السلام عليكم ورحمة الله وبركاته00

تحية تفوح بشذا الورد وتعبق بسنا الود 00

خطر تحقيق المخطوطات 00حتى يعلم شرف التحقيق وخطره ثم قول للجاحظ ( ولربما أراد مؤلف الكتاب أن يصلح تصحيفا أو كلمة ساقطة فيكون إنشاء عشر ورقات من حر اللفظ وشريف المعاني أيسر عليه)[1]


(فليس تحقيق المتن تحسينا أو تصحيحا وإنما هو أمانة الأداء التي تقضيها أمانة التاريخ , فان متن الكتاب حكم على المؤلف وحكم على عصره وبيئته , وهي اعتبارات تاريخية لها حرمتها , كما أن ذلك الضرب من التصرف عدوان على حق المؤلف الذي له وحده حق التبديل والتغيير
إن التحقيق نتاج خلقي لا يقوى عليه إلا من وهب حكمتين شديدتين الأمانة والصبر. ) عبدالسلام هارون[2]

(والذي ينبغي أن يعلم أن تحقيق النصوص محتاج إلى مصابرة والى يقظة علمية وسخاء في الجهد الذي لا يضن على الكلمة الواحدة بيوم واحد أو أيام معدودات 0) عبدالسلام هارون [3]


ضوابط دراسة وتحقيق المخطوطات 0


وينقسم لمباحث على النحو التالي :
المبحث الأول : المقدمة والتمهيد 0
المبحث الثاني : جمـع نسخ المخطـوط و ترتيبها0
المبحث الثالث : تحقيق نـص المخطـوط0
المبحث الرابع : تقسيم المخطوط وترقيمه 0
المبحث الخامس : صعوبات يمكن التغلب عليها 0


المبحث الأول : المقدمة والتمهيد
التحقيق لغة : من قولهم حقق الرجل القول : صدّقه 000
والإحقاق : الإثبات , يقال أحققت الأمر إحقاقاً, إذا أحكمته وصححته [4]
ويطلق على أربعة معاني هي :
الإحقاق والتصديق والإحكام والتصحيح 0[5]

وفي الاصطلاح المعاصر 0000
الذي يقصد به بذل عناية خاصة بالمخطوطات حتى يمكن استيفائها لشرائط معينة01او بتعريف آخر تقديم النص كما يريده المؤلف0
فالكتاب المحقق هو الذي صح عنوانه واسم مؤلفه ونسبة الكتاب إليه وكان متنه اقرب إلى الصورة التي تركها مؤلفه.[6]
والغاية من التحقيق : إخراج ما يسمى بالنص الصحيح 0[7]

· مقدمات تحقيق المتن

ومعناه أن يؤدي الكتاب أداء صادقا كما وضعه مؤلفه كماً وكيفا بقدر الإمكان , فليس معنى تحقيق الكتاب أن نلتمس للأسلوب النازل أسلوبا هو أعلى منه , ونحل كلمة صحيحة محل أخرى صحيحة بدعوى ا ن أولاهما أولى بمكانها , أو أجمل , أو أوفق , أو نخطأ فيها عبارة خطا نحويا دقيقا فيصحح خطاه فيه أو نحو ذلك.

هناك مقدمات أساسية لإقامة النص منها:
1- التمرس بقراءة النسخة فان القراءة الخاطئة لا تنتج إلا خطأ فبعض الكتابات تحتاج إلى مراس طويل وخبرة خاصة , ولكل كاتب من الكتاب طريقة خاصة تستدعي خبرة خاصة كذلك.
2- والثاني هو التمرس بأسلوب المؤلف وأدنى صوره أن يقرا المحقق المخطوطة المرة تلو المرة حتى يخبر الاتجاه الأسلوبي للمؤلف ويتعرف خصائصه لوازمه .
وأعلى صور التمرس أن يرجع المحقق إلى اكبر قدر مستطاع من كتب المؤلف.

3- وهو الإلمام بالموضوع الذي يعالجه الكتاب حتى يمكن للمحقق أن تفهم النص فهما سليما.
4- إذا اجتمع للمحقق ما سبق استطاع أن يمضي في التحقيق مستعينا بالمراجع العلمية التي يمكن تصنيفها على النحو التالي :
· كتب المؤلف نفسه مخطوطها ومطبوعها .
· الكتب التي لهلا علاقة بالكتاب .
· الكتب التي اعتمدت على الكتاب المحقق, ويليها الكتب التي استقى منها المؤلف.
· الكتب المعاصرة للمؤلف والمراجع اللغوية من ألفاظ ومعاني وأسلوب ولغات ومعربات ونحو وعلمية خاصة, والذي ينبغي لمن يعلم أن تحقيق النصوص محتاج إلى مصايرة علمية وسخاء في الجهد الذي لا يضن على الكلمة الواحدة بيوم واحد وأيام معدودات.[8]


[1] تحقيق النصوص ص52

[2] تحقيق النصوص ص 47

[3] تحقيق النصوص ص63

[4] تحقيق النصوص ص42

[5] شرح منظومة القواعد المبسوطة لدراسة المخطوطة 0عارف بن مزيد السحيمي ص32

[6] تحقيق النصوص ونشرها ص 42

[7] شرح منظومة القواعد المبسوطة لدراسة المخطوطة 0عارف بن مزيد السحيمي ص32

[8] عبد السلام هارون ص 64





المبحث الثاني : جمـع نسـخ المخطـوط وترتيبها ..

وذلك بالرجـوع إلى:
- كتاب (تاريخ الأدب العربـي) أو فهارس المخطـوطات العربـية – دار الكتب الظـاهرية.
- مخطوطات مكتبـة الأوقـاف بالموصـل – المجمع العلمي العراقـي في بغداد.
- وكتاب الفيكونت فليب المسمى (( خزائن الكتب العربية في الخافقين )) يتيح لقارئه أن يعلم مقدار ضخامة عدد المكتبات العامة التي تناهز الفاً وخمسمائة مكتبة))
- ومراجـعة تاريخ التراث العربي .. د. فؤاد سزاكـين ... الحاصل على جائـزة الملك فـيصل.العالمية 0او نحوها من مراكز وكتب تعنى

*بيان منازل النسخ وترتيبها :

قبل أن نشرع في ترتيب النسخ لا بد أن نحيط بمنازل النسخ حتى يسهل علينا تقسيمها وترتيبها 0
* منازل النسخ :
1- فأولها نسخة المؤلف التي وصلت إلينا حاملة عنوان الكتاب واسم مؤلفه
وجميع مادة الكتاب على آخر صوره رسمها المؤلف وكتبها بنفسه أو أشار بكتابتها أو أملاها أو أجازها ويكون في النسخة مع ذلك ما يفيد اطلاعه عليها أو إقراره لها0
2- تلي هذه النسخة النسخة المأخوذة منها ثم فرعها ثم فرع فرعها 00
3- إذا اجتمعت لدينا نسخ مجهولات سلسلة النسب كان ترتيبها محتاج إلى حذق المحقق 00 والمبدأ العام أن تقدم النسخة ذات التاريخ الأقدم ثم التي عليها خطوط العلماء00

ترتيب النسخ
ترتب النسخ حسب قوتها وزمنها وصحتها فبعد جمـع النسـخ تجـعل لها رموز وتقـسم إلى فـئات فمن خدمـة النـص عند التحقيق إثـبات النسـخة الأصـلية ومقابلة النسـخ معها بعد جـعل رموز للجمـيع.
... فأولها نسخة المؤلف وتليها النسخة المنقولة منها ثم فرعها وفرع فرعها وإذا اجتمعت لدينا نسخ مجهولات النسب كان ترتيبها محتاج إلى حذق المحقق والمبدأ العام أن تقدم النسخة الأقدم ثم النسخة التي عليها خطوط العلماء .



المبحث الثالث : تحقيق نص المخطوط 0

تحقيق نص المخطوط هو الهدف الرئيـس الذي يسـعى إليه المحقق
فمن منتجـات المحقق في المخطـوطـة :
 بيان صحـة عنوان الكتـاب :
فبعض المخطوطات يكون خاليا من العنوان أو لفقد الورقة الأولى أو انطماس العنوان وأحيانا يثبت تزييف مقصود, أو غير مقصود دافعه الجهل , ومن هنا يحتاج المحقق إعمال فكره بطائفة من المحاولات التحقيقية0
1- الرجـوع إلى خطـبة الكتاب فقـد ينص المؤلـف على التسـمية فـيها.
2- مقابلة النسـخ والنظر في مدى اتفـاقها على التسـمية، وإن تم اختلاف فيرجـح ما يراه بالأدلـة.
3- الرجـوع إلى مصنفات المؤلف الأخرى أو الرجوع إلى كتب المؤلفات كابن النديم أو التراجم 0
إذا لم يجد المحقق ما يدل على النسبة فإنه يستأنـس بتسـمية أهل العلم لهذا الكتاب.

 اسم المؤلََف(المخطوط) ونسـبته إلى مؤلِفـه :

بعض المخطوطات يكون خاليا من العنوان أو لفقد الورقة الأولى أو انطماس العنوان وأحيانا يثبت تزييف مقصود, أو غير مقصود دافعه الجهل , ومن هنا يحتاج المحقق إعمال فكره بطائفة من المحاولات التحقيقية0
1. اتفـاق النسـخ على النسـبة من عدمـها بعد طول التأمـل في النسـخ.
2. الرجـوع إلى ترجمـة المؤلـف وهل ذكـره مع آثـاره العلمية أم لا.
3. الرجـوع إلى مصـنفـات المؤلـف الأخرى وهل ذكـر خلالها ما يفيد ذلك أو حتى من خلال معرفة أسلوب المؤلف فمعرفة القدر العلمي للمؤلف يسعف في التحقيق بالنسبة أو الاهتداء ببعض مصطلحات المؤلف على معرفة عصره ومصره 00




تقويم النـص :

يراد بالتقويم هنا : معناه اللغوي الدال على تعديل الردء وإزالة العوج.
يقال : قوم الشـيء تقويماً . أي عدلـه تعديلاً.
أما النص فيراد به متن الكتاب، كمـا تقدم في بيـان تحديده.
والاصطلاح : إبراز الكتاب كمـا وضـعه مؤلفـة وذلك بإصلاح ما طـرأ عليه من تغيير وتبديل، وتعديل ما لحقه من الردء والعوج والزيغ الذي يطرأ على النـص هنا
ويتمـثل في : التصحـيف والتحريف والخطـأ0
وهما أكثر آفة منيت بها الآثار العلمية , فلا يكاد كتاب منها يسلم من ذلك وأسبابه كثيرة منها ما يكون بسبب خطا في السماع أو تقل خطا التشابه في الحروف فقد يكون منشأه سوء القراءة وقد يكون في الفهم ولهذا فقد تصدى العلماء للتصحيف والتحريف ولعل من أقدم من صنف في ذلك أبو الحسن بن عبد الله العسكري وكذا ما فعله الحافظ علي بن عمر الدار قطني.
ومن الأمور التي يقاوم بها المؤلف هذه الآفة:
كتب المؤتلف والمختلف ومنها ما هو في أسماء الرجال والشعراء والقبائل 0


الفرق بين التصحيف والتحريف :
* التصـحيف : ما كانت المخالفة فـيه لتغيير حرف فأكـثر بتغير النقط مع بقـاء صـورة الخطـ ك (حميل وجمـيل)
* أما التحريف فهو ما غٌير فـيه الشـكل مع بقاء حروفـه كـ (سَلِيم و سُـليم) .



أما الخطـأ : فهو التغيير في الكلـمة أو الجمـلة الذي يأتي مخالفاً لقواعد الإملاء أو قواعد الصـرف أو قواعد النحو وما إلى ذلك.
طريقة التقويم :
لذلك طريقتان :
الأولـى : أن تبقى الكلمـة المصحفـة في النص (متن الكتاب). وترقـم ويذكر صوابها في الهامـش وهو الأصح والأقرب للصواب ما خلا الخطأ في الآيات فإنه يصحح في المتن ولا ينبغي أن يجامل فيه أو يحفظ فيه حق مؤلف لم يلتزم الدقة فيما يجب عليه بخلاف نصوص الحديث لكثرة رواياتها 0
الثانـية : هي أن تصحح الكلمة في النص (متن الكتاب) وترقم وتذكر في الهامش على هيئـتها من التصحيف ومن الأفـضل الإشـارة إلى نوع الغلط.

تنبيه: إذا وجد المحقق إضـافات في حواشـي الكتاب مثلاً فلا يضيفها للمتن بل في الأسفل ويشير إلى ذلك لأنه قد يكون من عمل النُسّاخ لا مؤلف المخطوط 0



نسخ المخطـوطات والمقابلة بين النسـخ : - بعد اختبار المخطـوط وموضـوع التحقيق والحصول عليه ودراسـة النسـخ وتقييمها وتحديد النسـخة التي تصـلح أن تكون أصلاً يعتمد عليها في نسـخ نـص الكتاب، وجـعل النسخ الباقـية فرعاً للمقابلة، ودراسـة صحـة مؤلفـة وتوثـيق إسـم مؤلفـة.
ينتقـل الباحـث إلى المرحـلة التالية، وهي نسـخ المخطوطات ويراعي فـيها الأمـور التالية:
1. أن يعتمد قواعد الإملاء.
2. أن يضـع العناوين بشـكل واضح ... ويبدأ الأبواب بصـفحـة جديدة وعناوين الفصـول في أوسـط الصفحات.
3. أن يضـبط بالشـكل غريب الألفـاظ اللغوية وأسـماء الأعلام المشكلة ونحو ذلك.
4. أن يترك هامش على جانبي الصفحـة ويترك ثلث الصـفحة السـفلي وأن يكتـب على وجـه الورقـة دون القفي.
الإلمـام بعبارات الاختصار من المؤلفـين حتى لا يترك القارئ في أي غموض ولبـس.
أمـثلة :
إلخ = إلى آخـرة.
الظه = الظاهر.
المص = المصحـف.
آنا = أخبرنا.
آهـ = انتهـى.
ثنا = حدثنا.


 المبحث الرابع :
• التعليق على المخطوط :

ذهب المحققون مذاهب في التعليق على النصـوص ...
فيرى فريق أن من واجـب المحقق إخراج النـص بشـكل واضـح وصـحيح كمـا كتـبه مؤلفـه دون إثقال للنص بتعليقـات وهوامـش تشـويش القارئ , وذهب فريق معتدل إلى الاقتصار في التعليق على ما يخدم النص ويوضحه للقارئ وهو الراجح في تحقيق المخطـوطات.

 صعوبات يمكن التغلب عليها
1- رداءة المخطوط من حيث النوع في الخط الذي كتب به او عدم وضوحه.
2- رداءة المخطوط من حيث التحريف والتصحيف.
3- رداءة المخطوط من حيث تعرضه لعوامل البلى.
4- غرابة الموضوع الذي يعالجه الموضوع.
5- غرابة الموضوع في لغته وأسلوبه وألفاظه.
ويمكن التغلب عليها :
1- بجمع اكبر عدد ممكن من نسخ الكتاب.
2- من ثم قراءتها وتعليقها حتى يألف خطها ويعرف الاتجاه العام لها
3- الرجوع إلى المراجع التي يرى أن المؤلف استقى فيها .
4- أن يستصحب التأني في فهم النص وان يكون دراسة كاملة بأسلوب المؤلف.
5- أن يكون ذالا خبرة وحذق بما يتعرض له الكلام من تصحيف وتحريف.
6- أن يحس الحيلة في تقدير ما انطمس وان يستشعر الأمانة عند كتابة كل حرف.


 بعض الدراسات المعاصرة التي عنيت بأصول التحقيق :
1- قواعد تحقيق المخطوطات للدكتور صلاح الدين النجد .
2- أسس تحقيق التراث العربي ومناهجه وضعه لجنة في معهد المخطوطات العربية .
3- تحقيق النصوص ونشرها لعبد السلام هارون .
4- تحقيق التراث للدكتور عبد الهادي الفضيلي
5- شرح منظومة القواعد المبسوطة لدراسة المخطوطة 0عارف بن مزيد السحيمي 0
6- اصول كتابة البحث العلمي وتحقيق المخطوطات د0 يوسف المرعشلي

ومن باب الامانة العلميه والوفاء لأهل الفضل فمراجعي منها باللون الأحمر وأقربها الى قلبي تحصيلاً والى ذهني تعلقاً وفائدة كتاب عبد السلام هارون وفق الله الجميع لخدمة الدين

 نماذج من سيرة السلف الصالح رحمهم الله في الحرص على العلم والصبر عليه ...يقول الحافظ بن عبد الهادي .. عن أستاذه شيخ الإسلام في " مختصر طبقات أهل الحديث " وذكر طرق من صفاته " لا تكاد نفسه تشبع من العلم ولا تروى من المطالعة ... ولا تمل من الاشتغال ولا تكل من البحث وقل آن يدخل في علم في باب من أبوابه إلا من ذلك الباب أبواب ويستدرك أشياء في ذلك العلم على حذاق أهله "
وقال الشيخ محمد خليل الهراس ( كان لابن تيمية بصر ناقد ونفس طلعة لا تكاد تشبع من العلم ، ولا تكل من البحث ولا تروى من المطالعة ، مع التوقير على ذلك وقطع النفس له وصرف الهمة نحوه حتى إنه لم ينقطع عن البحث والتأليف طيلة حياته في الشام أو مصر ، في السجن أو في البيت بل إنه كان يتوجع ألما وحسرة حينما أخرجوا الكثير والأوراق من عنده أخريات أيامه