هل أن الحكومة تحم الشعب؟ ، أم أنّ الشعب يحكم الحكومة ؟

قد يكون هذا التساؤل غريبا . و لكننا إذا حاولنا الإجابة عنه سنجده على غاية

من السهولة . فالحكومة تحكم الشعب في الأنظمة الكليانية و الديكتاتورية ذات

الصوت الواحد و الحزب الواحد الذي يقرر ما يراه صالحا لنفسه و للمجموعة التي

يحكمها و ما على هذه المجموعة إلا تطبيق أواميره و الإنتهاء عن نواهيه دون

جدال أو حوار أو اختلاف أو معارضة . و من الطبيعي أن تسعى هذه الأنظمة

ذات الصوت الواحد لضمان مصالحها المرتبطة أساسا بإعادة إنتاج نفسها و البحث

عن التبريرات لوجودها و الدعاية لسياستها و التظاهر بحبّها للشعب و بتضحيتها

في سبيل سعادته . و لا يمكن أن تنجح سياستها إلا عبر هيمنتها و احتكارها

لوسائل الإعلام الرسميّة و غير الرسمية ، و عبر تشديدها للرقابة على كلّ من

يخالفها الرأي و السعي لتشويهه و إقصائه و تهميشه ، و عبر تغييب الوعي الفردي

و الجماعي و خلق حزام من الدّعاة لبقائها و الهتاف باسمها من المأجورين أو من

الذين ترتبط مصالحهم بمصالحها . و العاية من كلّ ذلك هي قيادة شعوبها

المسلوبة من حقوقها المدنية و السياسية ... كما يُقاد القطيع .

أمّا إذا حكم الشعب الحكومة ، فإنّ ذلك يعني أنّ هذه الحومة اختارها الشعب

نفسه و هو قادر على تغييرها ما لم تنفذ برامجه أو تحقق ما يتطلع إليه من

انجازات . فالشعب يحكم الحكومة في الأنظمة الديموقراطية التي تعمل بالقانون

و تحترم عمل الهياكل و المؤسسات و الجمعيات و مختلف التنظيمات ، و تؤمن

بالتعدد و الإختلاف و تحترم الأحزاب المعارضة فلا تعمل على تخليد نفسها على

منصّة الحكم لأنّ التداول على السلطة قانون من قوانينها . و بالتّالي فإنّ بقاء

هذه الأنظمة في الحكم رهين بموافقة الشعب . و الشعب لا يمكن أن يوافق

على بقائها ما لم تعمل هذه الحكومات على ضمان العيش الكريم له ، و ضمان

الرفاهية و الأزدهار .

و السؤال الذي يبقى مطروحا هو : هل أننا نحكم الحكومات أم أنّ الحكومات هي

التي تحكمنا ؟



الهادي الزغيدي