بسم الله الرحمن الرحيمفي السلط وحولها العديد من اضرحة البارزين من المسلمين ومن الاخرين الذين ورد ذكرهم في القرآن الكريم ففي داخل مسجد حديث في وادي شعيب الذي يبعد عن مدينة السلط حوالي 15 كيلومترا يوجد مقام النبي شعيب عليه السلام وهو من قبيلة مدين ووالد زوجة النبي موسى عليه السلام واليه التجأ موسى بعد ان قتل رجلا مصريا.
نبي الله شعيب
وفي كتاب جيب صغير لمؤلفه اسماعيل اليوسف نقرا عن هذا النبي شعيب انه كان خطيب الانبياء وذلك لحسن مراجعته قومه ومهارته في الاقناع وطريقته القديمة في دحض الحجة وقوم شعيب هم شعب مدين الذين كانوا ينزلون ما بين الحجاز والشام وكانوا يعملون بالتجارة فهم اهل نعمة وثراء يعيشون عيشة بذخ وترف وكانوا يعبدون غير الله ويرتكبون المعاصي ويفعلون الشرور وكانوا يخسرون الناس اشياءهم حين البيع والشراء ولا يوفون الكيل والميزان فارسل الله شعيبا يهديهم ويعظهم ويبين لهم ان ما يفعلونه هو الشر كل الشر ويحذرهم بطش الله وعقابه اذا هم تمادوا في ضلالهم وقد ورد في القرآن الكريم حيث يقول الله سبحانه وتعالى ''والى مدين اخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدو الله ما لكم من اله غيره قد جاءتكم بينة من ربكم فأوفوا الكيل والميزان ولا تبخسوا الناس اشياءهم ولا تفسدوا في الارض بعد اصلاحها ذلكم خير لكم ان كنتم مؤمنين''.
واخذ النبي شعيب يذكر قومه بما انعم الله عليهم من خير ورزق كثير وما هم عليه من القوة والغنى لكنهم لم يستمعوا لقوله ولم يأبهوا لنصحه بل زادو غيا وضلالا وابتعادا عن طريق الحق وتماديا في السخرية والاستهزاء من نبيهم وكانوا يقولون يا شعيب كيف تريدنا ان نتخلى عن امر درج عليه اباؤنا واجدادنا من قبلهم وقد الفناه ودرجنا عليه، كيف تريدنا ان نترك شرعا ورثناه عن الاباء والاجداد وانت العاقل المدبر ذو الحلم والراي السديد، اترك عنك هذا الامر ودعنا وشاننا فلن تجد منا الا الاعراض والرضى ولا نفقه شيئا مما تقول ولكن شعيبا لم يياس ولم تفتر عزيمته ولم تبد منه قسوة على قومه ولا جفوه بل ظل يستميلهم باللين واللطف ويذكرهم بما بينه وبينهم من الصلة حتى اعتقد انهم بداوا يستمعون له ويميلون الى حديثه ولكن ذلك لفترة عابرة لم يلبث القوم بعدها الا ان اظهروا نفورهم وتنكرهم لما يقول ولجاوا الى المراوغة في الكلام ومدافعة الحجة بالشتم والتهديد والوعيد وقالوا ان كلامك لن يصل الى قلوبنا ولن تدركه عقولنا فوفر عليك نصائحك واعلم اننا اهل عزة ومنعة وانت مستضعف بيننا ''وانا لنراك فينا ضعيفا: ثم قالوا مهددين ولولا رهطك فينا لرجمنا بالحجارة وما انت علينا بعزيز فلم يمنعنا من الحاق الضرر بك وايقافك عند حدك بالقوة الا مكان عشيرتك وحرمة قبيلتك ولكن شعيبا لم يخف ولم يجبن امام هؤلاء الجبابرة ولم يكتثر بتهيدهم ووعيدهم وقال اذكروا ان القوة التي تتباهون بها والعزة التي تفتخرون بها على الناس والخير الذي لديكم كل ذلك من الله العلي القدير الذي منحكم القوة والعزة والمال وهو قادر ولا ريب ان ينزع هذه الاشياء منكم بطرفة عين ان انتم تماديتم في العمى عن طريق الحق وبدأ القوم يطاردون الاشخاص الذين امنوا بما جاء به شعيب وراحوا يضيقون عليهم ويؤذونهم بشتى الاساليب وهددوا شعيبا بطرده ومن امنوا معه من قرية مدين ولكن شعيبا ظل صابرا يحث الذين امنوا معه على الصبر وتحمل الاذى الى ان ياذن الله ''وان كان طائفة منكم آمنوا بالذي ارسلت به وطائفة لم يؤمنوا فاصبروا حتى يحكم الله بيننننا وهو خير الحاكمين'' ورد شعيب على تهديد القوم له قائلا هاتوا ما لديكم من قوة لايصال الشر لي والحاق الاذى بي واعلموا انني سوف استمر في دعوتي لن اكل او الين ولن ادخر جهدا في سبيل الغاية النبيلة التي اسعى للوصول اليها فان ثقتي كبيرة بنصر الله والله سبحانه وتعالى ينصر من ينصر دينه ويؤيده وصبر شعيب والصبر هو شيمة الانبياء صلاة الله وسلامه عليهم وظل يدعو الى دين الله والابتعاد عن كل ما يغضب الله حتى امن معه عدد اخر منهم مما جعل الخوف يتسرب الى قلوب قومه من ازدياد عدد المؤمنين لكن شرور الذين اصروا على الكفر لم تنقطع فقد تعرض المؤمنون الى اذاهم وهنا ايقن شعيب ان القوم مصرون على الكفر فلجأ الى الله يستنصره عليهم ليجزيهم على كفرهم وجحودهم وعنادهم وتضرع الى الله ان يعجل لهم العذاب الذي يستحقونه وكان القوم ظلوا في الضلالة يعمهون همهم الوحيد هو الدنيا وما فيها من متع واغراءات كان الحياة مخلدة وكانهم لن يفارقوا هذه الدنيا ولم يعتبروا بالامم التي سلفت ولم يكتفوا بالوقوف موقف العداء من شعيب والذين امنوا معه ولم يكتفوا بان اغلقوا اذانهم وقلوبهم عن الدعوة الى الحق والايمان بل تمادوا الى اكثر من ذلك فقد عمدوا الى السخرية والاستهزاء من شعيب والوقوف منه موقف التحدي اذ قالوا دع ربك يسقط علينا كسفا من السماء ان كنت صادقا في دعواك وان كان معك اله غير الالهة التي نعرفها واستجاب الله دعاء نبيه شعيب وايده بنصره واخذهم عذاب يوم الظلة فقد ابتلاهم بالحر الشديد الذي لا يطاق لمد سبعة ايام متتالية مما جعلهم يخرجون من بيوتهم الى الجبال والسهول بين الاشجار والحقول ولكن لا شيء يمنع المخلوق من قدر الله فاين يهربون وقد كتب عليهم العذاب ثم انهم راوا غمامة سحابة في السماء فاجتمعوا جميعهم تحتها ظنا منهم انها ستقيهم من الحر اللاهب وعندما تكامل عددهم امطرت عليهم تلك السحابة نارا فاحترقوا جميعهم وبادوا عن بكرة ابيهم وهكذا تولوا عن طريق الحق فتولى الله عنهم.
منقول