د. آغة القلعة: أرقامنا صحيحة مئة في المئة.. وكلُّ منشأة سياحية تحقِّق معايير الجودة العالمية يتمُّ ت المصدر : أحمد تيناوي 16/08/2009
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعيكان سؤالنا الأخير للسيد وزير السياحة الدكتور، المهندس سعد الله آغة القلعة، أثناء حوارنا هذا معه، أشبه بسؤال «متشائل»، أي أنه ضائع بين التفاؤل والتشاؤم.. قلنا: سيادة الوزير، هل تعتبر السياحة السورية بخير؟.. فأجابنا: «السياحة السورية مازالت يافعة، وتتطوَّر بمراحل طبيعية، وهي على السكة !
الصحيحة لذلك- ومنذ اعتماد الرؤية الجديدة للسياحة في سورية منذ عام 2002 باعتبارها محركاً أساسياً من محركات الاقتصاد الوطني وأداة للتنمية المتوازنة والمستدامة ووسيلة للحوار والتواصل الحضاري بين الشعوب- عملنا على أربعة محاور رئيسية؛ وهي الترويج السياحي لزيادة القدوم السياحي وتحقيق الملاءة الفندقية المناسبة لتشجيع قيام استثمارات سياحية جديدة. وبالفعل، ومن دون الدخول في تفاصيل العمل الترويجي وأساليبه وتقنياته، فقد كثَّفنا جهودنا الترويجية وحقَّقنا زيادة سنوية في القدوم السياحي تصل إلى 15 % سنوياً، وهي نسبة نمو عالية بالمعايير الدولية، وأصبح لدينا أساليب ترويجية على المستوى الدولي تمَّ تنفيذها في العامين الماضيين، وقد نفَّذنا بداية هذا العام حملات ترويجية مكثفة في أوروبا والدول العربية الخليجية، وأعلنَّا مؤخراً زيادة 12 % في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وذلك رغم الأزمة الاقتصادية العالمية، وقد لاحظنا زيادة ملحوظة في الأسواق التي نفَّذنا فيها نشاطات ترويجية؛ فقد كانت الزيادة مثلاً من الدول العربية الخليجية بمعدل 43 %، والدول الأوروبية بمعدل نمو 26 %.


ومحور عملنا الثاني، كان في الاستثمار السياحي؛ حيث أطلقنا منذ عام 2005 المرحلة الأولى من ملتقيات أسواق الاستثمار السياحي بعد الاجتماع التاريخي الذي ترأَّسه السيد الرئيس بشار الأسد للمجلس الأعلى للسياحة، وأطلقنا العمل حالياً في 475 مشروعاً قيد الإنشاء والبناء، بقيمة حوالي 4 مليارات دولار، ودخلت عشرات المشاريع في الخدمة، وعلى سبيل المثال بلغ إجمالي الاستثمارات السياحية في الخدمة وقيد الإنشاء في نهاية عام 2008 ما يقارب 417.052 مليار ليرة، مقابل 355.374 مليار ليرة في نهاية عام 2007، بمعدل نمو 17.4 %، فيما بلغت قيمة الاستثمارات للمنشآت السياحية في الخدمة 198.388 مليار ليرة في نهاية 2008 مقابل 192.952 مليار ليرة نهاية عام 2007، وكذلك بلغت قيمة الاستثمارات قيد الإنشاء في نهاية عام 2008 حوالي 218.664 مليار ليرة مقابل 162.422 مليار ليرة نهاية عام 2007، بمعدل تزايد 34.6 %، وارتفع تدفق الاستثمار السياحي السنوي للمشاريع قيد الإنشاء من 39 مليار ليرة سورية في عام 2007 إلى 52.8 مليار ل. س في عام 2008 بمعدل نمو 35 % بين عام 2007 و2008. ورغم الأزمة الاقتصادية العالمية، تابع الاستثمار السياحي تطوره هذا؛ حيث تمَّ لغاية تموز 2009 الترخيص لـ 63 مشروعاً، وأصبحت قيد الإنشاء بتكلفة 23 مليار ليرة، مقابل 43 مشروعاً خلال نفس الفترة من عام 2008 وبتكلفة 15.7 مليار ليرة، وذلك بمعدل نمو لعدد المشاريع + 46 %. كما بلغ عدد المنشآت التي دخلت الخدمة 95 منشأة سياحية بتكلفة 5.4 مليار ليرة، وقد تضمَّنت دخول 1600 سرير فندقي في الخدمة مقابل 1007 أسرَّة لنفس الفترة في العام الماضي، وهذا يعكس تسارع دخول فنادق جديدة في الخدمة وكذلك للمطاعم، حيث دخل الخدمة حوالي 12000 كرسي إطعام مقابل حوالي 6000 فقط العام الماضي ولنفس الفترة، وبالنتيجة فقد ارتفع عدد المشاريع سواء قيد الإنشاء أم المنشآت بالخدمة من 85 مشروعاً في الأشهر السبعة الأولى من عام 2008 بتكلفة 18.7 مليار ليرة إلى 158 مشروعاً خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2009 بقيمة 28.5 مليار ليرة، وبمعدل نمو للتكلفة الاستثمارية + 52 % لفترة المقارنة، وهذه نتائج جيدة عموماً وتعكس توازناً محققاً في النمو بين الاستثمار السياحي والقدوم السياحي. وفي العام القادم، سننتقل إلى المرحلة الثانية من ملتقيات أسواق الاستثمار السياحي من خلال طرح أراضي الوزارة وأملاك الدولة المخصصة لها، وإطلاق مناطق التطوير السياحي الكبرى وبناء المنتجات السياحية الجديدة كالسياحة النهرية والبيئية والعلاجية والرياضية، بعد أن تمَّ تحديد أسواقها ومتطلباتها، ولدينا هذا الأسبوع ورشة عمل حول ربط الإحصاءات بالمنتجات السياحية، مع طرح مشاريع رائدة في هذا الإطار وإطلاق اللجان الوطنية المتخصِّصة في كل منتج سياحي جديد.

التأهيل والتدريب
والمحور الرابع ضمن أولوياتنا هو التأهيل والتدريب، وهذا هو التحدِّي الكبير الذي تصدَّينا له هذا العام؛ حيث بيَّنت المصفوفة التي أُعدِّت لقطاع السياحة أنَّ المشاريع الجديدة التي هي قيد الإنشاء سوف توفر عدداً كبيراً من فرص العمل، ويمكن أن نقول إنها أيضاً تحتاج إلى 50 ألف فرصة عمل خلال السنوات الخمس القادمة، لذلك علينا أن نؤمِّن الأطر البشرية المؤهّلة والمدرّبة لها.. وكان قرار المجلس الأعلى للسياحة في جلسته الأخيرة باعتماد سبعة مراكز للتدريب السياحي والفندقي في ست محافظات هي ( دمشق – حلب – حمص – اللاذقية – طرطوس –دير الزور) مهماً جداً في هذا الإطار، لكي تقوم بالتأهيل والتدريب، وسوف نعلن في الأيام القليلة القادمة للطلاب الحائزين الشهادة الثانوية بمختلف فروعها التقدُّم إلى مفاضلة تلك المراكز للدراسة لمدة سنتين والحصول على شهادة تقنية في السياحة والضيافة.


الجودة السياحية
أما المحور الثالث، فهو الجودة السياحية؛ حيث بدأنا هذا العام بالتحضير لإطلاق المشروع الوطني للجودة السياحية في عام 2010، وهو يتضمَّن العديد من البرامج: منها برنامج نصائح السفر في سورية، وهو البرنامج الأول الذي تمَّ إطلاقه مؤخراً ليقدَِّم خدمة للمواطن وللمنشأة، سواء بالتعريف بالمنشأة أم بالخدمات التي تقدِّمها للمواطنين والسياح، وهو يتيح للسائح إمكانية إعطاء رأيه فيما إذا حقَّقت المنشأة التي زارها معايير الجودة بما يسمح لسائح آخر أن يطّلع على هذا الرأي ويُحدِّد بالتالي قراره في زيارة تلك المنشأة أم لا. أما البرنامج الثاني، فهو استكمال تأهيل وتصنيف المنشآت السياحية الموضوعة في الخدمة بحلول عام 2010، بحيث تصبح جميع المنشآت مصنفة سياحياً، ولن تبقى أية منشأة سياحية خارج التأهيل السياحي؛ ما يساعد هذه المنشآت على أن تصوِّب وضعها القانوني. والبرنامج الثالث هو تثبيت التصنيف وتحديد الأسعار لتتناسب أسعار المنشأة مع درجة تصنيفها، بحيث تُحدَّد الأسعار وتُصدَّق وتُعلن وفق التصنيف الذي حُدِّد لها، وسيكون لكلِّ منشأة سياحية شعار مثبت على المدخل يحدِّد سوِّيتها وأسعارها مُصدَّقة حسب قرارات التسعير الصادرة. والبرنامج الرابع هو تطبيق معايير الجودة العالمية وتحرير الأسعار الذي يفسح المجال لأيِّ منشأة أن تطبِّق معايير الجودة.. أما البرنامج الخامس، فهو التدريب أثناء العمل، وغايته أن يعمل في المنشآت السياحية كلُّ مَن هو مدرب بالسوية المدرب عليها، وذلك بعد حصول العامل على بطاقة العمل السياحي.. والبرنامج السادس هو تطبيق قانون حماية المستهلك وعقد السائح؛ بحيث تكون الأسعار مُصدّقة وُمعلنة ومُحقِّقة للسلامة الصحية، والالتزام بالمواصفات المنصوص عليها في القانون.


كما تمَّ اعتماد مناهج حديثة لتلك المراكز، بالإضافة إلى التدريب العالمي من خلال التجهيزات والتقنيات والمخابر المتوافرة في مراكزنا. وسوف تقوم تلك المراكز أيضاً بإجراء دورات قصيرة ومتوسطة لمدة ثلاثة أشهر وستة أشهر وسنة، لتلبية حاجة السوق المتزايدة. كما شجَّعنا القطاع الخاص للاستثمار في مجال التأهيل والتدريب من خلال الترخيص لمراكز تدريب بإشراف الوزارة.
مضيفاً: «ما تُركِّز عليه وزارة السياحة هو ارتفاع نسبة الإنفاق للسائح وليس ارتفاع عدد السياح فقط، وفي هذا الإطار فقد ارتفع معدل الإنفاق في الجولة السياحية الواحدة خلال سنتين من 570 دولاراً إلى 780 دولاراً، وإذا كان هناك نسبة 40 % من هذه الزيادة ناجمة عن ارتفاع الأسعار، فإنَّ نسبة 60 % منها تعود إلى القيم المضافة للنشاطات في الجولات السياحية.
وقد تكون هذه الإجابة تحمل تفاؤلاً ما، لكنها في الواقع لا تحدّد لنا إلى أيّ الجانبين سوف نميل؛ التفاؤل أم التشاؤم. وبذلك، فقد فضَّلنا أن يكون سؤالنا الأخير هو الأول، أو ربما هو مقدمة هذا الحوار؛ لأننا، مثل السيد وزير السياحة، نتمنَّى أن تكون سياحتنا بخير، حتى وإن لم يتحقَّق شعار «السياحة نفط سورية القادم» مئة في المئة.. إلا أنَّ المعطيات تشير، وبقوة، إلى أنَّ صناعة السياحة في سورية قد اختلفت مئة وثمانين درجة في الفترة الأخيرة.. لكن يبقى أن نعيد مؤشر هذا الاختلاف الإيجابي إلى تفاصيل صغيرة قد تجعل منه عرضة للكثير من الأسئلة، التي نعتقد أنَّ أهمها، على الإطلاق: هل استطعنا خلق وعي سياحي عند الناس؛ وعي ينطلق من مثل سوري رائع «لاقيني ولا تطعميني»؟..

تطلق وزارة السياحة، باستمرار، أرقاماً حول عدد السياح والإنفاق السياحي.. ما هي الآلية التي تعتمدها، وكيف يمكن الاستفادة من ذلك في تطوير المنتج السياحي؟
نحن نعتمد في التقارير الشهرية لحركة القدوم السياحي على الأرقام التي تصلنا من إدارة الهجرة والجوازات لتحديد عدد القادمين من كلِّ جنسية، والقدوم السياحي الكلي.. ونحن نعالج تلك الأرقام وفق نموذج رقمي للسياحة السورية مُعتَمَد لدى المكتب المركزي للإحصاء، تمَّ البدء فيه منذ عام 2002 من خلال التعاون مع الاتحاد الأوروبي، وهو المعمول به عالمياً لتحديد عدد سياح الإقامة، وعدد زوار اليوم الواحد، ونسبة العبور إلى الدول المجاورة، ونسبة الإنفاق للسياح من كل جنسية، ورأي السياح في مجمل الخدمات مثل الفنادق، النقل، المطار، التاكسي، وذلك من خلال استمارات توزَّع في المعابر الحدودية والمطارات على السياح المغادرين، إذ إنَّ الوزارة اليوم غير قادرة على حصر كلّ ما أنفقه السائح وأين أنفقه؛ وذلك بسبب تعدّد مطارح الإنفاق. لكن المكتب المركزي للإحصاء، يقوم بمسوحات عينية في تواريخ محدَّدة من العام عن طريق المنافذ الحدودية، ويوزّع استمارات يملؤها السائحون المغادرون، ويتمُّ من خلال مجموعة من الأسئلة التي تحملها الاستمارة تشكيل رؤية واضحة عن السلوك السياحي والعناصر الاقتصادية المرتبطة به وانطباعات وآراء السياح عن المنتج السياحي السوري.. وبناء على ذلك، تتمّ معرفة متطلبات وسلوك السياح حسب الجنسية، ومعرفة مستوى تطوُّر الإنفاق السياحي بشكل وسطي، ثمَّ بناء دراسات متكاملة على هذه الأرقام؛ كدراسة عن السلوك السياحي والمنتج الذي يرغبه، وعن طبيعة الإنفاق.. وبالتالي، بناء المنتجات السياحية ومعرفتها تبعاً لتلك الأرقام، وكشف التطور في الإنفاق.. وتطور المنتج السياحي وكما أسلفنا سوف نعقد في الوزارة قريباً ورشة عمل بالتعاون مع الجهات المعنية واتحاد غرف السياحة حول المنتجات السياحية وربطها بمتطلبات الأسواق ..

أرقام دولية

في كامل الحديث، اعتمد الدكتور القلعة على الأرقام التي بين يديه، مؤكداً أنَّ هذه الأرقام تلخّص الحقائق، مؤكِّداً أنها أرقام دقيقة وحقيقية، كما أنَّ المنظمات الدولية تُصدر مؤشراتها أيضاً بمعزل عن أرقام وزارة السياحة، فمنتدى الاقتصاد العالمي «دافوس» يصدر كل سنة تقارير عن حالة السياحة في 132 دولة، ويصدر المؤشرات بناء على استقصاءات لدى القطاع الخاص في العالم؛ يقول تقرير المنتدى الاقتصادي العالمي لتنافسية السياحة والسفر لعام 2008: إنَّ مؤشر سورية في سرعة البدء في الأعمال في قطاع السياحة هو 94 من أصل 132 دولة، وفي عام 2009 تقدّم المؤشر إلى 50. وهذا تحسّن ملحوظ، فالأرقام ليست فقط من أرقام وزارة السياحة، وإنما تقارير وأرقام دولية..

لكن، كيف يمكن تحديد السائح من غيره مع قدوم آلاف الأجانب والعابرين والمغتربين؟

الدارج أنَّ السائح هو من يزور بلداً آخر غير بلده، لكنَّ تعريف السائح، وحسب منظمة السياحة العالمية، يقول: هو شخص ينتقل من فضاء اقتصادي يعيش فيه إلى فضاء اقتصادي آخر، وينفق في هذا الفضاء ما كسبه في بلد إقامته.. والسياحة، حسب منظمة السياحة العالمية، نشاط اقتصادي يولّد فرص العمل.. ولدى احتساب أعداد السياح لا يتمُّ التمييز بين أنواع النشاطات التي يقصدونها، المهم ألا يكونوا قادمين بغاية العمل في بلد الزيارة وأن يقيموا ليلة على الأقل فيه وكلُّ الدول تعلن عن الأرقام حسب هذا المعيار..
وأشير هنا إلى أنَّ مسألة التشكيك في الأرقام حول أعداد السياح غير متداولة في بلدان أخرى، فيما هذه مسألة مطروحة دائماً عندنا رغم المؤشرات العديدة على صحتها، ومن ذلك إقبال المستثمرين على الاستثمار السياحي في سورية وما تُعلنه جهات أخرى عن معدلات نمو القادمين من خلال المطارات أو الزائرين للمواقع الأثرية ولا أحد يشكُّ في تلك الأرقام، بينما تُطرح المسألة على أرقام وزارة السياحة

اختلاف الأسعار


يلاحظ ارتفاعُ الأسعار في فنادقنا مقارنة بالدول السياحية الأخرى في المنطقة، فما السبب؟
السبب في اختلاف الأسعار بين المنشآت السياحية على الساحل -مثلاً- مقارنة بسواحل دول أخرى، هو ارتفاع الطلب نسبة إلى العرض، فالشاطئ السوري قصير بالنسبة إلى الدول المجاورة، والمنشآت السياحية لا تزال قليلة، وهذا بالتالي يؤدِّي إلى ارتفاع الأسعار.. لكننا نراهن على المشاريع السياحية الاستثمارية الجديدة، ومنها 35 % في الساحل السوري، وأيضاً على المشاريع قيد الإنشاء في المناطق السورية كافة التي بلغ عددها 475 مشروعاً مرخَّصاً قيد الإنشاء على أرض محدّدة بتكلفة 220 مليار ليرة؛ وما يحصل هو أنَّ عدد المنشآت القليلة المتوافرة اليوم، يجعل أصحابها يتحكَّمون في الأسعار. من هنا، نركِّز على تسريع إنجاز المشاريع السياحية قيد الإنشاء ودخولها الخدمة، فكلما ازداد عدد المنشآت زاد العرض مع الطلب. وقد يقول قائل: لماذا لا يتمّ فرض الأسعار؟.. نحن في وزارة السياحة- لدينا الصلاحية لنفعل ذلك، وهو ما يتمّ تطبيقه وبشدة. لكننا أيضاً نريد استقطاب المستثمرين. وفي ظلّ هذه المعطيات، لا نستطيع أن نعاقب صاحب المنشأة على أقلّ مخالفة.. بل إنَّ كلّ منشأة سياحية تحقّق معايير الجودة الدولية حسب التصنيف، يتمُّ تحرير الأسعار لها.. وبالتالي، الموضوع سلاح ذو حدين؛ فمن يخالف الأسعار نطبّق في حقِّه الغرامات، ومن يحقّق معايير الجودة الدولية نحرِّر له الأسعار، في سعي من قبلنا لكي لا تقف الأسعار عائقاً في إقبال المستثمرين، وتدريجياً تزداد المنشآت السياحية ويزداد العرض ويتوازن مع الطلب وتستقرُّ الأسعار.

ذكرتم أنَّ السياحة صناعة تتكامل مع القطاعات الأخرى.. كيف ترون مستوى الخدمات في مطار دمشق الدولي؟
بالنسبة إلى مطار دمشق الدولي، هناك متابعة دؤوبة من قبل الدكتور يعرب بدر وزير النقل مشكوراً، وطموحنا أن يحقّق مطار دمشق الدولي المعايير الدولية ويتَّسع لأوقات الذروة السياحية، وأن تكون الخدمات فيه تؤدِّي الغرض، فهو أحد المحاور الأساسية في إطار التطوير والنهوض بالخدمات السياحية، والأمر كذلك في المعابر الحدودية البريّة، حيث يُتابع السيد وزير الداخلية أداء أجهزة الهجرة والجوازات، والسيد وزير المالية أداء الجمارك، والسيد وزير الإدارة المحلية يُتابع أداء البلديات لتحقيق جودة الخدمات المقدّمة للسياح مِن قبلهم، ونحن من طرفنا ننقل إلى السادة الوزراء ملاحظاتنا حول ذلك، فنحن نمثِّل السائح ونطرح على الزملاء الوزراء متطلبات الزيارة السياحية والتنسيق الدائم قائم. أما في ما يخصُّ مجال عملنا، فهناك لجان للكشف الدوري على المنشآت السياحية وتضمُّ ممثلين عن أغلب الوزارات لمراقبة سلامة الطعام والأسعار وجودة الخدمة والتصنيف، هذا بالإضافة إلى برامج تأهيل المواقع الأثرية سياحياً بالتنسيق مع وزارة الثقافة، وتخديم المواقع السياحية، وتأهيل عناصر الجمارك والهجرة والجوازات، وشرطة المرور من خلال دورات تدريبية. كما تقوم الوزارة بالتركيز على تحسين الأداء الوظيفي للعاملين في كلّ القطاعات السياحية؛ وهو أحد المحاور للمشروع الوطني للجودة السياحية الذي بدأنا به هذا العام لإطلاقه في عام 2010، وله عدة برامج؛ أولها مجموعة من البرامج الخاصة بالمنشآت السياحية، حيث تمَّ الإعلان عن سبعة برامج كما أسلفنا؛ كإطلاق موقع نصائح السفر الإلكتروني، ومهمته التصويت لأفضل المنشآت السياحية والخدمات فيها، والتنبيه من التعامل مع منشآت أخرى لا تقدِّم المطلوب، وبكل شفافية..

ترويج

أطلقت وزارة السياحة العام الماضي حملات ترويجية على شكل إعلانات وبوسترات وصور في دول أوروبية وآسيوية بتكاليف عالية.. هل حقَّقت هذه الحملات الأهداف المنشودة، وكيف يمكن رفدها بالأساليب الترويجية الأخرى؟

كانت ميزانية الترويج 1.5 مليون دولار، وتبلغ 5 % من موازنة الترويج لأيّ مقصد سياحي منافس لنا في المنطقة. وفي عام 2007، وافقت الحكومة- مشكورة- على رفع هذه الميزانية بنسبة 300 %، أي 5.5 مليون دولار، وبدأت الوزارة بوضع الدراسات الإستراتيجية للتسويق والترويج، ونفَّذنا حملات ترويج عالية المستوى ومشاركات في معارض دولية بأجنحة وديكورات لا تقلّ أهمية عن الدول السياحية المتقدمة. وبالنسبة إلى النتائج، لدينا اليوم مئات المقالات التي كتبت بأيدي صحفيين تمَّت دعوتهم من الدول المختلفة، في فعاليات عديدة أقامتها الوزارة، كمهرجان طريق الحرير واحتفالية القديس بولس، كما تمَّ بثُّ عشرات الأفلام عن سورية في التلفزة العالمية. وبهذا نرى ارتفاع أرقام القدوم السياحي، وارتفاع المؤشرات الدولية التي تدلّ على تحسُّن الوضع السياحي في سورية. وتمَّ دعم الشركات الخاصة للمشاركة في المعارض الدولية، وأقمنا عدداً من ورشات العمل السياحي خارج سورية، ودخلنا إلى الأكاديميات السياحية العالمية لإلقاء عدد من المحاضرات المهمة.. والتي تخرّج مديرين مستقبليين للشركات السياحية.. ففي تموز فقط –المعروف أنه خارج الموسم الأوروبي - نجد ارتفاع عدد الأوروبيين القادمين من أوروبا (وبلغ عدد السياح الأوروبيين في شهر تموز 2009 ما مقداره 51.118 ألف سائح مقابل 39.192 ألف سائح في تموز 2008، بزيادة 11.926 ألف سائح، وبمعدل نمو30 %، وهو ما يعتبر تطوراً في النشاط السياحي الأوروبي خارج الموسمين الأوروبيين التقليديين في الربيع والخريف)، (فالعبرة في النتائج) كما نجد ارتفاعاً واضحاً في عدد السياح العرب أيضاً خلال شهر تموز الماضي بفارق واضح عن نفس الفترة من عام 2008 وذلك بنسبة 43 % لدول الخليج العربي.. ولاشكَّ في أنَّ هذا يعود أولاً إلى نجاح الدبلوماسية السورية بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد وتقاطر الوفود الدولية إلى سورية وزيارات سيادته العربية الدولية الناجحة والتي فتحت أمامنا مجالات واسعة حقَّقت مردودية عالية للجهود الترويجية التي قمنا بها، ونحن مستفيدون منه كثيراً عربياً وعالمياً بالإضافة إلى جهودنا الترويجية المكثفة ..

نفط سورية القادم

طرح منذ سنوات شعار «السياحة.. نفط سورية القادم»، أين وصلنا؟
نحن نعوّل على السياحة أن تكون النفط السوري القادم؛ ذلك أنَّ السياحة مادة ومقومات؛ إن أحسنّا حمايتها ورعايتها فتتطوَّر وتستمرّ ولا تنضب.. ولكن هناك مصاعب علينا تجاوزها لتحقيق ذلك.. فالنفط عملية إنتاجية تعتمد على المسوحات للوصول إلى مكان النفط والحفر، وثم النقل ثم التصدير.. إذاً هي عملية إنتاجية يقوم بها العاملون في هذا القطاع من دون تداخل كبير مع عمل جهات أخرى.. أما السياحة، فترتبط بعمل أكثر من 17 وزارة، إذاً هي صناعة مركبة، والعمل السياحي يبدأ من الطائرة أو المعبر الحدودي، مروراً بالجمارك والمناطق الأثرية والمطاعم والفنادق، وغيرها، وصولاً إلى صورة سورية في الخارج، وكيف يمكن توضيحها. فالعملية متكاملة..



دعوة للمشكِّكين

دعا الدكتور القلعة المشكِّكين في أرقام وزارة السياحة إلى معرفة طريقة العملية الإحصائية بشكل كامل، والتي ستعرض قريباً في ورشة عمل واسعة للإحصاءات والمنتجات السياحية الجديدة، مبيّناً أنَّ الوزارة وعن طريق المسوحات، تحصر كلَّ المعايير المستنتجة، وعليها يتمّ تخطيط المنتج السياحي السوري الجديد.. موضحاً أنَّ العملية علمية ومطبَّقة في كل دول العالم. وبالنتيجة وزارة السياحة لا تعدّل بالأرقام، لأنَّ هذا يضرب صدقيتها وهي الركيزة الأساسية في أيِّ نجاح سواء في ما يخصُّ القدوم السياحي أم الاستثمار السياحي..