماً بيننا ..
أحسستُ أن الكهرباء سرتْ بروحينا ، كخيطٍ مدّ جسراً للقلوبْ
وعجبت مما حدّثته بها يدي ..! ارتعشتْ ، وأطبقتِ الجفونَ ، فقلتُ : أفديكِ بما ملكتْ ، وما فعلتْ يدي
ماذا جرى ؟.. هل يا ترى ؟.. ابتسمتْ ، فقلتُ لها : اعذريني ، لم يكن بإرادتي ما قد جرى ..
روحي طغى إحساسها ، امتزجتْ بروحك ، والفؤاد تمرّدا
وأنا أصارع ثورة الجسد الذي يأبى ، ويأبى ..إنه يفدي العيون السود ، واليوم افتدى
يا غادتي : حالي بما اقترفت يدي ، باتت ، كمن يُرثي لحالي
بعد الجرى ما بيننا ، قلبي تهاوى من علٍ ، وتمزّقت أوصاله ، وأصاب عقلي بعض مسٍ من جنونِ
من أنتِ يا سمراء ؟ مهما مرّ ، مهما كان ، مهما قد يكون ، لأنتِ أغلى من عيوني
*
وتلفّت القلب الممزّق ، لم يجد إلا السرابْ
عادت ظلال الروح تلفح مهجتي ، فأحسّ ناراً في الجسدْ
وجلستُ أنتظر الغروب ، ولم يعد قربي أحدْ
ستظلّ ذكراها ، تعيش بخاطري ، و بمبهجتي ، والروح تحلم أن تعودْ
قدرٌ أتى .. قدرٌ أخذْ / أترى يُخبّئ لي مفاجأةً بغدْ / فردٌ ، صمدْ ..أحدٌ ، أحدْ .
30/11/2006