هذه القصه كتبتها منذ سنه تقريبا فى بعض المنتديات
ووجدت أنها مناسبه جدا للظروف التى تمر بها فلسطين هذه الأيام
ولذلك قررت وضعها هنا



يوم جديد تشرق شمسه وبكل حنان تداعب أشعتها مازن وكالقطه يحاول أن يمسكها بيده الصغيره فتأتى سحابة بيضاء تحجب الأشعه فيبحث عنها ولا يجدها فينشغل بلعبة أخرى
. . .

يتعلق مازن بسرير أمه محاولا أن يمشى مستندا عليه فهو لم يتم عامه الثانى بعد,

وأمه فى الغرفه ترقبه فى سرور فتراه يرفع يديه مبتسما الإبتسامة التى يبتسمها وتعرفها جيدا حين يكتشف شيئا جديدا ويحاول الوصول إليه..

يرفع يديه . . يهز رجليه. . كأنه يرجو الأرض أن ترفعه لأعلى فيصل إلى صورة معلقة على حائط الغرفه ..

وصارت له لعبة وحلما أن يصل إليها وهو لا يدرك ما تحتويه ولكن تجذبه ألوانها حتى جاءت أمه يوما ترفعه ليحقق حلمه ويمسك بالصوره

وقبل أن يلمسها صدر صوت مدويا ووجد نفسه يهتز بشدة فنظر إلى أمه كأنه يقول لها ليس هذا وقت التأرجح يا أمى فأنا أريد أن أصل للصوره!!

زاد الإهتزاز وارتفعت معه الأصوات ورأى مازن فى عينى أمه وأبيه نظره لم يعرفها من قبل..الكل يجرى ويصيح..

أشياء تتناثر وشرر يتطاير وسؤال يدور فى خاطره (لماذا يبكون وهم يلعبون؟)..

وفى لحظه سقط مازن من يد أمه فبكى وأمه تأخذه وتضمه إليها تبتسم له ليتوهم أنها بخير وأنها تلاعبه وظل يبكى وهى لا تدرى أنه لم يعد يراها!

ورأت عينيه تبكى دما فصرخ قلبها آآآآآآآآآآآآه يا بني لقد فقدت بصرك الذى هو وسيلة إتصالك بالعالم الآن..
"
الحمد لله إنا لله وإنا إليه راجعون,اللهم أجرنى فى مصيبتى واخلفنى خيرا منها.."

مضى العام بعد العام,أصبح مازن فى العاشرة من عمره لا ترى عينيه سوى ظلام ليل حالك ولكنه عرف طريق النور فى قلبه عندما استطاع بفضل الله ثم مساعدة أمه أن يتم حفظ القرآن الكريم كاملا وبنور القرآن إمتلأ قلبه..

حاول أن يتعلم أشياء كثيرة وبحث عن شىء يفعله لغيره ..

وفى يوم سمع جده يبكى وهو يتكلم ويناجى ربه ويدعوه,

سأل مازن : ما بك يا جدى ؟!

أجاب الجد : أقصانا يا ولدى يدمى وأعداؤنا فى كل مكان يخربون بيوتنا ويسلبونا شبابنا وأبناءنا وأنا رجل عجوز لا أملك سوى الدعاء..

قال مازن : هؤلاء الأعداء يا جدى هم من كانوا سببا فى فقدى بصرى؟لقد حكت لى أمى عن تلك الأيام كثيرا وعن الصورة ولكنها لم تخبرنى لمن كانت تلك الصورة . . .

سكت الجد وبكى ثانية ولكن مازن أكمل حديثه قائلا :
يا جدى لقد تعلمت حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه :
"
إن عظم الجزاء مع عظم البلاء وإن الله تعالى إذا أحبَ قوما ابتلاهم فمن رضى فله الرضا ومن سخط فله السخط" صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.

فلماذا لا نرضى بقضاء الله ونرى هذا إبتلاء لحب الله لنا ؟!!!

قال الجد : يا بنى إن الرضا من القلب والصبر عند الصدمة الأولى ولكن الله أمرنا بالدفاع عن أرضنا وعرضنا وأن نعد كل ما نملك لهذا..

تحمس مازن وقال : وماذا يفعل الشباب الذى يملك صحة ؟

قال له : يحاربون أعداءنا بالحجارة ولا يملكون سواها..شعر مازن بالحزن الشديد فهو لا يستطيع أن يرمى حجرا على عدو لا تراه عينيه..وأدرك جده سبب حزنه فقال له : لقد أنعم الله عليك يا ولدى بنعم كثيرة أجملها نعمة القرآن الذى ملأ قلبك نورا فلماذا لا تساعد غيرك على تعلمه وحفظه واتباعه لتقوى صلتنا بالله وننصر الإسلام.

مرت السنين ومازن يسعى فى أن يساعد كل من أراد تعلم القرآن وجاء يوم أخبره أصدقائه ممن يساعدهم فى الحفظ أنهم يعتذرون عن موعدهم لأنهم قرروا الذهاب إلى المسجد الأقصى للدفاع عنه ولا يملكون سوى الحجارة

استأذن مازن أمه وألح عليها أن يذهب معهم وعاهدها أن يظل بجوارهم ولا يذهب وحده إلى مكان..

ذهبوا جميعا وكل منهم يحمس أخيه ويذكره بالثواب ويحمل لهم مازن ما استطاع من حجاره ليقدم لهم يد المساعده ويشجعهم ويقوى هممهم ويتلو عليهم "وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى"

ولشدة حماسه بدأ يرمى بالحجارة لتصطاد واحدا تلو الآخر وتعجب الكل منه كيف يفعل هذا وهو لا يبصر؟

ايدرى أحد كيف فعل هو هذا ؟؟

سمع مازن أذان العصر وتمنى فى قلبه لو يصليه داخل المسجد اللأقصى وطلب من صديقه أن يدله على الطريق وحذره صديقه كثيرا ولكنه ظل يرجوه حتى أخذه وما إن اقتربا من الباب وكاد أن يلمسه فإذا برصاصة تخترق القلب الذى امتلأ بنور القرآن وأسقط عشرات الأعداء بمن من الله . . .

سقط مازن وسقطت معه الأحجار حزينة تصطدم ببعضها كأنها تبكى وتضم كل منهم الأخرى إليها حزينة...

عاد صديقه ليرثى الأم فقدان إبنها مقسما لها أنه لم يستطع منعه لشدة إصراره وأن مازن أخبره أن هذا كان له حلما منذ العاشرة أن يدخل الأقصى . . .

بكت الأم حزنا وفرحا حزنا لفراق الحبيب وفرحا للشهيد الذى تستقبله الآن جنة عرضها السماوات واللأرض

وقالت : رحماك يا ولدى يا نور عينى ونبض الفؤاد..

إنما هو حلمك منذ الصغر,حلم صورة أحببتها يوما ولم تكن تدرى أنها صورة المسجد الأقصى. . .

ووصولك إليها. . . . كان حلما .