وقد اصبحت فيروز رمزا للبنان في كل مكان ..
وغنت في الاولمبياد لكل الهاربين من الدمار , ردني الى بلاد , وخذني على تلاتها الحلوين , ودخلك يا طير الوروار , ومركب الريح ..
.. جاءت وهي التي لم تترك الوطن في شدته لتقول للمهاجرين عودوا الى الوطن بكل المعاني العظيمة التي تحملها في اغانيها الرائعة .
.. كان ذلك في سنة 1979 , حين غنت " فيروز " لباريس تحيي ضيافتها لها ولجميع ابناء وطنها عبر القصيدة التي غنتها في الاولمبياد قائلة : ..
باريس يا زهرة الحرية , يا ذهب التاريخ يا باريس , وهي من الحان ابنها زياد الرحباني ايضا ... !!
.. وقد رد رئيس بلدية باريس – جاك شيراك – في ذلك الوقت على تحية فيروز بدعوتها , لتكون ضيفة شرف على العاصمة الفرنسية – باريس .
.. فقد كانت فيروز – تمتدح – فرنسا الاخاء والحرية والمساواة .. وتطالبها بان تتعرف على وطنها الجريح ..
الل متوج بالخطر وبالريح .
بينجرح لبنان .. بينهدم لبنان ...
وبيقولوا مات , وما بيموت ..
وبيرجع من حجارو . يعلي بيوت ..
وتتزين صور وصيدا وبيروت .
.. فليس قليلا عليها هذا الحب , ابدا وهي في كل كلمة تنطق بهواء , وشمس وارض وناس , وكلام لبنان الوطن ..!
.. فهي تتعامل مع الجميع بتلقائية , وعفوية , وبساطة بعيدا عن ضجيج المجد والشهرة , ولذا فهي محبوبة من الجميع بكل ما ترمز اليه انسانيا , ووطنيا , وفنيا على المستوى العربي عامة واللبناني خاصة .
.. فكل الجاليات العربية المنتشرة في امريكا الشمالية وامريكا الجنوبية يجدون فيها انفسهم رغم بعد الازمان والمسافات , وبالذات المجموعات اللبنانية فهم الذين يستزيدونها وهي تغني " سكروا الشوارع " قائلة : ..
ياهوى بيروت ... ياهوى الايام ...
ارجعي يا بيروت ... بترجع الايام ...
.. احد النقاد قال وهي تغني : ..
ان في صوتها دفء وحنين الام التي تنتظر عودة ابنها بفارغ الصبر الى سريره
.. بل ان هذا هو الشعور الذي حملته معها في رحلاتها الفنية مع الفرقة الفولكلورية والرحابنة الى امريكا واختزنه المهاجرون العرب في نفوسهم مع صوتها القادم اليهم بسحر الشرق العربي , ودفء الوطن الذي يحترق ..
.. وبقدر ما كانت الطائفية تنخر في جسم لبنان العربي , فان فيروز ومعها الرحابنة كانوا يرفضون الطائفية قولا وفعلا , وكانت فرقتهم تضم الكثير من المسلمين ومثلهم من المسيحيين .
.. لقد حفرت الحرب اللبنانية جرحا شديد العمق , لكن الصوت الفيروزي ظل مع لبنان الوطن ولبنان الانسان , مهما كان تاثير الاحداث على طبيعة العمل الفني , وطوال المسيرة الفنية لفيروز والرحابنة لم يظهر لهم أي خط سياسي , بل كانوا يتغنون بالوطن والجمال والحب والطبيعة , ولم يحاربهم احد , لانهم لا يمثلون احدا...!!
.. ففي كل بلد تحل فيه فيروز تغني لاهلها , في القاهرة غنت لمصر , وفي فرنسا غنت لباريس , وفي الخليج غنت للخليج , وهم اذ يقدمون لكل بلد اغنية فانهم يتوجهون بتحيتهم هذه الى الشعوب عامة وليس للاشخاص , وقد كانت فيروز سباقة وهي تنشد لاهل الارض المحتلة بعد حزيران سنة 1967 , ولزهرة المدائن القدس , وصلات من الغناء الخالد الذي لا يموت , لانه من اجل قضية العرب الاولى ..
.. وعندما اصبح لبنان هو الجرح , وهو القضية , غنت " فيروز " كما لم ينشد احد اغنيتها الوطنية الخالدة " بحبك يا لبنان " , وكانت اول مرة تصدح فيها بهذه المفاجأة الوطنية الغنائية في دمشق , فكانت وحدها التي نقلت لبنان منذ بدء الحريق في اواخر السبعينات الى قلوب كل العرب وهي تدور في رحلة فنية من اجل لبنان , في الخليج في دمشق وفي القاهرة وفي عمان , حيث انشدت : بيقولوا صغير وطني ... !!!
فلم ينج لبناني ولا عربي من الدمع , فالكل يحب لبنان ويحبه اكثر عندما تغنية فيروز ... !!

------------
سلاما لك اميرة الطرب
سلاما لك حتى مطلع الفجر
سلاما لزمان كان فيروزيا معك