حديث الرسول _صلى الله عليه وسلم_ الذي قال فيه: " فاطمة بضعة مني يقبضني ما يقبضها ويبسطني ما يبسطها، وإن الأنساب تنقطع يوم القيامة غير نسبي وسببي وصهري" .
السؤال: ماذا يعني أن الأنساب تنقطع إلا نسب الرسول _صلى الله عليه وسلم_ هل هي ميزة النسب وميزة لآل البيت ؟ وهل يشير الحديث أن نسب الرسول _صلى الله عليه وسلم_ وآل بيته الكرام ينفع يوم القيامة ؟ وإن له مكانة خاصة عند الله _ تعالى_ أم ماذا نفهم من بقاء النسب الشريف دون غيره من الأنساب ؟

الجواب:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
هذا الحديث رواه الإمام أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي كما صححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة.
والمراد – والله أعلم – أن نسب الرسول _صلى الله عليه وسلم_ ينفع يوم القيامة، بخلاف سائر الأنساب التي لا اعتبار لها عند الله يوم القيامة، فقرابة الرسول _صلى الله عليه وسلم_ تنفعهم يوم القيامة – بشرط الإيمان – وهذا النفع هو ما يحصل لهم من مزيد الإكرام بسبب تلك القرابة أو المصاهرة للنبي _صلى الله عليه وسلم_، وفي الحديث "لا يؤمنوا حتى يحبوكم لله ولقرابتي"، فقرابة الرسول _صلى الله عليه وسلم_ لها اعتبار ومزية في الدنيا والآخرة إكراماً لخير البرية وسيد ولد آدم نبينا محمد _صلى الله عليه وسلم_.
فالمؤمنون من آل بيت الرسول _صلى الله عليه وسلم_ يشاركون سائر أهل الإيمان في فضيلة ومكانة الإيمان والإسلام، ويزيدون عليهم بفضيلة القرابة والنسب أو المصاهرة.
أما الكافر فلا ينفعه نسبه عند الله _تعالى_ كما لم ينفع أبا لهب وأبا طالب وغيرهما، والله _تعالى_ أعلم.


وهذه نبذة مختصرة عن فضل ال البيت

لو عدنا الى احاديث النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم وهو من لا ينطق عن الهوى , لوجدنا ان هناك عدد كبير من الاحاديث في هذا الشأن تدعوا الى احترام رحم ونسب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ونسب آل بيته . فهذا هو النسب والرحم الموصولة الى يوم القيامة .
وسوف نتناول بعض الاحاديث النبوية الشريفة التي تدل على اتصال نسب رسول الله وآل بيته الى يوم القيامة وعدم تعرضه للانقطاع مهما جرى عليه من غابرات الزمان وبيان نفعه في الدنيا والآخرة .
اخرج الديلمي , عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال :
قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : { اوصيكم بعترتي خيراً , وان موعدكم الحوض } .

قال الطبري في ذخائر العقبى . اخرج البزار عن ابن عباس رضي الله عنه قال : توفي لصفية بنت عبد المطلب ابن , فذكر قصة قال في اخرها : ثم قام النبي صلى الله عليه وآله وسلم فحمد الله واثنى عليه وقال :
ما بال اقوام يزعمون ان قرابتي لا تنفع , ان كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي . وان رحمي موصولة في الدنيا والاخرة – صححه الحافظ السخاوي وابن حجر المكي الهيتمي – واخرجه احمد في المسند .

وعن ابي سعيد الخدري قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول :
ما بال رجال يقولون ان رحم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا تنفع يوم القيامة , بلى والله ان رحمي موصولة في الدنيا والاخرة , واني ايها الناس فرط لكم على الحوض . رواه احمد والحاكم في صحيحه والبيهقي .

واخرج الطبراني في الجامع الصغير 2/336 . حديث متواتر الى عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي , وكل ولد ادم فان عصبتهم لابيهم ما خلا ولد فاطمة فأنا ابوهم وانا عصبتهم .

اخرج الطبراني في الجامع الصغير 2/243 . عن ابن عمر رض الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي . وقد اخرجه ابن عساكر عن ابن عمر بلفظ نسب وصهر منقطع يوم القيامة الا نسبي وصهري .
واخرج الحاكم النيسابوري في مستدرك الصحيحين عن المسور انه بعث اليه حسن بن حسن يخطب ابنته . فقال المسور للرسول : قل له فيلقاني في العتمة . قال : فلقيه فحمد الله المسور واثنى عليه ثم قال : اما بعد ايم الله ما من نسب ولا سبب ولا صهر احب الي من نسبكم وسببكم وصهركم . ولكن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : فاطمة بضعة مني يغضبني ما يغضبها ويبسطني ما يبسطها . وان الانساب يوم القيامة تنقطع غير سببي ونسبي وصهري . وعندك ابنتها ولو زوجتك لأغضبها ذلك . فانطلق عاذراً له . وهذا حديث صحيح الاسناد واخرجه احمد في المسند . واقره الذهبي . وذكره ابن سعد عن انس بن عياض عن جعفر بن محمد عن ابيه .
واخرج أبو نعيم في معرفة الصحابة من طريق بشر بن مهران , حدثنا شريك به ولفظه : ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه خطب إلى الإمام علي رضي الله عنه ام كلثوم فاعتل عليه بصغرها .
فقال عمر : اني لم ارد الباءة
ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول : كل سبب ونسب منقطع يوم القيامة الا سببي ونسبي , وكل ولد أب فان عصبتهم لأبيهم ما خلا ولد فاطمة فاني أنا عصبتهم وأبوهم .
وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : كان لآل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خادمة تخدمهم يقال لها بريرة . فلقيها رجل فقال : يابريرة غطي شعيفاتك ( وهي أعلى الشعر ) فان محمداً لن يغني عنك من الله شيئاً . قال : فاخبرت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فخرج يجر رداءه محمرة وجنتاه . وكنا معشر الأنصار نعرف غضبه بجر ردائه وحمرة وجنتيه فاخذنا السلاح ثم أتينا فقلنا يا رسول الله مرنا بما شئت ؟ والذي بعثك بالحق نبياً لو امرتنا بأمهاتنا وآبائنا وأولادنا لمضينا لقولك فيهم . ثم صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه ثم قال : من أنا ؟
قلنا انت رسول الله , قال نعم . ولكن من انا ؟ قلنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن
هاشم بن عبد مناف .
فقال : (( انا سيد ولد ادم ولا فخر , وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر , وفي ظل الرحمن عزوجل يوم القيامة يوم لا ظل الا ظله ولا فخر . مابال اقوام يزعمون ان رحمي لا تنفع . بلى حتى تبلغ جبأ وحكم(وهما قبيلتان من اليمن ) . اني لشفع فاشفع حتى ان من اشفع له يشفع فيشفع , حتى ان ابليس ليتطاول طمعاً في الشفاعة )) مسند احمد بن حنبل 1/281.
وعن ابن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :
(( اول من اشفع له من امتي اهل بيتي , ثم الاقرب فالاقرب من قريش , ثم الانصار , ثم من امن بي واتبعني من اليمن ثم سائر العرب , ثم الاعاجم ومن اشفع له اولاً افضل ))
اخرجه الطبراني والدارقطني .
واخرج ابو الخير الحاكمي وصاحب كنوز المطالب في بني ابي طالب ان علياً دخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعنده العباس فسلم فرد عليه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وقام فعانقه وقبل ما بين عينيه واجلسه عن يمينه فقال له العباس : اتحبه ؟ قال يا عم : والله لله اشد حباً له مني , ان الله عزوجل جعل ذرية كل نبي في صلبه وجعل ذريتي في صلب هذا . زاد الثاني قي روايته : انه اذا كان يوم القيامة دعى الناس باسماء امهاتهم ستراً عليهم الا هذا وذريته , فانهم يدعون باسمائهم لصحة ولا دتهم .
ان هذه الاحاديث التي تم ذكرها ما هي الا قلة قليلة من الاحاديث التي وردت في حق آل البيت وتبيان مقامهم السامي الذي شرفهم به النبي صلى الله عليه وآله وسلم .
ولعل هذه الأعداد التي نسمع عنها في هذه الأيام حول انتشار وكثرة أعداد آل البيت في البلاد العربية والإسلامية لهي أفضل تطبيقاً لهذه الأحاديث .
فنحن اليوم والحمد لله نقدر أعداد السادة الأشراف في العالم بالملايين , ولو رجعنا لدراسة أسباب استمرار هذا النسب على مدى الأزمان وعدم تعرضه للانقطاع أو الاندثار لوجدنا أنها كثيرة ووفيرة .
ولعل السبب الأول في عدم انقطاع النسب الشريف هو في ذات هذا النسب نفسه فإنه نسب نقي نظيف طاهر ومطهر من الوصوم والعيوب وبريء من ارجاس الجاهلية وانجاسها. أي أن السر في ذات هذا النسب هي القاعدة التي انطلق منها . فالجد هو رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم , والأب هو الإمام علي ربيب بيت النبوة ووليد الكعبة واحد المبشرين بالجنة , والأم هي الزهراء فاطمة البتول , والأبناء هما الحسن والحسين سيدا شباب اهل الجنة رضوان الله عليهم .فكيف لا يكون هذا النسب مستمراً ومتواصلاً وهو ناشئ عن أساس لا يوجد في العالم أقوى منه واطهر منه .
فلو كانت الاحساب والأنساب الأخرى مهددة بالانقطاع والزوال فإن هذا النسب مصون من عاديات الأيام وتقلبات الزمان وسر هذا النسب الرفيع أنه كما ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم فان هذا النسب هو خلاصة خلاصة الأكوان .فقد قال (ص) : {إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى من كنانة قريشاً . واصطفى من قريش بني هاشم . واصطفاني من بني هاشم }صحيح مسلم ج2ص310
لذلك ينقطع كل حسب ونسب حسب النواميس الطبيعية ولا ينقطع حسبه ونسبه صلى الله عليه و آله وسلم لأنه نسب نقي طاهر من جميع الوجوه .
ومن الأسباب الهامة أيضا هو اختصاص الأشراف لفترة معينة من الزمن ( ومازال مستمراً في بعض الدول )
بأمر مهم ألا وهو عدم تزويج الشريفة إلا للشريف .
فهذا الأمر ساهم في عدم اختلاط المورثات والجينات الوراثية الخاصة بهذه السلالة الطاهرة مع الأنساب الاخرى مع احترامنا لجميع السلالات ولكن القصد هو ان جينات هذا النوع وهذا الصنف بقيت واحدة , مما حافظ على بقاء هذا النسب وهذا النسل .
وأيضا هناك الاستجابة من الله تعالى للدعاء الذي يقوله كل فرد مسلم في كل يوم خمس مرات :
(( اللهم صلى على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم , وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم انك حميد مجيد )) فهذه البركة يدعو لها في كل يوم مليار مسلم فكيف لا تتحقق والله عزوجل قال : (( ادعوني استجب لكم )) .
ولكن أقوى الأسباب وأهمها وأصدقها هو كلام الرسول الكريم , الذي لا ينطق عن الهوى , الواعد باستمرار النسب وبقاءه مع زوال غيره . ((كل سبب ونسب ينقطع يوم القيامة إلا سببي ونسبي ))
وفي الختام فان النبي صلى الله عليه وآله وسلم امر برعاية رحمه ونسبه وقرابته وان نسبهم موصول الى يوم القيامة ولكن هذا الامر اذا كان يدفع الى امر معين فهو انما كان دعوة من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لآل بيته حتى يكونوا زينوا انسابهم باعمالهم الصالحة . وهو يدفعهم الى ان يكون من احسن الناس اقتداءً به ومن السائرين على نهجه . فيجب ويتعين على هذه السلالة الطاهرة والعترة الفاخرة , سلوك طريقة جدهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في اقواله وافعاله وسائر احواله

المصــــــــــــــــــــــــادر

الكاتب: د.سليمان بن صالح الغصن | 08/04/2006


اعداد عثمان ال غفار