في رحاب محراب حبك ،، للشاعر : عبد الرحيم محمود

ألا بلغا عني الطيور الصواديا
تركتِ فؤادي دون عينيك خاويا
وأن حياتي أنت لو غبت قد أمت
وأن وجودي فيك بات شفائيا
وأني إلى عينيك أضحيت مدنفا
وأصبحت كالطير المعذب شاديا
وأن حروفي بات نبض وريدها
يسافر في عينيك سهلا وواديا
وأن بياني بات مضنى يهده
لهيب من الأشواق يرجو التدانيا
وأن نجوم الليل تهديك حرقتي
ويرجوك قرب الدار قلبي ثوانيا
وأن ضياء الفجر يهديك قبلتي
على شفتي ورد كما الغيث باكيا
أحن إلى عينيك كالشهد أستقي
وأكتب فيها الحب لو كان ساهيا
وأمرض لو غابت عيونك ليلة
وأمضي جميع العمر يا أنت طاويا
عجيب حنيني لا يفارق ناظري
قليلا ولا أغدو إذا نمت ناسيا
أليس كفى بعدا لعشرين ليلة
يذوب بها قلبي بألا تلاقيـــــا
تمر بنا الساعات دهرا حبيبتي
وأبحث عن صبر ولست ألاقيا
نخيلك مولاتي يزيد تلوعي
ويجعل نبض القلب فيك تواليا
ويهدم مني كل صرح بنيته
ويجعل دمعي في الشرايين جاريا
ويجعل يوم البعد دهرا مراره
على شفتي روحي وجرحي ودائيا
أسافر حد الموت في رمشك الذي
كواني بهجر ثم ينسى الذي بيا
فكيف يعيش الورد من غير نبعه
وكيف يسير الموج في غير شاطيا
وكيف يذوب السفح لامست سحره
وذ َوبي برمان أراه السواقيــــا
كتبت لعينيك الزهور جميعها
فلم يجد في عينيك إلا جفائيا
وأرسلت في أمواج حبك زورقي
فأغرقت مجدافي وقدّ شراعيا
ولم تلق نخلات المحبة حبة
من الرطب المرجو يشفي شقائيا
بقيت على شط الغرام توحدا
ولم ألق يقطينا يـُظـِل سمائيا
مكثت بـِحوتي كل عمري معذبا
أمامي شقائي والعذاب ورائيا
عشقت من الأزهار نرجس نهرها
فجفت مياه النهر لم يبق ساقيا
وأصبح زهر الحب قد جف سحره
ومات أريج فيه أصبح نائيا
ألا بلغا عني أموت بعشقها
ولو هجرت قلبي التراب ردائيا
فمنها ربيعي ثم كأس قصائدي
ومنها بياني لا يريم فضائيا
سهرت كما العشاق من غير طائل
وأصبح مني الليل يكوي المآقيا
تطول الليالي في انتظار عبورها
خيالي فلا تأتي فأطوي لياليا
عيونك مرآتي وصدرك خافقي
بواديك أسراري وسحر انتشائيا
فيا ويح قلب لا يريد سوى التي
تسافر عكسي كي أقول رثائيا
وأصبح مجنونا معنـّـىً بحبها
وتضحك مني إذ تمر إزائيا
فعودي لمن يهواك من كل قلبه
بصدق وتحنان وليس المرائيا
وإن كان قلبي ليس يرضيك نبضه
سأوقف فيه النبض ، ثـَمّ فنائيا
وأرحل صوب الوحش أرجو حنانه
ويصبح أصحابي الوحوش الضواريا
حياتي بلا عينيك قفر وبلقع
تصارع إعصارا من الهوج سافيا