أهالي غزة يمرون بأصعب ظروف في تاريخ القطاع
حمادة أبو قمر
بي بي سي - غزة
ريم البلوشة ذات الثلاثة عشرة ربيعا قالت لي وهي تصف الليلة التي مرت بها قبل يومين عندما لقي شقيقاتها الخمس مصرعهن "كنت نائمة مع شقيقاتي وفجأة استيقظت".
وتضيف: "وجدت نفسي تحت الأنقاض، كانت الأحجار تضغط بشدة على جسدي. التفت حولي، كانت احدى شقيقاتي تحت الأنقاض، كانت ميتة".
قمت بزيارة العائلة في مخيم جباليا للاجئين في شمال قطاع غزة. رأيت المنزل وقد أصبح بكامله مجرد أطلال. لا يوجد هناك سوى الأتربة والحجارة وقليل من ملابس الفتيات والكتب المدرسية.
ليس لدى الأسرة أي صور لبناتها فقد اختفت كل الصور تحت الأنقاض. والد الفتيات انور كان يجلس في خيمة العزاء. والأم في حالة صدمة كاملة. إنها في حالة ذهول تام. تبدو الصدمة قد شلت حتى قدرتهم على البكاء.
قال لي الوالد: "إذا كانت الفتيات تصنعن صواريخ لما كنت قد حزنت عليهن لكنهن كن في انتظار عودة التيار الكهربائي حتى يتمكن من مواصلة المذاكرة استعدادا للامتحانات. لدى ثماني بنات، خمس منهن قتلن".
المرضى في مستشفى الشفاء في مدينة غزة في حالة يرثى لها أيضا. هناك الكثير من الشباب الصغار بين الجرحى، وهناك من فقدوا منهم سيقانهم أو اذرعهم، وآخرون يرقدون عاجزين عن الحركة بسبب الانابيب الموصولة بأجسادهم.
يأتي المئات لزيارة أقاربهم في المستشفى. بعضهم يبيتون في المستشفى، ينامون على الأرض أو على المقاعد أو لا ينامون على الاطلاق.
إذا تطلعت إلى عيونهم تدرك أنهم لم يغمض لهم جفن منذ أيام.
لقد كانت ليلة أمس باردة وكان هناك مطر غزير في غزة. تحطمت بعض نوافذ المستشفى وغطيت بالبلاستيك أو الأغطية أو تركت مفتوحة.
ليست هناك تدفئة. غطى الممرضون المرضى بأغطية وبطاطين.
ذهبت ايضا إلى غرب المدينة. كان هناك طابور طويل أمام المخابز، رجال ونساء وأطفال ونساء عجائز، الجميع يقفون طويلا من اجل شراء الخبز.
وصلت بعض مواد الاغاثة إلى غزة لكن الكثيرين ليس لديهم دقيق أو غاز للطهي وبالتالي فهم عاجزون عن عمل الخبز في منازلهم.
حسين سعد (56 عاما) قال لي إنه اعتاد قبل عدة سنوات، الذهاب للعمل في إسرائيل لكنه الآن عاجز عن العمل ولا يستطيع اعالة 13 شخصا في منزله.
صباح اليوم ذهبت إلى الساحة الرئيسية في وسط مدينة غزة التي تزدحم عادة بالناس والسيارات من كل مدن القطاع. كانت هادئة للغاية.
كان هناك فقط بعض بائعة اللحوم والجبن ومصابيح الكيروسين.
مصطفى عباس (55 سنة) جاء ليشتري لسانا جديدا لمصباحه وقال إن 12 فردا هم أفراد اسرته قضوا الأيام الأخيرة في غرفة واحدة.
قال لي "لم يسبق أن عشنا وضعا كهذا من قبل في تاريخ فلسطين كلها".
وقال لي أيمن عطا الله (38 شنة) وهو أب لثلاثة أبناء إنه كان يخاف من وجوده في الشارع.
واضاف "لعدة أيام تحاشيت الخروج للشارع لأننا لا نستطيع أن نضمن أين ستكون الضربة القادمة. ويمكن أن أصاب".
وأخبرني انه قال لأبنائه ان المطر يتساقط بينما كانت القنابل تسقط.