0 ألف طن إنتاجنا من الزيتون.. كساد إنتاجي وضعف تسويقي
المصدر : رياض إبراهيم أحمد - ماريشا زهر 04/10/2009
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيمع بداية اقتراب جني موسم الزيتون، وكالعادة، الكلُّ يتحدث عن معاناته، لتبدأ لعبة (القط والفأر) في تبرئة الذمة من إصبع الاتهام، على مبدأ: «الفلاح يعاني والوزارة تعاني.. والحل..؟!». فمدير مكتب الزيتون في وزارة الزراعة، أشار إلى أنَّ سورية تحتلُّ المركز الخامس عالمياً في إنتاج الزيت، ومع ذلك حصتها من السوق العالمية لا تتجاوز 1 %؛ ما يحرمها تصدير فائض إنتاجي يتجاوز 70 ألف طن. وهذا الفائض يعاني من تواضع الطاقة التخزينية وعجزها عن استيعاب الكميات الحالية، فكيف الحال مع فائض يصل العام الحالي إلى 85 ألف طن؟. ليس هذا وحسب، بل يؤكد قسم بحوث الزيتون، في وزارة الزراعة، أنَّ الشروط التي يخزن بها الزيت حالياً غير نظامية؛ ما يفقده العديد من مزاياه، ويحرمه المقدرة التنافسية عالمياً.


ما تقدَّم غيضٌ من فيض. فإذا كانت المكاتب المختصة في وزارة الزراعة (مديرية مكتب الزيتون، وقسم بحوث الزيتون) تشكو من إشكاليات وروتين وعقبات مؤسساتية أوصلت الزيتون إلى هذا الحال، فماذا عن الفلاح الذي يشكو من ضعف القنوات التسويقية لمحصوله، وعدم اعتماده كمحصول استيراتيجي أسوة بباقي المحاصيل، رغم مساهمته بنسبة 3.5 % من الناتج المحلي، وشعوره بتنامي تقصير كلّ الجهات من وزارة الزراعة إلى وزارة الاقتصاد وغرف الزراعة والصناعة والتجارة في موضوع عدم حماية منتج الزيت والزيتون، والسماح باستيراد الزيوت الأجنبية وإغراق الأسواق بها؟!.
وعليه، لا اتفاقيات تبادل تجاري فعلية، ولا تشجيع رسمياً مؤسساتياً يتمثَّل في إعفاء التجار والشركات المصدرة لمنتج الزيت، علماً أنَّ هذه الشركات استطاعت العام الفائت، ورغم كلّ العراقيل، تصدير ألف طن زيت (ما قيمته 155 مليون ليرة سورية) بجهود وعلاقات فردية. ولكن هذا الرقم التصديري أمام فائض يصل إلى 70 ألف طن وأمام دخول 2 مليون شجرة جديدة في الإنتاج يُعتبر قاصراً وضعيفاً!.

• 90 مليون شجرة زيتون
أشار المهندس فراس سويد (مدير مكتب الزيتون في وزارة الزراعة) إلى أنَّ إجمالي المساحات المزروعة بأشجار الزيتون بلغت 616229 هكتاراً، تنطوي على 90,776 مليون شجرة، المثمر منها 66,775 مليون شجرة، مقابل 30 مليون شجرة فتية لم تدخل طور الإثمار بعد. وبذلك تشكل نحو 10 % من إجمالي المساحة المزروعة، و65 % من إجمالي مساحة الأشجار المثمرة. وتتركَّز زراعة الزيتون، بشكل رئيس، في المناطق الشمالية والغربية (حلب، إدلب، اللاذقية، طرطوس)، وتلقى انتشاراً واسعاً في المناطق الجنوبية والوسطى (حمص، درعا، السويداء، القنيطرة، ريف دمشق)، وبشكل أقل في المناطق الشرقية (الرقة، دير الزور، الحسكة). وتوقَّع سويد للموسم الحالي أن تبلغ المساحة المزروعة 638502 هكتار، وأن يصل العدد الكلي للأشجار إلى 94,119 مليون شجرة، والمثمرة إلى 69,897 مليون شجرة.

• إنتاج
وأمام هذا الرقم من عدد الأشجار والمساحات المزروعة، فإنَّ التقديرات الأولية لوزارة الزراعة في الإنتاج لهذا العام نحو 870 ألف طن زيتون، ينتج عنها نحو 160 ألف طن زيت زيتون، والباقي زيوت مائدة. وقد تقارب هذا الرقم مع إحصاءات هيئة تنمية وترويج الصادرات، التي تشير إلى أنَّ الإنتاج 800 ألف طن من الثمار، يخصّص منها للتخليل الأخضر والأسود نحو 100 ألف طن، و700 ألف طن يعصر لاستخلاص الزيت، وينتج عنه 150 ألف طن من زيت الزيتون. وأياً كانت الأرقام، فمن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنَّ هذا القطاع يسهم بنحو 5. 1 إلى 5. 3 % من قيمة الدخل القومي، وبـ 5 إلى 9 % من قيمة الدخل الزراعي حسب الموسم. وبالتالي لا يقلّ أهمية من حيث الإنتاج والعوائد عن إنتاج القمح وعوائده، فلماذا لم يتمّ حتى تاريخه دعم زراعة وتصدير هذا المنتج من خلال منحه لقب المحصول الاستراتيجي؟!.

• مواصفات
تؤكد هيئة الترويج تطابقَ مواصفات الزيت السوري مع المواصفات العالمية المعتمدة من قبل المجلس الدولي لزيت الزيتون، إضافة إلى أنَّ أكثر من 55 % منه هو من النوع المكرر الممتاز والذي لاتزيد حموضته على 8. 0 %.. وإنَّ 90 % من زيت الزيتون السوري خال من المبيدات بسبب تطبيق مبدأ المكافحة المتكاملة واعتماد 80 % من الفلاحين على التسميد العضوي. رئيس دائرة الزيت في قسم بحوث الزيتون في وزارة الزراعة أشار إلى ضرورة تطوير مواصفات الزيت السوري، بحيث يتناسب مع المواصفات العالمية، وتأمين إنتاج ملائم للتصدير، مع تأكيده أنَّ الطريقة التخزينية المتبعة تفقد الزيت السوري الكثير من مزاياه!. ومع ذلك الزيت السوري هو الثالث عالمياً.

فائض
يشير رئيس دائرة الزيت في قسم بحوث الزيتون (الدكتور مصطفى معلم) إلى أنَّ «استهلاك القطر من زيت الزيتون لعام 2008 بلغ 120 ألف طن؛ ما يعني فائضاً تصديرياً بحدود 70 ألف طن سنوياً. ومع تزايد الإنتاج المتوقع خلال السنوات القليلة القادمة، لجهة دخول أشجار جديدة في الإنتاج بمعدل 1 إلى 2 مليون شجرة سنوياً وانخفاض معدل الاستهلاك الفردي وقلة التصدير، سيصل الفائض إلى 85 ألف طن. ونتيجة لذلك، علينا أن نتوقع نشوء أزمة حقيقية في هذا القطاع مترتبة على مشكلات ضعف التصدير والاستهلاك وتواضع الطاقات التخزينية وشروطها غير النظامية».

تصدير
من جهته رئيس دائرة بحوث الزيتون، في وزارة الزراعة، يرى أنه «لا بدَّ من اتخاذ بعض الإجراءات الضرورية للتشجيع على التصدير، منها تنظيم حملات ترويج داخلية لزيادة الاستهلاك المحلي، وتنظيم استيراد الزيوت النباتية الأخرى، وتنظيم حملات ترويج خارجية، والاشتراك في المعارض الدولية للتعريف بهوية الزيت السوري، وتطوير المواصفات السورية بما يتناسب مع المواصفات العالمية، وخفض الضرائب والرسوم المترتبة على التصدير أسوة بالدول المنافسة، وتوحيد جهود المصنعين والمصدرين لتأمين إنتاج منافس وملائم للتصدير، وإقامة شراكة أوروبية واتفاقيات تبادل التجاري مع بعض الدول العربية». هذه الإجراءات جاءت شاملة وغنية ومتكاملة ومعسولة، ولكن من المسؤول عن تحقيقها وتنفيذها؟!، ولماذا حتى تاريخه لم يتمّ وضع سياسات تسويقية وفتح منافذ خارجية رغم مضي عامين على إطلاق مديرية التسويق الزراعي، إضافة إلى هيئة تنمية وترويج الصادرات السورية؟!. بقي أن نذكر أنَّ عاتق التصدير حالياً يقع على القطاع الخاص والفردي، الذي استطاع تصدير نحو ألف طن (ما قيمته 155 مليون ليرة سورية) منذ مطلع العام الحالي وحتى أواخر تموز الماضي. والغريب، بعد كل ما تقدَّم، أن يقع اللوم في قصور التسويق وتكدس الإنتاج على كاهل المواطن، الذي لايستهلك زيت الزيتون بكميات كبيرة!.. يقول رئيس شعبة الأصناف في بحوث الزيتون: «معدل استهلاك الفرد في سورية لا يزيد على 8 إلى 10 كغ. لذا نؤكد أهمية نشر المعرفة لدى الأسرة السورية بزيادة استخدام زيت الزيتون.

• ثنائي الغرض

هيئة تنمية وترويج الصادرات السورية تشير إلى أنَّ سورية تتمتع بأجود أصناف الزيتون، حيث يوجد في العالم 400 صنف لهذه الثمرة؛ بعضها مخصص لاستخلاص الزيت، والبعض الآخر لتحضير زيتون المائدة، وبعض هذه الأصناف ثنائية الغرض تتميَّز بمذاقها ولونها المستساغ، فضلاً عن فوائدها الصحية.. والزيتون السوري من هذا الصنف. وعلى هذا الأساس، أشار رئيس شعبة الأصناف في وزارة الزراعة إلى أنَّ «الزيت السوري حصد المركز الثالث عالمياً في مسابقة أفضل 50 نوع زيت زيتون في العالم لعام 2008 - 2009». طبعاً هذه النتائج المحققة عالمياً تعود إلى جهود وصبر ومثابرة الفلاح السوري، والتي -وهنا المضحك المبكي- لم تنعكس لدى المعنيين والقائمين على الواقع الزراعي إلا في خطابات تغني، وشهادة مدعاة فخر تبرز في المحافل وعند زيارة الوفود.. أما الفلاح فمازال يعاني الأمرّين في موضوعي ضعف التسويق وانخفاض سعر الزيت قياساً بتكلفة الإنتاج؟!.


الزيتون لا يحظى بالدعم الرسمي
لايوجد لدى المكاتب المختصة في وزارة الزراعة أي معلومات أو رقم إحصائي لعدد العاملين والمعتاشين من منتج الزيت والزيتون. ولكن الخبير الاقتصادي الدكتور حيان سليمان أشار إلى أنَّ «عدد العاملين في هذا القطاع كبير جداً، ويشكلون أكثر من 12 % من الإخوة الزراعيين. ولأهمية هذا المنتج ولكونه يعدُّ من أهم المواد المؤلفة للقيمة المضافة، كنت من الذين طرحوا فكرة تحويل الزيتون إلى محصول استراتيجي. وموضوع المعاومة غير دقيق لتبعد عنه صفة الاستيراتيجي، حيث يمكن اعتباره ثروة متجددة كل سنة».
وفي موضوع الأسعار، أوضح حيان أنَّ «أسعاره تخضع لموضوع العرض والطلب، حيث لا توجد أسعار ثابتة. فحقيقة يمكن القول إنَّ الحكومة لا تقدّم لمحصول الزيتون الدعم اللازم. أضف إلى عقبة الرسوم الجمركية، التي أثرت في موضوع تصدير زيت الزيتون إلى السعودية التي تجمعنا معها اتفاقية. لذا لا بدَّ من اتخاذ خطوات فعلية وجادة، بما يخدم المزارع والإنتاج ويعود علينا قطعاً أجنبياً».

• ماذا قدَّمت الوزارة؟
نظراً لأهمية هذه الشجرة، ماذا قدَّمت وزارة الزراعة؟!.. تشجيع زراعتها من خلال توزيع غراس الزيتون على المزارعين بأسعار رمزية، فهل يكفي هذا؟..
محاولةُ تطوير وتحسين آليات القطاف والتخزين للحصول على جودة أعلى، محاولةٌ لم يُكتب لها بعد التحقق؛ فما زال هناك الكثير من العقبات.. أيضاً إحداث الحكومة لهيئة تنمية وترويج الصادرات.. فما هي الحلول التسويقية والترويجية الملحوظة التي قدَّمتها هذه الهيئة.. أما ص


جريدة بلدنا