نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعييثير عنوان مقالي هذا بعض الجدل إذ ربما لقائل أن يقول وهل أضحى لدينا ثقافة للنظافة أيضاً ، وهذه النظافة هل هي موروثة أم مكتسبة وقابلة للتعلم وهل وهل ؟الخ


وأقول نعم إن ثقافة النظافة ليست موروثة ولكنها مكتسبة نكتسبها من بيئتنا ومفردات المجتمع من حولنا , فمن اعتاد الحفاظ على مفردات النظافة بكل ما تحمله من معنى فسوف تنتقل من عقله الواعي إلى عقله اللاواعي وتصبح بذلك خبرات وعادات يمارسها بإتقان وأنا هنا أعني النظافة بمعناها الحقيقي وليس المجرد وهي نظافة البيوت والشوارع والمدارس والأماكن العامة دونما أدنى تلاعب بالألفاظ والكلمات .
ولكن مع الأسف ما نراه من مشاهدات في بلداننا العربية ويحزنني أن أقول الإسلامية هو عكس ذلك .
فمع أن الإسلام عمل على تكريس مفهوم النظافة البدنية والمكانية حيث قال النظافة من الإيمان ،و كان قد فرض الوضوء خمس مرات في اليوم حرصاً على النظافة .
وهناك حديثاً شريف يقول ( نظفوا أفنيتكم )...
وهناك الحث على التطيب وترجيل الشعر وسواك الفم ..., ولكننا كمسلمين وإن كنا بالغنا بمظاهر الأناقة والنظافة ومظاهرنا وبيوتنا , ولكن هناك جانباً آخر مهم للغاية قد أغفلناه ألا وهو نظافة شوارعنا ومدارسنا وجامعاتنا وكل الأماكن العامة من حدائق ومنتزهات.
ففي الوقت الذي تفرض فيه قوانين صارمة للغاية في الغرب على النظافة وفرض غرامات على من يلقي القمامة،وهم ينفذون القانون بحذافيره دونما توانِ وقد تكون بيوتهم نظيفة أم لا ( ليس شأننا )ولكن ما يهمنا ذلك المظهر الحضاري والجمالي لشوارعهم وطرقهم ...وكل أماكنهم في حين أننا نغفل نحن هذا الموضوع فبيوتنا من الداخل نظيفة جداً وأنيقة جداً , ولكن ما خارج سور بيت كل واحد منا لا علاقة لنا به , وهذه المشكلة تعود إلى أننا نتعامل مع تلك الأماكن وكأنها ملك خاص لنا ويحق لنا التصرف فيها كيفما نشاء مع العلم أننا في ملكنا الخاص الحقيقي لا نفعل ذلك ,فهذا يرمي الأوساخ وآخر يبصق في الطريق... في حين أنه يُضرب سلام لعامل النظافة في دول الغرب , نحن نخجل من أن نضع عيننا بعينه على اعتبار وضاعة مهنته ولعمري هذا هو العجب العجاب !
وبالمناسبة أنا لا استثني فئة من الناس دون أخرى حيث يشترك في هذه الظاهرة المؤلمة كل طبقات المجتمع من مثقفين وعوام وأنصاف متعلمين إلى طبقة نخبوية من المثقفين ، وسأسرد عليكم هاتين الحادثتين لأدعم حديثي بهما :
الأولى : هي أنني ذات يوم كنت أعمل في شركة أدوية ، وكان باص الشركة يأخذني من أحد المواقف العامة أنا وبعض الموظفين ، وذات يوم كنت على الموقف أنا وأحد الزملاء الصيادلة ننتظر الباص واحتجت أن أرمي ورقة كانت في يدي فابتعدت حوالي ثلاث أمتار بعيداً عن الموقف كي أرميها في الحاوية القريبة من الموقف فكان كلام الصيدلاني لي كل هذه الأوساخ في الشارع وتذهبين إلى الحاوية لترميها هناك !! فقلت له : لماذا لا أكون لبنة في بناء مشروع النظافة للطرقات ، فكان جوابه ربما بسخرية وربما كان جاداً ،أمثالك يلزمهم أن يعيشوا في السويد أو سويسرة وليس في بلداننا .
والمشهد الثاني : كنت استمع لمحاضرة ثقافية في احد المراكز الثقافية في مدينتنا ، وكانت المحاضِرة تتكلم في شأن فكري عالي المستوى حيث أنها حاصلة على شهادة الدكتوارة في العلوم الإنسانية وكان ختام المشهد بعد أن انتهت المحاضرة ، قدمت لنا ضيافة قطع من السكاكر المغلفة ، فما كان منها إلا أن فتحت قطعة السكاكر وألقت بالقشرة على الأرض بكل بساطة .
فما كان مني إلا أن نسيت كل محاضرتها القيّمة وجعلت أفكر بتلك الرواسب التي عششت في دواخلنا بعيدة عن الأصل الذي يجب الرجوع إليه .
برأيكم ما هو الحل ؟
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي



2009-12-03 13:00:12