مَيْ
شِعر : مُختار الكَمالي



مَيُّ لا وقتَ عنديْ
إنَّني أدمنتُ "وحدي" ..
آه "وحدي" !
تعالي على ما يشاءُ الوحيدُ
و غيبي على ما يشاءُ البريدُ
تعالي و غيبي
فأنتِ النَّشيدُ ..
و أنتِ النَّشيدُ
مَيُّ ..

يا عذبةَ الحُبِّ و الأخلاقِ و الدِّين ِ
برمشِ عينكِ للـ(بُكْمَالِ) وَدِّيني

عودي بقلبي إلى أبهى أماكنها
و مَرِّريهِ على كُلِّ الدَّرابين ِ

لحيثُ كُنَّا أُطيفالاً هُناكَ بها
نهوى و نعشقُ في أيَّامِ تشرين ِ

أيَّامَ كنتُ و كانَ النَّخلُ لي مَثَلاً
عن حالِ أهليَ في كُلِّ الأحايين ِ

و قرِّبيني إليها لو لثانيةٍ
عَلِّي أقولُ : أيا أُمَّاهُ ضُمِّيني !

***

يا مَيُّ .. يا مَيُّ ما أبكاكِ يُبكيني
فهل قرأتِ احتراقي في دواويني ؟!

و هل شعرتِ بعُمري كمْ لهوتِ بهِ
لَهْوَ الكبار بأحلامِ المساكين ِ ؟!

و كمْ نكأتِ جراحاً عشتُ أقطبها
عُمري لأجعلَ آلامي عناويني ؟!

يكادُ قلبيَ مِّما فيهِ من حُرَقٍ
يبكي فينبضُ دمعاً في شراييني !

حتَّى إذا لُمتِني قالتْ مُكابَرَتي
لا لن ألومكِ يا أوجاعَ مجنون ِ

لا لن أغيِّر حُبَّاً أنتِ منبعهُ
حاشايَ حاشايَ أنْ أهواكِ للدُّون ِ

أو أنْ أحمِّلَ قلبي فوقَ طاقتهِ
أو أنْ أعفِّرَ أنفَ الحُبِّ بالطِّين ِ !

***

ماذا أقولُ و أوجاعي تناديني ؟
يا ميُّ .. لو ضعتُ في الآلامِ دُلِّيني

قلبي على بلدتي و النَّاسُ يشغلهم
فيها النِّفاقُ و تجميعُ الملايين ِ

و النَّشءُ ينمو و عينُ اللهِ ترقبهُ
لكنْ عيونُ ذويهِ في (الكَراتين ِ) !

غابتْ رَقَابَتُهُ عَمَّنْ يُراقبهُ
فخلَّفَتهُ رماداً في الكَوانين ِ

حتَّى تري فِعلهُ من فِعلهِ خَجِلاً
هانتْ مطامحهُ يا عذبةَ الدِّين ِ !

***

و أنتِ تدرينَ أنَّ النشءَ يعنيني
و أنَّ خوفي عليهِ لا يجاريني


فكيفَ أكتبُ شِعري دونما أَلَمٍ
و هُم يُعانونَ يا أختَ الميامين ِ ؟!

هذي الدِّيارُ دياري , لا تفارقني
تبقى بقلبيَ في أحشاءِ مطعون ِ

حيناً تؤرِّقني أنَّ الشُّموخَ لها
لَمَّا يَغِبْ لحظةً من يومِ حِطِّين ِ

و حينَ أنظرُ كمْ تاهَ الشَّبابُ بها
أكادُ أقتلُ بينَ الحينِ و الحين ِ !

***

أدري بأنِّيَ لم أُخمِدْ براكيني
و لم أُطَهِّرْ جراحي من سكاكيني !

لكنْ لأجلِ غَدٍ قد أرتضي أملاً
أبقى أراهُ و أهواهُ فيكفيني

لَعلَّ يوماً جميلاً قادماً و بهِ
أرى الشَّبابَ بحالٍ جِدُّ يرضيني

و حينها إنْ غَفت عيني يُطَمئنُني
أنِّي بأرضيَ أغفو غيرَ مدفون ِ

و أنَّ فوقيَ جَنَّاتٍ يتيهُ بِها
نهرُ الفراتِ و آلافُ البساتين ِ

فأكتفي بمقامي ذاكَ في بلدي
و أرتضيهِ جِنانَ الحُورِ و العين ِ



البوكمال
12 - 2 - 2009