من أماسي إبن ماء السماء . المادة السادسة . ويملك إبن ماء السماء في يده اليوم مفتاح حظوظ قوادم الأيام . ويهتف في قرارة ذاته وإني وإن كنت الأخير زمانه لآت بما لم تسطعه الأوائل . إنه وقع على ماء كماء صداء في كسبه شروة الحظوظ في شراء تلك الأراضي و الزواج من مدرارج الشرف, زواج بنت خويلد, بيد أن طريقه إلى المجد لا زال دون طريق هرشي . إنه لا زال عرضة إلى التنكب والذباح . ولعل ذلك مرده أن رهطه الأقربون لهم في شعابهم ما يشغل جدواهم . إن شأن إبن ماء السماء لا يشدهم ولا يهبون حمية من أجل سواد عينيه .ولعل مرده أيضا طبيعة التنافر والتناحر القائمة بين بطون صغار الأقوام . هذا التناحر الذي لا يعرف بداية ولا نهاية . ولعل مرده أيضا حسد بعض الأقوام إبن ماء السماء لسيره على طريق المجد والغنى . رغم أنه في عين القدر ورعايته وفي أعيين كرام القوم ممن يربطه وأياهم صلة المصاهرة والمناكحة . وبعض البلية تكمن في أن هؤلاء لا يقطنون على صقب منه وإنما على بعد . فلا يصلهم نبأ تنكب إبن ماء السماء إلا بعد أن علم به الضبع وسرى به القمر . ويهيم الليل على إبن ماء السماء . وما أدريك ما الليل . الليل وأهضام الوادي .ويشنف لصوص الأقوام أمرهم ليسرقوا داره وما خزن فيها من ثمين الأموال . إن لصوص الأقوام تسطو . ولتصبح أنت على أمر جلل . نبأ سرقة كرام أموالك . ويظل إبن ماء السماء آمادا وإلى دهر الدهارير وهو يحاول فك طلسم هوية اللصوص . وتتكهن وتتكهن وإلى ما لا نهاية . ولا يهتدي إلى معرفة هوية هؤلاء الأوباش ولا إلى هوية من يقف وراءهم ومن يبعثهم عليه أو يستعين بشرهم نكاية به . وكان إبن ماء السماء دريئة لمثل هذه الشنائع والشناعات أكثر من مرة . وراح يعمل إبن ماء السماء فكره . ما الحيلة إلى التعرف على هوية اللصوص . وما الرأي والمشورة إلى إيقاف التنكب والتذبح . وعجز إبن ماء السماء عن إسترداد أمواله المسروقة وعن كشف هوية السراق . فلا دولة يلوذ بها ولا شرطة تمسك بإضبارة التحقيق . وعجز وعجز وهو يخشى أن تدور عليه الدائرة دورة أخرى . و أصبح همه الآن منصبا على التمترس والظهور بمظهر المستفز الحامي .ودلته الحيلة إلى سبيل ووسيلة تبعث في قلوب المتربصين به من اللصوص الخوف والرهبة . وشنف إبن ماء السماء أمره في شراء بندقية من الحاضرة . وكان إستخدام السلاح الناري بين الأقوام في تلك الحقبة من الزمن أمر غير مسموع به ولا مسموح به . وهكذا كان إبن ماء السماء سباقا إلى كل جديد وإلى إدخال كل جديد في حياة الناس . وكانت تلك أول تجربة له في اللوذ بالسلاح الناري . سلاح يقتنيه برضاء الدولة . وسيعرف في قوادم الأيام صفقات سلاح أكثر تطورا وأكثر حداثة . وأبتاع إبن ماء السماء تلك البندقية من الحاضرة مقرنة بترخيصة وإجازة من دوائر الدولة مقابل دفع بعض الإجور عن الترخيصة . وكانت للبندقية رهبتها وبأسها . وذاع نبأ أمر تلك البندقية بين الأقوام . ولم تعد أمرها مخفيا على القمر. وكان إبن ماء السماء لا يضيع على نفسه فرصة في إستعراض بندقيه تلك وإظهار فرادتها وتميزها . ومن ثم التحدث عنها والترويج لها . وأصبحت البندقية تلك شوكة في عين المتربصين به . وكل ذلك إلى حين . أعود والعود أحمد . يعقوب القاسمي .