أُمسِيَة ..

..




رَقَصَتْ بِخَلاخِيلِ الذَّهَبِ=حافِيَةً ؛ فِي كَرمِ العِنَبِ
فَإِذا الجَوَّ عُطُورًا نَفَحَتْ=عَزَفَ اللَّيلُ لُحُونَ الطَّرَبِ
وَ إِذا ما القُبلاتُ احتَرَقَتْ=فِي ثَغرَينا مِثلَ الحَطَبِ
نَثَرَ البَدرُ عَلَينا نُجُمًا=وَ أَضاءَ اللَّيلَةَ بِالشُّهُبِ
فَرَأَى الكَرمُ هَوانا ؛ فَهَوَى=بِدَوالٍ ضَجَّتْ فِي صَخَبِ
وَ تَدَلَّى العُنقُودُ فَرَشَحَتْ=خَمرَتُهُ مِنْ فَرطِ النَّصَبِ
فَقَضَينا اللَّيلَةَ فِي وَلَهٍ=نَتَحَرَّى اللَّذَةَ فِي شَغَبِ
وَ مَطَونا أُمسِيَةً فَعَدَتْ=بِفُؤَادَينا عَدوَ الخَبَبِ
فَمَدَدتُ يَدَيَّ إِذِ ابتَعَدَتْ=عَنِّي , وَ أَشَرتُ لَها : ( اقتَرِبِي )
فاقتَرَبَتْ فَدَخَلتُ جِنانًا=فَبَحَثتُ هُنالِكَ عَنْ أَرَبِي
فأَضَعتُ وَقارِي فِي يَدِها=وَ سَكَبتُ الرُّوحَ عَلَى الرُّكَبِ
فإِذا الفَجرُ تَجَلَّى نَظَرَتْ=بِعُيُونٍ بادِيَةِ العَتَبِ
وَ التَفَّتْ حَولِي أَذرُعُها=وَ بَكَتْ بِنَحِيبٍ مُضطَرِبِ
وَ ( بِأُمِّي ) ؛ هَمَسَتْ ضارِعَةً=( أَفدِيكَ حَبِيبِي ؟ أَمْ بِأَبِي ؟
أَمْ بِالعَينَينِ ؟ وَ ما حَمَلَتْ=مِنْ حَدَقِ الشَّوقِ ؟ وَ مِنْ هُدُبِ ؟ )
فَعَوَى الوَجدُ بِقَلبِي , وَ غَدَتْ=أَضلاعِي تَخفِقُ فِي رَهَبِ
وَ لَمَحتُ بِعَينَيها سَبَبًا=كَي تَبقَى , فَمَدَدتُ بِسَبَبِ
وَ أَجَبتُ بِعَينٍ دامِعَةٍ :=( أَرهَقتِ الإِحساسَ بِعَصَبِي
آتِيكِ - اللَّيلَةَ - إِنْ غَرَبَتْ=أَمْ وَنَتِ الشَّمسُ فَلَمْ تَغِبِ
فانتَظِرِي ؛ إِنِّي مُنتَظِرٌ=هَذا المِيعادَ عَلَى لَهَبِ )