كتب مصطفى بونيف

موستافا في الخرطوم !!


نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي


البلاد العربية سنة 2050

يقف موستافا الثامن عشرأمام صور جذوره من الأجداد المعلقة على حائط الصالون ..بينما تشرح له والدته الحاجة ياسمين ظروف كل صورة ..
- هذه صورة جدك موستافا الكبير وهو يشارك في حرب تحرير الجزائر سنة 1954 ، كان مسؤولا على نقل السلاح إلى الثوار باستخدام الحمار ، من أجل ذلك سرى العرف في عائلتنا أن لا نشتم أو نسخر من الحمير ، لأنها شاركت في الثورة يا ابني ...عندما ترى حمارا يمر أمامك يجب أن تقف له احتراما وتقديرا .
يبستم موستافا الثامن عشر في هدوء ، ثم ينظر إلى صورة أخرى ويسأل جدته
- من هذا البطل الذي في الصورة ؟ .
تجيبه الجدة : - هذه صورة جدك موستافا الخامس وهو يشارك في حرب 1967 ، عندما خرج مع لواء مدرع أرسله الزعيم الراحل هواري بومدين إلى مصر ..رغم ظروف النكسة حينها جدك عاد يا بني من هناك بعروسة مصرية ..من أجل ذلك تجد أن عائلتنا يحبون مصر كثيرا .
يسألها موستافا الثامن عشر في استغراب :
- وما هي النكسة يا ماما ؟ .
- النكسة يا ابني هي أنك تشعر فجأة وأنت ذاهب إلى الأمام بأنك تعود إلى الخلف ، وبأن قفاك أصبح يحتوي عينيك ..
وقف موستافا أمام صورة أخرى ، وتسائل ..
- من هذا الأسد الشجاع الذي يظهر في هذه الصورة يا ماما ؟.
تتحسر الجدة :
- هذه صورة جدك موستافا السادس ، عندما شارك في حرب أكتوبر 1973 ، خرج مع لواء جزائري كامل إلى سيناء ، كان من ضمن الذين اجتازوا خط برليف ..أيام أكتوبر لا يمكن أن تنسى يا ولدي ..
قاطعها موستافا الثامن عشر :
- وهل عاد جدي بعروس مصرية من هناك أيضا ؟ .
ابتسمت الجدة :
- لم يتزوج جدك هذا بمصرية لأنه غضب مع جامعة الدول العربية من إتفاقية كامب ديفد ..سنة 1979 أصيب بجلطة أخذته وتخلص من الدنيا .
واصل موستافا الثامن عشر المشي في الرواق وهو يتأمل الصور ...
- لمن هذه الصورة يا جدتي ؟ .
- هذه صورة جدك موستافا العاشر يا ولدي وهو يتوجه إلى العراق سنة 1983 للمشاركة في حرب القادسية ، ضد إيران ..كرمه في حينها الزعيم الراحل صدام حسين وأعطاه وسام البطولة ..وعاد من هناك متزوجا !!
- تزوج بعراقية يا جدتي ؟.
ضحكت الجدة حتى سالت دموعها ..
- لا عاد بزوجة إيرانية يا ولدي !.
ضحك موستافا الثامن عشر هو الآخر ...وواصل يتسائل عن الصور واحدة تلو الأخرى ..
" هذه صور جدك موستافا 11 الذي ذهب إلى الجهاد في البوسنة والهرسك سنة 1990 ".
وقف الحفيد موستافا الثامن عشر طويلا أمام صورة أحد جدوده ...
- ألاحظ يا جدتي أن جدي في هذه الصورة يربي ذقنا ..ما قصته ؟
- هذه صورة جدك موستافا ال12 الذي ذهب إلى ..( خفضت صوتها وهي تقول الشر برا وبعيد ) ..هذا الذي ذهب إلى أفغانستان للجهاد ضد السوفيات ، وبعد الانتصار تزوج من امرأة أفغانية ..لم تكتمل فرحته بها لأنها قامت بعملية فدائية وفجرت نفسها في نقطة تفتيش أمريكية رغم أنها كانت حامل ...ونشرت المخابرات صور جدك في كل مكان على أنه عضو خطير في تنظيم القاعدة ..لكنه توفي قبل أن تصل إليه المخابرات الأمريكية .
سأل موستافا الثامن عشر جدته بحزن شديد :
- كيف توفي جدي المسكين ؟.
أجابته الجدة بسرعة :
- توفي نتيجة تسمم أكل علبة تونا دون قبل أن يقرأ تاريخ انتهاء صلاحيتها .
وقف موستافا الثامن عشر أمام صورة أحد جدوده وهو يحمل علم العراق ..
- من هذا يا نينا .؟
- هذا جدك موستافا 13 الذي ذهب ليجاهد في العراق سنة 2003 ويقاوم الاحتلال الأمريكي ...دخل إلى العراق ليحارب الأمريكان فوجد أن الأمركييين لا يحاربون ..ولكن العراقيين يقتلون بعضهم ..سنة وشيعة ..
اختصر جدك الطريق وعاد بزوجتين عراقيتين واحدة سنية وأخرى شيعية !.
- تسمر موستافا الثامن عشر أمام صورتي ؟
- من هذا يا نينا ، إنه يختلف عن الآخرين ، يضع كفيه على خديه ويبستم للكاميرا ..هل كان مطرب راي ؟ .
- هذا موستافا الرابع شعر يا ولدي ، كاتب ساخر ...هذا أكثر جدودك بطولة ...شارك في عدة حروب يا ولدي ...معركة زامبيا ضد الزامبيين ، ومعركة القاهرة الشهيرة ضد المصريين ، ومعركة أم درمان الأشهر ضد المصريين أيضا ...
استغرب موستافا الثامن عشر ..
- كل أجدادي شاركوا في حروب مع مصر ، إلا هذا خرج ليحاربها ما معنى هذا يا نينا ؟.
- جدك هذا يا ولدي ، خرج إلى موقعة القاهرة ، عندما هزم المنتخب الجزائري لكرة القدم 2 مقابل صفر أمام منتخب المصري . كاد أن يتقله غيظه فخرج مع المنتخب إلى أم درمان في العاصمة السودانية الخرطوم ..
واستطاع أن يواجه ألوية الجماهير المصرية التي كان يقودها آنذاك علاء مبارك ، وحسن شحاته ..يومها هاجم الإعلام المصري بلادك يا موستافا يا ابني ..كانت حربا كلامية لم يسبق لها مثيل في التاريخ ، وكان جدك موستافا أكبر كلمنجي في العالم في حينها ..
- وفلسطين يا نينا ، ماذا كان يحل بها في تلك الأثناء ؟ .
- كان أبناء غزة يموتون تحت الحصار ...
- والعراق يا نينا ؟ .
- كانت العراق لا تزال تحت الاحتلال الأمريكي .
- وأفغانستان يا نينا ؟ .
- كانت هي الأخرى لا تزال تحت الاحتلال يا ولدي ...
- كل حروب أجدادي كانت هزائم في هزائم ...!!
قاطعته الجدة ياسمينة ..
- إلا جدك هذا يا ولدي ، فقد انتصر المنتخب الجزائري في الموقعة وعاد بتأشيرة الذهاب إلى مونديال 2010 ...في جنوب إفريقيا .

نظرالحفيد موستافا الثامن عشر ، إلى صورتي أنا موستافا الرابع شعر وهو يقول
-( حقا أنت الوحيد يا جدي كنت بطل الأبطال ) !!.


مصطفى بونيف