نصائح في تقنية مزاولة العمل في الحديقة

يتوهم البعض من أصحاب الأفكار الحالمة، أنهم يمتلكون من الإرادة والقوة ما يؤهلهم لإدامة أي حديقة، فلا يدققون بالمساحة المنوي تخصيصها للحديقة، ولا يضعون تصورات لساعات العمل التي تحتاجها الحديقة من الخدمة المستمرة. هذا بصرف النظر عن المتطلبات الضرورية الأخرى كالمياه مثلا، ونحن نناقش هذه الحالة نفترض توفر المياه.

في بعض البلدان كمصر والعراق، هناك عمال يمرون بشكل دوري كل أسبوع مثلا، لرعاية حدائق الزبائن، مقابل أجر شهري مقطوع يعادل عُشر الراتب الشهري لعامل زراعي. ويطلق عليهم في مصر اسم (جنايني: من جنينة) وفي العراق اسم (وَرَازْ: من الورد ورعايته).

اشتراطات المواظبة على العمل في الحديقة

قد يكون الحالم شاباً وبصحة جيدة ولا يشكو من أي اعتلالات مرضية، وقد يكون صاحب جسم رياضي، لكنه لن يستطيع أن يؤدي عمله، كما يؤديه عامل محترف حتى لو كان عمره ضعفي عمر الشاب وحتى لو كانت قوته لا تساوي ربع قوة الشاب. كيف؟

إن مهارات توظيف الطاقة المتوفرة عند العامل الزراعي، تزيد كثيرا عن تلك التي عند الهواة حتى لو كانوا شبابا، فتقسيم تلك الطاقة المتوفرة لدى المحترف تجعله يعرف كيف يبدأ وكيف يمسك الأداة التي يعمل بها، ومتى يمتنع عن بذل الجهد العضلي.

بعكس الهاوي الذي لا يمتلك مثل تلك المهارات، فإنه لا يتقن مسك الأداة ولا يعرف مدى صلاحية التربة أو الأخشاب أو غيرها للتعامل معها، وهو إن بدأ عمله يبدأه بفورة (رعناء) بعد انقطاع قد يكون شهورا أو سنينا عن مزاولة مثل تلك الأعمال، وما تمر بضعة دقائق حتى يبدأ باللهاث، وسيضع نفسه بوضع محرج أمام زوجته التي تراقبه وهي تسكب له الشاي! أو من عيون الجيران أو المارة، وقد يتجه الهاوي الى الإقلاع عن رغبته في مواصلة هوايته نتيجة ذلك الإحراج.

ما السبيل إذن لتلافي ذلك؟
كل عمل يمر بمرحلة التفكير ويمر بمرحلة الحركة، وقد يرافق التفكير الحركة وقد يسبقها لتصبح الحركة وكأنها آلية تخلو من التفكير، والنوع الأخير هو ما يمارسه عمال الزراعة، إذ يصبح وكأنه عمل روتيني تجاوز مرحلة التفكير، فتجد العامل الزراعي يدير حديثا مع زميله في حين تدوس قدمه طرف أداة حادة لتحفر الأرض، أو تتجه يداه لقطف ثمار أو قص غصن.

في حالة الهواة، تجد الهاوي كلاعب كرة القدم المبتدئ الذي تتوق نفسه للعب، ولكنه لم يتدرب بما فيه الكفاية، فما أن ينزل للملعب حتى يركض بسرعة تفوق سرعة زملاءه ويملأ الملعب بعبارات الابتهاج، وما هي إلا دقائق، يسقط بعدها على الأرض أو يصاب بشد عضلي بعد أن تخور قواه التي استنزفها باستعراضاته البهلوانية في الدقائق الأولى.

حتى يتجنب الهاوي الإصابة والتعب المبكر

1ـ عليه أن يبتدئ بأعمال بسيطة، كجمع الأعواد ودفع عربة فارغة، وحمل خرطوم المياه وتمرين قبضة يده على تكسير بعض العيدان الرفيعة، فإن عضلات الأصابع والأكف بحاجة لمثل تلك التمرينات.

2ـ إذا أراد استخدام مقص التقليم، عليه حمله بيده اليمنى ودون تشنج، ويضع العضلة التي تتصل بالإبهام بمحاذاة ذراع المقص العلوي، وأصابعه الأربعة تحت الذراع السفلي للمقص. في حين تكون أصابع اليد اليسرى الأربعة عدا الإبهام، تستند برفق على أعلى الغصن المراد قصه، وأن تدفع الغصن للأسفل برفق، مع كل ضغطة من اليد اليمنى، فإن تمرن الهاوي على ذلك يستطيع قطع غصن بسمك 5سم دون الحاجة الى منشار، ودون أن يحس بالتعب.

3ـ في أعمال الحفر، يجب أن تكون التربة بحالة (وفرة) أي: أن لا تكون جافة جدا، ولا تكون رطبة جدا، ففي تلك الحالتين سيحس الهاوي بالتعب الشديد ومعاندة التربة لشغله. وبالإمكان ري التربة أو بلها بالماء قبل مدة يومين، لتسهيل ذلك.

4ـ هناك بعض النباتات لملمسها الخارجي حدة عالية، كأن تنمو بأطرافها أشواك أو تكون أوراقها قاسية ومدببة مثل النخيل، أو الليمون ذو الأشواك، أو نباتات شوك الشام وشوك المسيح الخ، فالتعامل معها دون دراية سيؤذي الجسم ويخدشه ويدميه، كما أن العمل بها دون دراية سيكون غير متقن كأن تبقى أعقاب طويلة من الأفرع المقصوصة. ولتلافي ذلك يفترض تنظيف أسفل النباتات من الأفرع النامية بشكل وحشي وبواسطة منشار أو (قَدوم أو قطاعة بذراع طويل) ولا بأس من احتياط الهاوي بلبس الكفوف وتغطية ساعده وذراعه.

5ـ على الهاوي وضع جدول لأعمال الحديقة، ويقسمها الأعمال اليومية، كالري والقطف، وإزالة الأزهار التي سقطت بتلاتها، حتى تتجدد عملية تكوين الأزهار ولا يذهب جهد النبات لتكوين البذور، وأعمال أسبوعية (قص نجيل، تنظيف الحديقة) وشهرية (تسميد، عزق) وفصلية (زراعة الشتلات وتفريدها) وهكذا. وعليه أن يبدأ بالأعمال السهلة، فهي كعملية الإحماء عند اللاعبين. كذلك على الهاوي أن يقلل من الحمولة الزائدة للجهد اللحظي، يعني أن لا يحمل 50كغم من المواد، حتى وإن استطاع حملها مرة واحدة، بل يقسمها الى قسمين أو ثلاثة، أو أن يملأ عربة (دفع) بحمولة (بالكاد) أن يدفعها.

تلك النقاط وغيرها، هي ما تجعل العمل بالحديقة محببا، إذا كان لا يجهد صاحبه بعنف، وبعكسه، فإنه سيتثاقل عن العمل حتى يقلع عنه في النهاية.