إلى أمي . . . وإلى كل الأمهات




( مـن يُـمـنـاك ِ كـوثـرهـا تـدلـّى )





عـلـى شــطـآنـك ِ الأشـــعــار تـرســـو

ونـــورك ِ لـلـقــوافـي شــــعَّ كـُـحـلا

وحـبـك ِ في الـوريـد يـفـيـض نـهـراً

ويـشـمـخ في روابـي الـقـلب نـخـلا

عــلــيــك الــلــه قــد أضــفـى جـــلالاً

وفــيـك لـطــيـفُ رحــمــتـه تـجــلـّى

بـــواديـــك الـمــقــدَّس فــاض نــــور ٌ

أردت بــلــوغـَــه فـخـلـعــتُ نـَـعـــلا

وردتُ حـيـاضـه عـطـِشــاً شَـــغــوفـاً

رويـتُ الـروحَ واســتــكـثـرت نـَهـلا

أرى الـفـردوسَ فـيـك بـَـدتْ نـعــيـمـاً

ومـن يُــمــنــاك كـــوثــرهــا تــدلـّى

وحــولـك طــافــت الأنــظــار ولـهــى

ضــيـاءَ مـقـامــك اتـخــذت مُـصـلـّى

جـــنــاح الــــذل أخـــفــضــه بـــعــــز ٍّ

أمـــــامــــــك إنَّ عِـــــــــزّي أنْ أذلا

وحــســبـي بــعــد رحــمــتـه تـعــالـى

شـفـيع رضـاك يـوم الـفـصـل فـضلا

دعـــيــنـي أزرع الـقــبـلات خــضــراً

بـخـصـب جـبـيـنـك الـمـمـتـد سـهـلا

ومُـــــدّي راحـــتــــيــك إلـيَّ لــطــفــاً

لألــــثــــمَ فــيــهــمــا وَرداً وفــُـــلا ّ

عـلـى درب الـشـقـاء خـُطـاك خـطـَّـت

ســطـورَ الـصـبـر والإيــمـانُ أمـلـى

ســـنـيُّ شـــقـائك الـظـمـأى تـلـظـَّـت

وزمــزمُ مـن جـبـيـنـك ســال ســيلا

عـلـى نــول الـمــواجــع والـمــآســي

لــنــا الآمـــالَ قــد أحـســنـتِ غــزلا

وكــنــتِ لــنــا عـلـى الأيـــام عـــونـاً

إذا هـي كـــشّــرت نــابــاً و نـَـصــلا

وكــنـتِ إذا مـطــالــبــنـا اســتـحـالـت

تـجــود حــســيـرة ًعـيـنـاك هَـــطـلا

وإن حـــط َّ الــسـَّـقــام بــنــا رحـــالاً

تـمــنـّـيــتِ الــفِـــدا بـالــروح بَـــذلا

فـــؤادك مُــشــرع الأبـــواب رحـــبٌ

وفــكـرك بـالـجـمـيع اهــتـمَّ شُــغــلا

شــتـاتَ هــمـومـنـا لـمـلــمـتِ عــبـئـاً

مـــع الأيــــام كـــم يــــزداد ثـِــقـْــلا

إذا خــطــواتــنــا عـــثــرت وزلـَّــــت

فـوحـدك مـن نـؤمِّــل مــنـه نــشــلا

فكــيـف حــيـاتــنـا لــولاك تــصــفــو

وغــيـرك مــن تــراه يــلــمُّ شـــمـلا

أفـــتـِّــشُ عــنـك في كــل الـــــزوايــا

وفي عــيــنــيَّ تــمــتــدّيــن حَـــقــلا

أمــامــك تــنــطــوي الأيــــام عـَـــوداً

فـأحــســب أنـنـي مـا زلـــت طــفـلا

فـكــم أغـصـانُ كــفـك فــوق شـعــري

تــدلـَّــت واســتـراحـت فـاســتــظـلا !

وعــــذب حُـــدائــك الـــرقـــراق لـمّـا

يـزلْ في مـسـمـعي ، لن يـضـمـحلا ّ

وتـعــبـقُ ريــحُ خــبــزك مــن بـعــيـد ٍ

فــهـلا ّعـــاد ذاك الــعــهــد هــــلا ّ

أنـا الـتـلـمـيـذ مـن مـهـدي لـلــحــدي

أبــــدِّدُ بـالــتــعــلــم مــنــك جَــهــلا

بـنــجــمـك أهــتــدي في لــيــل قــفــر ٍ

ورُشــــدي تــــاهَ لــــولاهُ وضــــلا ّ

إذا مـا الــكــل عـــنــّـي قــد تــخــلــى

فــمـــن إلاك آمــــــــل أن يــــظـــلا

أفـــــرُّ إلـــيــك مــن زمــــن ٍ ظــلـــوم ٍ

يـكــيـل ليَ الأســى والــحـزنَ كــيـلا

فـمــنـي تــســخـر الـــدنــيــا بــلــهــو ٍ

وتــخــلــط دائــمــاً بـالــجــدِّ هـَـــزلا

فـتــضـحــك لـي وتــدعــونـي إلــيـهـا

وتــنـهــر لـهــفــتـي فـتــقـول كــلا ّ

وإنـي كــلـمــا اســـــودت وضـــاقــت

عــلـيَّ أرى ضــيـا عــيـنـيـك حـــلا ّ

إذا مــا الــشــرُّ بـعــثــرنـي ركــامـــاً

وشـــيـَّد فـــوق أنـقــاضـي وأعــلـى

ولــم يـمــســس حِــمــاك بـأي ضــــرٍّ

فـحـســـبـي ذاك إنــصــافــاً وعَـــدلا

تــحــنُّ إلـى حــنـانـك بـــيــدُ روحـــي

وإن غــيــومــه بـالــغــيـث حُــبـلـى

وجــرحــي ســــاهــرٌ يــأبــى رقــــاداً

إلـى أن نـلــتـــقـي فـعــسـى وعــــلا ّ

مـتـى أمـــاهُ حــضـنـك يـحــتــويــني

وتـجـلـو بـســمـة ُ الإصــبـاح لـــيــلا

ســأبـقـى ما حــيـيـت إلــيــك أحـبــو

لأنـعــمَ بالـشـــذا والــنــور غـُـسـلا

غـزلـت لك الـقـصـيـدَ بـنـبـض قـلـبي

ســيـبـقى خـالـداً هــيــهـات يــبــلى